شركة الحليب في المغرب تقرر خفض الأسعار.. انتصار حملة المقاطعة أم «تحايل» لحين مرور العاصفة؟

لم يُبدِ نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي حماسة كبيرة لقرار خفض أثمنة الحليب، في انتظار تنزيله على أرض الواقع

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/07 الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/07 الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش
حملة المقاطعة في المغرب (أرشيف)

بعد أزيد من 4 أشهر على انطلاق حملة المقاطعة الشعبية الواسعة لـ 3 شركات تجارية تحتكر السوق المغربية في مجال الماء والحليب والمحروقات، رضخت شركة "سنطرال دانون" المنتِجة لـ"حليب سنطرال" أخيرًا، عبر إعلانها تخفيض ثمن اللتر الواحد من الحليب.

وبعد أن تعامَل مسؤولو الشركة باستعلاء رافضين أي حوار مع المقاطِعين، قادت الشركة الفرنسية حملة تواصُلية مكثفة عبر مختلف المدن المغربية خلال الأسابيع القليلة الماضية، تحت شعار "نتواصلو ونتصالحو"، (نتواصل ونتصالح)، مُقرِّرة تخفيض ثمن الحليب وجعله في حدود 6 دراهم و40 سنتيماً للتر الواحد عوض 7 دراهم، ما يعادل 0.75 دولار.

كيفما وعدناكم منذ بداية مشاورة "نتواصلو ونواصلو" غادي تكون زيارات ميدانية، لمعامل الحليب سنطرال دانون بالمغرب. أول…

Geplaatst door Centrale Danone op Maandag 6 augustus 2018

إيمانويل فابير مدير شركة سنطرال، الذي اعتبر أن عدم الاكتراث لمطالب المستهلكين يمكن أن يؤدي بالشركة للإفلاس، كشف خلال ندوة صحافية بمدينة الدار البيضاء، أن ثمن عبوة نصف لتر من الحليب سيصبح 3.20 درهم بدل 3.50 درهم، ما يعني أن الشركة أعادت الحليب إلى سعره السابق قبل 4 سنوات، ذلك أن الشركة المذكورة عمدت عام 2013 إلى رفع ثمنه.

ولم تكتفِ "دانون" بخفض الأسعار؛ بل عملت على تسويق منتج جديد عبارة عن كيس بلاستيكي بسعة 470 ملليلتراً، محدِّدة ثمنه بدرهمين ونصف درهم.

مدير شركة سنطرال وعي أن المقاطعةيمكن أن يؤدي للإفلاس
مدير شركة سنطرال وعي أن المقاطعةيمكن أن يؤدي للإفلاس

هل نجحت المقاطعة؟

إعلان "سنطرال دانون" عن قراراتها الجديدة، المزمع تفعيلها ابتداء من الـ7 من سبتمبر/أيلول 2018، اعتبره مواطنون مغاربة أحد أهم المكاسب التي حققتها حملة المقاطعة التي دخلت شهرها الخامس، مُثمِّنين الحملة التَّواصلية واللقاءات التَّشاورية، في حين أكد جُلهم الاستمرار في مقاطعة منتجات "دانون" على الرغم من كل ذلك.

الطريقة التي تفاعلت بها "سنطرال دانون" مع المقاطعة، ومنذ انطلاقتها، راقية صراحة..تجاوبت أولا ببلاغ "فهمتكم"، وبعدها…

Geplaatst door Hanane Bakour op Woensdag 5 september 2018

رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، ثمَّن بدوره تجاوب مسؤولي "سنطرال دانون"، ما رأى أنه يعكس احترام الشركة المستهلك المغربي وأخذ انتقاداته على محمل الجد، رغم كونها شركة فرنسية عالمية.

الحقوقي المغربي انتقد في المقابل غياب أي خطوات للشركتين المغربيتين تجاه إرضاء المستهلكين المغاربة، في إشارة إلى محطات وقود "إفريقيا"، وهي جزء من شركة "إفريقيا لتوزيع المحروقات"، أحد فروع المجموعة القابضة "أكوا غروب" لصاحبها وزير الفلاحة والصيد البحري في الحكومة الحالية عزيز أخنوش، بالإضافة إلى ماركة مياه "سيدي علي" التابعة لـ"هوليدينغ أولماركوم"، والتي تملكها وتديرها مريم بنصالح الرئيسة السابقة للاتحاد العام لمقاولات المغرب.

المقاطعة.. أسلوب عيش واحتجاج

لم يُبدِ نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي حماسة كبيرة لقرار خفض أثمنة الحليب، في انتظار تنزيله على أرض الواقع، وهو ما رأى الحقوقي الخضري، خلال حديثه لـ"عربي بوست"، من الصعب التكهن به أو بردّ فعل المقاطعين المغاربة، مرجحاً أن تتراجع وطأة المقاطعة قليلاً، مستبعداً توقُّفها بالكامل.

