الكوليرا تدفع الجزائريين لأكبر حملة نظافة تشهدها البلاد.. الوزراء والولاة ينظفون أيضاً

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/03 الساعة 14:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/03 الساعة 14:23 بتوقيت غرينتش

في الحي الغربي للكاليتوس، وليس بعيداً عن الحدود بين الولايتين الأكثر تضرراً من داء الكوليرا في الجزائر (العاصمة والبليدة)، تنزل رحمة فركين صاحبة الـ32  ربيعًا، صباح 30 أغسطس/آب 2018، لتلبي نداء وزارة البيئة لتنظيم حملة تنظيف موسَّعة.

ولم يكن يخطر ببال رحمة أن تلقى الحملة استجابة المئات من المواطنين والشباب، ولم تكن تنتظر أن يكون لها شرف اللقاء بوزيرة البيئة فاطمة الزهراء زرواطي وفي المكان الذي كانت ترمى بها القمامة المنزلية.

فالوزيرة أعطت في صباح نفس اليوم إشارة الانطلاق الرسمية في حملة تنقية وتنظيف واسعتين، تمسّ ولايات الوطن الـ48، وبلدياتها الـ1475.

الأكبر في تاريخ الجزائر

الحملة التي أطلقتها وزارة البيئة الجزائرية جاءت بالتنسيق مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية، واشتراك الإدارات المحلية والمجتمع المدني، وعلى رأسه الجمعيات وفرق الكشافة الإسلامية الجزائرية.

وتؤكد وزيرة البيئة والطاقات المتجددة في الجزائر، فاطمة الزهراء زرواطي، في حديثها لـ"عربي بوست"، أن "هذه الحملة تعد الأكبر في تاريخ الجزائر، وستكون قادرة على تغيير وجه العديد من المدن والولايات الجزائرية".

وقالت: "إن الهدف الأسمى من الحملة يندرج في إطار توعية المجتمع ونشر ثقافة الحفاظ على البيئة والصحة العمومية، وتوسيع دائرة الاهتمام بملف النظافة، مع ترشيد ملف تسيير القمامة العمومية".

والأمر كما تضيف فاطمة الزهراء زرواطي "لن يتوقف عند هذا الحد، بل سيتابع من خلال لجان نصبت لمتابعة الحملة، والعمل بتعليمات وزارة الداخلية والجماعات المحلية، بتوجيه الإدارة المحلية في تخصيص حملات مماثلة ولو مرة واحدة في أسبوع".

ليست ظرفية

"الأمر الذي يجعل الحملة التي أطلقتها وزارة البيئة في الجزائر مغايرة لمثيلاتها في السابق، كون هذه الحملة لن تتوقف في يوم أو يومين، بل ستكون برنامج عمل سنوياً بالتنسيق مع جميع الشركاء الاجتماعيين".

هذا ما أكدته وزيرة البيئة والطاقات المتجددة لـ"عربي بوست"، معتبرة أن أسلوب الحملات الظرفية والمؤقتة وحتى المناسباتية قد ولَّى، ويجب على كل المواطنين -كما قالت- "أن يعوا أن النظافة سلوك مستمر ودائم مع حياة الإنسان".

ووجهت الوزيرة رسالتها إلى السلطات المحلية من المنتخبين على مستوى البلديات ورؤساء الدوائر، وحتى ولاة الجمهورية، من أجل توفير كل التجهيزات لجعل الحملة مستمرة على مدار السنة.

ومن المبرمج -تضيف- "أن يكون الدرس النموذجي للدخول المدرسي في 04 سبتمبر/أيلول القادم، مخصص لملف الحفاظ الدائم على نظافة المحيط والمدينة".

اجتماعات ماراثونية

في الصفحة الرسمية لوزيرة البيئة فاطمة الزهراء زرواطي، وبتاريخ 28 أغسطس/آب 2018، نشرت ملخصاً لاجتماع رفيع المستوى على مستوى مقر الوزارة، حدد الأطر التي ينبغي العمل بها لإنجاح هذه الحملة الكبيرة.

وقد حضر الاجتماع -بحسب الوزيرة- "الوزارتان المعنيتان (وزارة البيئة والطاقات المتجددة وكذلك وزارة الداخلية والجماعات المحلية)، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني ووسائل الإعلام التي تعد شريكاً مهماً".

"وتقرر إطلاق الحملة عبر كامل التراب الوطني، وإشراك جميع أطياف المجتمع، لاسيما التلاميذ والطلاب"، تضيف الوزيرة.

#فاطمة_الزهراء_زرواطي عقدنا اليوم بمقر الوزارة ندوة حول إنطلاق حملة تنظيف كبيرة تمس كل أحياء التراب الوطني تحت شعار…

Geplaatst door ‎Fatima Zohra Zerouati – فاطمة الزهراء زرواطي‎ op Dinsdag 28 augustus 2018

بعض المعلقين على المنشور أشاروا إلى وجود حملات مماثلة في السنوات الماضية، لكنها انتهت بانتهاء أيامها، دون تحقيق النتيجة المرجوة، وطالبت من وزيرة القطاع متابعة العملية وتحقيق الاستمرارية.

"جيب جيرانك نقوها ونخلوها نظيفة"

اختارت وزارة البيئة شعار بالعامية الجزائرية على شكل طلب لكل المواطنين "جيب جيرانك نقوها ونخلوها نظيفة"، وتعني "أحضر جيرانك ننظفها ونتركها نظيفة دائماً".

