أعمال العنف تنسف الهدنة داخل ائتلاف ميركل.. ووزير الداخلية الألماني: الهجرة هي أساس المشاكل كافة

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/06 الساعة 13:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/06 الساعة 13:51 بتوقيت غرينتش
مظاهرات لليمين المتطرف في ألمانيا (أرشيف)/ رويترز

انهارت الهدنة الهشة داخل ائتلاف المستشارة الألمانية انجيلا ميركل للمحافظين، الخميس 6 سبتمبر/أيلول 2018، بعد أن دافع وزير داخليتها المتشدد، هورست سيهوفر، عن الاحتجاجات الأخيرة التي تخللتها أعمال عنف قام بها أشخاص من النازيين الجدد ووصف الهجرة بأنها "أُمُّ جميع المشاكل السياسية".

ويأتي ذلك بعد شهرين من تهديد سيهوفر بنسف ائتلاف ميركل الحاكم؛ بسبب قضية الحدود الحساسة.

وانتهى الهدوء الذي ساد خلال أيام العطلة أواخر أغسطس/آب 2018، بعد مقتل شاب ألماني (35 عاماً)، طعناً بمدينة كيمنتس الشرقية. ويشتبه في أن عراقيَّين وسوريّاً من طالبي اللجوء ارتكبوا الجريمة.

أحداث مدينة كيمنتس الألمانية جلبت النقد الشديد للمهاجرين

كانت مدينة كيمنتس قد شهدت خلال الأيام الماضية، مظاهرات عنيفة معادية للأجانب على خلفية مقتل المواطن الألماني "دانيل هـ." طعناً خلال عراك مع أفراد مهاجرين.

ويقبع منذ نحو أسبوع، شخصان (22 و23 عاماً) بالسجن على ذمة التحقيق في القضية.

وكانت السلطات الألمانية ذكرت من قبلُ أن أحد المتهمين سوري والآخر عراقي، إلا أنها أعلنت اليوم أن هذه البيانات لم تؤكد بعد.

وذكرت وزارة الداخلية الألمانية أن السوري المشتبه فيه حصل في سبتمبر/أيلول عام 2015، "في إجراءات كتابية، على اعتراف باللجوء"، إلا أن بيانات هويته مستمدة من الإفادات التي أدلى بها.

وأضافت الوزارة أن الهيئة الاتحادية لشؤون الهجرة واللاجئين بصدد التحقق من صحة بيانات اللاجئ، الذي يُدعى "علاء س".

وبحسب بيانات الوزارة، قدَّم المشتبه فيه الثاني "يوسف أ."، خلال جلسة استماع في إطار إجراءات اللجوء في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بطاقة هوية عراقية ووثائق أخرى اتضح بعد ذلك أنها "مزورة بالكامل"، إلا أن نتائج المراجعة التقنية للوثائق من قِبل الهيئة لم تُقدَّم إلا في يونيو/حزيران 2018. وتم رفض طلب لجوء "يوسف أ." في تلك الأثناء، إلا أنه يمكن الطعن على هذا القرار.

وكانت مجموعات من اليمين المتطرف والسكان المحليين خرجت إلى الشوارع في الأيام التي تلت حادث الطعن، ورفع المحتجون أيديهم بالتحية النازية المحظورة، وهاجموا العديد من الأشخاص الذين تدلّ ملامحهم على أنهم أجانب.

ويواجه وزير الداخلية الألماني دعوات بإدانة مشاهد الغوغاء

وواجه وزير الداخلية، هورست سيهوفر، بوصفه المسؤول الأعلى عن تطبيق القانون في البلاد، دعوات لإدانة المشاهد البشعة للغوغاء، الذين هاجموا كذلك صحافيين ورجال شرطة.

ولم يدلِ الوزير بأي تصريح حتى الخميس 6 سبتمبر/أيلول 2018، وأدلى بتصريحات قوية في مقابلة دافع خلالها عن التظاهرات، ولكنه انتقد الإخلال بالسلم.

وقال لصحيفة "راينيشه بوست" اليومية: "هناك استياء وغضب بين الناس بسبب حادث القتل، وهو أمر أتفهمه".

وأضاف: "لو لم أكن وزيراً لكنت خرجت إلى الشوارع بصفتي مواطناً، ولكن بالطبع ليس مع المتطرفين".

وأكد سيهوفر أن "لا تسامح مع القوى التي تستغل هذه التطورات للدعوة إلى العنف أو ترتكبه بالفعل، وضمن ذلك ضد الشرطة".

وأضاف: "هذا أمر غير مقبول بالمرة، لا توجد منطقة رمادية".

إلا أن سيهوفر، أكبر منتقد في الائتلاف الحكومي لسياسة ميركل الليبرالية بشأن اللاجئين، أعرب عن تعاطفه مع الغضب الذي أشعل التظاهرات.

وقال: "مسألة الهجرة هي أُمُّ جميع المشاكل السياسية في هذا البلد. لقد واصلت قول ذلك على مدى 3 سنوات"، أي منذ أن فتحت ميركل حدود بلادها لأكثر من مليون طالب لجوء، في حين أغلقت دول الاتحاد الأاوروبي الأخرى أبوابها أمامهم.

وتلتقي تصريحات سيهوفر مع تصريحات وزير داخلية إيطاليا ماتيو سالفيني، الذي قال إن ميركل "أساءت تقدير" المشاكل التي تسببها الهجرة الجماعية.

ويواجه حزب "الاتحاد المسيحي الاجتماعي" الذي ينتمي إليه سيهوفر انتخابات حاسمة في مقاطعة بافاريا الشهر المقبل (أكتوبر/تشرين الأول 2018)، حيث يواجه منافسة قوية من حزب "البديل من أجل ألمانيا" للاحتفاظ بأغلبيته.

ومن الواضح أن سيهوفر عبّر عن رأيه المناقض لرأي ميركل في أحداث مدينة كيمنتس وعينه على هذه الانتخابات.

ونقل عنه الإعلام الألماني قوله في وقت متأخر من الأربعاء 5 سبتمبر/أيلول 2018، إن حكومة ميركل سارعت إلى انتقاد الاحتجاجات، وإنه انتظر حتى يحصل على "معلومات موثوقة" للتعليق.

وفي اليوم نفسه، نفى رئيس وزراء مقاطعة ساكسونيا، مايكل كريتشيمر، في كلمة أمام مجلس المقاطعة، الأربعاء، أن يكون المتطرفون أشاعوا الفوضى في مدينة كيمنتس.

وقال: "لم تكن هناك غوغاء، ولم تحدث مطاردة للأجانب، ولم تحدث أعمال وحشية بحق مجموعة معينة".

وأثارت تصريحاته انتقادات بأنه يقلل من مشكلة اليمين المتطرف في منطقته.

وتسببت قضية الهجرة في خلاف عميق بألمانيا

وأعربت ميركل مراراً عن صدمتها بشأن المشاهد المؤلمة في مدينة كيمنتس، والتي صُوِّرت بالفيديو أو وصفها العديد من الضحايا لوسائل الإعلام.

وأكدت الأربعاء 5 سبتمبر/أيلول 2018، أن "الصور التي شاهدتها تُظهر بوضوحٍ مطاردات وملاحقات مليئة بالكراهية لأشخاص أبرياء".

وتسببت قضية الهجرة في خلاف عميق بألمانيا، وأضعفت ميركل التي تقود البلاد منذ 13 عاماً. ويقول معظم المراقبين إن ولايتها الحالية (الرابعة) ستكون الأخيرة على الأرجح.

ورغم أن أعداد المهاجرين الواصلين إلى ألمانيا انخفضت كثيراً عن ذروتها في 2015-2016، فإن ميركل أُجبرت على تقديم تنازلات كبيرة إلى سيهوفر في يوليو/تموز 2018، لاستيعاب رفضه التوصل إلى اتفاقات ثنائية مع شركائها في الاتحاد الأوروبي لاستقبال طالبي لجوء وصلوا إلى ألمانيا بعد ذلك التاريخ.

وحصلت تعبئة في صفوف منتقدي ميركل بسبب سلسلة من الجرائم يُتَّهم بها مهاجرون، لكن المدافعين عن موقف ميركل بشأن اللاجئين حشدوا قواهم كذلك.

وحضر نحو 65 ألف شخص حفلاً موسيقياً ضد العنصرية في مدينة كيمنتس الإثنين 3 سبتمبر/أيلول 2018، جرى دون أي حوادث.

وفي وقت متأخر من الأربعاء، خرج نحو 10 آلاف شخص إلى شوارع هامبورغ ضد تجمُّع جرى تحت عنوان "ميركل يجب أن تذهب"، شارك فيه نحو 150 متظاهراً فقط

علامات:
تحميل المزيد