حملة سعودة الوظائف الحازمة أطلقتها المملكة العربية السعودية ، في أربعة قطاعات لبيع الجملة والتجزئة، يوم الثلاثاء 11 سبتمبر/أيلول 2018، وتوعَّدت بعقوبات للمخالفين، وذلك تزامناً مع مضي الرياض قدماً في إجراء إصلاحات اقتصادية .
فقد أعلنت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، في يناير/كانون الثاني 2018، عن خطة تدريجية لتقييد فرص التوظيف في 12 قطاعاً، لتقتصر على المواطنين السعوديين.
وتنقسم تلك الخطة إلى ثلاث مراحل، تبدأ أول مرحلة منها الشهر الجاري، ولكن الخطة لن تقتصر تداعياتها على المغتربين، بل كذلك على قطاعات اقتصادية في المملكة، حسب تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.
وتهدف حملة سعودة الوظائف إلى تقليل نسبة البطالة بين السعوديين، التي تبلغ حالياً 12.8%، وتقليص فاتورة أجور القطاع العام عن طريق دعم التوظيف في القطاع الخاص.
وفي إطار أجندة الإصلاح التي يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تسعى الحكومة إلى خفض نسبة البطالة إلى 7% بحلول عام 2030.
حملات تفتيش.. والنتيجة كانت إغلاق بعض المحلات
وفي يوم الثلاثاء 11 سبتمبر/أيلول، بدأ مفتشو وزارة العمل في المرحلة الأولى عن طريق مراقبة تنفيذ مخطط التوطين على معارض السيارات والدراجات البخارية، ومحلات بيع الملابس الجاهزة للأطفال والرجال، ومحلات الأثاث المنزلي والمكتبي، ومحلات بيع أدوات المطبخ.
من المقرر أن تصبح نسبة السعودة في قطاعات الأنشطة التجارية الأربعة 70% تحت إشراف الوزارة.
وصرَّحت الوزارة أنَّ المخالفين سيتعرَّضون للعقوبة بما يتوافق مع قوانين العمل في المملكة العربية السعودية .
ونتيجة للقيود الجديدة، أغلقت العديد من المحلات أبوابها بالكامل أو خفضت عدد فروعها، بسبب ارتفاع تكاليف توظيف السعوديين ونقص العمالة الماهرة، حسبما أفادت صحيفة الاقتصادية اليومية بعد إجراء مقابلات مع أصحاب المتاجر.
وإليك أعداد الوظائف التي ستوفرها الخطة للسعوديين
وقبيل الشروع في حملة سعودة الوظائف كان الأجانب يشغلون 70.5% تقريباً من الوظائف في محلات الجملة، حسب الهيئة العامة للإحصاء أنَّه قبيل الشروع في الخطة كان الأجانب يشغلون 70.5% تقريباً من الوظائف في محلات الجملة.
وقالت الوزارة، إنَّه في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، سيمتد مخطط السعودية ليضمّ محلات بيع الساعات والنظارات الشمسية والأجهزة الإلكترونية والكهربائية، وفي 8 يناير/كانون الثاني 2019، سيطبق على المحلات التي تبيع الأجهزة الطبية ومواد البناء، وقطع غيار السيارات والسجاد ومحلات بيع الحلوى.
وتهدف المرحلة الأولى إلى إطلاق 30 ألف وظيفة للرجال والنساء السعوديين، للاستعاضة عن الوافدين، حسبما أفادت صحيفة الاقتصادية، نقلاً عن مسؤول في وزارة العمل.
وقال المسؤول إنَّ المراحل الثلاث ترمي إلى خلق إجمالي 60 ألف وظيفة.
وهذه أعداد الوافدين الذين سيتم ترحيلهم
ما لا يقل عن مليون عامل أجنبي سيتركون وظائفهم خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، حسبما قال عبدالحميد العمري، المحلل الاقتصادي السعودي.
وسيجري ترحيل 425 ألفاً و600 عامل، وهو ما يعني أنَّ أكثر من 3.5 مليون وافد سيغادرون المملكة خلال عامين، وفقاً للعمري الذي وصفه الموقع البريطاني بأنه محلل موالي للحكومة السعودية.
وكتب المحلل السعودي في حسابه على تويتر: "تلك هي الطريقة الحاسمة لمواجهة البطالة".
ولكن الخسائر من حملة سعودة الوظائف لن يتحملها المغتربون وحدهم..
في المقابل، قال الخبير الاقتصادي عبدالله المغلوث، لصحيفة المدينة اليومية، إنَّ المملكة العربية السعودية من شأنها أن تزيد من تكاليف توظيف العمال بنسبة 30%.
وقال: "لا يزال راتب المواطن السعودي أعلى من الوافد، لا سيما في الشركات الصغيرة".
