كيري يكشف بمذكراته عن أضعف لحظة رأى فيها نتنياهو «المتبجح» ونقاش حرب غزة وخروج إسرائيل من الضفة وعدم ثقة أوباما به

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/02 الساعة 12:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/02 الساعة 13:03 بتوقيت غرينتش
FILE PHOTO: U.S. Secretary of State John Kerry (L) meets with Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu in Manhattan, New York, U.S., September 23, 2016. REUTERS/Darren Ornitz/File Picture

وصف وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري علاقته المعقدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، خلال عهده في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، وذلك من خلال مذكراته التي تحمل عنوان "Every Day Is Extra – كل يوم هو وقت إضافي"، التي تُنشر في الرابع من سبتمبر/أيلول الجاري.

وفي مقتطفات من الكتاب حصل عليها موقع Jewish Insider، ونشرتها Times of Israel الإسرائيلية، يكتب كيري عن سلوك نتنياهو خلال الحرب مع حماس في غزة عام 2014.

يذكر كيري في وصفه لسلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي: "لقد كان أحد الأوقات القليلة التي رأيت فيها بيبي (وهو الاسم الذي يطلقه الإسرائيليون على بنيامين نتنياهو) ملجوماً جداً، وغائباً عن طاقته الاعتيادية وتبجحه. أن أرى قائد إسرائيل تحت حصار مثل ذلك، أثَّر عليَّ حقاً… لقد رأيت بيبي في تلك اللحظة أضعف من أي مرة رأيته فيها من قبل".

وبحسب كيري فإن مسودةً لوقف إطلاق النار مع حماس –انتقدها مجلس الوزراء انتقاداً شديداً وتسبَّبت في غضب كبير منه- سُرِّبَت إلى وسائل الإعلام عن طريق نتنياهو، الذي وضع بعضاً من مقترحاتها بنفسه.

يتذكر كيري ما قاله لنتنياهو: "كنَّا على وشك التفاوض استناداً إلى معلوماتك. والآن أراها في الصحافة؟ إنه شيء شائن. كان وقف إطلاق النار لأغراض إنسانية من فكرتك. والآن تسرب هذه الوثيقة لتجعلها تبدو كما لو أنني أحاول أن أدفع بموقف حماس إلى الأمام".

وكتب أن "عنصر الثقة الشخصية قد فُقِد" بعد هذه النقطة.

كل شخص في هذه المنطقة يكذب في كل الأوقات

وقال وزير الخارجية الأميركي الأسبق، إنه خلال عملية السلام مع الفلسطينيين في 2013-2014، كان ما قاله نتنياهو عن "الاستعداد للوصول إلى حلول توفيقية صعبة" لتحقيق السلام -بل والمخاطرة بالائتلاف الخاص به- هو ما ساعده في إقناع الرئيس أوباما "المتشكك" بأن الأمر يستحق مواصلة عملية السلام.

يتذكر كيري محادثةً دارت بينه وبين نتنياهو بعد خطاب ألقاه أوباما في إسرائيل عام 2013.

يسترجع كيري الأحداث في كتابه: "التقيت ببيبي في فندق الملك داوود. نظر إلى عيني مباشرة وقال: جون، أنا راغب في إعطاء فرصة لهذه الجهود، ولكن يوجد شيئان عليك أن تعرفهما: أولاً، كل شخص في هذه المنطقة يكذب في كل الأوقات، وأنتم أيها الأميركيون لديكم مشكلة في استيعاب ذلك. ثانياً، إن أكبر ما يمكنني القيام به قد يكون أقل من أقل شيء يمكن لعباس قبوله على الإطلاق".

ويضيف في الكتاب: "كان سلوك بيبي عبارة عن: "إنني مستعد لحل المشكلة إذا كان من الممكن تلبية جميع احتياجاتي". تضمن ذلك احتياجاته السياسية مع ائتلافه… كان بيبي يحب أن يقول: "إليك جميع أعذاري".

يتذكر كيري أيضاً محادثة مع زعيمة المعارضة آنذاك تسيبي ليفني، التي شددت على أنه من "الإلزامي لإسرائيل الوصول إلى سلام دائم" مع الفلسطينيين.

وكتب أيضاً عن اتفاقية نتنياهو المترددة في 2013 من أجل إطلاق سراح سجناء ألقي القبض عليهم منذ ما قبل اتفاقية أوسلو 1993، وهو مطلب تقدم به الفلسطينيون للمضي قدماً بالمفاوضات.

كتب كيري: أخبرت بيبي بعبارات لا لبس فيها: "إذا لم تكن عازماً على إطلاق سراحهم، فأنا أتفهم ذلك، ولكن هذا لن ينجح وقد انتهيت منه. وعندما وجد نفسه أمام هذه المهلة، قال للمرة الأولى: حسناً، دعني أرى ما يمكنني القيام به".

يذكر كيري أن نتنياهو رفض خطةً أمنية إقليمية صاغها الجنرال الأميركي جون ألين كانت ستتطلب انسحاباً تدريجياً للقوات الإسرائيلية من الضفة الغربية. نادت الخطة بتولي  قوات أميركية حراسة حدود دولة فلسطينية مستقبلية، مع إمكانية استعداد القوات الإسرائيلية لاستعادة السيطرة على الضفة الغربية "بكامل قوتها خلال ساعات".

