الإغراءات المالية والمناصب دفعت الأحزاب السياسية وأعضاء في مجلس النواب العراقي إلى ترك الأحزاب التي أوصلتهم إلى عضوية البرلمان، والانضمام إلى الأحزاب السياسية الأخرى، الوضع السياسي في العراق أصبح أكثر تعقيداً، في ظل تنافس رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني على تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
بعد انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي، افتتحت الأحزاب السياسية باب الانتقال النيابي، لانضمام أعضاء البرلمان إلى الكتل السياسية الأخرى، مقابل الحصول على مبلغ من المال أو منصب تنفيذي في الحكومة العراقية المقبلة.
نصف مليون دولار ثمن الانتقال
عضو مجلس النواب العراقي، رفض الكشف عن اسمه، أكد لـ "عربي بوست"، أن هناك مساومات وضغوطات سياسية وابتزازاً لأعضاء البرلمان، مقابل الانضمام إلى عدد من الكتل السياسية، ولا يقتصر الأمر على الشيعة فقط، وإنما يشمل السُّنة والكرد أيضاً، كل مكون أو طائفة توجد فيها كتلة سياسية تساوم وتحاول إغراء النواب للانضمام لها، مقابل الحصول على مكاسب ومناصب سياسية في الحكومة، التي من المؤمل أن تُشكَّل في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الحالي.
ويضيف أن "تحالف البناء برئاسة الفتح، الجناح السياسي للحشد الشعبي، والقوى العراقية برئاسة السياسي جمال الكربولي، والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة رئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني، هذه الأحزاب الثلاثة بدأت استخدام كل طرق المساومة السياسية، إضافة إلى دفع مبالغ مالية تصل لنصف مليون دولار، مقابل انسحاب النواب من الأحزاب التي ينتمون لها، والانضمام إليها.
منصب "محافظ" مقابل تنازل عن عضوية البرلمان
ولفت النائب بالبرلمان العراقي، إلى إحدى الصفقات السياسية، بعد خسارة القيادي في الاتحاد القوي محمد الكربولي بالانتخابات النيابية، قام شقيقه جمال الكربولي باستدعاء المسؤول في حكومة محافظة الأنبار، والفائز بالانتخابات علي فرحان إلى العاصمة الأردنية عمان، لإقناعة بالتنازل عن عضويته لصالح الكربولي، مقابل مليون ونصف المليون دولار، وتسلُّم منصب محافظ الأنبار، هذا ما حدث على أرض الواقع، أصبح الكربولي نائباً بالبرلمان وعلي فرحان محافظاً للأنبار.
رعد الدهلكي، القيادي في ائتلاف الوطنية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، يرى أن العراق يتجه نحو الهاوية، بسبب التدخل الدولي والإيراني في الشأن العراقي، ومساومة وابتزاز المسؤولين يؤثر على تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
ويقول الدهلكي لـ "عربي بوست"، إنهم يرفضون ما وصفه بسياسة المساومة والابتزاز، والضغط على أعضاء مجلس النواب، بترك كتلهم والانضمام إلى كتل سياسية أخرى، فإن قانون الأحزاب السياسية ينص على عدم خروج المرشح أو عضو البرلمان من حزب إلى آخر، غير أن ذلك يعتبر مخالفاً للقانون والدستور العراقي.
ويبين أن "الوطنية" بزعامة إياد علاوي، ترفض أن يكون عضو البرلمان العراقي سلعةً في سوق السياسة، تباع وتشترى من قبل قادة الأحزاب السياسية، مثل هذه الحالات سيساهم في تشريع الفساد وفشل العملية السياسية في العراق، خصوصاً إذا كانت الجهات التي تقوم بمساومة وابتزاز النواب تابعة إلى أجندات إقليمية بأموال خارجية، إذا نجحت إحدى الجهات في شراء ذمم أعضاء البرلمان فسيؤدي هذا بالعراق نحو الهاوية.
الأيادي الإيرانية تعبث بالتشكيلة الحكومية
ولفت الدهلكي أن إيران لها دور أساسي فيما يحدث في العراق من ضغوط ومساومات سياسية وابتزاز النواب، خاصة إذا كان تحالف الفتح، المحور الذي تدعمه إيران هو من يقوم بمساومة و"شراء ذمم النواب"، مقابل الانضمام إلى محور الفتح، الجناح السياسي للحشد الشعبي والمقرب من طهران، إنها تعمل على تشكيل الكتلة الأكبر بمعزل عن الأحزاب التي تعرض التدخل الإيراني والخارجي في شؤون العراق.
أما الأحزاب الشيعية فلا تزال تتنافس على تشكيل الكتلة الأكبر في مجلس النواب العراقي، محور سائرون برئاسة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، ومحور الفتح الجناح السياسي للحشد الشعبي المقرب من طهران، يتنافس كل منهما للحصول على عدد كاف يؤهلهم لتشكيل الكتلة الأكبر.
تشكيل الكتلة الأكبر بكل الوسائل
مسؤول في مجلس النواب يؤكد لـ "عربي بوست"، أن تحالف الإصلاح والبناء بزعامة سائرون، جمَعَ ما يقارب 140 نائباً، هذا لم يختلف عن تحالف البناء بزعامة الفتح هو الآخر، جمع ما يقارب 130 نائباً، كل منها يعمل على كسب ود الكتل السياسية وأعضاء البرلمان، للانضمام إلى تحالفهم السياسي لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي، من خلال ما وصفه باستخدام الطرق غير الشرعية، ومساومة وابتزاز النواب وتوزيع المناصب، مقابل الانضمام للكتلة الأكبر التي سيشكّلها أحد المحاور الرئيسية في البرلمان.
ولفت المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، أن المحور الذي سينجح في تجميع 165 نائباً من أعضاء البرلمان، هو من سيشكل الكتلة الأكبر، ويقدم مرشحة لرئاسة الوزراء لتشكيل الحكومة العراقية، إلا أن هذا الأمر قد يكون أكثر تعقيداً، في ظل تنافس مقتدى الصدر مع المحور المدعوم من إيران، بإشراف قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني.