إطلاق حركة «انهضوا» الألمانية المعادية للأحزاب المتطرفة.. تيار يساري جديد يستهدف المهمَّشين والمقاطعين للانتخابات

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/05 الساعة 17:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/05 الساعة 17:28 بتوقيت غرينتش

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، عن ظهور حركة يسارية جديدة في ألمانيا، تسمى حركة أوفشتين AUfstehen الألمانية أو حركة انهضوا تستهدف اليسار الألماني والمناهضين للمستشارة أنغيلا ميركل.

وقالت The Guardian البريطانية، إن إطلاق حركة أوفشتين "Aufstehen" الألمانية يذكرنا بمنظمة مومينتوم، التي أسسها جيرمي كوربين، وحزب بوديموس في إسبانيا، وحزب ائتلاف اليسار الراديكالي "سيريزا"، في اليونان، وحزب فرنسا الأبية بزعامة جان لوك ميلنشون.

إذا نجحت حركة أوفشتين في تحقيق هدفها، المتمثل في توحيد اليسار الألماني وإعادة تقديمه، يمكن أن يعني ذلك انضمام أكبر اقتصاد في أوروبا إلى الدول الأخرى، فيما يتعلق بوجود أحزاب قومية مناهضة للمؤسسات السياسية الراسخة، ومتشكّكة في فكرة الاتحاد الأوروبي من كلا طرفي طيف التيارات السياسية، أحزاب تتشارك معارضتها للنخب الليبرالية والعولمة والهجرة المفرطة، وحتى حلف شمال الأطلسي

في الوقت الحالي، تُعد حركة أوفشتين انعكاساً كبيراً لأفكار مؤسسيها، لا سيما سارا فاغنيخت الداعية للاستقطاب.

تخاطب الحركة الجديدة أولئك الذين فقدوا الثقة في ميركل ويقاطعون الانتخابات

وتخاطب هذه الحركة الجديدة أنصار اليسار والحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر، وجميعهم من الذين خابت آمالهم بعد 13 عاماً من حكم المستشارة أنجيلا ميركل، فاتجهوا إلى اليمين المتطرف، أو باتوا يقاطعون الانتخابات.

والهدف النهائي هو تشكيل "غالبية سياسية جديدة وحكومة جديدة ذات جدول أعمال اجتماعي"، على ما أوضحت مؤسسة الحركة ورئيسة كتلة حزب اليسار في البرلمان الألماني سارة فاغنكنيشت، وهي شخصية معروفة ومثيرة للجدل، على غرار زوجها أوسكار لافونتين، الوزير السابق من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي ساهم في تأسيس "دي لينكه".

وتبدو الظروف مواتية لمثل هذا التحرك، إذ بات الألمان يضعون المواضيع الاجتماعية في طليعة مطالبهم، إلى جانب سياسة الهجرة، بحسب ما كشف استطلاع للرأي أجرته مؤخراً شبكة "آ أر دي" التلفزيونية.

كما كتبت مجلة شبيغل المرموقة تقول، إنه بات ضرورياً وجود حركة يسارية قوية لمواجهة صعود اليمين المتطرف، المتمثل بحزب البديل من أجل ألمانيا، المعادي للأجانب والمسلمين، والمنتقد بشدة للاتحاد الأوروبي.

 فإصرارها على وجوب إيلاء اليسار الألماني اهتماماً أكبر بغضب الطبقة العاملة الألمانية تجاه الهجرة يُضعف أوجه التشابه الكامنة بين حركتها والأحزاب التي أسسها جيرمي كوربين وبيرني ساندرز.

وصف البعض سارا بأنَّها تسعى لتكوين ائتلاف من "اليساريين والإسلاميين"، في إشارةٍ إلى حزب البديل من أجل ألمانيا، وهو ثاني أكبر حزب في البلاد بناءً على استطلاعات الرأي.

ربما تجعلها أفكارها أقرب إلى حركة Blue Labour، الحركة شبه الميتة التي أنشأها اللورد غلاسمان، الذي كان في وقتٍ ما مستشاراً لإد ميليباند.

