توتر واضطرابات بالمطار، وسوريون يخسرون تذاكر سفرهم.. صدمة بعد عودة العمل بـ «إذن السفر» بمناطق النظام

 لم يتمكن زيد (21 عاماً)، يوم الأحد 2 سبتمبر/أيلول، من اجتياز الحدود السورية والسفر إلى لبنان، لعدم امتلاكه وثيقة "إذن سفر" من شعبة التجنيد، هذه المعلومة التي صدمته عند حدود بلاده وأجبرته على العودة إلى دمشق، كي يباشر بإجراءات الحصول على هذا الإذن.

ويشرح زيد، وهو طالب جامعي، أنه حصل على منحة قبل عدة أسابيع لحضور ورشة عمل في بيروت، وهي فرصة انتظرها منذ مدة طويلة، ولكن حلمه الصغير هذا تبخر بسبب تعليمات فجائية صدرت دون إبلاغ الناس مسبقاً.

وأصدرت إدارة الهجرة والجوازات تعليمات للمعابر الحدودية البرية والجوية، بضرورة حصول الذكور الراغبين في السفر، والذين تتراوح سنوات مولدهم ما بين 1976 و2001 (سن التكليف) على موافقة خطية من شعب التجنيد، وتكلفتها 50 ألف ليرة.

ورغم أن العادة والعرف في سوريا يقضيان عادة باستثناء الوحيد النهائي، والمعفى صحياً، ودافع البدل النقدي، من مثل هذه الإجراءات، إلا أن يوم الأحد لم يرحمهم هذا الاستثناء، وطالبتهم الجهات المعنية بهذا التصريح.

ويتابع زيد في حديثه لـ "عربي بوست" أن مشكلته، مقارنة بمن رآهم في المعبر الحدودي كانت بسيطة، إذ كان يومها التوتر سيد الموقف، وكان الكثيرون مضطربون، ولم تسلم الأجواء من دموع غضب.

تحدث عن عائلة التقاها هناك، اضطرت لإرسال الإناث فقط كي لا يخسرن بطاقات الإقامة، في حين عاد الشاب برفقة والده كي يستصدروا إذن مغادرة.

 شرط الحصول على "إذن سفر" يسبب غضباً في الشارع

قرار الحصول على وثيقة "إذن سفر" أثار ضجةً كبيرةً في الشارع السوري، وانتقدته بشدة حتى وسائل الإعلام الموجودة داخل البلاد.

وتناقل رواد السوشيال ميديا مقطع فيديو لمذيع في قناة سما الفضائية المعروفة، حيث تحدث نزار الفرا بطريقة غير مسبوقة، عبر كلمات قاسية منتقداً هذا الإجراء، الذي تعامل مع الناس "كما لو كانوا ذباباً لا يهم ما قد يتعرضون له من خسارة في الأموال، وربما في فرص العمل".

ونقلت صحيفة "الوطن" عمّن وصفته بالمصدر، أن القرار ورد إلى إدارة الهجرة والجوازات، يوم السبت 1 سبتمبر/أيلول الماضي وتم تطبيقه.

وقال المصدر إن القرار يأتي تنفيذاً لمرسوم صدر في العام 2007، إلا أن تطبيقه كان متفقاً عليه ما بين وزارتي الدفاع والداخلية، بحيث تطلب الموافقة عند إصدار جوازات السفر فقط.

لكن وصلت تعليمات جديدة، السبت الماضي، تقضي بالتنفيذ الحرفي للمادة الواردة في المرسوم، دون مراعاة التفاهمات السابقة التي كان الهدف منها تسهيل أمور المواطنين. وأضاف أنه كان من المجدي أن يتم تنبيه المواطنين عند صدور قرار جديد، ومنحهم مهلة للحصول على الموافقات اللازمة، بدلاً من إعادتهم من الحدود، وإلحاق خسائر بهم، وفرض كل هذا الإرباك غير المبرَّر على المنافذ الحدودية.

كما تداول كثيرون صوراً للازدحام الكبير قرب شعب التجنيد، الذي يدل على أن الحصول على هذا الإذن سيستغرق ساعات وربما أيام.

ازدحام في شعب التجنيد بدمشق لأخذ "موافقة سفر": رشاوى ومحسوبيات وحدود مليئة بالعجزةhttps://t.co/baOO7gAQNA pic.twitter.com/2f7TY96Uic

— السورية نت Alsouria (@AlsouriaNet) September 4, 2018

كما انتشرت صور لإذن السفر والعبارات المكتوبة عليه.