ولكن بعد اجتماع بين كيري وألين وقادة إسرائيل، رفض نتنياهو الخطة، مُصراً على أن إسرائيل احتاجت إلى حضور عسكري طويل الأجل في الضفة الغربية.

يتذكر كيري: "كان واضحاً آنذاك لنا جميعاً أن بيبي غير مهتم في الواقع بمعالجة المسائل الأمنية، بطريقة يمكن أن تسمح بانسحاب نهائي لجيش الدفاع الإسرائيلي. استنتجت أن هذا لم يكن متعلقاً بالأمن".

ويضيف: "تركته يعرف أنني اعتقدت أنه كان يضع حجر عثرة لا يمكن تخطيه، إذا لم يقبل أفضل نصيحة من أحد أذكى العقول العسكرية لدى حليفه. ابتسم وقال سنؤجل المناقشة في الوقت الحالي".

يكتب الدبلوماسي الكبير السابق أن إدارة أوباما وضعت في عين الاعتبار إطلاق سراح جوناثان بولارد عام 2014، في محاولة لإنقاذ عملية السلام التي تكافح لإتمامها. ويذكر أن أوباما لم يعتقد أن نتنياهو سيسمح أبداً بتأسيس دولة فلسطينية، لكنه كان مستعداً للإيماء بذلك إلى إسرائيل.

يكتب كيري أنه نصح القائد الإسرائيلي بتقديم عرض يمكن أن يسمح باستمرار المحادثات، وأن أوباما يمكن أن يفكر في إطلاق سراح بولارد. إذ يذكر: "أخبرت بيبي بصراحة، أنت لا تفعل هذا من أجل عباس. إنك تفعله لتمكننا أن نحصل على ما تريد".

ويذكر كيري أنه في نهاية المطاف كان قرار رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بالانضمام إلى العديد من المنظمات الدولية خرقاً للاتفاقية، وهو ما أحبط الجهود الأميركية للسلام، وأعطى نتنياهو "ذخيرة" لإلقاء اللوم على الفلسطينيين لفشل العملية.

الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به

تفاقمت العلاقة المتوترة بين نتنياهو وأوباما في الأيام الأخيرة لإدارته بعد أن اختارت الولايات المتحدة ألا تستخدم حق الفيتو أمام القرار 2334، مما يعطي الضوء الأخضر لأول مشروع قرار لمجلس الأمن يدين المستوطنات منذ عام 1979.

ردت الحكومة الإسرائيلية بشراسة، فقد سحبت سفراءها من البلاد التي تبنَّت مشروع القرار وهدَّدَت بمعاقبتها. اتهم نتنياهو بعد ذلك إدارة أوباما بصياغتها سراً "مشروع القرار الشائن المناهض لإسرائيل" مع الفلسطينيين.

يكتب كيري: "نفهم جميعاً العاصفة السياسية التي يمكن أن نواجهها إذا لم نستخدم حق الفيتو مع مشروع القرار. وكان هناك بعض الأشخاص الذين دعوا إلى التملق، لأنه لم يكن يستحق الثمن السياسي. كان الرئيس غير عازم على اتخاذ قرار، اعتَقَدَ أنه سيأتي على عكس مصالح الولايات المتحدة فقط بسبب السياسة".

يزعم كيري أن إعلان دونالد ترمب، الذي كان مرشحاً رئاسياً آنذاك، بأنه سيعين ديفيد فريدمان سفيراً لدى إسرائيل، أثّر على قرار عدم استخدام الفيتو، وهو أيضاً ما جعل إسرائيل تقدم مشروع قانون يمكن أن يسمح للدولة بتقنين البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية.

ويكتب وزير الخارجية الأسبق: "أعلن المرشح الرئاسي دونالد ترمب أنه سيعين سفيراً لإسرائيل، مؤيداً شديداً للمستوطنات، ومعارضاً صريحاً لحل الدولتين. وفي الوقت ذاته، أظهر الإسرائيليون أنهم يزدرون سياستنا ازدراءً تاماً من خلال بدء عملية تقنين رسمية للبؤر الاستيطانية… لم نستطع أن ندافع في الأمم المتحدة عن الأفعال الإسرائيلية التي ترقى إلى أن تكون تسريعاً كبيراً وغير مسبوق للمشروع الاستيطاني".

يذكر كيري أنه عرف أنه يمكن أن يخسر أصدقاء يهوداً بسبب القرار، ولكنه اعتقد أنه "الشيء الصواب" الذي ينبغي القيام به.

وفي القرار المثير للجدل لنتنياهو بأن يتحدث أمام الكونغرس في عام 2015 على عكس رغبات البيت الأبيض، كي يعارض الاتفاق النووي مع إيران، الذي لعب كيري فيه دوراً مركزياً، يكتب كيري أنه كان "خائب الأمل فيه… اعتقدت أننا كنا نستحق شيئاً أفضل من خطاب يضرب تحت الحزام".

تحميل المزيد