قال قيادي في المعارضة السورية المسلحة الخميس 13 سبتمبر/أيلول 2018، إن تدريبات عسكرية نادرة جرت مع مشاة البحرية الأميركية في جنوب سوريا، وأضاف أن ذلك يبعث برسالة قوية إلى روسيا وإيران، مفادها أن الأميركيين ومقاتلي المعارضة يعتزمون البقاء ومواجهة أي تهديدات لوجودهم.
وقال العقيد مهند الطلاع، قائد جماعة "مغاوير الثورة" التي تدعمها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، لـ"رويترز"، إن التدريبات التي استمرت 8 أيام وانتهت هذا الأسبوع، في الموقع العسكري الأميركي بالتنف، كانت الأولى من نوعها بذخيرة حية، وشملت أيضاً هجوماً جوياً وبرياً، وتمت بمشاركة المئات من الجنود الأميركيين ومقاتلي المعارضة.
تأتي هذه التدريبات، مع قرب اقتحام روسيا وقوات نظام بشار الأسد محافظة إدلب (شمال غربي سوريا)، التي تعد من أوائل المدن التي انتفضت ضد الأسد.
وبعد أن سيطر عليها النظام عام 2012، استولى عليها تحالفٌ قويٌّ بين "جبهة النصرة" الموالية لـ"القاعدة"، و"أحرار الشام"، وهي فصيل إسلامي يتلقى الدعم من تركيا.
وأصبحت إدلب، العام الماضي (2017)، واحدةً من بين "مناطق خفض التصعيد" الأربع، التي أعدتها روسيا بالتنسيق مع إيران وتركيا. وظلت المقاومة في هذه المناطق قويةً واحتاج نظام الأسد إلى متنفَّسٍ؛ بسبب قلة المقاتلين لديه. ثم صارت المناطق ستاراً دبلوماسياً للزحف المتجدِّد للنظام إلى جانب الميليشيا الإيرانية على الأرض والقوات الجوية الروسية في السماء.
وقال الطلاع لـ"رويترز" عبر الهاتف من التنف قرب حدود سوريا مع الأردن والعراق: "المناورات بيننا وبين قوات التحالف لها أهمية كبيرة.. عززت الدفاع عن المنطقة، ورفعت القدرة القتالية والروح المعنوية لمقاتلينا، ورفعت الروح المعنوية حتى للمدنيين الموجودين في المنطقة".
التدريبات بين الجيش الأميركي ومقاتلي المعارضة كانت استعراضاً للقوة
متحدث باسم الجيش الأميركي قال إن التدريبات كانت استعراضاً للقوة، وإن "البنتاغون" أبلغ موسكو ذلك عبر قنوات التواصل المخصصة "لتجنب المواجهات"، لمنع "سوء الفهم أو تصعيد التوتر".
الكولونيل شون ريان قال لـ"رويترز"، في رد عبر البريد الإلكتروني على سؤال عن التدريبات: "أُجري التدريب لتعزيز قدراتنا، ولضمان أننا مستعدون للرد على أي تهديد لقواتنا في نطاق منطقة عملياتنا".
دعت روسيا والحكومة السورية، مراراً، واشنطن لسحب قواتها من قاعدة التنف، حيث أعلنت عن منطقةٍ نصف قطرها 55 كيلومتراً، محظورة على الأطراف الأخرى باعتبارها "منطقة عدم اشتباك".
دعوة روسيا جاءت بعد اجتماع رؤساء روسيا وإيران وتركيا، الأسبوع الماضي، بطهران؛ للنظر في البدائل، لكنَّهم فشلوا في التوصل إلى توافقٍ بالآراء.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني اتفقا على تأييد العمل العسكري، على الرغم من دعوة نظيرهما التركي، رجب طيب أردوغان، إلى وقف إطلاق النار.
وأبلغ مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا مجلس الأمن الدولى وجود مؤشراتٍ على أنَّ القادة الثلاثة يعتزمون مواصلة الحوار.
ووصل المئات من أفراد مشاة البحرية الأميركية إلى المنطقة للانضمام إلى قوات متمركزة هناك
قال مقاتلون في المعارضة السورية إن المئات من أفراد مشاة البحرية الأميركية وصلوا هذا الشهر (سبتمبر/أيلول 2018)، إلى التنف للانضمام إلى قوات خاصة متمركزة هناك بالفعل، وللمشاركة في التدريبات. وجاء ذلك وسط تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا بسوريا، وحشد للقطع البحرية في البحر المتوسط.
وأصبحت "منطقة عدم الاشتباك" ملاذاً آمناً لأكثر من 50 ألف مدني يعيشون في مخيم الركبان الذي يقع داخلها. وكررت وزارة الدفاع الروسية، في أغسطس/آب 2018، اتهاماً لواشنطن بأنها تؤوي متشددين من تنظيم "الدولة الإسلامية" داخل تلك المنطقة.
أُنشئت قاعدة التنف العسكرية، المحاطة بالمناطق الصحراوية، خلال المعارك ضد متشددي تنظيم "الدولة الإسلامية" الذين كانوا يسيطرون في وقت من الأوقات على مناطق في شرق سوريا بمحاذاة الحدود مع العراق.
بعد طرد "الدولة الإسلامية"، وجَّهت طائرات التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، ضربات لمسلحين تدعمهم إيران في عدة مناسبات؛ لمنعهم من التقدم صوب المنطقة، فيما وصفته واشنطن بأنه دفاع عن النفس.
تقع التنف على طريق سريع استراتيجي يربط دمشق ببغداد، وكان في وقت من الأوقات طريق إمداد رئيسياً للأسلحة الإيرانية إلى سوريا.
يجعل ذلك من القاعدة العسكرية حصناً ضد إيران وجزءاً من حملة أوسع لمواجهة التوسع العسكري الإيراني بالشرق الأوسط. والسيطرة على تلك المنطقة هدف منذ فترة طويلة للحكومة السورية وحليفتيها روسيا وإيران.
ويقول مقاتلو المعارضة إن السياسة الأميركية العسكرية الجديدة المتعلقة بتعزيز القدرات في التنف تشكل نقلة نوعية.
وقال الطلاع: "الموقف الأميركي تغيَّر تماماً تجاه الإيرانيين. صار الآن فيه جدية أكبر في العمل أكثر تجاه الإيرانيين… كان موجوداً بالسابق، لكنه الآن وضع حداً للإيرانيين بألا يقتربوا من المنطقة". وأضاف أن رفض طهران إنهاء وجودها العسكري في سوريا قد يؤدي إلى رد عسكري أميركي.
وأضاف: "إذا لم تستجب طهران لمطالب الأميركيين والتحالف الدولي بالانسحاب من سوريا، فهناك احتمال كبير بتوجيه ضربة لهم… أمر حتمي أن يخرج الإيرانيون من سوريا، لكن يجب أن يكون هذا بسرعة وبطريقة حاسمة.. حاسمة جداً".