عودة لموضوع #المقاطعة، #سنطرال تعلن عن تخفيض طفيف جدا وهزيل جدا في ثمن الحليب من 7 إلى 6.40 درهم لليتر، تخفيض أقرب إلى…

Geplaatst door ‎محمد شلاي‎ op Woensdag 5 september 2018

ويُفسِّر المتحدث الأمر، بكون المقاطعة تعبيراً عن رد فعل شعب يعيش القهر ويكتوي بسياسة "نهب الجيوب وغلاء مُمنهج"، موضحاً أن المغاربة غاضبون من النُخب والسياسات العمومية ومن غياب المراقبة، مقابل حكومة تتفرج؛ بل وتدافع عن أصحاب الشركات ومصالحها على حساب قدرة المواطنين الشرائية، وفق تعبير رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، مشيراً إلى أن الأسابيع المقبلة كفيلة باستجلاء رد فعل المغاربة إزاء المقاطعة.

المقاطعة.. عقوبة اقتصادية

انخفاض حجم المبيعات منذ شهور، زيادة على تخفيض أسعار الحليب مستقبلاً، لا بد أن يجرّان على الشركة العالمية خسائر مالية، وفق ما أكده عبد النبي أبو العرب، الأستاذ الجامعي المُتخصِّص بمجال الاقتصاد والأعمال، لافتاً إلى أن التأثير الاقتصادي واقع لا محالة على "سنطرال دانون"، التي شهد رقم معاملاتها تراجعاً كبيراً بالمغرب.

الخبر: سنطرال تخفض سعر الحليب من 3.5 درهم إلى 3.2 درهماالخبر: عبوة الحليب ستصبح 0.47 لترا بدل 0.5 لترا…الخلاصة: خطة تسويقية جيدة

Geplaatst door Imad Choukairi op Donderdag 6 september 2018

وأوضح المتحدث لـ"عربي بوست"، أن الحصيلة المالية ستستمر في التراجع إلى أن تَستقرَّ عند مستوى معين بعد وضوح حملة المقاطعة وتمايُز أشكال الاستهلاك بين من سيُنهي المقاطعة ومن سيستمر في خوضها، مشيراً إلى أنه من الصعب التكهن حالياً بمستقبل رقم المعاملات الذي سينخفض، وسيستمر في الانخفاض لا محالة.

وفي حين يرى المحلل الاقتصادي أن جانباً من المستهلكين تأثروا بالمقاربة التواصلية الجديدة لشركة "سنطرال دانون" واعترافهم بالخطأ، أبدى تخوُّفه من أن تتحول المقاطعة، خاصة إزاء الشركات الثلاث المستهدَفة، إلى نوع من الموقف العدائي الدائم دون تراجع.

وأوضح أبو العرب أن شريحة كبيرة من المقاطعين المغاربة تحولوا فعلاً إلى هذا السُّلوك الدائم والمستقر، في نوع من التعبير السياسي ضد المؤسسات، لافتاً إلى أن المقاطعة ليست ضد شركات مُعينة بقدر كونها رفضاً واحتجاجاً ضد منظومة سياسية واقتصادية تتمركز فيها السلطة السياسية والمالية بأيادٍ قليلة تتحكم في السوق ومصائر الناس وفي المشهد السياسي والاستثمارات ومجالات المبادرة.

ولم يستبعد المتحدث لـ"عربي بوست"، أن ما سبق ذكره سيعزز استمرار حملة المقاطعة حتى وإن لجأت الشركات إلى تخفيض أسعارها، مرجِّحاً انطلاق مقاطعات أخرى ضد منتجات مغايرة بالنظر إلى أنها ما زالت تعبر عن المنظومة الممركزة التي يختلط فيها السياسي بالمالي والاقتصادي في المغرب.

نقاطع.. لا نقاطع!

وإذا كان نشطاء على الشبكات الاجتماعية أعلنوا صراحةً استمرارهم في المقاطعة رغم خُضوع شركة "سنطرال دانون" لمطالب خفض الأسعار، مشككين في مصداقية هذا القرار ومرجِّحين أن تقوم الشركة بما سمّوه "تحايُلاً"، إما من خلال جودة الحليب أو كِمِّيته، متسائلين عن الجهة التي ستعمل على مراقبة جودة الحليب ومُشتقاته.  

موازاة مع ذلك، دعا آخرون إلى ضرورة وقف حملة المُقاطعة، بعد استجابة شركة الحليب، التي تحتكر زهاء 70% من السوق الاستهلاكية بالمغرب، لافتين إلى أنَّه لا معنى لاستمرارها، ومشددين على ضرورة التوجه لمقاطعة منتجات أخرى غالية الثمن.

بعد ساعات قليلة على إعلان تخفيض سعر عبوات الحليب، انهالت التعليقات على الصفحة الرسمية لشركة "سنطرال دانون-فرع المغرب" بموقع "فيسبوك"، حيث أعرب المقاطعون المغاربة عن عدم رضاهم عن الثمن الجديد، داعين إلى تخفيضه أكثر، ومؤكدين استمرار المقاطعة، ما ردَّ عليه أدمن الصفحة بعبارات ساخرة وفجَّة لاقت انتقادات واسعة، ترى أن الشركة تهدِم بالمِعول نفسه الذي تُحاول أن تبْني به.

أن تصرف الملايين من أجل حملة "مصالحة" مع المغاربة بعد حملة المقاطعة لمنتوجك… ثم تضع معتوها يجيب الناس بهذه الطريقة بالاسم الرسمي لشركتك… فأنت إما هبيل وإما هبيل

Geplaatst door Siham Ouchtou op Vrijdag 7 september 2018

علامات:
تحميل المزيد