دعت خمس دول أوروبية إسرائيلَ إلى عدم هدم قرية خان الأحمر البدوية الفلسطينية، في الضفة الغربية المحتلة، قرب القدس، بعد أن صدر قرار يسمح بهدمها ابتداء من منتصف ليلة الثلاثاء الأربعاء.
وجدَّدت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا، في بيان على الإنترنت، دعوتَها لإسرائيل لعدم هدم هذه القرية التي يعيش بها نحو 200 شخص.
وقالت الدول الخمس في بيانٍ مشترك "قد تترتب عواقب على عملية الهدم، وسيكون للتهجير تداعيات على سكان المنطقة بمن فيهم الأطفال، وتداعيات أيضاً على فرص إنجاح حل الدولتين".
وأعربت هذه الدول عن قلقها إزاء مصير قرية خان الأحمر، الواقعة في موقع حساس من المنطقة "ج"، ذات الأهمية الاستراتيجية للحفاظ على تواصل الدولة الفلسطينية المستقبلية.
المحكمة الإسرائيلية رفضت التماسات تطالب بوقف هدم خان الأحمر
وفي الخامس من سبتمبر/أيلول، أعلن قضاة المحكمة الإسرائيلية العليا "رفض الالتماسات" التي تطالب بوقف هدم خان الأحمر، وأوضحوا أن الأمر المؤقت بوقف الهدم خلال النظر في الشكاوى "سيُلغى خلال سبعة أيام اعتباراً من اليوم".
وبذلت جهات دولية عدة ضغوطاً لجعل إسرائيل تتراجع عن خطة إزالة القرية، التي تقول إنها بُنيت من دون ترخيص.
وقال قضاة المحكمة "نرفض الالتماسات" التي تطالب بوقف هدم خان الأحمر، وأضافوا أن الأمر المؤقت بوقف الهدم خلال النظر في هذه الشكاوى "سيُلغى خلال سبعة أيام، اعتباراً من اليوم".
وهذا يعني أن السلطات الإسرائيلية يمكنها تحديد موعد تنفيذ أمر الهدم في نهاية الأيام السبعة.
وهذا يعني أنه سيكون بإمكان السلطات الإسرائيلية تنفيذ أمر الهدم في أي وقت، ابتداء من منتصف ليلة الثلاثاء الأربعاء.
والناشطون يقولون: إنه لا خيار إلا الاستمرار في القرية
ويؤكد الناشطون المدافعون عن حقوق أهالي القرية، أنه ليس لديهم خيار غير البناء من دون تراخيص؛ لأن إسرائيل ترفض أساساً استصدار تصاريح بناء للفلسطينيين في معظم أنحاء الضفة الغربية الخاضعة تماماً لسيطرتها.
وتقع قرية خان الأحمر شرقي مدينة القدس المحتلة على الطريق الرئيسي بين مدينة القدس وأريحا محاطة بعدد من المستوطنات الإسرائيلية، وتتألف القرية من أكواخ من الخشب والألواح المعدنية مثلما هي الحال عموماً في القرى البدوية، ويبلغ عدد سكانها 173 شخصاً، وفيها مدرسة.
وقدّم الفلسطينيون شكوى جديدة ضد إسرائيل لدى المحكمة الجنائية الدولية، وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في مؤتمر صحافي، إنهم قدّموا شكوى جديدة بشأن "جريمة حرب" إسرائيلية تتعلق بقرية خان الأحمر، التي من المتوقع أن يدمرها الجيش الإسرائيلي.
وقال عريقات بالإنكليزية، إن الملف "شمل التركيز على جرائم الحرب التي تواجهها قرية خان الأحمر، وتحديداً جرائم النزوح القسري والتطهير العرقي وتدمير ممتلكات المدنيين".
وتعتبر الدول الخمس أن هدم قرية خان الأحمر سيمكن إسرائيل من توسيع الاستيطان بشكل يقطع الضفة الغربية إلى قسمين، ما سيجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً.
في حين أن إسرائيل تقترح على الأهالي الانتقال إلى مكان آخر
واقترحت السلطات الإسرائيلية على سكان خان الأحمر الانتقال إلى مكان آخر، بالقرب من بلدة أبو ديس، لكنهم رفضوا ذلك، بحجة أن الموقع المقترح يقع بالقرب من مطمر للنفايات، وفي منطقة يتعذر فيها تربية ورعي الماشية.
وسعت حكومات أوروبية والأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية إلى منع الهدم، الذي قالت إنه سيُتيح توسيع المستوطنات، ويقطع الضفة الغربية إلى قسمين، عبر فصل شمالها عن جنوبها، الأمر الذي سيزيد بالتالي من صعوبة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، كحل يؤيده المجتمع الدولي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وفي مايو/أيار، رفضت المحكمة العليا آخر التماس ضد الهدم، بعد تسع سنوات من الشكاوى أمام المحاكم.
فيما نجح بعض الأهالي في بناء بيوت من الصفيح في تحدٍّ واضح لقرار إسرائيل
نجح عشرات من النشطاء الفلسطينيين، فجر اليوم الثلاثاء 11 سبتمبر/أيلول 2018، في إقامة خمسة بيوت من الصفيح تحت جنح الظلام، بجوار تجمع خان الأحمر الذي تنتهي اليوم المهلة التي حددتها محكمة إسرائيلية لإخلائه من سكانه البدو.
وأطلق النشطاء على الموقع الجديد "حي الوادي الأحمر"، وقالوا في بيان "بقرار من الشعب الفلسطيني بلا تصاريح من سلطة الاحتلال، وبلا إذن من أحد، نعلنها تحدياً ومقاومة لقرارات الاحتلال في تهجير وهدم قرية خان الأحمر".
وأضافوا أنهم أطلقوا اسم الوادي الأحمر على الحي "نسبة إلى رواية الوادي الأحمر لعبدالله طنطاوي، التي تروي حياة الشيخ عز الدين القسام وحكايته مع الثورة الفلسطينية".
وأوضحوا أنهم أقاموا الحي الجديد "على بعد عدة أمتار من الجهة الشرقية بين قرية خان الأحمر ومستعمرة كفار أدوميم".. وقالوا: "تم بناء الحي في غسق الظلام وهدوء الصحراء، متحدّين الاحتلال وأجهزته المخابراتية، لنقول إننا باقون هنا، وصامدون هنا".
وأمضى عشرات النشطاء ومعهم وليد عساف رئيس هيئة مقاومة الجدار الفلسطينية، وعدنان غيث محافظ القدس ليلتهم في خيمة بالقرب من مدرسة الخان الأحمر، لمواجهة قرار هدم تجمع الخان الأحمر.
ويضم تجمع خان الأحمر مدرسة تم إنشاؤها من إطارات السيارات المستعملة، يدرس فيها حوالي 180 طالباً وطالبة، من التجمعات البدوية المجاورة لتجمع خان الأحمر.
ويقول الفلسطينيون إن هدم خان الأحمر يأتي في إطار خطة إسرائيلية لإقامة قوس من المستوطنات اليهودية، سيفصل فعلياً القدس الشرقية عن الضفة الغربية، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، ويريدها الفلسطينيون لإقامة دولة مستقلة في المستقبل.
ولا يعلم سكان خان الأحمر متى سيجري الإخلاء من منازلهم، وهي عبارة عن بيوت من الصفيح متناثرة على تلة تشرف على الطريق الرابط بين أريحا والقدس.