والمشكلة التي تواجه الشركات السعودية، هي وجود وظائف لكن لا يقبلها الشباب السعودي؛ بسبب تدني الرواتب، أو نظرتهم المتدنية إلى هذه المهن، حسب تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأميركية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على مدى عقودٍ من الزمن، ساعد العمال المغتربون القادمون من بلادٍ مثل الهند والفلبين على استمرار مستوى المعيشة المرتفع في السعودية، عن طريق أداء الوظائف التي لا يقوم بها السعوديون في المطابخ، ومواقع البناء، وخلف منافذ الدفع بالمتاجر. ومنحت المملكة العربية السعودية مواطنيها الوظائف الضرورية للحياة في القطاع العام، مما يعني أنَّ العمالة لا تمتلك دائماً المهارات اللازمة لشغل وظائف القطاع الخاص؛ بل وأحياناً تفتقد الحافز لذلك.
فبعض الشركات لن تستطيع الاستمرار من دون العمالة الوافدة
دفعت الضغوط التي تواجه الشركات من أجل استيفاء هذه الشروط، المتعلقة بتوظيف أعدادٍ من السعوديين، إلى أن يعرضوا على السعوديين رواتب أعلى وساعات عمل أقل، فضلاً عن أنَّ بعض المؤسسات التجارية، التي تخشى مخاطر الغرامات ومشكلات التأشيرات بسبب حملة سعودة الوظائف ، تلجأ إلى تعيين السعوديين الذي يُحسَبون على قوة العمل الإجمالية فقط، بينما يبقون في منازلهم.
خلال أقل من 3 شهور قادمة يتوقع انهاء عقود ما لا يقل عن 1 مليون عامل وافد زائدا ترحيل 425.6 ألف مخالف! ما سيرفع أعداد المغادرين من الوافدين لأعلى من 3.5 مليون وافد خلال عامين فقط
هكذا تكون المواجهة الحازمة لخطر البطالة
وقريباً جداً يُدشّن برنامج جديد لتوطين المناصب القيادية 👍
— عبدالحميد العمري🇸🇦 (@AbAmri) September 10, 2018
وتشير تقديرات عبدالمحسن، وهو مدير تنفيذي في شركة خدمات لوجيستية سعودية، إلى أنَّ نصف السعوديين المسجلين على كشف الرواتب الخاص بشركته، موظفون بالاسم فقط.
ويقول بعدالمحسن: "لا تستطيع شركتنا الاستمرار من دون العمالة الأجنبية؛ لأنَّ هناك بعض الوظائف التي لن يشغلها السعوديون، مثل قيادة الشاحنات، فأين السائقون السعوديون؟!".
وهناك تجربة سابقة في المملكة العربية السعودية لمتاجر الذهب
وعندما أُجبِرَت محال بيع المجوهرات على استبدال السعوديين بجميع العمالة الأجنبية في العام الماضي (2017)، انتاب الذعر مالكي سلسلة "أصول" للمجوهرات في المملكة العربية السعودية ؛ لأنَّهم لم يوظفوا من قبلُ سوى المغتربين، ولم يعرفوا كيف يبدأون عملية تعيين السعوديين.
وسرَّح مالكو هذه السلسلة جميع العاملين لديهم، وأغلقوا جميع فروعهم البالغة 25 فرعاً، باستثناء فرعين فقط. وبعد ما يقرب من نصف قرن، كانت المؤسسة العائلية على حافة الانهيار.
وقال علي العايد، ابن مؤسس هذه السلسلة البالغ من العمر 24 عاماً: "إنَّه ذهبٌ، ولا يمكن أن يتعامل معه أي شخص دون خبرة. ولا يوجد شباب سعوديون مدرَّبون ومؤهَّلون بما يكفي".
كان أول السعوديين الذين عُيِّنوا هم أبناء المؤسس الأربعة، الذين استقالوا من أعمالهم وبدأوا العمل في فرعين من فروعهم من أجل إبقائها مفتوحة.
ونشرت العائلة إعلانات وظائف في المواقع التي تبيع الذهب. واستجاب الكثير من السعوديين، إلا أنَّ قليلاً منهم قبِلوا الوظيفة؛ إذ عزفوا عن شغلها بسبب ساعات العمل الطويلة والعطلات القليلة. وحتى هؤلاء الذين عينتهم العائلة، استقال كثيرٌ منهم بعد فترة قليلة، على الرغم من الراتب المبدئي الجيد نسبياً.
ولم يُفتَح من فروع "أصول" حتى هذه اللحظة سوى 9 محال فقط، وتُعوِّل العائلة على العمالِ الهنود، الذين عُيِّنوا ظاهرياً على أنَّهم عمال نظافة؛ كي يساعدوا في تدريب السعوديين، حسب ما ورد في تقرير The Wall Street Journal.
وبالفعل أقرَّ وليد العمري، وهو عضو في الغرفة التجارية بجدة، أنَّ بعض المحلات الصغيرة لن تكون قادرة على تحمل نفقات حملة سعودة الوظائف ونفقات العمالة السعودية وبالتالي قد تضطر إلى تغيير نشاطها، أو التحول إلى التسويق عبر الإنترنت لتقليل التوظيف.