قد يصبح إحدى أقوى أدوات التطرف في القرن الـ21.. كيف يجبر «يوتيوب» الألمان على متابعة خطابات اليمين المتطرف!

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/08 الساعة 19:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/08 الساعة 19:57 بتوقيت غرينتش
FILE PHOTO: Silhouettes of mobile device users are seen next to a screen projection of Youtube logo in this picture illustration

في اليوم الذي تلا احتلال متظاهري اليمين المتطرف لشوارع مدينة كيمنتس الألمانية بدأ سورن أوهيل، وهو مسؤول في المدينة يشرف على التسويق والتطوير المحلي بها، في تلقي مكالماتٍ هاتفية غريبة من المراسلين الصحفيين.

وحسب تقرير لصحيفة The New York Times الأميركية، يقولون في تلك المكالمات الهاتفية، إنَّ الرجل الذي تسبب قتله في اندلاع أعمال الشغب مدينة كيمنتس الألمانية قد توفي أثناء محاولته منع طالبي اللجوء من الاعتداء على مواطنته. ولم يُقتل مواطن ألماني واحد فحسب، بل اثنان. فهل يمكنه التعليق على هذا الأمر؟

فيديو "مزور" يحصد آلاف المشاهدات

ويوضح تقرير الصحيفة الأميركية، بدا أنَّ هذه النوعية من الاتهامات قد انتشرت فجأة في كل مكان. لكن لا شيء منها كان صحيحاً بالمرة. فمصدر هذه الاتهامات، كما يظن أوهيل وغيره، هو الشبكات الاجتماعية ولا سيما اليوتيوب.

وقد تنبه راي سيراتو، وهو باحث في التكنولوجيا الرقمية في برلين، إلى انتشار تلك المعلومات الخاطئة عندما عرض له قريب زوجته مقطع فيديو على يوتيوب يدعي أنَّ مثيري الشغب كانوا لاجئين مسلمين.

كان الفيديو، الذي نشرته مجموعة متطرفة مغمورة، عبثياً ورديء الجودة. ومع ذلك، فقد حصد ما يقرب من نصف مليون مشاهدة، وهو عدد أكبر بكثير من الذي يحصده أي فيديو إخباري عن أعمال الشغب. كيف حدث هذا؟

فهل يجبر "يوتيوب" الألمان على مشاهدة صفحات متطرفة؟

فحص سيراتو قواعد بيانات اليوتيوب في محاولة لجمع كل المعلومات المتعلقة بأحداث مدينة كيمنتس الألمانية التي نُشرت هذا العام. ووجد أنَّ نظام اقتراح مقاطع الفيديو الخاص باليوتيوب يوجه المستخدمين باستمرار لمقاطع الفيديو التي نشرها متطرفون عن أحداث الشغب، ومنها إلى مقاطع فيديو نشرها اليمين المتطرف حول مواضيع أخرى.

وسيجد المستخدمون الذين يبحثون عن أخبار كيمنتس أنفسهم عالقين في شبكة معقدة من المعلومات المضللة وخطابات الكراهية. ومع تزايد الاهتمام بما يحدث في "كيمنتس"، يبدو أنَّ يوتيوب يجبر الألمان على اتخاذ مسار يؤدي بهم إلى صفحاتٍ متطرفة، ارتفعت أعداد مشاهديها بسرعة خرافية.

ويقول النشطاء إنَّ هذا قد يكون أحد أسباب انتشار هذا الكم من المعلومات المضللة، مما ساعد اليمين المتطرف على تشكيل آراء الرأي العام  حتى بعد أن أُجبروا على مغادرة شوارع كيمنتس.

 


في مشهد لم تعشه ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية.. "النازيون الجدد" يسيطرون على الشوارع لإسقاط "النظام الفاشل"


 

وقال أوهيل: "كان شيئاً جديداً، لم يحدث من قبل أن تسألني وسائل الإعلام الرئيسية، التي تشمل الصحف والقنوات التلفزيونية الألمانية الكبرى، عن الأخبار والدعاية الكاذبة التي أصبح من الجليّ أنَّ الناس قد انخدعوا بها".  

