وصف رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، الثلاثاء 11 سبتمبر/أيلول 2018، بدء المرافعات الختامية أمام المحكمة الدولية حول اغتيال والده رفيق الحريري، بـ "اليوم الصعب".
وقال سعد الحريري: "منذ البداية طالبنا بالعدالة لأنها تحمي لبنان، لن نلجأ إلى الثأر، لأن رفيق الحريري كان رجل عدالة، والحقيقة ستظهر، ومن ارتكب الجرائم سيدفع الثمن".
جاء ذلك في تصريح للصحافيين من أمام مقر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي.
وأضاف: "حضرتُ الجلسة لأنها من الجلسات الختامية للادعاء والدفاع".
وأشار الحريري إلى أن "هذا اليوم صعب، لأن رفيق الحريري، ليس معنا، هو والشهداء سقطوا لحماية لبنان وليس لخرابه".
كما لفت إلى أن "أهالي الضحايا كانوا موجودين أيضاً في الجلسة، وكنا نصغي، وخلال أشهر سيصدر الحكم، وهذه هي العدالة التي كثيراً ما طالبنا بها".
الحقيقة ستظهر اليوم
وتابع: "لبنان شهد الكثير من الاغتيالات، ولم تظهر يوماً الحقيقة، إلا أن الحقيقة ستظهر اليوم، ونتمنى أن يحاسب من ارتكب الجريمة".
وبخصوص تشكيل الحكومة، شدّد الحريري، أنه "على جميع الفرقاء التوقف عن الطمع بالحقائب، وعندها تتشكل الحكومة".
وانطلقت الثلاثاء المرافعات النهائية أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رفيق الحريري، بحضور نجله سعد.
وعلى الرغم من مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الخاصة بلبنان، رفض "حزب الله"، الذي ينفي أي تورط له في الاغتيال، تسليم المشتبه بهم.
والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، التي بدأت مداولاتها في 2009 في ضواحي لاهاي، باتت بذلك أول محكمة جنائية دولية تسمح بتنظيم محاكمة في غياب المتهمين الممثلين بمحامين.
وقال فريق الادعاء في قضية اغتيال رفيق الحريري في 2005، إن "مصطفى بدر الدين، هو العقل المدبر لعملية الاغتيال، والمتهمون الباقون كانوا منفذين للعملية".
المتهمون أعضاء بارزون في حزب الله
والمتهمون في قضية اغتيال الحريري، أعضاء بارزون في حزب الله، وهم مصطفى بدر الدين (قتل في سوريا في مايو/أيار 2016)، وسليم عياش، وحسين حسن عنيسي، وأسد صبرا، وحسن مرعي.
والاسم الحقيقي لبدر الدين هو "سامي صعب"، وكان يعتبر الرجل الثاني في حزب الله، وهو صهر القيادي القتيل البارز في الحزب عماد مغنية.
والإثنين، وصل رئيس الحكومة اللبنانية المُكلف سعد الحريري إلى لاهاي في هولندا، للمشاركة في الجلسات المذكورة برفقة الوزيرين مروان حمادة، وغطاس خوري، والنائب السابق باسم السبع.
ويفترض أن تنظر المحكمة في دور 4 رجال يشتبه بأنهم يقفون وراء مقتل الحريري.
ومن المقرر أن يقدم الادعاء موجزاً للقضية، التي عمل عليها منذ 2014، فيما سيقدم كل من الممثلين القانونيين لفريقي الدفاع والمتضررين مرافعاتهم النهائية في جلسات قد تمتد لأسبوعين.
ويعرض فريق الادعاء الأدلة التي جمعها طوال السنوات الماضية، بعد الاستماع لأكثر من 307 شهود، وجمع ما يفوق 3 آلاف قرينة بحضور وكلاء الدفاع والمتضررين، من بينهم سعد الحريري، رئيس الوزراء المكلف، نجل الراحل.
وبعد 13 عاماً من العمل على كشف الحقيقة في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، تدخل المحكمة الخاصة بلبنان مرحلتها الأخيرة مع بدء المرافعات الختامية في الادعاء ضد المتهمين الأربعة بالإعداد لاغتياله، وسط أجواء سياسية داخلية وخارجية معقدة.
فخلال خطاب جماهيري، في أغسطس/آب الماضي، جدد أمين عام "حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله، إعلانه عدم الاعتراف بهذه المحكمة، محذراً المراهنين عليها من "اللعب بالنار".
فيما جدَّد رئيس الوزراء المكلف، سعد الحريري، التمسك بالمحكمة لمعرفة حقيقة اغتيال والده، الذي يتهم الادعاء العام للمحكمة عناصر من "حزب الله" باغتياله عبر تفجير سيارة مفخخة في العاصمة بيروت.
