بعث عضوان في الكونغرس الأميركي، يوم الأربعاء 12 سبتمبر/أيلول 2018، خطاباً إلى وزير التجارة الأميركي ويلبر روس، لحثِّه على فرض قيود على مبيعات بعض التقنيات التي تنتجها الشركات الأميركية إلى الشركات أو الوكالات الصينية، معلِّلين ذلك بأنَّ قوات الأمن الصينية قد تستخدم هذه التقنيات في المراقبة الاستبدادية، وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان، بحسب صحيفة The New York Times الأميركية.
وكتب العضوان الموقِّعان على الخطاب، السيناتور الجمهوري ماركو روبيو عن ولاية فلوريدا، والسيناتور الجمهوري كريستوفر سميث عن ولاية نيوجيرسي، أنَّ "مخاوفهما بالغة"، خاصةً فيما يتعلق بالتقنيات التي تستخدمها قوات الأمن التي تراقب باستمرار الأقليات المسلمة في شمال غرب إقليم شينغيانغ، وتضعها في معسكرات الاعتقال.
تقوم الحكومة الصينية والحزب الشيوعي ببناء معسكرات اعتقال كبيرة في المنطقة الحدودية الشاسعة للسيطرة على السكان من عرق الإيغور -الناطقين باللغة التركية والمعتنقين للمذهب السنيّ- وجماعات إسلامية أخرى، بما في ذلك الكازاخستانيون. يقول الخبراء الغربيون الذين أجروا تحليلات عن معسكرات الاحتجاز، إنّها تضم ما يصل إلى مليون شخص. ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان والباحثون القانونيون، إنَّ ما يفعله المسؤولون الصينيون يمكن أن يرقى إلى مستوى أسوأ انتهاك لحقوق الإنسان في الصين منذ عقود.
وخلال الأشهر الأخيرة، تعرَّض النظام الصيني لانتقادات دولية متزايدة، وأجرت مؤسسات إخبارية مرموقة تقارير استقصائية حول المعسكرات، بما في ذلك صحيفة The New York Times الأميركية.
مشاورات لطريقة معاقبة الصين
الخطاب، الذي يمثل آراء لجنة الكونغرس التنفيذية حول الصين، صدر في وقت تُكثَّف فيه المشاورات داخل حكومة الولايات المتحدة، لبحث كيفية معاقبة الصين بسبب المخيمات، وهو الخطاب الثاني الذي ترسله اللجنة إلى روز هذا العام في هذا الصدد.
ويناقش مسؤولون في البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والخزانة إمكانية فرض عقوبات اقتصادية على كبار المسؤولين الصينيين، الذين يشرفون على نظام القمع في إقليم شينغيانغ. وقد اكتسبت تلك المناقشات طابعاً ملحِّاً، بعد أن بعثت لجنة الكونغرس التنفيذية خطاباً الشهر الماضي إلى وزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الخزانة ستيفن منوشين، يطلب منهما استخدام قانون غلوبال ماغنيتسكي لفرض عقوبات على مسؤولين صينيين.
وسمَّت اللجنة سبعة مسؤولين، ولكنها اختصت تشن كوانغو، زعيم الحزب في شينغيانغ. ويسمح قانون ماغنيتسكي، المطبق بموجب أمر تنفيذي، في ديسمبر/كانون الأول، للولايات المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية وقيود على سفر مسؤولين أجانب، تعتبرهم مسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان.
وجاء في الخطاب، الذي أُرسل الأربعاء 12 سبتمبر/أيلول، إلى وزارة التجارة، أنَّه يجب أن يكون هناك "سعي للتبرؤ" من بيع التقنيات والمعدات التي يمكن أن "تساهم بشكل مباشر وملحوظ" في نظام المراقبة والتتبع الذي تمارسه الشرطة الصينية. وأضاف الخطاب أنَّ هذا الحظر يجب أن يشمل أيضاً التقنيات ذات الاستخدام المزدوج، التي بِيعت أو تمت إعادة بيعها إلى وزارة الأمن العام الصينية، التي تشرف على الشرطة.
طلب الخطاب من الوزارة أن تضيف علانية مجموعات حكومية صينية ووكالات أمنية في شينغيانغ، إلى قائمة الكيانات المحظورة، من تلقي الصادرات التقنية. وقال إنَّه يتعين على الإدارة أن تضيف إلى القائمة أي مجموعات أو شركات صينية تستفيد من نظام الاحتجاز والمراقبة في شينغيانغ.
وقال الوزير روز في بيانٍ له: "تسلمنا خطاباً من السيناتور روبيو والسيناتور سميث، ونشكرهما على قيادتهما لهذه القضية المهمة، وسنعمل معهما ومع شركائنا في الحكومة لضمان استمرار ضوابط التصدير لدينا لحماية المصالح الأميركية في جميع أنحاء العالم".
معاناة وتعذيب ضد المسلمين في الصين
بدأ المسؤولون الأمنيون التابعون لتشن، العام الماضي، تطبيق نظام المراقبة المذكور. وفي المعسكرات، التي تضم في الغالب مسلمي الإيغور، يُرغم المعتقلون على حضور محاضرات سياسية أيديولوجية، حيث يُطلب منهم التنديد بجوانب من الإسلام، والتعهّد بالولاء للحزب الشيوعي. ويقول المسؤولون الصينيون منذ سنوات، إنهم يحاربون قوى الإرهاب والقوى الانفصالية والتطرف الديني في المنطقة. كانت هناك موجة من العنف العرقي في شينغيانغ، بما في ذلك أعمال الشغب الجماعية والقتل التي قام بها الإيغور عام 2009، بعد الاحتجاجات على المظالم التي يتعرضون لها.
وقد تحدَّث عدد قليل من الإيغور والكازاخستانيين الذين أُطلق سراحهم من المخيمات عمَّا تعرَّضوا له من معاناة وتعذيب.
قال جيمس ميلوارد، مؤرخ مختصٌ بمنطقة الصين وآسيا الوسطى في جامعة جورج تاون: "كل شخص من الإيغور يعرف شخصاً أو شخصين اختفيا في هذه المخيمات، هذا في الواقع مختلف تماماً عن أي شيء رأيناه من قبل. الحكومة الصينية تتبع نهجاً مختلفاً تماماً".
في شهر مايو/أيار، أرسلت لجنة الكونغرس رسالة إلى روس حول ما إذا كان مسؤولو وزارة التجارة يتابعون مبيعات صادرات التقنية ذات الصلة للعملاء الصينيين. وقد أرسل روس رداً، في يونيو/حزيران، يشرح سياسة الإدارة المتمثلة في الحدِّ من الصادرات إلى الصين، من المواد التي يمكن استخدامها في مكافحة الجريمة، لأن مثل هذه المواد يمكن أن تُستخدم في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان على يد قوات الأمن.