ويقول الباحثون الذين يدرسون يوتيوب أنَّ ذلك الحدث، وهو أبعد ما يكون عن كونه حادثاً عرضياً، يعكس ميل الموقع إلى دفع المستخدمين الذين يترددون يومياً على زيارة الموقع نحو المحتوى المتطرف سياسياً، وكثيراً ما يبقيهم هناك.

وهو الأمر الذي تنفيه الشركة

من جانبها، رفضت متحدثة باسم يوتيوب التعليق على الاتهامات، قائلةً إنَّ نظام اقتراح مقاطع الفيديو يهدف إلى "تقديم اقتراحات للمستخدمين بمشاهدة مقاطع فيديو تثير داخلهم الشعور بالرضا". وقالت إنَّ الشركة تخطط للتعاون مع المؤسسات الإخبارية للمساعدة في "بناء تجربة إخبارية أفضل على اليوتيوب".

على الرغم من أنَّ اليوتيوب عادةً ما كان يخضع لتدقيقٍ أقل تعقيداً من ذلك الذي تخضع له الشبكات الاجتماعية الأخرى، إلا أنَّ هذا قد يتغير. وتعرضت جوجل، الشركة الرئيسية المسؤولة عن اليوتيوب، لانتقاداتٍ من المُشرِّعين الأميركيين هذا الأسبوع بسبب رفضها إرسال رئيسها التنفيذي إلى جلسات استماع في الكونغرس حضرها الرؤساء التنفيذيون من تويتر وفيسبوك.

لكن ماذا لو دققنا في استراتيجية "يوتيوب" التجارية!

يُعد نظام اقتراحات اليوتيوب لمقاطع الفيديو أساس استراتيجيته التجارية: فدفع الأشخاص إلى النقر على مقطع فيديو آخر، يعني عرض المزيد من الإعلانات لهم. إن خوارزمية هذه العملية شديدة التعقيد، فهي تتعرف باستمرار على ما يثير اهتمام المستخدمين، وهي فعالة للغاية. ووصول مقطع الفيديو في الخوارزمية لمرتبة متقدمة قد يعني جمهوراً عريضاً من المشاهدين للمقطع.

تساءل سيراتو عما إذا كان هذا يفسر الطريقة التي كشف بها أحد أفراد عائلته مقطع الفيديو الخاص بالمؤامرة. كان قد قرأ الدراسات عن المستخدمين الذين اتبعوا نظام اقتراح مقاطع الفيديو اتباعاً أعمى؛ فقد انتهى بهم المطاف تلقائياً إلى مشاهدة سلسلة طويلة من مقاطع الفيديو إما عن اليسار المتطرف أو عن اليمين المتطرف.

فهي قد تجعل منه "أقوى أدوات التطرف في القرن"

وقد كتبت زينب توفيكجي، الباحثة البارزة في مجال الشبكات الاجتماعية في جامعة كارولينا الشمالية في تشابل هيل، أنَّ هذه النتائج تشير إلى أنَّ موقع يوتيوب يمكن أن يصبح "إحدى أقوى أدوات التطرف في القرن الواحد والعشرين".

لكن، كما تؤكد توفيكجي وباحثون آخرون، نتائج مثل هذه التجارب افتراضية.

مظاهرات لليمين المتطرف في مدينة كيمنتس الألمانية
مظاهرات لليمين المتطرف في مدينة كيمنتس الألمانية

أراد سيراتو الحصول على صورة أكثر شمولاً عن الطريقة التي يتبعها يوتيوب في تشكيل تصورات الناس عن الأحداث. لذلك لجأ إلى ما يعرف بالتحليل الشبكي، مُطبقاً التقنيات التي استخدمها في عمله اليومي محللاً لدى Democracy Reporting International، وهي مؤسسة رصد إدارية بارزة في ميانمار هدفها تتبع خطاب الكراهية.

وباستخدام واجهة مطوري البرامج العامة على يوتيوب، قام السيد سيراتو بتشغيل أكثر من عشرة مقاطع فيديو حديثة متعلقة بأحداث مدينة كيمنتس الألمانية . ثم قام بفحص اقتراحات اليوتيوب لكل مقطع فيديو على حدة لمعرفة ما سيشاهده بعد ذلك. ثم فعل الشيء نفسه مع مقاطع  الفيديو هذه، وهكذا. وفي نهاية المطاف، توصل إلى شبكة مكونة من 650 مقطع فيديو، نُشرت كلها تقريباً هذا العام.

