نجح الفيسبوك فيما فشل فيه القذافي.. شبكات التواصل الاجتماعي صنعت الفرقة بين الليبيين، وباتت منصة لساحات القتال

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/04 الساعة 19:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/04 الساعة 19:19 بتوقيت غرينتش
Historic buildings, that were ruined during a three-year conflict, are seen in Benghazi, Libya February 28, 2018. Picture taken February 28, 2018. REUTERS/Esam Omran Al-Fetori

حين اجتاحت موجةٌ جديدة من القتال بين بعض الميليشيات المتناحرة العاصمة الليبية طرابلس في الأيام الأخيرة، متسببةً في هزةٍ قوية للحكومة الهشة المدعومة من الأمم المتحدة، حمل بعض المقاتلين البنادق ومنصات إطلاق الصواريخ وتوجّهوا إلى الشوارع، بينما ولج البعض الآخر إلى موقع فيسبوك.

وحسبما رصدت صحيفة The New York Times الأميركية، فبينما كانت الصواريخ تنهال على طرابلس، حيثُ ضربت فندقاً محبوباً لدى النزلاء الأجانب واضطرَّت المطار إلى الإغلاق، وفرَّ 400 سجين من أحد السجون، ظهرت معركةٌ موازية على الإنترنت.

إذ كتبت الجماعات المتناحرة منشوراتٍ تعج بالتفاخر والتهكُّم والتهديدات المخيفة، بينما تعهَّدت إحدى الجماعات بـ"تطهير" ليبيا من خصومها.

ونشر بعض "مقاتلي لوحات المفاتيح" كما يُعرَف المحاربون عبر موقع فيسبوك في ليبيا أخباراً مزيفة، أو تعليقاتٍ مفعمة بالكراهية.

تحظى الشبكات الاجتماعية بنفوذٍ كبير في ليبيا

حيث نشر البعض توجيهاتٍ لإرشاد أعوانهم في ساحات القتال، إذ نشرت إحدى مستخدمات الموقع على إحدى الصفحات النقاشية خرائط وإحداثيات للمساعدة في توجيه قنابل أعوانها نحو قاعدةٍ جوية تابعة للخصوم.

وكتبت المستخدمة التي تحمل اسم Narjis Ly في ذلك المنشور: "تبلغ المسافة من الإشارة الضوئية في وادي الربيع 18 كيلومتراً بالضبط إلى مدرج القاعدة، ما يعني إمكانية استهدافه بمدفع عيار 130 مم. الإحداثيات مُرفقة مع الصورة الموجودة بالأدنى".

وقالت الصحيفة الأميركية، تحظى الشبكات الاجتماعية بنفوذٍ كبير في ليبيا، التي تُعَد دولةً ذات كثافةٍ سكانية منخفضة لكنَّها تعاني تمزُّقاً حاداً عنيفاً بفعل عددٍ كبير من الجماعات المسلحة التي تتناحر على الأرض والشرعية، وتناضل في الشوارع وعبر الهواتف الذكية من أجل بسط هيمنتها.

لكنَّ موقع فيسبوك، الذي يُعَد أكثر الشبكات الاجتماعية شعبيةً حتى الآن، لا يعكس فقط حالة الفوضى، بل يمكن استخدامه في مضاعفة القوة.

إذ ذكرت بعض جماعات حقوق الإنسان والناشطين الليبيين، أنَّ بعض الجماعات المسلحة تستخدم موقع فيسبوك لاكتشاف المعارضين والنقاد، الذين تعرَّض بعضهم لاحقاً للاحتجاز أو القتل أو الإجبار على مغادرة البلاد.

ويتباهى القادة المختالون عبر الموقع بمآثرهم في ساحات المعارك وعطلاتهم المُترفة، أو يحشدون أنصاراً بزرع الانقسام والكراهية العرقية

بينما تنتشر وثائق مزورة على نطاقٍ واسع بهدف تقويض المؤسسات الوطنية القليلة المتبقية في ليبيا، لا سيما المصرف المركزي الليبي.

جديرٌ بالذكر أنَّ شركة فيسبوك تخضع لتدقيقٍ عالمي للتحقق من كيفية تسبُّب منصتها في تضخيم التلاعب السياسي والعنف.

وفي شهر يوليو/تموز، بدأت الشركة في إزالة المعلومات المُضلِّلة المنشورة على منصتها بعد الحوادث التي وقعت في سريلانكا وميانمار والهند، حيث أدت شائعاتٌ منشورة على الإنترنت إلى وقوع عنفٍ واقعي ضد أقلياتٍ عرقية.

