شركات روسية وإيرانية تريد «حصة الأسد» في إعمار سوريا.. وبشار: لا مكان في إعادة بناء بلدنا إلا لأصدقائنا

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/13 الساعة 14:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/13 الساعة 14:32 بتوقيت غرينتش
A student walks along a damaged street in the town of Kafr Batna

تشهد مدينة دمشق تنظيم معرض دولي من أجل إعادة الإعمار في سوريا حيث تتجمع شركات من أكثر من 15 دولة تحت سقف واحد، بينما تم حجز مكان في مبنى مستقل لشركات روسيا وإيران أبرز حلفاء سوريا وذلك من أجل محاولة الفوز باستثمارات ضخمة في سوريا.

ويرفرف العلمان الروسي والإيراني أمام المبنى رقم واحد الخاص بالبلدين في مدينة المعارض بضاحية دمشق الجنوبية.

وتسوّق شركات إيرانية لسيارات وسجاد يدوي ومواد بناء، بينما تعرض شركات روسية منتجاتها في مجال البناء والصناعة والنقل والتكنولوجيا في المعرض السنوي الذي يأتي هذه السنة بعد تمكّن دمشق من استعادة السيطرة على مساحات واسعة من البلاد كانت خسرتها خلال سنوات النزاع الدامي المستمر منذ 2011.

وقرب شاشة تعرض آخر مشاريع شركته، يشرح المسؤول الإقليمي لشركة المعامل الروسية "ليبينا أغرو"، رجل الأعمال اللبناني-الروسي ليبا شحادة، عمل شركته في صناعة الحديد وتدوير المعادن.

ويقول لوكالة فرانس برس: "ثمة تهافت وتسابق بين الشركات الأجنبية لتستثمر في سوريا، لكن لروسيا أفضلية". ويضيف: "نحن من كنّا ندافع في السياسة والحرب، ولذا نتوقع حصّة الأسد في الاقتصاد ومرحلة إعادة الإعمار".

تسعى موسكو للفوز بنصيب كبير من كعكة إعادة الإعمار في سوريا

حيث قدّمت موسكو لدمشق منذ بدء النزاع دعماً سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً قبل أن يسهم تدخلها العسكري بدءاً من أيلول/سبتمبر 2015 في قلب موازين القوى لصالح السلطات السورية.

على مدخل الجناح الروسي الذي يضم نحو 50 شركة، وهو الجناح الأجنبي الأكبر في المعرض، تبدي شابات أنيقات يتحدثن الروسية بطلاقة استعدادهن للترجمة لأي رجل أعمال أو زائر يريد الاستفسار أو التحدث مع ممثلي الشركات الروسية.

ويقلّب شحادة الذي يتقن اللغة الروسية، كتيباً يلخّص نطاق عمل شركته في تصنيع تجهيزات الري وآلات ذكية يُستفاد منها في إدارة المعامل وتجهيز مزارع الحيوانات وقوالب الصبّ المستخدمة في البناء. ويجزم بأن "سوريا بحاجة إلى كل هذه المعدّات".

ويقول بنبرة واثقة: "لسنا هنا لنبيع أفراداً أو أسواقاً صغيرة.. منتجنا هو على مستوى دول وحكومات"، قبل أن يتابع بحزم: "بصراحة ووضوح، نحن هنا لنرسم معاً خططاً لإعادة إعمار البلاد".

خاصة أن بشار الأسد قال إنه سيعتمد على الدول الصديقة في إعادة الإعمار

وعدا عن الخسائر البشرية الكبرى، خلّف النزاع دماراً هائلاً، قدّرت الأمم المتحدة كلفته الشهر الماضي بنحو 400 مليار دولار.

وشدّد الرئيس السوري بشار الأسد الذي باتت قواته تسيطر على نحو ثلثي مساحة البلاد، في تصريحات أدلى بها في تموز/يوليو، على أن إعادة الإعمار هي "أولى الأولويات". وأعلن مراراً أن بلاده ستعتمد على دعم "الدول الصديقة" في إعادة الإعمار.

حيث قال الأسد: "عملية إعادة الإعمار هي عملية رابحة بجميع الأحوال بالنسبة للشركات التي ستسهم فيها، خاصة إن تمكنت من تأمين قروض من الدول التي ستدعمها، طبعاً نتوقع في هذه الحالة أن تعتمد العملية على 3 دول أساسية وقفت مع سوريا خلال هذه الأزمة، وهي روسيا والصين وإيران".

