بعد مظاهرات الأردنيين وإضرابهم.. تعديلات طفيفة على قانون الضريبة، واتفاق ضمني مع النقابات قد يساعد على تمريره والبدء بتطبيقه

يجيء مشروع القانون الجديد، بعد نحو 3 أشهر من الانتظار والتوقعات والخلافات مع صندوق النقد الدولي حول قانون ضريبة الدخل

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/14 الساعة 17:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/14 الساعة 17:38 بتوقيت غرينتش
A Jordanian protester holds a picture of Jordanian Prime Ministers Hani al-Mulki and chants slogans during a strike against the new income tax law, in Amman, Jordan May 30, 2018. The picture reads "General strike". REUTERS/Muhammad Hamed

نشرت حكومة الدكتور عمر الرزاز مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل، على موقع ديوان التشريع والرأي، بهدف رصد ردود فعل الأردنيين وملاحظاتهم على هذا القانون قبل إرساله إلى مجلس النواب، تمهيداً لإقراره.

نشرُ القانون جاء بعد مخاض كبير بدأ منذ لحظة تسلُم الرزاز مقاليد الحكومة في يونيو/حزيران 2018، خلفاً لحكومة الدكتور هاني الملقي التي سقطت بفعل هبَة شعبية واحتجاجات وصلت إلى الدوار الرابع، مقر الحكومة، استمرت نحو أسبوع، اعتراضاً على قانون ضريبة الدخل، وبمشاركة أطياف واسعة من الأردنيين.

الرزاز منذ لحظة تكليفه تشكيل الحكومة، عقد لقاءات مع النقابات المهنية التي كانت على رأس المعترضين على القانون، ووعد بسحبه، وهو ما تم بالفعل، مع تعهدات بأن يكون القانون الجديد مختلفاً عن سابقه.

القانون خبر سعيد لخزينة الدولة

ويجيء مشروع القانون الجديد، بعد نحو 3 أشهر من الانتظار والتوقعات والخلافات مع صندوق النقد الدولي حول قانون ضريبة الدخل، الذي يتدخل فيه الصندوق ليضمن إيرادات جديدة لخزينة الدولة الأردنية، تؤهله للحصول على مساعدات إضافية من الدول المانحة على شكل قروض ميسَرة ومِنح غير مستردَّة.

ومن أبرز التعديلات التي حملها القانون الجديد عن الذي طرحه "الملقي"، تقليص الإعفاءات عن الدخل الذي يزيد على 9 آلاف دينار بزيادة 1000 دينار على الإعفاءات التي منحها قانون "الملقي"، بمعنى أن أي دخل سنوي يزيد على 9 آلاف دينار للفرد، يبدأ بدفع الضريبة عن قيمة الدينار وفق 5 شرائح، تزيد مع زيادة الدخل بقيمة 5 آلاف دينار عن كل شريحة.

فعلى سبيل المثال، إذا حصل الفرد على دخل سنوي بقيمة 12 ألف دينار، فإنه يدفع ضريبة عن آلاف الـ3 الإضافية على الآلاف الـ9 التي حددها سقف الإعفاءات بقيمة 5%، بعدها يبدأ فرض ضريبة 10% عن كل دينار يتجاوز الـ5 آلاف دينار الثانية، و15% عن كل دينار من الـ5 آلاف دينار الثالثة، و22% عن كل دينار من الـ5 آلاف دينار الرابعة، و25% عن كل دينار مما تلاها، وهذا المثال ينطبق على كل الأمثلة الأخرى التي سنسوقها لتوضيح الفروقات بين القانونين.

قانون "الرزاز" رفع إعفاءات العائلات إلى 18 ألف دينار سنوياً، في حين كانت ضمن قانون "الملقي" 16 ألف دينار فقط، فيما القانون الساري في الأردن حدد سقف هذه الإعفاءات بـ24 ألف دينار سنوياً للعائلة الواحدة.

وهو خبر ليس سعيداً لمعظم الأردنيين

توسعة الشرائح، وفرض ضرائب على عدد أكبر من الأردنيين، وخصوصاً فئة المهنيين من أطباء ومهندسين ومحامين، اعتقدوا أنهم المتضررون الأكبر من هذا القانون؛ دفعا النقابات المهنية في الأردن للدعوة إلى إضراب عام واعتصام حاشد في مبنى النقابات المهنية وسط العاصمة عمان؛ احتجاجاً على قانون ضريبة الدخل الذي أقرته حكومة هاني الملقي.