صور حصرية للمعارك داخل أزقة حي المغار في درنة حيث تجري المواجهة الأخيرة

صور حصرية للمعارك داخل أزقة حي المغار في #درنة حيث تجري المواجهة الأخيرة.

Geplaatst door ‎قناة الحدث Al Hadath‎ op Dinsdag 26 juni 2018

ومن المنتظر أن تدافع الرئيسة التنفيذية لشركة فيسبوك شيريل ساندبيرغ، يوم غد الأربعاء 5 سبتمبر/أيلول، عن جهود الشركة للحد من المعلومات الخاطئة وخطاب الكراهية أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، حيث ستُدلي بشهادتها إلى جانب جاك دورسي الرئيس التنفيذي لشركة تويتر.  

وتُصر شركة فيسبوك على أنَّها تفرض رقابةً صارمة على منصتها الصاخبة في ليبيا، إذ تُوظِّف فريقاً من مُراجعي المحتوى العربي لتطبيق سياساتها، وتطوِّر ذكاءً اصطناعياً لإزالة المحتوى المحظور قبل انتشاره، وتعقد شراكاتٍ مع منظماتٍ محلية وجماعاتٍ حقوقية دولية لفهم الوضع في ليبيا على نحوٍ أفضل.

وقالت متحدثةٌ باسم الشركة: "لا نسمح كذلك للمؤسسات والأفراد المشاركين في تهريب البشر أو العنف المنظم بالبقاء على شبكة فيسبوك".

وتنتشر الأنشطة غير القانونية على منصة فيسبوك في ليبيا

إذ وجدت صحيفة The New York Times الأميركية أدلةً على بيع الأسلحة العسكرية علانيةً على موقع فيسبوك، مع أنَّ سياسات الشركة تمنع مثل هذه التجارة.

بينما يُعلن بعض مُهربي البشر نجاحهم في مساعدة المهاجرين غير الشرعيين في الوصول إلى أوروبا بحراً، ويستخدمون صفحاتهم لحشد مزيدٍ من الأعمال.

وفي الواقع، فكل جماعةٍ مسلحة في ليبيا، وحتى بعض مراكز الاحتجاز التابعة لها، لديها صفحةٌ خاصة بها على فيسبوك.

جديرٌ بالذكر أنَّ إدارة فيسبوك أزالت العديد من الصفحات والمنشورات، بعدما أبلغت بها صحيفة The New York Times المتحدثة الرسمية، يوم الأحد 2 سبتمبر/أيلول، لكن تبقَّت صفحاتٌ ومنشورات أخرى.

وقال محمود شمام، وزير الإعلام الليبي السابق، الأسبوع الماضي، بينما كانت المعارك منتشرة في ضواحي طرابلس: "الحرب القذرة الأخطر تُشن الآن على شبكات التواصل الاجتماعي وبعض المنصات الإعلامية. كذب وتزوير وتضليل وخلط أوراق، جيوش إلكترونية يملكها الجميع ويستخدمها الجميع دون استثناء، إنها الحرب الأشد فتكاً".

وبطبيعة الحال، فقد أدلى شمام بهذا التصريح عبر موقع فيسبوك.

ورغم اتحاد الليبيين ضد القذافي، فقد جاء الفيسبوك وصنع الوحدة الآن

وقالت الصحيفة الأميركية، ساعد فيسبوك الليبيين على الاتحاد في عام 2011 للإطاحة بالعقيد معمر القذافي، الذي منع الناس على مرِّ عقود من شراء أجهزة الفاكس أو حتى الطابعات دون إذنٍ رسمي.

لكن حتى ذلك الوقت، كانت منصة فيسبوك عُرضةً لإساءة الاستخدام.

إذ أثارت بعض المنشورات المُحرِّضة عبر الشبكات الاجتماعية حملة كراهيةٍ وحشية، موجهة نحو من كانوا يُشتَبه في أنَّهم من أنصار القذافي، أسفرت عن ترحيل مهاجرين أفارقة أو إعدامهم، واضطرَّت جميع سكان بلدة تاورغاء البالغ عددهم 30 ألف نسمة إلى الفرار للنجاة بحياتهم. وحالياً، يعيش معظم سكان تاورغاء في مخيمات اللاجئين.

