أَحب أن يفتخر بأعماله البطولية فوجد نفسه متابَعاً بارتكاب جريمة حرب.. الأمين العام للحزب الحاكم في الجزائر متهم بتفجير كنيسة

التصريحات التي ورطت صاحبها، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، تحدثت عن عملية "جهادية" بقلب العاصمة الجزائر إبان حرب التحرير ضد المستعمر الفرنسي

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/31 الساعة 16:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/31 الساعة 18:42 بتوقيت غرينتش

تنتظر "جبهة التحرير الوطني" بداية سبتمبر/أيلول 2018، لمعرفة مدى خطورة الملف المودع لدى المحكمة الدولية بمدينة لاهاي من قِبل 9 منظمات إنسانية وحقوقية، تتهم جمال ولد عباس، الأمين العام للحزب الحاكم في الجزائر، بارتكاب جرائم حرب.

الملف الذي يعتمد أساساً على تصريحات موثقة في شريط فيديو، وتمت ترجمته إلى اللغة الإنكليزية، ينتظر بحسب وسائل إعلام محلية، عودة القضاة الـ15 للمحكمة بعد عطلتهم السنوية؛ لدراسته وتحديد طبيعة تكييف القضية.

فجَّر 4 قنابل في كنيسة

التصريحات التي ورطت صاحبها، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، تحدثت عن عملية "جهادية" بقلب العاصمة الجزائر إبان حرب التحرير ضد المستعمر الفرنسي، تم فيها الهجوم على كنيسة بـ4 قنابل.

وبحسب تصريحات جمال ولد عباس، فالعملية نُفِّذت في تمام العاشرة وخمسة وأربعين دقيقة (10:45) من صباح يوم الأحد، دون ذكر التاريخ بالضبط، عندما كان عدد من الفرنسيين يشاركون في مراسم العبادة بالكنيسة وسط الجزائر القديمة.

العملية نُفِّذت في التوقيت نفسه، يضيف ولد عباس، بتفجير 4 قنابل وسط الفرنسيين، الذين كان أغلبهم في مقتبل الشباب.

واختتم جمال ولد عباس بسؤال لأحد المقاومين الحاضرين بالقول: "هل تتذكر يومها؟"، ليتبع السؤال وصية للشباب بالحفاظ على البلد، بعدما حرر وشارك هو في تطهيره من المستعمر الفرنسي.

المنظمات تشتكيه.. ولاهاي تقبل الدعوى

قالت وسائل إعلام محلية 29 أغسطس/آب 2018، إن محكمة العدل الدولية في لاهاي ستأخذ الشكاوى التي رُفعت ضد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني على محمل الجد، وتنتظر فقط عودة قضاتها الـ15 من عطلتهم، بداية سبتمبر/أيلول 2018.

الدعوات المرفوعة ضد جمال ولد عباس، ونقلاً عن مصدر لوكالة الأنباء الهولندية، "موثقة بشريط فيديو بالعربية، مدبلج باللغة الإنكليزية، قدمته هيئات ومنظمات دولية تعمل في إطار حقوق الإنسان وجرائم الحرب".

وتحدثت هذه الهيئات والمنظمات عن "اعتراف الأمين العام للحزب الحاكم في الجزائر، جمال ولد عباس، على المباشر، بارتكابه جريمة حرب، من خلال إلقائه 4 قنابل على كنيسة مكتظة بالنساء والأطفال في أثناء الاستعمار الفرنسي للجزائر؛ ما تسبب في مقتلهم".

وتعكف المحكمة، حسب المصدر، على التأكد من صحة الترجمة الواردة بالفيديو بالاعتماد على أطراف قضائية محايدة داخل مقرها الموجود في لاهاي، منذ يوم الإثنين 27 أغسطس/آب 2018، في انتظار عودة القضاة من عطلتهم بداية سبتمبر/أيلول 2018.

لأول مرة يصل إليها ملف باعتراف رسمي

يعتبر سعيد بن حجاج، أستاذ في القانون الدولي، بأن الفيديو الموثِّق لتصريحات الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني اعتراف صريح بارتكاب عملية ضد أشخاص بعيداً عن أي تأويل وطني أو ديني.

فجمال ولد عباس، حسب ما صرح به حجاج لـ"عربي بوست"، "ربما كان ينوي الحديث عن بطولات باسم الجهاد، وتحرير الوطن، لكن القانون الدولي يحرم حتى في الحروب الاعتداء على مواطنين عزل دون أسلحة".

جمال ولد عباس معروف عند الجزائريين بتصريحاته المثيرة للجدل
جمال ولد عباس معروف عند الجزائريين بتصريحاته المثيرة للجدل

ويضيف الباحث أن ولد عباس لو تحدث عن معركة في الميدان بين قوات الاحتلال الفرنسي، وقوات المقاومة الجزائرية، ما كان ليسقط كل هذا الخطأ، الذي يعتبره البعض عادياً، لكنه في القانون الدولي عكس ذلك.