وتم اغتيال الحريري في فترة كانت سوريا، حليف "حزب الله"، تمارس فيها وصاية على لبنان، لكن بعد شهرين من الاغتيال اضطرت القوات السورية إلى مغادرة لبنان بعد 29 عاماً من الوجود على أراضيه.
المحكمة
المحكمة الخاصة بلبنان هي محكمة ذات طابع دولي، يوجد مقرها الرئيسي في إحدى ضواحي مدينة لاهاي بهولندا، ولها مكتب في بيروت.
وهي أول محكمة من نوعها في العالم للتحقيق في قضية اغتيال، وتعمل بمقتضى نظام هجين مستمد من القانون الجنائي اللبناني وقضاء لبناني دولي مختلط.
والولاية الرئيسية للمحكمة هي محاكمة المتهمين بمنفذي تفجير فبراير/شباط 2005، الذي أسقط 23 قتيلاً، بينهم الحريري.
وأنشئت المحكمة في 13 ديسمبر/كانون الأول 2005، بناءً على طلب قدمته الحكومة اللبنانية إلى الأمم المتحدة.
وتوصل لبنان والأمم المتحدة إلى اتفاق بشأن المحكمة، جعلته المنظمة الدولية نافذاً من خلال إصدار مجلس الأمن الدولي قراراً برقم 1757.
ودخل قانون إنشاء المحكمة حيز التنفيذ، 10 يونيو/حزيران 2007، وعقدت أولى جلساتها العلنية في لاهاي، مارس/آذار 2009.
وتتألف المحكمة من أربعة أجهزة، هي: الغرف، الادعاء، مكتب الدفاع وقلم المحكمة.
وهذه المحكمة هي هيئة قضائية مستقلة تضم قضاة لبنانيين ودوليين، وليست تابعة للأمم المتحدة، ولا جزءاً من النظام القضائي اللبناني، غير أنها تقضي بموجب قانون العقوبات اللبناني.
وهي المحكمة الأولى من نوعها التي تتناول الإرهاب بوصفه جريمة قائمة بذاتها.
التمويل
تشكل المساهمات الطوعية من دول 51% من تمويل المحكمة، ويساهم لبنان بالنسبة المتبقية.
الاختصاص
للمحكمة "ﺍختصاص على ﺍﻷشخاص المسؤولين عن الهجوم الذي وقع في 14 فبراير/شباط 2005، وأدى إلى مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، وإلى مقتل أو إصابة أشخاص آخرين".
ويشمل الاختصاص كذلك اعتداءات أخرى وقعت في لبنان، بين 1 أكتوبر/تشرين الأول 2004، و12 ديسمبر/كانون الأول 2005؛ إذا تبين أنها مرتبطة بأحداث 14 فبراير/شباط، ومماثلة لها من حيث طبيعتها وخطورتها.
وولاية المحكمة تجيز لها أيضاً ممارسة الاختصاص على جرائم ارتكبت في أي تاريخ لاحق، ويقرر ذلك الطرفان (لبنان والأمم المتحدة) وبموافقة مجلس الأمن، إذا كانت هذه الجرائم مرتبطة باعتداء 14 فبراير/شباط 2005.
شهود ومستندات وأدلة
حسب المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اضطلعت غرفة الدرجة الأولى في المحكمة بما يلي منذ بدء المحاكمة، في 16 يناير/كانون الثاني 2014:
– استمعت إلى أكثر من 307 شهود.
– أودع الفرقاء 4781 مستنداً.
– أصدرت أكثر من 1467 قراراً.
– المتضررون المشاركون في إجراءات المحاكمة هم 72 متضرراً، 43 منهم حضروا إجراءات المحاكمة.
– وقدَّم الادعاء أدلة تتعلق بأعمال التحضير للتفجير التي قام بها المتهمون، والخلفية السياسية في لبنان، والوضع الذي كان سائداً في البلد خلال الفترة المعنية.
وكذلك أدلة بشأن أنشطة الحريري وأسفاره وتحركاته في الأشهر السابقة على الاعتداء، وشبكات الهواتف ونمط استخدامها، بما فيها مصدر وطبيعة شبكات الهواتف التي استُخدمت في التحضير للاعتداء وتنفيذه.
وقدّم خبراء أدلة، بينها ما يتعلق بتحليل الهواتف الخلوية ونظم الحواسيب والمعلومات وتخزين البيانات وأمنها، وتشمل أدلة رقمية واردة من شركات الاتصالات، إضافة إلى جهود يُزعم أن المتهمين بذلوها لتجنب كشف أمرهم.