وقال فريد آبراهامز، أحد المديرين المساعدين في منظمة هيومن رايتس ووتش: "الطبيعة المغلقة للشبكات الاجتماعية التي تُروَّج فيها تلك المعلومات الزائفة وتتكرر أثَّرت بطرقٍ مميتة على هؤلاء الناس".

جديرٌ بالذكر أنَّ تأثير فيسبوك الهائل حالياً نتج إلى حدٍّ كبير من خللٍ وظيفي في ليبيا؛ فالبلاد بلا سلطة مركزية، وترتبط معظم المحطات التلفزيونية والصحف بجماعاتٍ مسلحة أو فصائل سياسية أو قوى أجنبية مثل قطر والإمارات العربية المتحدة.

ويقضي العديد من الليبيين ساعاتٍ طويلة داخل منازلهم، لأنَّهم قد يتعرضون للخطر إذا خرجوا منها. وربما تُقطع الكهرباء كذلك لمدة 12 ساعة في اليوم، لذا يلجأون إلى فيسبوك لمعرفة ما يجري.

وقال جلال حرشاوي، المحلل المقيم في العاصمة الفرنسية باريس، الذي يعمل مع مؤسسة شمال إفريقيا لاستشارات المخاطر: "ربما يكون الهاتف هو الشيء الوحيد الذي يعمل. الشعب جريحٌ بعدما عانى سنواتٍ من الأخبار المزورة في عهد القذافي، لذا فهو متعطشٌ للحقيقة".

وتستخدم الميليشيات الفيسبوك للوصول إلى المعارضين والخصوم السياسيين لها

ووفقاً للصحيفة الأميركية، قالت المتحدثة باسم فيسبوك إنَّ عدد مستخدمي فيسبوك في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يبلغ نحو 181 مليون شخص شهرياً.

وأجابت عن الأسئلة عبر البريد الإلكتروني، بشرط عدم الكشف عن هويتها تماشياً مع سياسة فيسبوك، التي قالت الشركة إنَّها وُضِعَت في الأساس لأسبابٍ أمنية. وبالنسبة للفصائل المسلحة الليبية، فوصول المنصة إلى هذا الكم من المستخدمين يجعلها أداة قوية للدعاية والقمع.

ففي مدينة بنغازي الليبية الشرقية، التي يهيمن عليها الرجل القوي خليفة حفتر، تعمل وحدة خاصة عبر الإنترنت تابعة لميليشياته تحت اسم الجيش الوطني الليبي على تمشيط فيسبوك، بحثاً عن علاماتٍ على المعارضة أو الإسلاميين المشتبه بهم.

وقد اعتُقِلَ بعضهم وسجنوا، بينما اضطر آخرون إلى الفرار من المدينة، وفقاً لما ذكرته جماعاتٌ حقوقية.

وثمة ضغوط مماثلة في طرابلس، حيث تصول ميليشيا قوة الردع الخاصة التي يقودها عبدالرؤوف كاره، القائد الديني المُحافظ وتجول في موقع فيسبوك بحماسٍ أخلاقي، يذكرنا بالشرطة الدينية السعودية التي كانت تحظى بهيبةٍ في الماضي.

وفي العام الماضي 2017، احتجزت قوة الردع الخاصة 20 مشاركاً في نسخةٍ ليبية من Comic-Con، مؤتمر مجلات الكوميك.

وقال بعض أعضاء الميليشيا إنَّهم غضبوا بسبب صورٍ على فيسبوك، تظهر شباباً ليبيين يرتدون أزياء شخصياتٍ مثل سبايدر مان والجوكر. وقال بعض المعتقلين إنهم تعرَّضوا للضرب في أثناء الاحتجاز.

وفي شهر أغسطس/آب من عام 2017، تعرَّضت كاتبةٌ تدعى ليلى مغربي لعاصفةٍ من الهجماتٍ عبر فيسبوك، بسبب مجموعةٍ من القصص القصيرة والأشعار التي ألَّفتها.

وجاء في إحدى الرسائل التي وجِّهت إليها: "أتمنى أن تتعرضي للقتل لا الاعتقال". بينما أدان ثلاثة رجال دين مسلمين ليلى في خطبٍ مدوية انتشرت على فيسبوك، ثم انتشر خبرٌ بأنَّ قوة الردع الخاصة ستعتقلها، فقفزت داخل سيارة مع زوجها وأولادها وسافروا إلى تونس، وقالت عبر الهاتف: "تركنا كل شيء وراءنا حرفياً".

