اتهامات لـ «ميليشيات إيرانية» بقتل متظاهري البصرة، والعبادي يتَّهم جهات سياسية.. والصدر: لا تختبروا صبرنا

يبدو أن الوضع بمحافظة البصرة جنوبي العراق أصبح أكثر تعقيداً، بعد شهرين من التظاهرات والاحتجاجات الشعبية، والتي لاتزال تعاني من نقص بالخدمات والكهرباء والماء

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/06 الساعة 12:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/06 الساعة 13:02 بتوقيت غرينتش
Protesters stand in front of Iraqi security forces during a protest in Basra, Iraq September 5, 2018. REUTERS/Essam al-Sudani

يبدو أن الوضع بمحافظة البصرة جنوبي العراق أصبح أكثر تعقيداً، بعد شهرين من التظاهرات والاحتجاجات الشعبية، كونها تعيش على بحر من الثروات، وتغذي العراق بأكثر من 90% من النفط، إلا أنها تعاني من نقص بالخدمات والكهرباء والماء الصالح للشرب.

وشهدت مدن البصرة، مساء الثلاثاء 4 سبتمبر/أيلول، انتفاضة غاضبة، لم تشهدها منذ عام 1999، تُندد بمقتل أحد المتظاهرين على أيدي الأجهزة الأمنية العراقية، راح ضحيتها 7 قتلى ومئات الجرحى، بعد احتراق مبنى المحافظة وبعض مقرات الأحزاب السياسية.

مقتدى الصدر: لا تختبروا صبرَنا

وهدَّد رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر باتخاذ موقف حازم قد لا يخطر على الأذهان، وسيزلزل عروش الفاسدين وذوي المحاصصات الطائفية، والذين لا يحترمون دماء الشعب ولا لقمة عيشهم وكرامتهم، والذين أوصلوا البلد إلى الهاوية، مشدداً على ضرورة العمل على إنهاء تدخلات الأحزاب والميليشيات والحشد الشعبي في البصرة.

وقال الصدر في كلمة له بشأن أحداث البصرة، الخميس 7 سبتمبر/أيلول 2018: "على مجلس النواب الجديد الانعقاد فوراً، وبجلسة علنية استثنائية تُبث علناً عبر القنوات الرسمية، ليطَّلع الشعب على مجريات الأمور، وبمدة أقصاها يوم الأحد القادم، ويجب أن يحضرها كل من: رئيس الوزراء حيدر العبادي، ووزير الداخلية قاسم الأعرجي، ووزيرة الصحة عديلة حمود، ووزير الموارد المائية حسن الجنابي، ووزير الإسكان والإعمار والبلديات، ووزير الكهرباء، ومحافظ البصرة أسعد العيداني، ونائبيه ورئيس مجلس محافظة البصرة، لوضع حلول جذرية وفورية آنية ومستقبلية، وإلا فعلى جميع مَن تقدَّم ذكرهم ترك مناصبهم فوراً، وإن كانت ولايتهم منتهية".

وتابع الصدر قائلاً إنه يجب التعاون مع دول الجوار من خلال وفود رسمية، من أجل التفاهم على بعض الملفات المهمة الخدمية، وزيادة الحصص المائية وغيرها، سواء في البصرة أو باقي المحافظات، على الجميع حماية المؤسسات الحكومية في البصرة، وخصوصاً الموانئ والمطارات، من التدخلات الخارجية وغير الرسمية، والعمل على إنهاء التدخلات غير الرسمية في محافظة البصرة، ولا سيما تدخلات الأحزاب والميليشيات، بل والحشد الشعبي للحفاظ على سمعته.

ودعا الصدر جماهيره إلى وقفة احتجاجية مع أهالي محافظة البصرة ومتظاهريها وشهدائها وجرحاها، وذلك بمظاهرات سلمية غاضبة وموحَّدة في البصرة المجاهدة، وفي موعد محدد يُعلن عنه لاحقاً.

وأوضح رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، في تغريدة، مدى الحزن والغضب على مَن وصفهم بـ "المدسوسين في القوات الأمنية، الذين يقتلون المتظاهرين العزّل الذين لا يريدون إلا لقمة العيش بكرامة".

وأضاف: "أنصح ألا تختبروا صبرَنا".

فصائل موالية لإيران قتلت المتظاهرين

من جهته اتَّهم عزت رحيم الطائي، عضو ائتلاف "سائرون" في البصرة، الذي ينتمي له الصدر أيضاً، ويسعى لتشكيل الكتلة الأكبر بالبرلمان، الفصائلَ المسلحة الموالية لإيران بقتل المتظاهرين في المحافظة، بحجة الدفاع عن ممتلكات ومقرات الأحزاب السياسية.

ويقول الطائي لـ "عربي بوست"، إنه لا يعتقد أن تكون هناك نتائج إيجابية وملموسة للمواطنين بالبصرة: "هناك تحركات مشبوهة لأتباع الفصائل المسلحة الموالية للجمهورية الإيرانية، وهناك عدد من الفصائل المسلحة أعطت أوامر بضرب المتظاهرين بالسلاح الحي، إذا تعرّضت ممتلكات أو مقرات الأحزاب السياسية التي ينتمي لها هذا الفصيل المسلح لاعتداء من قبل المتظاهرين".

