الاتفاق النووي والبطالة وانهيار العملة في إيران.. روحاني يفشل فى إقناع البرلمان والأمر الآن بيد القضاء

حضر الرئيس روحاني اليوم الثلاثاء إلى البرلمان بطلب من النواب لاستجوابه عن الأزمات التى تمر بها البلاد

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/28 الساعة 18:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/28 الساعة 18:18 بتوقيت غرينتش

"رجل الصمت والصبر في البرلمان"، هكذا عنونت جريدة آرمان الإصلاحية صفحتها الأولى، في إشارة إلى جلسة استجواب الرئيس حسن روحاني في البرلمان صباح اليوم.

حضر الرئيس روحاني اليوم الثلاثاء إلى البرلمان بطلب من النواب لاستجوابه عن الأزمات التى تمر بها البلاد، وحاول أن يؤكد مراراً وتكراراً على أنه لا صحة للأخبار المتداولة بوجود خلاف بين الحكومة والبرلمان، وأنه يسعى جاهداً للتعاون مع جميع القيادات في إيران بما فيها الحرس الثوري لحل الأزمة الحالية.

وشارك الرئيس روحاني في تلك الجلسة عدد من وزراء حكومته ومنهم، وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وزير الداخلية عبد الرحمن فاضلي، وزير الزراعة محمود حجتي، ومحمد باقر نوبخت رئيس منظمة التخطيط والميزانية، وعدد من مستشاري الرئيس.

كما رافق روحاني أيضاً محافظ البنك المركزي الجديد عبد الناصر همتي ونائبه.

أهم نقاط جلسة الاستجواب

ركز نواب البرلمان الإيراني على أهم خمس مشاكل تمر بها إيران الآن لسؤال الرئيس روحاني عن ما فعله بتلك المشاكل، وكيف استطاعت حكومته أن تجد الحلول المناسبة لها.

5 ملفات شائكة تحاصر روحاني في البرلمان
5 ملفات شائكة تحاصر روحاني في البرلمان

أسئلة النواب تمحورت حول فشل الحكومة إلى الآن في السيطرة على تهريب السلع والعملات الأجنبية، واستمرار العقوبات المصرفية التي من شأنها إنهاء أي استثمار أجنبي في إيران، ومعدلات البطالة المرتفعة وتقاعس الحكومة عن حل تلك الأزمة إلى الآن، وتناول النواب أيضاً مشكلة الركود الاقتصادي منذ بداية الفترة الرئاسية لروحاني وبالرغم من رفع العقوبات جزئياً لبعض من الوقت، وركز عدد كبير من النواب على سؤال روحاني بخصوص أزمة العملة التي ضربت إيران في الآونة الأخيرة، وانخفاض قيمة الريال الإيراني بمستويات لم يسبق لها مثيل في تاريخ إيران الحديث.

الحكومة لم تحاسب التجار الفاسدين

قال محمد دهقان عضو البرلمان المحسوب على التيار المحافظ، إن الحكومة حددت برنامجاً لسعر صرف العملات الأجنبية من أجل طرحه للتجار لاستيراد السلع الأساسية تجنباً لخلق أي أزمات جديدة في الأسواق الإيرانية، ولكن ما حدث عكس ذلك تماماً، فقد استفاد التجار الفاسدون من ذلك البرنامج لحسابهم الشخصي.

وأضاف دهقان قائلاً في تلك الجلسة الاستجوابية، أريد من الرئيس روحاني أن يخبرنا ما هي الخطة التي اتبعتها الحكومة لتوفير العملات الأجنبية لهؤلاء التجار، ومن المتسبب في الفساد الذي وقع، وكيف يمكن تعويض الشعب الإيراني عن سرقة تلك الأموال.

بينما وصف النائب المحافظ حسين نقوي حكومة روحاني أنها من أضعف الحكومات التي مرت على إيران قائلاً في الحكومات السابقة لروحاني كان هناك خطط وبرامج للتعامل في ظل العقوبات التي كانت مفروضة حينها، واستطاعت تلك الحكومات العبور من الأزمات والخروج بخسائر أقل من الوقت الحالي.

الاستجواب لا يعني الضعف

من المفترض أن يتم عرض أسئلة النواب على الرئيس لفترة لا تتعدى النصف ساعة، وبعدها يبدأ روحاني بالرد على تلك الأسئلة لمدة ساعة واحدة فقط.

يجيب روحاني بنفسه على أسئلة النواب، ولكنه أيضاً حضر ومعه مجموعة من التقارير المكتوبة تشرح خطط الحكومة وما فعلته وما سوف تفعله في الأيام القادمة، وتم توزيع تلك التقارير على نواب البرلمان والجهات الإعلامية التي تقوم بتغطية تلك الجلسة.

