قبيل أيام من مناورات «النجم الساطع» بين مصر وأميركا.. واشنطن تفرج عن مساعدات مالية مقتطعة للقاهرة

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/06 الساعة 15:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/06 الساعة 15:44 بتوقيت غرينتش
U.S. President Donald Trump meets with Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi in Riyadh, Saudi Arabia, May 21, 2017. REUTERS/Jonathan Ernst

قبيل أيام من مناورات النجم الساطع تُبرِّر إدارة ترمب الإفراج عن معونات أميركية مقدمة لمصر مُحتجَّةً بالتقدُّم الذي أحرزته البلاد على مدار العام الماضي (2017) في جهود مكافحة الإرهاب ،.

وقال مسؤولٌ بوزارة الخارجية الأميركية لموقع VOA الأميركي، إنَّ الولايات المتحدة عملت من كثب مع الحكومة المصرية على مدار العام الماضي (2017)، لمزيدٍ من تعزيز العلاقات الثنائية، دعماً للأمن المشترك وأهداف مكافحة الإرهاب.

وكانت المساعدة العسكرية الأميركية لمصر عُلِّقت جزئياً في 2013 من قِبل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما؛ رداً على قمع مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، قبل أن تُستأنف في مارس/آذار 2015، بقيمة 1.3 مليار دولار سنوياً.

وفي أغسطس/آب 2017، وافقت إدارة الرئيس دونالد ترمب على تجميد 195 مليون دولار "بانتظار تحقيق تقدُّم في الديمقراطية"، وعبَّرت خصوصاً عن قلقها بعد صدور قانون للمنظمات غير الحكومية. وردَّت القاهرة بحدَّة على القرار الأميركي، وأعلن الرئيس الأميركي أنه يدرس الإفراج عن المساعدات بأكملها.

وقال المسؤول لموقع VOA: "وقَّع الوزير على وثيقة تنازل الأمن القومي التي تسمح بالالتزام بـ195 مليون دولار إضافية من المساعدات لمصر ضمن برنامج التمويل العسكري الأجنبي للسنة المالية 2017، إلى جانب الوثيقة التي تسمح بالالتزام بمليار دولار لمصر في السنة المالية 2018".

وأضاف: "إنَّنا نواصل دعم مصر في محاربة الإرهاب، وتشجيع الخطوات نحو النمو الاقتصادي الشامل والحوكمة الرشيدة".

الإفراج عن المساعدات لم يُخفِ تخوفات واشنطن من ملف حقوق الإنسان في مصر

وقال الموقع الأميركي إن هذا الإعلان يأتي في أعقاب قرار وزارة الخارجية، في يوليو/تموز 2018، الإفراج عن 195 مليون دولار أخرى من المساعدات العسكرية للقاهرة للسنة المالية 2016، والتي كانت قد حُجِبَت على خلفية مزاعم بانتهاكات حقوق الإنسان من جانب الحكومة المصرية.

وقال مسؤولٌ أميركي لموقع VOA آنذاك: "اعترافاً بالخطوات التي اتخذتها مصر على مدار العام الماضي (2017)، استجابةً لمخاوف أميركية معينة، وفي إطار روح مساعينا لتعزيز هذه الشراكة أكثر- قرَّرت الإدارة السماح لمصر باستخدام مبلغ الـ195 مليون دولار، المتبقية في برنامج التمويل العسكري الأجنبي للسنة المالية 2016، للقيام بالمشتريات العسكرية".

غير أنَّ واشنطن تعترف بحاجة القاهرة للاستمرار في تحسين سجلها الحقوقي.

فقال مسؤولٌ أميركي للموقع الثلاثاء 4 سبتمبر/أيلول 2018: "لدينا مخاوف جدية حيال وضع حقوق الإنسان في مصر".

وخضعت البلاد لتركيزٍ متزايد في الأشهر الأخيرة من جانب المجموعات الحقوقية، التي تزعم أنَّ السلطات المصرية تستهدف المعارضين السياسيين تحت ستار الأمن.