حتى الحصول على إذن السفر كان عذاباً

ويوضح زيد أنه توجّه في اليوم نفسه لشعبة التجنيد، أملاً في الحصول على هذه الورقة، كي يتمكَّن من الالتحاق بورشة العمل.

لكن الأمر لم يكن يسيراً، وصدم أمام الأعداد الكبيرة للمنتظرين أمام باب الشعبة، الذين أضيفوا لمئات غيرهم جاؤوا للحصول على أوراق أخرى، ولم ينجح زيد في الحصول على الورقة المطلوبة إلا في اليوم التالي.

مرسوم جديد

وفي يوم الأربعاء 5 سبتمبر/أيلول، ومع استمرار تفاعلات القرار، أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد مرسوماً جديداً، حمل الرقم 14 للعام 2018، القاضي بإضافة الفقرة "ز" إلى المادة "48" من قانون خدمة العلم الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (30) لعام 2007 وتعديلاته، وفق ما يلي: "يعفى من الحصول على موافقة سفر من مديرية التجنيد العامة المعفون من خدمة العلم وفق أحكام هذا المرسوم التشريعي".

وخلال لقاء تلفزيوني مع العميد الركن عماد إلياس رئيس الدائرة الوسيطة في مديرية التجنيد العامة، علق على المرسوم الجديد بالقول إنه عندما رأت مديرية التجنيد العامة ضخامة الأعداد، ارتأى مدير التجنيد رفع مذكرة لرئيس الجمهورية، وتمت التلبية وإصدار مرسوم تشريعي لتخفيف العبء على مراجعة شعب التجنيد لـ "المعفيين وهم (الوحيد- المعفى صحياً- دافع بدل نقدي- إخوة الشهداء ممن استشهد لهم اثنان أو أكثر- ومن أدى خدمة إلزامية في دولة أجنبية)، حيث يشكل هؤلاء 60% من المكلفين".

أصل القرار

ويرجع أصل القرار للمرسوم رقم 30 لعام 2007، الذي لم يسمح للسوريين ومن في حكمهم، الذين أتموا 17 عاماً ولم يتجاوزوا 42 عاماً بمغادرة سوريا إلا بموافقة مسبقة من مديرية التجنيد العامة ومناطقها والشعب التابعة لها، وضمن شروط.

وتتلخص الشروط بـ:

• تقديم كفالة مالية أو عقارية أو تجارية أو صناعية أو زراعية أو كفالة ضابط أو موظف أو عامل دائم من الفئة الأولى مستحق لمعاش تقاعدي لقريب درجة أولى.
• تحدد قيمة الكفالة حسب فئات المكلفين وسبب السفر
• يجوز لأعضاء البعثات الرياضية والعلمية والفنية المرخص لها رسميًا مغادرة البلاد دون كفالة، شرط تقديم ضمانات كافية يعود تقديرها إلى مديرية التجنيد العامة.
• لا يحول تحصيل قيمة الكفالة دون ملاحقة المكلف المكفول المتخلف عن السوق بالعقوبات المنصوص عليها في هذا القانون.

وأعفى القانون من تقديم أي كفالة للأشخاص الآتي ذكرهم، شرط حصولهم على موافقة سفر مسبقة من مديرية التجنيد العامة أو من تفوضه لذلك قبل مغادرتهم:

• العاملون المدنيون الموجودون في الخدمة باستثناء الملزمين بخدمة الدولة.
• الموفدون من قبل الحكومة للدراسة أو التخصص أو بمهمة رسمية.
• المعفى من خدمة العلم وفق أحكام هذا القانون.
• الذين أدوا الخدمة الإلزامية.
• المتقاعدون.
• المغتربون القادمون إلى الجمهورية العربية السورية بقصد الزيارة.

منع فنان سوري

وبالتوزاي مع هذه الأخبار تناقلت المواقع الفنية خبراً يتحدث عن الفنان السوري سامر إسماعيل، الذي تفاجئ بدوره  بهذا التعميم ولم يتمكن من مغادرة البلاد، والتوجه إلى إيطاليا للمشاركة في مهرجان فينيس، عبر فيلم "يوم أضعت ظلّي للمخرجة السورية سؤدد كعدان، لعدم امتلاكه "موافقة سفر" من شعبة التجنيد.