ويرى المتحدث أنه ولأول مرة في تاريخ محكمة لاهاي الدولية، يصل إليها ملف عن جرائم حرب يكون موثقاً باعتراف مسبق من المتهم، فما جاء في الفيديو، يضيف، "اعتراف بارتكاب عملية في حق أناس كانوا في مهمة عبادة أمام كنيسة".

وان صحت رواية رفع دعاوى قضائية ضد ولد عباس، فالأمر -كما قال- "لن يكون بالسهولة التي يراها الحزب، وضمْنه أمينه العام جمال ولد عباس".

وعادت قصة "التاكسي المخفي" للواجهة

في ثمانينيات القرن الماضي، أنتجت الجزائر أحد أشهر الأفلام الكوميدية التي شارك فيها ألمع النجوم حينها، وعلى رأسهم عثمان عريوات ووردية، وفي أحد مقاطع الفيلم، يظهر أحد المجاهدين ليروي على الركاب قصة جهاده وبطولاته، التي تبدو من بدايتها قصة من نسج الخيال.

ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي ربطوا بين قصة الفيلم، وتصريحات جمال ولد عباس، وقال المعلقون إنه "لا فرق بين ما جاء في الفيلم، وما حملته تصريحات الأمين العام لجبهة التحرير الوطني".

كما عاد الإعلامي الجزائري قادة بن عمار إلى لقطات الفيلم من خلال منشور له على فيسبوك، بالقول: "ولد عباس (أو قودير الزدام الجديد): ذكّروا يا جماعة، أنا نحكي وانتو ما جرّدوا، لما فجرنا 4 قنابل في وسط الفرنسيين.. وكان هذاك النهار، نهار نتاع الأحد"!

وأضاف في السرد: "أحد المتدخلين: أواااه يا سي (قويدر) ولد عباس.. يظهرلي العملية كانت نهار نتاع الاثنين!
ولد عباس: إييه يا ودّي وليت ننسى، واش تحب؟.. الاستعمار عذبنا كثير وما خلّى اللي يصلح فينا!".

(مشهد من فيلم الطاكسي المخفي 2018):ولد عباس (أو قودير الزدام الجديد): ذّكروا يا جماعة، أنا نحكي وانتوما جرّدوا، لما…

Geplaatst door Kada Benamar op Dinsdag 7 augustus 2018

بل هي "قصة جحا"

في 28 أغسطس/آب 2018، نظم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني ندوة صحافية لكشف استعدادات الحزب للموسم الجديد 2018-2019.

جمال ولد عباس تلقى سؤالاً من إحدى الصحافيات عن "الدعوى القضائية الأخيرة المرفوعة ضده في محكمة لاهاي الدولية، بعد تصريحاته بتفجير 4 قنابل بالقرب من كنيسة".

وبدا الأمين العام لجبهة التحرير الوطني غير عارف بالقضية في تعامله مع السؤال، الذي أُعيد طرحه أكثر من مرة، ليكتفي بالرد: "هذه وقعت في أثناء الثورة أو بعد الاستقلال؟ وكالة الأنباء الهولندية تطلب تحقيقاً..ه ذه حكاية جحا".

وختم رده بالقول: "من دون تعليق…".

وسبقتها قصة "الإعدام"

قبل سنة من الآن، تحدثت أكثر شخصية مثيرة للجدل بالجزائر، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، عن جهاده إبان حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، بحيث أكد أن قوات الاحتلال الفرنسي حينها حكمت عليه بالإعدام.

وبعد الأخذ والرد في صحة تلك التصريحات، يظهر المعنيُّ في لقاء رسمي بولاية سطيف (300 كم شرق الجزائر)، ليكشف للجميع وثيقة، قال إنها لقرار الإعدام من القوات الفرنسية في ذلك الوقت.

وفي 8 أغسطس/آب 2018، يظهر المقاوم بالي بلحسن، رفيق درب الشهيد الجزائري العقيد لطفي، ليردَّ على كل تلك التصريحات، من خلال فيديو منشور عبر اليوتيب.

وأكد أن ولد عباس لم يجاهد، وكان مستقراً في فيلا بولاية تلمسان غرب العاصمة، قبل أن ينتقل إلى فرنسا؛ ومن ثم إلى ألمانيا، حيث أكمل دراسته، قبل العودة والانضمام إلى حزب جبهة التحرير، الذي هو الآن على رأسه.

كما فنَّد بلحسن كل تصريحات ولد عباس حول تفجيره القنابل، وقال: "هو لم يشارك أصلاً في المعارك وبالجبال، ولم يفجر قنبلة واحدة، حياته كانت من فيلا في تلمسان إلى باريس، ومن ثم إلى برلين".

 

 

علامات:
تحميل المزيد