بينما لم يتمكن آخرون قط من السفر خارج البلاد، إذ قالت منظمة العفو الدولية إنَّ الناشط جبار زين (30 عاماً)، الذي كان بارزاً على موقع فيسبوك، لم يُر منذ اختطفته إحدى الميليشيات، في سبتمبر/أيلول من عام 2016، وأضافت أنَّه كان مستهدفاً بسبب تصريحاتٍ أدلى بها على فيسبوك. جديرٌ بالذكر أنَّ منظمة العفو الدولية وثَّقت عدة حالاتٍ من هذا النوع.

وفي عام 2014، قتل إسلاميون مشتبه بهم في بنغازي، ناشطيْن علمانييْن في سن المراهقة، وهما توفيق بنسعود وسامي الكوافي، بعد نشر اسميهما على قائمةٍ لأشخاصٍ مطلوب قتلهم على موقع فيسبوك.

وشهد الإنترنت تفاخراً وتهديداتٍ تُنذر بالقتال

كان القتال في طرابلس على مرِّ الأسبوع الماضي هو الأسوأ منذ سنوات، إذ أسفر عن مقتل 47 شخصاً على الأقل، من بينهم أطفال، وأكثر من 130 جريحاً، وفقاً لما ذكره مسؤولون صحيون.

بينما فرَّ ما لا يقل عن 400 سجينٍ من أحد السجون، يوم الأحد، بعدما تغلَّب السجناء على الحراس. وتشكّل الفوضى تهديداً متزايداً لحكومة الوحدة التي تحظى بدعمٍ من الأمم المتحدة، التي أعلنت حالة الطوارئ في العاصمة الليبية.

وشهد الإنترنت تفاخراً وتهديداتٍ تُنذر بالقتال.

مع أنَّ طرابلس بدت هادئةً في العام الحالي، نَمَت حالةٌ من القلق العام تجاه الميليشيات الأربع الكبيرة التي تسيطر على المدينة، تحت مظلة حكومة الوحدة الهشة التي يرأسها فايز سراج.

 إذ يعتبر الكثيرون أنَّ قادة الميليشيات فاسدون ولا يخضعون للمساءلة، ويستغلون وصولهم إلى المصرف المركزي لشراء دولاراتٍ أميركية بسعر الصرف الرسمي، وهو أرخص بخمس مراتٍ من سعر الشارع.

ولفت الانتباه هيثم التاجوري، أحد قادة الميليشيات، بنشر صورٍ على موقع فيسبوك يتباهى فيها بنمط حياته المُترف وعطلاته الخارجية، وحُلَّاتٍ من أشهر العلامات التجارية، وسيارته الرياضية المُصفَّحة متعددة الأغراض، في وقتٍ يشهد غرق الكثير من الليبيين في ضائقةٍ اقتصادية.

ساعدت مثل هذه العروض التفاخرية في تأجيج مشاعر الاستياء بين المجموعات المتنافسة، الساعية للمشاركة لأخذ نصيبٍ من الكعكة، حتى تفجَّر هذا الاستياء في الأسبوع الماضي، حين شنَّت هجوماً على العاصمة ميليشيا تحمل اسم "الكانيات" من بلدةٍ تدعى "ترهونة"، تقع على بعد 45 ميلاً (72.4 كيلومتر) جنوب شرقي طرابلس.

وبينما انخرط مقاتلو الكانيات في معارك مدفعية في الضواحي الجنوبية، سعت الميليشيا إلى استغلال الغضب العام باستنكار الجماعات المنافسة لها ووصفها بـ"داعش المال العام"، ووعدت "بتطهير" ليبيا منها.

وقال حرشاوي إنَّ دوافع الفصائل الليبية لا تقتصر على ما تراه على موقع فيسبوك، لكنَّه أضاف: "يمكن أن يكون ذلك كالقشة التي قسمت ظهر البعير".

يُذكَر أنَّ موقع فيسبوك توقَّف عن العمل فجأةً في طرابلس، عصر يوم أمس الإثنين 3 سبتمبر/أيلول. وقالت شركة ليبيا للاتصالات والتقنية المسؤولة عن تقديم خدمة الإنترنت في البلاد، إنَّها تحقق في الحادث، وأصرَّت على أنَّها لم تحجب الموقع.