خاصة وأن الخوارزمية التي يعتمدها توجه المستخدمين بشكل منهجي.

وقال إنَّ النتائج كانت مزعجة. وأظهرت الشبكة مجموعة مترابطة من مقاطع الفيديو توصَّل سيراتو إلى أنَّ أغلبها يدور حول نظريات المؤامرة أو اليمين المتطرف.

كانت هذه أول إشارة إلى أنَّ خوارزمية اليوتيوب توجه المستخدمين بشكل منهجي نحو المحتوى المتطرف. ومن المرجح أنَّ خوارزمية أكثر اعتدالاً قد تُوجِّه إلى مجموعات قليلة من مقاطع الفيديو المختلفة، واحدة عن تغطية إخبارية لقنوات تلفزيونية شهيرة، وثانية عن عرض لنظريات المؤامرة، وثالثة عن المجموعات المتطرفة. ومن المرجح أنَّ أولئك الذين انطلقوا في إحدى تلك المجموعات سيعلقون فيها.

إلا أنَّ ما فعله يوتيوب هو جمع كل مجموعات اقتراحات مقاطع الفيديو في حزمة واحدة تدفع بالمستخدمين داخل نظام مغلق مترامي الأطراف يغص بالمعلومات المضللة ودعوات الكراهية.

حفل موسيقي ضد العنصرية في مدينة كيمنتس
حفل موسيقي ضد العنصرية في مدينة كيمنتس

ويقول سيراتو إنَّ المشاهدين الذين يأتون إلى موقع يوتيوب بحثاً عن أخبار معتدلة قد يجدون أنفسهم سريعاً في عالم يسوده التطرف.

قال: "وهو الأمر الغريب الذي توصلتُ إليه، ِلمَ تتشابك هذه المجموعات مع بعضها إلى هذا الحد، ما لم يكن الهدف هو إثارة ردود أفعال معينة؟"، فالمحتوى الذي يثير عواطف المشاهدين أو فضولهم، كما يعتقد، من شأنه أن يثير شغفهم.

ولم  يقتصر الأمر على توجيه الموقع لمستخدميه إلى مقاطع فيديو لا تتسم بالمصداقية حول الموضوع الذي يبحثون عنه، وهو في هذه الحالة أحداث كيمنتس.

بل إنَّ العديد من مقاطع الفيديو التي حللها سيراتو لا تتعلق بكيمنتس. فقد أثنى محتوى البعض منها على القومية البيضاء بشكل عام أو حزب البديل من أجل ألمانيا، وهو حزب سياسي يميني متطرف. وذهب محتوى بعض مقاطع الفيديو الأخرى إلى أبعد من ذلك، حيث يعرض تفاصيل مؤامرات الجماعات المتطرفة؛ تصف إحدى هذه المقاطع الرئيس ترمب بأنَّه قطعة شطرنج تحركها عائلة روتشيلد التي تمسك بزمام المصارف العالمية.

لكن، لماذا يُبرز مقاطع فيديو مثل هذه أثناء البحث عن تفاصيل الأخبار؟

يتساءل سيراتو: "ما عدد الخطوات التي ينبغي قطعها في خوارزمية اليوتيوب انطلاقاً من تفاصيل الأخبار وانتهاءً بالوصول إلى مستنقع الأخبار المضللة؟ خطوتان فقط، بعد قطع الخطوة الثانية، لا تلبث أن تجد نفسك غارقاً في مستنقع اليمين البديل".

ولعل أكثر ما يلفت الانتباه كان التفاصيل الغائبة. فنادراً ما اتخذت الخوارزمية طريق العودة إلى موضوع البحث الأساسي عن تغطية الأخبار السائدة، أو إلى مقاطع الفيديو الليبرالية أو المعتدلة في مدينة كيمنتس الألمانية أو إلى أي موضوع آخر. فحينما تصل الخوارزمية بالمستخدم إلى مقاطع الفيديو الخاصة بالمتطرفين، يستقر به المقام هناك كما لو كانت تلك هي الوجهة المعدة للوصول إليها طوال الوقت.