وتنتهج الحركة الحملات الرقمية على الإنترنت وتتشابه مع حركة النجوم الـ5 الإيطالية

وتتشابه الأساليب التي تتبعها منظمة أوفشتين، التي تؤمن بشدة بالحملات الرقمية على الإنترنت، مع أساليب حركة النجوم الـ5 الإيطالية.

وتشبه فكرة إطلاق الحركة -ربما كتمهيدٍ لإنشاء حزب- ما حدث مع حركة إيمانويل ماكرون "إلى الأمام"، وأيضاً حزب بوديموس الإسباني.

وتمثل نزعة الحركة الخاصة للغاية مصدر قلق مشتركاً لدى اليسار الأوروبي: وقف خسارة أصوات الطبقة العاملة، التي أصبحت تتجه للامتناع عن التصويت أو إلى اليمين. فهدفها هو المهمشون.

وتقول سارا فاغنيخت نفسها، إنَّ مصدر الإلهام لحركة أوفشتين كان حزب فرنسا الأبية، الحركة اليسارية الشعبية التي أسسها ميلنشون، الذي كان مرشحاً في آخر انتخابات رئاسية بفرنسا.

ميلنشون هو سيناتور سابق يبلغ من العمر 65 عاماً، ووزير منتدب اشتراكي سابق، لا يعادي روسيا وينتقد حلف الناتو، ويريد من فرنسا أن تنسحب من معاهدات الاتحاد الأوروبي.

كان يوجه حديثه دائماً إلى الوافدين الجدد الأجانب، معلناً أنَّه "لم يكن أبداً مؤيداً لحرية الوصول"، وأنَّه لا يوافق على "سرقة المهاجرين لقوت" العمال الفرنسيين.

وتصرُّ سارا فاغنيخت على أنَّ الهدف من الحركة لا يتمثل في تشكيل حزب جديد، وإنَّما في لمِّ شمل اليسار المنقسم، بما في ذلك الحزب اليساري الألماني الذي تنتمي له، وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني.

لكن يغلب طابع التشاؤم على بعض حديثها، ويتعلق في المقام الأول بالناخبين السابقين للحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، الذين اتَّجهوا للتصويت لحزب البديل من أجل ألمانيا.

فتقول على سبيل المثال: "تتغير ألمانيا في اتجاهٍ لا يريده الكثيرون". أصبح المناخ العام أكثر عنفاً وعدوانية، و"أصبحت البلاد مفكَّكة". وفي حالة عدم التدخل "سيصعب التعرف على تلك البلاد في غضون 5 إلى 10 أعوام".

كانت سارا تشعر بالتردد عند إطلاق حركتها، يوم الثلاثاء 4 سبتمبر/أيلول 2018، بشأن التركيز على الهجرة، موضحةً أن الهجرة المفرطة كانت تشكل ضغطاً على الخدمات العامة.

ويزعم منتقدوها أنَّها تهاجم مشكلاتٍ خيالية. فقالت في مقابلةٍ أخيرة على سبيل المثال، إنَّه إذا كان الشاغل الأساسي للسياسات اليسارية هو تمثيل المهمشين، إذاً فإنَّ فتح الحدود يعارض الموقف اليساري.

وقالت: "أُحرزت جميع النجاحات في ضبط وتنظيم الرأسمالية داخل الدول الفردية، والدول الفردية تملك حدوداً".

لكنَّها تقول إنَّ عدم المساواة كان سبباً سبب في الامتعاض والغضب الحالي، بنفس قدر تسبب الهجرة في ذلك.

وتضيف أنَّ ألمانيا مليئة بالتناقضات: "نحن نصنع آلات وسيارات مشهورة عالمياً، لكنَّنا في المقابل نرسل أبناءنا إلى مدارس متداعية، حيث لا يوجد معلمون ولا تُقام الحصص أحياناً كثيرة". وتُنقذ الحكومة البنوك وتدعم الشركات، لكنَّها غير مستعدة لحماية كبار السن من الفقر.

ويزعم منتقدوها الكثيرون من اليسار، أنَّها بعيداً عن توحيد اليسار، على مشارف تشكيل حزب رابع. وخطابها يؤدي لتدعيم خطاب حزب البديل من أجل ألمانيا، بدلاً من التصدي له.

علامات:
تحميل المزيد