وقال عمرو مجدي، الباحث بمنظمة هيومن رايتس ووتش، للموقع: "استخدم النظام المصري معركته على الإرهاب لقمع المعارضة السلمية وغلق المجال العام تماماً".

واعتقلت السلطات المصرية في السنوات الأخيرة عشرات من أعضاء المنظمات غير الحكومية المحلية والأجنبية.

وأشار المسؤول بوزارة الخارجية الأميركية: "سنواصل توضيح الحاجة لإحراز تقدُّم في معالجة (هذه المشكلات)، وضمنها الحل الكامل لإدانات عام 2013، ومعالجة مخاوفنا بشأن قانون الجمعيات الأهلية".

لكن بعض المحللين يرون أن الإفراج عن المساعدات يرسل رسائل خاطئة للحكومة المصرية

ويتهم بعض المُحلِّلين الحكومة المصرية بأنَّها لم تبذل الكثير، ويرون أنَّ الإفراج عن المساعدات يبعث لها بالرسالة الخاطئة.

فقال عمرو قطب، الباحث بمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط ومقره واشنطن: "يمنح الإفراج عن المساعدات الحكومة المصرية شيكاً على بياض لمواصلة القمع الذي تمارسه، وربما حتى للتمادي فيه أكثر".

وأضاف قطب أنَّ الولايات المتحدة لديها القدرة على أن تكون قوةً تُعزِّز الحريات والحقوق الأساسية، وأنَّها يجب أن تواصل الاضطلاع بهذا الدور.

وقال مسؤولٌ مصري رفيع، تحدَّث مع الموقع شريطة عدم الكشف عن هُويته لأنَّه ليس مُخوَّلاً له الحديث لوسائل الإعلام، إنَّ الإفراج عن المساعدات لمصر يتعلَّق بما هو أكثر من المال.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره المصري عبدالفتاح السيسي
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره المصري عبدالفتاح السيسي

وأضاف: "كانت المساعدات جزءاً صغيراً فقط. العلاقات بين مصر والولايات المتحدة تتجاوز المال"، لافتاً إلى حاجة الولايات المتحدة ومصر بعضهما لبعض؛ لمحاربة الإرهاب في المنطقة.

وقال المسؤول المصري إنَّ حكومته تعمل على تعديل القوانين المُنظِّمة للمنظمات غير الحكومية في البلاد، وإنَّ قراراً بشأن المسألة سيُعلَن قريباً.

كانت بداية حجب الأموال، من إدارة أوباما بسبب المنظمات غير الحكومية

ودفعت حملة القمع المصري على المنظمات غير الحكومية في عام 2013، وضمن ذلك العديد من العاملين الأميركيين في تلك المنظمات، إدارة أوباما لحجب المساعدات العسكرية عن البلاد.

وأدانت في ذلك العام إحدى محاكم القاهرة 43 عاملاً بالمنظمات غير الحكومية، بينهم العديد من الأميركيين، على خلفية مزاعم بتلقي تمويل أجنبي وبث الاضطرابات الداخلية في البلاد.

كانت نانسي عقيل، مديرة مكتب مؤسسة فريدوم هاوس في مصر، وهي مؤسسة غير حكومية مقرها واشنطن وتعمل على نشر الديمقراطية في أنحاء العالم، واحدة من أولئك المدانين.

قالت عقيل: "معظم قيادات منظمات المجتمع المدني التي نعرفها وأكثرها رسوخاً إمَّا تخضع للمحاكمة وإمَّا مُنِعَت من السفر وجُمِّدت أصولها".

وقالت للموقع: "اتُّهِمتُ بتشغيل مكتب دون ترخيص، وتلقّي تمويل من حكومة أجنبية".

ويعتقد عماد الدين أحمد، من مؤسسة الحرية، وهي مجموعةٌ بحثية مقرها الولايات المتحدة، أنَّ إلغاء المساعدات قد لا يكون فعَّالاً بالقدر الذي يرغبه الكثيرون في تشجيع مصر على تحسين سجلها الحقوقي.

وقال: "لستُ متأكداً إلى أيِّ درجةٍ يمكن لذلك أن يكون أداة فعَّالة في ترسيخ حقوق الإنسان بمصر. لم تطرأ أيُّ تغييراتٍ على سياسة مصر تجاه حقوق الإنسان الخاصة بمواطنيها".   