فقد تتحول تلك الفيديوهات المزورة إلى "مصدر رئيسي" للأخبار

يقول نشطاء ومقيمون في كيمنتس إنَّ أفكار نظريات المؤامرة اليمينية المتطرفة بدت شائعة بشكل غير معتاد في الأيام التي سبقت وتلت المظاهرة.

ونشر اليميني المتطرف أوليفر فليتش على موقع يوتيوب سلسلةً من مقاطع الفيديو التي تسيء تفسير عملية القتل التي تسببت في أعمال الشغب في مدينة كيمنتس الألمانية ، مصحوبةً بعناوين على غرار "طعن ألماني حتى الموت لمجرد أنَّه أراد مساعدة نسائنا". وادعى مقطع فيديو آخر أنَّ طالبي اللجوء قد قتلوا ألمانيين.

يبلغ عدد المشتركين في قناة فليتش على اليوتيوب 20 ألف مشترك، ويعمل على خلق فقاعة سياسية. ومع ذلك، فإنَّ مقاطع الفيديو التي ينشر فيها أفكاره قد شقت طريقها داخل مسار الأخبار الرئيسية لدرجة دفعت الصحفيين إلى سؤال أوهيل، المسؤول الرسمي في كيمنتس، عن هذا الأمر.

 كيف حدث هذا؟

ربما ساعدت الخوارزمية في هذا الأمر. وقد توصل التحليل الشبكي الذي اضطلع به سيراتو إلى 16 مقطع فيديو نشرها فليتش، وإلى خمسة مقاطع فيديو لمغني الراب اليميني المغمور كريس آريس، الذي يستضيفه فليتش في بعض الأحيان في مقاطع الفيديو التي ينشرها.

وقد يتخذ التضليل مسارات أخرى. فقد صرح بعض المسؤولين الألمان هذا الأسبوع إنَّ مقطع الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع، ويظهر فيه ناشط اليمين المتطرف وهو يطارد شخصاً ذا بشرة داكنة أثناء أعمال الشغب في مدينة كيمنتس الألمانية قد يكون مفبركاً.

كان توماس هوفمان، الذي يساعد في إدارة منظمة محلية للاجئين، على متن  قطارٍ انطلق من هامبورغ عندما اندلعت أعمال الشغب. لذلك بحث في يوتيوب عن "كيمنتس" وأدخل التاريخ، أملاً في متابعة الأحداث.

وبدلاً من عرض مقاطع الفيديو المتعلقة بالأحداث في مدينة كيمنتس الألمانية أظهر اليوتيوب مقاطع فيديو مزورة . فقد عُدِّلَ واحد من تلك المقاطع بحيث يصور مقيمين داكني البشرة بأنَّهما معتديان وهما في واقع الأمر ضحيتا اعتداء. وتخللت بعض المقاطع الأخرى لقطات من تظاهرات سابقة بحيث تبدو تلك الموجودة في المقطع أكثر سلمية مما كانت عليه فعلاً.

قال هوفمان: "لقد أذهلني وجود هذا الكم من الزيف الصارخ، فعندما تنقر على أحد مقاطع الفيديو، سواء أحببته أم لا، يظهر مقطع آخر مقترح يتضمن محتوى عن مؤامرات اليمين المتطرف".

هل موقع يوتيوب أسوأ من غيره؟

يقول فليمنغ إبسن، المسؤول عن تتبع التطرف السياسي في موقع Jugendschutz.net، وهو موقع رصد حكومي، إنَّ شركة يوتيوب كانت أكثر تعاوناً مع السلطات الألمانية بشأن إزالة خطابات الكراهية من شركات الشبكات الاجتماعية.

إلا أنَّ بعض الباحثين يعتبرون YouTube متساهلاً على نحوٍ غير اعتيادي  بشأن المحتوى الذي لا يعتبره خطاب كراهية جلي، فالخوارزمية التي يعمل بها تدفع المستخدمين بعدوانية غير مفهومة تجاه المحتوى السياسي لليمين المتطرف . وقد تعامل اليوتيوب مع بعض المحتوى بشكلٍ حيادي، فلم يحظره ولم يروج له.

