حذر موقع The Hill الأميركي من انتهاء الحرب في اليمن قبل ضمان عدم ظهور "حزب الله" جديد لإيران على مدخل البحر الأحمر، مشيراً إلى الثمن الباهظ الذي يكلف السعودية مقارنة بما يدفعه الحوثيون في الحرب.
وأثارت الحرب انتقادات حادة للمملكة العربية السعودية ووترت علاقاتها مع الولايات المتحدة. في المقابل، يمكن للحوثيين وحليفتهم إيران أن يتجاهلوا بسهولة سكوت المجتمع الدولي عن دورهم الكامل في مد أمد الحرب وزيادة بشاعتها.
الحرب مكلفة على السعودية.. زهيدة الثمن على إيران
ويقول الموقع الأميركي إن الحرب زهيدة التكلفة على إيران – إذ تنفق ما يصل إلى 30 مليون دولار شهرياً مدعومة ببضع عشرات من المستشارين- ولكنَّها مكلفة للغاية بالنسبة للمملكة العربية السعودية، التي تنفق ما يُقدَّر بنحو 5 إلى 6 مليارات دولار شهرياً.
ويؤكد الموقع الأميركي أن مد أمد الحرب أكثر من اللازم لا يمكن أن يفيد المملكة العربية السعودية أو الولايات المتحدة بأي حال من الأحوال.
يذكر أن الولايات المتحدة ألقت بثقلها وراء مفاوضات السلام التي تتم بوساطة من الأمم المتحدة، رغم أنَّ الحوثيين لم يكلِّفوا أنفسهم عناء الذهاب إلى الجولة الأولى من المفاوضات التي طال انتظارها، والتي بدأت في جنيف الأسبوع الماضي.
تجنب قيام "حزب الله" في اليمن
ومع ذلك، من المهم للغاية، مع كل الفظائع التي تُرتكب في الحرب في اليمن، ألا يغفل صنَّاع السياسات والمشرعون الأميركيون عن المآل الاستراتيجي الذي قامت الحرب لتجنبه -ألا وهو قيام "حزب الله في جنوب الجزيرة العربية" بتمويل من إيران، ليُطَّوق مضيق باب المندب وقناة السويس ويشكل تهديداً صاروخياً جديداً للمملكة العربية السعودية وإسرائيل.
ويرسم بحث نشره مركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأميركية (West Point) صورة توضيحية لحركة متزايدة -وأكثر عداءً للمصالح الأميركية- مما هو متصوَّرٌ على نطاق واسع.
لم تكن الزيادة الحادة في القوة العسكرية للحوثيين وطموحهم نتيجة لسيطرتهم على ترسانات أسلحة الدولة اليمنية بعد احتجاجات الربيع العربي في اليمن عام 2011 فحسب، بل كانت أيضاً نتيجة لزيادة في المساعدات العسكرية القادمة من إيران وحزب الله اللبناني.
ففي أقل من 5 سنوات، انتقل الحوثيون من شن غارات على طريقة حرب العصابات في مقاطعاتهم الجبلية الأصلية التي كانوا يقطنون فيها إلى شن هجمات بعيدة المدى تصل إلى 180 ميلاً، وقذف صواريخ بالستية متوسطة المدى إيرانية الصنع على الرياض، ويقول الموقع الأميركي إن الحوثيين لم يفعلوا ذلك بمفردهم، "المقاتلون الحوثيون جيدون، لكنَّهم ليسوا بهذا المستوى، وهم بالتأكيد ليسوا علماء صواريخ".
نفوذ إيران باليمن يمكن أن يزداد
ويرى الموقع الأميركي أن جماعة الحوثيين لم تدخل في صفوف وكلاء الخاضعين لسيطرتها بعد، ولكنّ مستوى النفوذ الحالي لإيران يمكن بسهولة أن يزداد في السنوات المقبلة -خاصة إذا استطاعت طهران إرسال الأسلحة سراً عبر سواحل البحر الأحمر التي يسيطر عليها الحوثيون أو عن طريق النقل الجوي غير المراقب.
وذكرت الأمم المتحدة أنَّ الحوثيين يستخدمون الصواريخ الباليستية والطائرات بلا طيار التي توفرها لهم إيران، كما أنَّ التحقيقات جارية لتقصي تقديم إيران أسلحة مضادة للسفن وصواريخ أرض جو. إذا خُفِّف الحظر الدولي المفروض على الأسلحة، فيمكن لإيران أن تزودهم بصواريخ باليستية- تكفي لسنوات- قادرة على ضرب الرياض في بضع شحنات فقط – عبر أي من موانئ البحر الأحمر الثلاثة التي تخضع لسيطرة الحوثيين.
الصورة المرسومة للحوثيين خارج اليمن هي أنَّهم ضحايا للغارات الجوية السعودية، ولكن على مدى أكثر من 15 عاماً، وفي كل حدث كبير، كانوا يرددون شعار "الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام!".
وتعد رؤيتهم المناهضة لأميركا والمعادية للغرب وإسرائيل وثيقة القرب برؤى الأطراف الأخرى الفاعلة في "محور الممانعة" مثل إيران، وحزب الله اللبناني، والميليشيات المدعومة من إيران في العراق. لم يُدفع الحوثيون إلى هذا المحور بسبب الحرب الحالية: فقد تبنوا شعارهم عام 2000، وبدأوا الحرب الجارية عام 2015، بعد 4 سنوات من الاستعداد المكثف، بمساعدة وتشجيع من إيران وحزب الله اللبناني.
الحرب يجب أن تنتهي.. ولكن
يقول الموقع الأميركي: "كل هذا يعني أنَّ الحرب يجب أن تنتهي، لكن لا ينبغي أن تنتهي بميلاد "حزب الله في جنوب الجزيرة العربية" على البحر الأحمر ليسير في ركاب حزب الله شمالاً على البحر المتوسط".
بطبيعة الحال، على الولايات المتحدة أن تبذل قصارى جهدها لإنهاء الحرب وإجبار شركائها في التحالف الخليجي على الامتثال لأصول القتال في هذه الأثناء. إلا أنَّ المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة تقتضي ألا ينتهي أي اتفاق سلام برعاية الأمم المتحدة باستمرار سيطرة الحوثيين على الخط الساحلي قبالة البحر الأحمر، أو باستمرار رحلات الطيران المباشرة غير الخاضعة للتفتيش والتي تهبط في مناطق يسيطر عليها الحوثيين.
ينبغي على الولايات المتحدة أن تلتزم بالدعم غير المحدود للحظر البحري لشحنات الأسلحة الإيرانية إلى اليمن، مثل الأسلحة التي منعتها مدمرة تابعة للبحرية الأميركية في 28 أغسطس/آب.
إذا استطاعت الولايات المتحدة وإسرائيل وأوروبا أن تعود بالزمن وتمنع حزب الله من أن يصبح قوة نشطة ومركز نفوذ، لفعلوا ذلك مباشرة دون أدنى تفكير. هذه هي الفرصة المباشرة التي لا تزال في اليمن.