هذا الإضراب تبعه اعتصام واحتجاجات عمت مختلف المحافظات الأردنية، مطالِبةً برحيل الحكومة، والتراجع عن فرض القانون، والتحرر من العلاقة مع صندوق النقد الدولي.

الأردنيون تظاهروا حتى الإطاحة برئيس الوزراء السابق وسحب مشروع قانون الضريبة، لكن التعديلات الطفيفة على القانون أضاعت جهودهم
الأردنيون تظاهروا حتى الإطاحة برئيس الوزراء السابق وسحب مشروع قانون الضريبة، لكن التعديلات الطفيفة على القانون أضاعت جهودهم

وفرض مشروع القانون ضرائب بمقدار 30% عن كل دينار لشركات تعدين المواد الأساسية، و40% عن كل دينار للبنوك والشركات المالية وشركات التأمين، و24% عن كل دينار لشركات الاتصالات الأساسية وشركات توزيع وتوليد الكهرباء وشركات الوساطة المالية، و20% عن كل دينار لأي شخص اعتباري آخر مثل الشركات التجارية والخدمية، و15-20% للقطاع الصناعي.

في مشروع القانون الجديد، فُرضت ضريبة بمقدار 30% عن كل دينار لشركات تعدين المواد الأساسية، و35% عن كل دينار للبنوك "بقيت كما هي في القانون الساري حالياً"، و26% عن كل دينار لشركات الاتصالات الأساسية وشركات توزيع وتوليد الكهرباء وشركات الوساطة المالية، و20% عن كل دينار لأي شخص اعتباري آخر مثل الشركات التجارية والخدمية، مع زيادة ضريبة تكافل اجتماعي بنسبة 1% عن دخل الأفراد والشركات لغايات مكافحة الفقر والبحث العلمي.

تعديلات تشمل إعفاء البعض

ووفقاً لتصريحات نائب رئيس الوزراء وزير دولة، رجائي المعشر، فإن المهندسين والأطباء العاملين براتب لن تشملهم الضريبة، مضيفاً أنه تمت إزالة الإقرار الضريبي لمن هم دون 18 عاماً، وهذا البند الأخير كان فرضه القانون الذي سحبته حكومة "الملقي".

وأشار مصدر مطلع لـ"عربي بوست"، إلى أن عدم شمول المهندسين والأطباء العاملين براتب بالقانون الجديد، مبنيٌ على اتفاق حكومي نقابي، بهدف الحد من احتجاجهم وتقليص أي حراكات شعبية، كتلك التي حدثت في عهد الحكومة السابقة؛ إذ أعلنت الحراكات والنقابات نيتها عقد فعالية احتجاجية بعد نشر القانون بـ10 أيام، أي عند انتهاء فترة تلقي الردود عليه في موقع ديوان التشريع والرأي، وإرساله إلى عهدة النواب، وهو ما سيحدُ من الاحتجاج، ويزيد من فرصة مرور القانون من دون مشاكل.

يأتي ذلك مع نية نقابة المحامين الضغط بكل قوتها لرد القانون، أو على الأقل معاملتها مثل المهندسين والأطباء باعتبارها نقابة مهنية وسيتضرر أعضاؤها بشكل كبير في حال تطبيق القانون، الذي يمكن أن تتعدل بعض بنوده في مجلس النواب على "خجل"، وفقاً للمصدر، من دون إحداث تغييرات جوهرية تغضب صندوق النقد الدولي من الأردن.

ورغم كل هذه السلبيات، فإن القانون ضمَّ نقطتين إيجابيتين؛ الأولى إلغاء استبدال غرامة التهرب الضريبي بالمال، فشدد على عقوبة الحبس، والنقطة الأخرى هي منح الأشخاص الذين لم يقدموا إقرارات ضريبية في السابق من تقديمها بعد نفاذ القانون، إعفاءات بإلغاء الغرامات والضرائب، وفتح صفحة جديدة مع الحكومة مهما كانت المبالغ السابقة.

علامات:
تحميل المزيد