يقول يوتيوب إنَّه لا يصنف مقاطع الفيديو حسب المحتوى السياسي، لكن حسب اهتمامات المشاهد. ويقول النقاد إنَّ ذلك يقود اليوتيوب إلى إبراز محتوى التطرف الذي يثق اليوتيوب في قدرته على حصد المزيد من المشاهدات.

قال سيراتو إنَّه حتى أثناء إعادة البحث عن مقاطع الفيديو التي وجدها مقيتة، لم يتمكن من المقاومة. وأضاف: "بمجرد أن بدأتُ في مشاهدة أحد مقاطع الفيديو، فكرتُ: حسناً، سأنتقل الآن إلى مشاهدة المقطع التالي، وهذا هو هدف اليوتيوب. أن أواصل المشاهدة، فتظهر الإعلانات، فيربح المزيد".

ربما يكون ذلك، فهو لا يقدم تمثيلاً صادقاً لما يقع في العالم

وقال غيلوم تشاسلوت، وهو مهندس سابق لدى شركة جوجل المالكة ليوتيوب، إنَّه خلال الأحداث السياسية البارزة مثل المظاهرة في مدينة كيمنتس الألمانية وبعدها، يرتفع محتوى التطرف والمعلومات المضللة ليبرز على سطح اليوتيوب. لكنَّ هذا يعكس الأهداف المبطنة التي تهدف خوارزمية اليوتيوب إلى تحقيقها.

ويقول تشاسلوت: "المثال الذي أحب ذكره هنا هو نظرية الأرض المسطحة، لأنَّها غير سياسية". وقال إن مقاطع الفيديو التي تدعي أنَّ الأرض مسطحة لا تزال "سريعة الانتشار، وتلقى استحساناً كبيراً من خوارزمية اليوتيوب، لأنَّها تحصد المزيد من المشاهدات".

عمل السيد تشاسلوت على خوارزمية اليوتيوب حتى عام 2013، عندما فصل من عمله. وقالت جوجل إنَّه قد فصل بسبب أدائه الضعيف، وقد أشار السيد تشاسلوت إلى خلافه مع الشركة حول توجهاتها.

الإشاعات التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بتأجيج الوضع في المدينة
الإشاعات التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بتأجيج الوضع في المدينة

وهو الآن يدرس الخوارزمية من خارج الشركة، وقد عمل مؤخراً على تحليل اقتراحات مقاطع الفيديو خلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016. وكما هو الحال في كيمنتس، وجد أنَّ اقتراحات اليوتيوب قد دفعت المستخدمين باستمرار إلى المحتوى المتطرف.

وقال تشاسلوت "لا يقدم لك اليوتيوب تمثيلاً صادقاً لما يحدث في العالم، قد يبدو الأمر وكأنَّه ينقل ما يحدث في الواقع، لكنَّه في الحقيقة يشوه الواقع، لأنَّ كل ما يعنيه هو حصد أكبر عدد من المشاهدات".

حتى وإن تعلق الأمر ببلد هو واحد من أكثر الدول الديمقراطية فرضاً للقيود

وحتى في ألمانيا، وهي واحدة من أكثر الدول الديمقراطية فرضاً للقيود على الشبكات الاجتماعية، يقول المسؤولون إنَّهم لا يملكون سوى القليل من السلطة لتنظيم محتوى الجزء الأكبر على الشبكات الاجتماعية.

ويقول إبسن الذي يعمل في موقع الإنترنت الخاص بشبكة الرصد الحكومية: "الأكاذيب والدعاية والتلاعب هي آفات ضارة بالمجتمع، وهي لا تعتبر بذاتها غير قانونية، وبالتالي فإنَّ سلطتنا عليها غالباً ما تكون محدودة".

وقد حث المسؤولون الألمان شركات الشبكات الاجتماعية على خلق خوارزميات أكثر شفافية. وقد فعل المشرّعون الأميركيون الشيء نفسه، مستشهدين بالبحوث التي تربط الشبكات الاجتماعية  بالاستقطاب والتدخل الأجنبي وخطابات الكراهية التي يتبناها اليمين المتطرف .

لكنَّ تلك الشركات لا تمتثل. ويقول إبسن: "الخوارزمية شيء أساسي في عملهم، وكل ما يمكننا فعله هو تذكيرهم بمسؤوليتهم الاجتماعية".

تحميل المزيد