ورغم الرقابة فإن الليبيين قادرون على التغلب على قوانين الفيسبوك

حيث توظف شركة فيسبوك مراجعين للمحتوى العربي لإزالة المحتوى غير القانوني والممنوع على الصفحات والحسابات الليبية، وذلك ضمن فريقٍ عالمي يعمل بأكثر من 50 لغة، وفقاً لما ذكرته الشركة.

وقالت المتحدثة باسم الشركة: "نعمل بجد للحفاظ على أمان موقع فيسبوك، ومنع الناس من استخدام أدواتنا لنشر الكراهية أو التحريض على العنف"، وأضافت أنَّ الشركة تتعاون مع أكاديميين وبعض جمعيات المجتمع المدني من أجل "فهم القضايا والسياقات المحلية فهماً أفضل، حتى نتمكن من اتخاذ إجراءاتٍ أكثر فاعلية ضد الأطراف السيئة على الموقع".

الميليشيات في ليبيا
الميليشيات في ليبيا

لكنَّ الليبيين بارعون في التحايل على مثل هذه الضوابط، إذ غالباً ما يأخذ المستخدمون لقطاتٍ مصوَّرة من المنشورات المثيرة للنزاع، ويعيدون نشرها كصورٍ في حال إزالة النص الأصلي من جانب المشرفين على الموقع.

ومع أنَّ إدارة فيسبوك تحظر المتاجرة في الأسلحة النارية بين الأفراد على منصتها، تُقدِّم العديد من الصفحات نفسها على أنَّها أسواق إلكترونية للأسلحة.

ففي صفحة تحمل اسم "سوق ليبيا للأسلحة"، يُعلن الباعة عن رشاشات ومدافع مضادة للطائرات وقذائف مدفعية.

وفي الشهر الماضي أغسطس/آب على سبيل المثال، نشر أحد المستخدمين صورةً لرشاشٍ روسي من طراز PM قائلاً: "أرسِلْ لي رسالة إذا كنت جاداً بشأن الشراء".

وقالت إدارة فيسبوك، يوم أمس، إنَّها حذفت تلك المنشورات، بالإضافة إلى صفحتين أخريين ذكرت صحيفة The New York Times الأميركية أنَّهما أعلنتا خدماتٍ لتهريب البشر وإرسال مهاجرين غير شرعيين بحراً إلى أوروبا. وقالت المتحدثة: "نحقق في الأمر لنفهم لماذا لم نتخذ إجراءً عاجلاً".

يُذكر أنَّ إدارة فيسبوك طوَّرت أدواتٍ تبحث عن المحتوى المحظور، وتُمكِّن المشرفين من إزالته.

وقالت المتحدثة إنَّ هذه الأدوات أبلغت عن 85% من منشورات "المحتوى العنيف" التي أزيلت أو مُنِحَت علامةً تحذيرية في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2018.

لكنَّ الأدوات تجد صعوبةً بالغة لتحديد المخالفات غير الواضحة مثل خطاب الكراهية أو التهديدات العنيفة، التي غالباً ما يُبلغ عنها مستخدمون عاديون.

وقد يؤدي ذلك إلى إبطاء عملية الإزالة، لا سيما في المناطق التي قد يكون السكان المحليون فيها أقل ميلاً إلى الإبلاغ عن المنشورات المخالفة.

وقالت ماري فيتزجيرالد، الباحثة المستقلة في الشؤون الليبية، إنَّ موقع فيسبوك عَكَس في عام 2011 الانفتاح "غير العادي" للمجتمع الليبي، بعد أربعة عقود من الدكتاتورية في عهد العقيد القذافي. إذ كان "الجميع يدخل الموقع. وكانت هناك محادثاتٌ نشطة للغاية والكثير من النقاشات".

لكن مع مرور السنوات، بدأ الأشخاص الذين يقودون النزاع "يتحدثون عن كيف أنَّ وسائل الإعلام الاجتماعية هي أحد أهم أسلحتهم"، على حد قولها. وأدى ذلك إلى ازدواجية عميقة بين العديد من الليبيين تجاه الشبكات الاجتماعية التي يستخدمونها بشراهة.

وأضافت: "لقد سمعتُ في العديد من المرات على مرِّ السنوات السبع الماضية أشخاصاً يقولون إنَّنا لو استطعنا إغلاق فيسبوك ليومٍ واحد فقط، ستُحَل نصف مشكلات البلاد"

علامات:
تحميل المزيد