وتقول الوزيرة بشأن الشعار: "إنه من اختيار لجنة التحضير للحملة، وتم استعمال العامية لتوصيل الفكرة والرسالة لجميع الشعب الجزائري دون استثناء".

لكن الإعلامي الجزائري كريم بوسالم انتقد الشعار واعتبره ثقيلاً على التداول وطويل، واقترح لو اختصر الشعار في كلمتين "نقي حومتك"، أي نظف حيَّك السكني.

وقال بوسالم لـ"عربي بوست" إن الحملة خطوة جيدة ومهمة، خاصة أنها جاءت كأضخم حملة في التاريخ الجزائري، وجميل أن يكون الشعار بالعامية ليفهمه جميع المواطنين، والأجمل أنه جاء بصيغة الأمر ليشعر السكان بالمسؤولية، لكنه طويل وثقيل وكان بالإمكان اختصاره في كلمتين "نقي حومتك".

هبة المواطنين

استجاب المواطنون لنداء وزارة البيئة، وخرجوا بالمئات إن لم يكن بالآلاف لتحقيق هدف تنظيف المحيط والحفاظ على الصحة العمومية.

وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات توثق للعملية خاصة بحي الحامة بقلب العاصمة الجزائر.

وزراء وولاة ودبلوماسيون يشاركون كذلك

بالإضافة إلى مشاركة وزيرة البيئة والطاقات المتجددة في الحملة التي أعطت إشارة انطلاقها من الكاليتوس في الجزائر، فإن هناك مسؤولون كباراً خرجوا إلى جانب المواطنين لمشاركتهم الحملة".

وقد حرص والي ولاية الجزائر العاصمة عبدالقادر زوخ على أن يكون مع المواطنين مباشرة مع استئنافه عطلته السنوية، كما كان والي ولاية تبسة عطا الله مولاتي في الموعد مع السكان في مختلف الأحياء السكنية.

والي ولاية أم البواقي بدوره عاد من الإجازة إلى حمل الكيس والمكنسة والشروع مع سكان ولايته في حملة التنظيف، وهو نفس الأمر بالنسبة لوالي ولاية سطيف، الذي أعطى إشارة الانطلاق في الحملة بالرفش والمكنسة.

والأمر كذلك بالنسبة لجميع رؤساء البلديات والدوائر، وكذا ممثلو الشعب في المجالس الشعبية الوطنية والولائية.

ظهور الوزراء "فضل من الكوليرا"

اعترفت وزيرة البيئة والطاقات المتجددة فاطمة الزهراء زرواطي، بأن الحملة جاءت والجزائر تمر بظرف عصيب وهو الانتشار الكبير لداء الكوليرا، الذي يعد المحيط وانعدام النظافة سبباً في انتشاره.

وقالت لـ"عربي بوست": "رب ضارة نافعة، فالمرض الذي أقلق الدولة، جعل المجتمع يصحو ويتحرك من أجل خلق بيئة جميلة ونظيفة، وسيكرس مستقبل مفهوم الوقاية خير من العلاج انطلاقاً من حملات التنظيف هذه".

إلى ذلك اعتبر الإعلام الجزائري سفيان خرفي في يومية "وقت الجزائر" أن "الداء كان سبباً مباشراً في تنظيم الحملة وتوسيعها، كما كان سبباً أيضاً في تواضع المسؤولين الذين خرجوا صفاً واحداً مع الشعب لتنظيف المحيط".

وقال خرفي لـ"عربي بوست" إن "الآلاف من المواطنين لا يرون مسؤوليهم تقريباً طوال العهدة الانتخابية، وفجأة يظهرون بالأكياس والمكانس ينظفون المحيط مع الشعب، وهذا من فضل الكوليرا".

نشير إلى أن الجزائر تعيش حالة من الارتباك بسبب انتشار وباء الكوليرا الذي أصاب 74 حالة مؤكدة من مجموع 182 حالة مشتبه فيها، بحسب آخر إحصائيات وزارة الصحة التي طمأنت مؤخراً بتمركز الداء في ولاية واحدة وهي البليدة، والسيطرة عليه في باقي الولايات.

مرسوم جديد لتسيير النفايات

أكد عبدالوهاب بورتيمة، مسؤول في الإدارة المحلية بوزارة الداخلية والجماعات المحلية، أن "حملة النظافة التي باشرنها الجزائر لن تكون ظرفية، كما أنها ستتبع بقوانين ومراسيم جديدة قريباً".

وقال بورتيمة لـ"عربي بوست": "إن وزارة الداخلية تحضر لمرسوم جديد سيصدر قريباً بالجريدة الرسمية، سيعنى بتسيير المؤسسات الصغيرة والموجهة لتسيير النفايات وتنظيف المحيط".

هذه المؤسسات بحسب المتحدث "ستكون موضوعة تحت تصرف الجماعات المحلية عبر البلديات، وستكون فرصة لتحقيق غاية المحيط النظيف من جانب، ولخلق فرص توظيف لفائدة الشباب الراغب في العمل في هذا المجال".

وأكد أن الوزارة "تضع الروتوشات الأخيرة لتحقيق هذا القانون، الذي سيصدر بنسبة كبيرة في الجريدة الرسمية لشهر سبتمبر/أيلول 2018".

علامات:
تحميل المزيد