وتعد مصر أكبر دولة مستقبِلة للمساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل

نظرت الولايات المتحدة إلى مصر طويلاً باعتبارها قوة استقرار في المنطقة. وتُعَد أكبر دولة مُستقبِلة للمساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل، وحصلت على نحو 80 مليار دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية على مدار العقود الثلاثة الماضية.

قال روبرت غولدمان، أستاذ القانون الدولي الإنساني بكلية الحقوق في الجامعة الأميركية، للموقع: "لطالما نُظِر إلى مصر باعتبارها دولة توفر الاستقرار وتحاول أيضاً الحفاظ على السلام بين إسرائيل ومصر".

وأضاف غولدمان أنَّ هذا هو السبب الذي وضع إدارة أوباما بموقف صعب للغاية حين حجبت المساعدات عن مصر في 2013.

ويعتقد دانيال بنايم، الزميل الأقدم بمركز التقدُّم الأميركي، أنَّ واشنطن لا يجب عليها تنحية قضية حقوق الإنسان والديمقراطية جانباً حين تعمل مع مصر على جبهة مكافحة الإرهاب.

وقال: "يجب أن تواصل الولايات المتحدة بقوةٍ إثارة قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ لأنَّها مهمة لمستقبل مصر، ويجب أن تكون قضايا مهمة كذلك في تلك الأشكال من الشراكات المستدامة التي يجب أن ترغب فيها الولايات المتحدة".

كانت مصر انتقدت في أغسطس/آب 2017، الولايات المتحدة إثر تقارير عن وقفها معونات عسكرية مخصصة لها تصل قيمتها إلى 152 مليون دولار، واعتزامها قطع معونات أخرى تبلغ قيمتها 96 مليون دولار؛ نظراً إلى ما وصفته واشنطن بأنها مخاوف بشأن حقوق الإنسان فيها.  

قطع المساعدات واستئنافها يأتيان دائماً قبل مناورات "النجم الساطع" بين البلدين

وجاء قطع المساعدات في أغسطس/آب عام 2017، قبل أسابيع من استئناف مناورات "النجم الساطع" العسكرية، التي تجرى ‏كل عامين بين مصر وواشنطن، وهي مناورات أعيد تصميمها في ظل إلحاح واشنطن على تركيزها على مكافحة الإرهاب بعد ‏توقفها منذ 4 سنوات.

ومن المفارقات أن أميركا أعادت ضخ الأموال المقتطعة قبيل أيام قليلة من مناورات "النجم الساطع" بين مصر وأميركا، والتي تتهيأ القوات المسلحة المصرية والأميركية لها بمشاركة عدد من الدولة العربية والغربية، في قاعدة محمد نجيب العسكرية، الواقعة بمنطقة الحمامات، غرب الإسكندرية.

وتُنفَّذ هذه التدريبات للسنة الثانية على التوالي، بعدما كانت تجرى مرة كل سنتين.

وتكتسب التدريبات المشتركة، التي بدأ تنفيذها دورياً منذ 1980، أهمية كبيرة بالنسبة للقاهرة وواشنطن من الناحية العسكرية، وفي الوقت ذاته، تعد مؤشراً مهماً على مدى متانة العلاقات السياسية بين البلدين الحليفين.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنه "لا تزال هناك بعض النقاط المثيرة للقلق، وسنواصل التشديد بشكل واضح على ضرورة تحقيق تقدُّم". وتندد المنظمات الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان، بشكل متواصل، بالانتهاكات الكثيرة لحقوق الإنسان التي تُرتكب في مصر.

يُذكر أن  أحدث تقرير للخارجية الأميركية بشأن حقوق الإنسان والذي صدر في أبريل/نيسان 2018، أورد مجموعة واسعة من قضايا حقوق الإنسان بمصر، منها التعذيب، والقيود على حرية التعبير، وسيطرة الحكومة على المنظمات غير الحكومية، ومحاكمة المدنيين عسكرياً.

علامات:
تحميل المزيد