أولى أزمات ترمب المتعمَّدة كانت مباشَرة بعد حفل تنصيبه.. كيف زعم الرئيس الأميركي «زوراً» أَّنه جذب أكبر جمهور في التاريخ! 

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/06 الساعة 20:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/06 الساعة 20:38 بتوقيت غرينتش
President Donald Trump delivers remarks and signs an executive order in Charlotte, NC

حرَّر مصورٌ يعمل لدى الحكومة الأميركية صوراً رسمية تخص حفل تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، لجعل الحشود تبدو أكبر، وذلك بعد تدخُّل شخصي من الرئيس الأميركي ، وفقاً لوثائق حديثة.

وذكر تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية أن المصور قصَّ مساحةً ليس بها حشود من الصورة، "حيث انتهى الجمهور"، لتظهر مجموعة جديدة من الصور التي طلبها ترمب في صباح اليوم الأول من توليه الرئاسة، بعدما أثارت غضبه الصورُ التي ظهر فيها أنَّ عدد جمهوره أقل مِن عددِ من حضروا تنصيب باراك أوباما عام 2009.

أولى الأزمات المتعمَّدة خلال حفل تنصيب دونالد ترمب

ووردت تلك التفاصيل في تقارير تحقيقات حصلت عليها صحيفة The Guardian البريطانية، بموجب قانون حرية تداول المعلومات، من المفتش العام لوزارة الداخلية الأميركية. سلَّطت تلك التفاصيل مرة أخرى الضوء على أولى الأزمات المتعمَّدة للرئيس ترمب، عندما زعم البيت الأبيض زوراً أنه جذب أكبر جمهور حضر حفل تنصيب دونالد ترمب في التاريخ.

وتسرد التسجيلات بالتفاصيل حدوث تخبُّط داخل إدارة المتنزهات الوطنية في 21 يناير/كانون الثاني عام 2017، بعد مكالمة هاتفية في الصباح الباكر بين الرئيس الأميركي ومايكل رينولد مدير إدارة المتنزهات الوطنية. كذلك أشارت التسجلات إلى أنَّ شون سبايسر، السكرتير الصحافي للبيت الأبيض آنذاك، هاتف مسؤولي الإدارة أكثر من مرة في ذلك اليوم؛ لكي يبحثوا عن الصور الأكثر إطراءً لترمب.

لكن لم يتضح أي من الصور عُدلِّت وإذا ما كانت قد نُشرت أم لا

لم ترِد التفاصيل التي كُشف عنها مؤخراً، في التقرير النهائي لمكتب المفتش العام بشأن التحقيق في الملحمة، التي نُشرت في يونيو/حزيران 2017، والتي قدمت رواية مختلفة لتصرفات مصور إدارة المتنزهات الوطنية خلال حفل تنصيب الرئيس الأميركي .

بحلول الوقت الذي تحدث فيه ترمب على الهاتف مع رينولدز في صباح اليوم التالي للتنصيب، منذ ذلك الوقت وحتى الآن وصور متنزه ناشيونال مول تنتشر على الإنترنت، مبرهنةً على أنَّ حشد ترمب لم يصل إلى عدد ذلك الذي حضر مراسم تنصيب أوباما. أعاد الحساب الرسمي لإدارة المتنزهات الوطنية على "تويتر" نشر تغريدة لمراسل تضم صورتين بخصوص ذلك الشأن، حيث ظهرت صورة قبل التعديل وبعده لزيادة عدد الحشود.

فهل طلب الرئيس الأميركي صوراً تُظهر حشوداً أكبر ؟

أخبرت إحدى مسؤولات الاتصالات بإدارة المتنزهات الوطنية، والتي حُجب اسمها في الملفات التي صدرت، المحققين بأنَّ رينولدز اتصل بها بعد حديثه مع الرئيس الأميركي وقال إنَّه يريد صوراً من حفل تنصيب دونالد ترمب . وقالت: "وصلني الانطباع بأنَّ الرئيس أراد رؤية صور يظهر فيها عدد أكبر من الجمهور"، وأنَّ تلك الصور التي نُشرت حتى الآن ظهرت بها "الكثير من المناطق الفارغة (من الحشود)".

قالت مسؤولة الاتصالات إنَّها "افترضت" أنَّ الصور التي طلبها ترمب "بحاجة إلى القص"، ولكن رينولدز لم يطلب ذلك تحديداً. ثم اتصلت بمصور إدارة المتنزهات الذي غطى الحدث، في اليوم السابق لذلك.