وأضاف: "إذا نجح تحالف الفتح، الجناح السياسي للفصائل المسلحة في تشكيل الكتلة الأكبر والحكومة العراقية، فإنه سيستخدم القوة المفرطة والقتل وقمع المتظاهرين، أما إذا شكل سائرون ومن معه الحكومة، فستقوم هذه الفصائل الموالية لإيران بتأجيج الشارع ضد الحكومة، بحجة المطالبة بالخدمات لإسقاط الحكومة العراقية".

وهنا يقول الصحافي والناشط المدني علي يساس لـ "عربي بوست"، حتى اللحظة لا أحد يستطيع الجزم بمشاركة عناصر من الميليشيات المسلحة في قمع التظاهرات، "لكن من المؤكد أن تكون هناك ولاءات داخل المؤسسة العسكرية لبعض الجهات السياسية، هذا قد يدفعهم لبعض التصرفات العدائية تجاه المتظاهرين، وبعضهم يتلقى الأوامر من الضباط أو المسؤول المباشر لقمع التظاهرات".

وأوضح أن "قائد عمليات البصرة جميل الشمري لم يحسن التصرف ولا التعامل مع المتظاهرين، بالتالي أفلت زمام الأمور من يده، ولم يحتوي الموقف ولا هو ولا رئيس الوزراء ولا محافظ البصرة، جميع هؤلاء يتحملون مسؤولية ما يحدث في البصرة من إراقة الدماء ونقص الخدمات"، على حد تعبيره.

ما يحدث في البصرة يؤثر على الاقتصاد العراقي

وأوضح يساس أن ما يحدث حالياً في البصرة يؤثر على الاقتصاد العراقي، باعتبارها المحافظة الاقتصادية وشريان البلاد.

"هذا سيؤثر أيضاً على المحافظات الجنوبية، قد نشهد في الأيام المقبلة تظاهرات غاضبة في عدد من المحافظات العراقية، الوضع في العراق لا يختلف كثيراً عن البصرة، جميع المحافظات تعاني من البطالة ونقص الخدمات والفساد والمحسوبية، وسيطرة الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة والميليشيات على دوائر ومؤسسات الدولة العراقية".

ميليشيات إيرانية أطلقت النار على المتظاهرين في البصرة

إلى ذلك أفاد حسين رحيم، أحد المتظاهرين في البصرة "عربي بوست"، أن مَن وصفهم بـ "جماعات مسلحة ترتدي زي الأجهزة الأمنية العراقية"، قامت بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين والقوات الأمنية، قرب مبنى المحافظة، هذا أدى إلى مقتل وإصابة عدد من المتظاهرين، من بينهم عناصر بالأجهزة الأمنية.

وأوضح المتظاهر أن "هؤلاء المسلحين يرتدون زي قوات الشغب، التابعين إلى إحدى الميليشيات المسلحة الموالية لإيران، متهماً بقتل المتظاهرين وافتعال الفوضى في البصرة، للتأثير على الوضع السياسي والاقتصادي والسيطرة على العراق".

أما القائد العام للقوات المسلحة العراقية ورئيس الوزراء حيدر العبادي، فقد أعطى أوامر بإجراء تحقيق عاجل للوقوف على تفاصيل التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي تشهدها محافظة البصرة.

اقرأ أيضاً

الحكومة استخدمت الرصاص الحي.. مقتل متظاهرَيْن اثنين بالبصرة.. وغاضبون يُضرمون النار بمبنى المحافظة

إيقاف إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين

وقال مسؤول في مكتب العبادي لـ "عربي بوست"، إن رئيس الوزراء حيدر العبادي أصدر أوامره خلال اللقاء بالمسؤولين ومحافظ البصرة مساء الثلاثاء، بعدم إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، إلا أن العبادي اتّهم بعض الجهات السياسية "لم يسمّها" بنشر مشروع طائفي، وتأجيج الشارع لنشر الفتنة وصب الزيت على النار، لإحداث التصادم بين الأجهزة الأمنية والمتظاهرين.

ولفت المسؤول إلى أن "المسؤولين تقدَّموا بطلب إلى العبادي لزيارة البصرة وإقالة قائد العمليات الفريق الركن جميل الشمري، وبعض الضباط والمسؤولين في المحافظة، بعد أحداث البصرة ومقتل وجرح العشرات من المتظاهرين واحتراق مبنى المحافظة وعدد من الدوائر الحكومية".

القوات تركت آلياتها

يقول الناشط والمتظاهر حسن طعمة لـ "عربي بوست"، إن "عدداً من قطعات الجيش العراقي رفضوا الاستجابة لأوامر قائد عمليات البصرة، واستخدموا القوة في فض التظاهرات في منطقة الهارثة والقرنة بمحافظة البصرة، وتركوا الآليات والمعدات العسكرية أمام المتظاهرين، والبعض منهم خرجوا من المدينة باتجاه مركز المحافظة".

ويضيف أن "بعضاً من الآليات العسكرية لا تزال موجودة لدى أبناء العشائر، لم تتعرض للنهب أو الاعتداء والمصادرة، ستتم إعادتها إلى الجيش العراقي بعد انتهاء التظاهرات، واستجابة الحكومة لمطالب المتظاهرين".

علامات:
تحميل المزيد