وأضاف: "لكن أعتقد بأن كثيراً من الدول التي وقفت ضد سوريا، وأقصد الدول الغربية بالدرجة الأولى، ستحاول أن ترسل شركاتها لتكون جزءاً من هذه العملية، لكن بالنسبة لنا في سوريا لا شك بأن التوجّه الأساسي سيكون باتجاه الدول الصديقة"، معرباً عن اعتقاده بأن "المجال سيكون واسعاً جداً لكل الشركات الروسية للمساهمة في إعادة إعمار سوريا".

ولروسيا تاريخ كبير في الاستثمار داخل الأراضي السورية

ففي سنوات النزاع استثمرت شركات روسية في مجالات النفط والغاز واستخراج المعادن في سوريا. كما فازت بعقود بناء مطاحن الدقيق ومحطات ضخ المياه. وخلال افتتاح المعرض الجمعة، وقعت وزارة الصناعة السورية مذكرة تفاهم مع نظيرتها الروسية للتعاون خلال السنوات المقبلة.

وتشارك روسيا في المعرض بوفد روسي يضم ممثلين عن هيئات حكومية وصناعية وشركات بينهم آرون ليفاشوف، وكيل شركة "رومكس" المتخصصة ببناء المستودعات والصوامع.

ويقول رجل الأعمال، وهو في الأربعينات من عمره، باللغة الروسية بينما ينقل مترجم تصريحه إلى العربية لفرانس برس: "السوق السورية جذّابة للاستثمار"، مضيفاً: "نجد فيها نافذة وبوابة لروسيا نحو البحر المتوسط ومنه إلى أوروبا وإفريقيا".

وتستطيع الشركات الروسية، وفق ليفاشوف، العمل أكثر من سواها في سوريا، "لأننا مطلعون مباشرة على الوضع الميداني ونعرف تماماً الأرض والسوق، وحجم الدمار وانتشاره".

ويشدد على أن روسيا "أثبتت نفسها بقوة في المجال الحربي الجوي وتواصل دعمها السياسي، وعلينا أن نستفيد من المساحة المتاحة لنا لنثبت دورنا الاقتصادي".

وبعيداً عن روسيا، تشارك إيران بـ50 شركة متخصصة في إعادة الإعمار

فبحسب المنظمين، تشارك في المعرض 23 دولة حافظت على علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، عبر سفاراتها، إضافة الى 25 دولة أخرى عبر وكلاء وشركات اقتصادية، أي الدول التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق أو فرضت عقوبات اقتصادية عليها.

وتحضر إيران في المعرض عبر "50 شركة، 32 منها متخصصة في إعادة الإعمار"، وفق ما يشرح مدير الجناح الإيراني محمد رضا خنزاد لفرانس برس.

وتعمل بقية الشركات، وفق خنزاد، في "مجالات مختلفة كصناعة السيارات والأدوات المنزلية وتقنيات البرمجة والسجاد اليدوي والزراعة".

وعلى غرار موسكو، قدّمت طهران منذ بدء النزاع دعماً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لدمشق. وبادرت في عام 2011 إلى فتح خط ائتماني بلغت قيمته حتى اليوم 5,5 مليار دولار، قبل أن ترسل مستشارين عسكريين ومقاتلين لدعم الجيش في معاركه.

وسبق أن وقعت إيران اتفاقية لإعادة بناء الجيش السوري الشهر الماضي

ومنحت شركات حكومية سورية الشركات الإيرانية حصرية التقديم على مناقصات، وفق نشرة "سيريا ريبورت" الإلكترونية.

ووقع البلدان الشهر الماضي اتفاقية تعاون عسكرية تنص على تقديم طهران الدعم لإعادة بناء الجيش السوري والصناعات الدفاعية.

خلف طاولة صغيرة، يجلس رجل الأعمال مهدي قوّام محدّثاً ثلاثة رجال أعمال سوريين عن شركته "مسكن عمران" المتخصّصة بالبناء.

ويقول قوام (38 سنة) الذي ارتدى لباساً رسمياً رمادياً باللغة الإيرانية، بحسب مترجمه: "سنستفيد من فرصة وجود الإيرانيين هنا لنعيد بناء سوق أقوى ونصنع مساكن للسوريين المتضررين خلال الحرب".

ويتحدث عن "اتفاقات أولية" مع دمشق "لنسهّل عملية إدخال المنتجات الإيرانية الخاصة بشركتنا إلى سوريا".

ويشير إلى أن "سوريا من البلدان القليلة التي تستقبل بضاعتنا في ظل العقوبات الأميركية" التي جددت واشنطن فرضها الشهر الماضي على طهران، مضيفاً: "يجب ألا تؤثر هذه العقوبات علينا لأن العلاقة بين البلدين هي علاقة شقيقين".

تحميل المزيد