مسؤول كبير من داخل البيت الأبيض يكشف: هكذا نقوم بإفشال ترمب وإحباط مخططاته


وأخبرت مسؤولة ثانية من قسم الشؤون العامة بالإدارة المحققين، بأنَّ شون سبايسر اتصل بمكتبها، في صباح يوم 21 يناير/كانون الثاني، وطلب الصور التي "تعرض بدقةٍ حجم الحشد (الذي حضر) التنصيب".

ومن وِجهة نظر تلك المسؤولة، بات طلب شون "طلباً من إدارة المتنزهات الوطنية بتقديم الصور الفوتوغرافية التي يظهر فيها الحشد الذي حضر حفل تنصيب دونالد ترمب وهو يملأ أغلبية الفراغ في الصور". وأخبرت المحققين بأنَّها أيضاً اتصلت بمصور الإدارة لطلب لقطات إضافية.

وبالفعل فالبيت الأبيض توصل إلى صور "مُعدلة"

أخبر مصور الإدارة، الذي حُجب اسمه أيضاً، المحققين بأنَّه تلقى اتصالاً من مسؤولٍ مجهول الهوية وطلب "كل الصور التي تعرض أحجام الحشد الذي حضر التنصيب". وبعد أن قدَّم 25 صورةً ليوم التنصيب، طُلب منه العودة إلى مكتبه و"تعديل مزيد من الصور"، ليقدمها مرة أخرى.

وذكر المحققون أنَّه "قال إنَّه عدَّل صور التنصيب ليجعلها تبدو أكثر تناسقاً عن طريق قَص السماء وأسفل الصورة، حيث انتهى الحشد الواقف. وقال إنَّه فعل ذلك حتى يبدو عدد الحشد أكبر".

قال المحققون إنَّ المصور أعتقد أنَّ قص أجزاء من الصور هو "ما طلبه منه" المسؤول، ولكن المسؤول "لم يطلب منه تحديداً قص الصور لإظهار عدد أكبر من الجمهور".

ورد في ملخص للتقرير النهائي للمفتش العام أنَّ المصور أخبر المحققين بأنَّه "اختار عدداً من الصور، بناءً على حُكمه المهني، والتي ركزت على منطقة متنزه ناشيونال مول، حيث كان يقف أغلب الحشد".

وقالت نانسي دي باولو، وهي ناطقة باسم المفتش العام، رداً على طلب تفسير التناقضات، إنَّ القص من صور حفل تنصيب دونالد ترمب لم يرِد في التقرير النهائي؛ لأنَّ المصور أخبر المحققين بأنَّ ذلك كان "ممارسته الجمالية الاعتيادية". ولكن المحققين لم يشيروا إلى ذلك في التقرير الكتابي للمقابلة.

وروَّج لفكرة "أكبر جمهور يحضر حفل تنصيب على الإطلاق"

ذكرت الملفات التي صدرت حديثاً، أنَّ شون كان متورطاً -على نحو مباشر- في الجهود الرامية إلى الحصول على المزيد من الصور الإيجابية. وهاتف رينولدز مباشرة بعدما تحدث مدير الإدارة مع الرئيس الأميركي ، ثم اتصل به مرة أخرى في الساعة الثالثة عصراً، أي قبل إرسال المجموعة الجديدة من صور حفل تنصيب دونالد ترمب بقليل إلى البيت الأبيض، حسبما سمع المحققون. وأفاد مسؤول آخر بأنَّه تلقى اتصالاً من شون سبايسر.

وفي نحو الساعة 5:40 من مساء ذلك اليوم، عقد شون مؤتمراً صحافياً معروفاً على نحو سيئ في البيت الأبيض، قال فيه زوراً: "كان هذا أكبر جمهور شهده التاريخ يحضر حفل تنصيب على الإطلاق". ولم تردَّ متحدثة باسم سبايسر على طلب للحصول على تعليق.

كان الدافع وراء تحقيق المفتش العام هو شكوى قُدِّمت عن طريق موقع المكتب في فبراير/شباط عام 2017، تزعم أنَّ مسؤولي إدارة المتنزهات الوطنية حاولوا تقويض الرئيس الأميركي وسرَّبوا تفاصيل اتصال ترمب مع رينولدز إلى صحيفة Washington Post الأميركية، حيث نُشرت للمرة الأولى. لم يجد المفتش العام أي دليل يثبت صحة تلك المزاعم.

طالبت صحيفة The Guardian، في طلبها الذي قدمته في يونيو/حزيران، للحصول على التفاصيل بموجب قانون حرية المعلومات، بالكشف عن هوية صاحب الشكوى الذي أثار تحقيق المفتش العام. ولكن كل ذلك، والشكوى بأكملها، ظل محجوباً في الوثائق الصادرة.

علامات:
تحميل المزيد