بدأ روحاني حديثه بأنه يأمل أن تكون توصيات المرشد الأعلى لإيران "علي خامنئي"، وخطط الحكومة قادرة على شرح وجهة نظره أمام النواب بكل دقة، وأضاف أن حضوره اليوم للاستجواب لا يعني أنه في موقف ضعيف، بل إنها فرصة مناسبة لأعداء الشعب الإيراني ليدركوا أنه لا توجد أي خلافات بين البرلمان والحكومة، وأن الاثنين لديهما هدف واحد فقط.

استكمل روحاني حديثه واصفاً أن ما تمر به البلاد الآن هو مؤامرة من الولايات المتحدة، ولكن أضاف أن البيت الأبيض لن يكون سعيداً بعد تلك الجلسة التي تؤكد على تكاتف المؤسسات الإيرانية من أجل العبور من تلك الأزمات التي تريدها الولايات المتحدة.

ووصف روحاني المؤسسات الإيرانية بأنها جميعاً تتبع تعليمات وتوصيات القادة الثوريين الذين لا يخافون من تهديدات الولايات المتحدة أو غيرها.

روحاني: سنحارب التهريب بالإنتاج المحلي

أجاب روحاني عن سؤال النواب بشأن أزمة تهريب السلع والعملات الأجنبية قائلاً، إن الحكومة لديها خطة لمكافحة التهريب وهناك مؤسسات مختصة فقط بهذا الأمر، وأضاف روحاني أن حكومته بدأت بالفعل في محاسبة الفاسدين المتسببين بتهريب العملات الأجنبية، أما بخصوص تهريب السلع فتسعى الحكومة لزيادة كفاءة المنتج المحلي لمواجهة الأمر، وطلب من النواب دراسة التقارير الحكومية حول نسب خفض التهريب.

وأنهى روحاني إجابته على هذا السؤال أنه في الأشهر القادمة ستشهد الأسواق المالية تثبيت سعر صرف الدولار الذي من شأنه أيضاً إيقاف عمليات التهريب.

البطالة أمر مؤلم بالفعل، ولكننا نجحنا في تقليل النسب

كان قد صرح النائب حسين نقوي أن عدد العاطلين عن العمل في إيران قد وصل إلى 5 ملايين شخص، ووصف الحكومة بالتخاذل في حل تلك الأزمة.

وأضاف نقوي أن المادة 34 من الدستور الإيراني تلزم الرئيس بتوفير فرص العمل والأجر والسكن المناسب لجميع الإيرانيين.

ووصف نقوي أن المجلس الأعلى للتوظيف لا يعمل وفقاً لأي خطط جادة، ويجب على الرئيس روحاني أن يعرض على البرلمان قاعدة بيانات هذا المجلس لمناقشتها، والبرامج التي توفرها الحكومة لتدريب العاطلين لإدخالهم إلى سوق العمل.

وفي جلسة الاستجواب اعترف روحاني بتلك المشكلة قائلاً إن لديهم سنوات كثيرة من البطالة، ومعدل البطالة الآن هو 12 بالمائة وهو معدل عال ومؤلم، وغير مقبول بالنسبة للحكومة، لكن يظل أفضل من النسب القديمة للحكومات السابقة التي وصلت البطالة بها إلى 22 بالمائة.

وأضاف روحاني أنه يجب الأخذ في الاعتبار أن الحكومة تعمل في ظروف استثنائية، وأن الوضع الاقتصادي الآن صعب، لكنها "لن تتغافل عن مشكلة البطالة".

شكلنا قوانين لمعالجة العقوبات المصرفية

وبخصوص العقوبات الأميركية على القطاع المصرفي الإيراني، وخطط الحكومة لمواجهة تلك العقوبات قال روحاني إن الحكومة قدمت للبرلمان أربعة مشاريع قوانين من شأنها أن تحل تلك الأزمة، وطالب البرلمان بسرعة مناقشة واعتماد تلك القوانين.

وأضاف روحاني أن من ضمن تلك القوانين قانون لمواجهة غسل الأموال الذي من شأنه أن يوفر الاستقرار الكبير للاقتصاد الإيراني.

اتهم النواب حكومة روحاني أنها وقفت مكتوفة الأيدي أمام الركود الاقتصادي ولم تفعل أي شيء من أجل تحسين الاقتصاد، وكان حجب البرلمان الثقة عن وزير الاقتصاد منذ يومين.

لكن روحاني دافع عن النمو الاقتصادي في عهده قائلاً خلال الخمس سنوات الماضية زادت نسبة النمو الاقتصادي إلى 6 بالمائة بينما كانت النسبة 2 بالمائة خلال الحكومات السابقة.

العقوبات الأميركية وجدوى الاتفاق النووي

العملة الإيرانية انهارت بشكل غير مسبوق
العملة الإيرانية انهارت بشكل غير مسبوق

بعد إعلان ترمب انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران في شهر مايو الماضي، وإعادة فرض العقوبات على طهران والتي دخلت أول مرحلة منها حيز التنفيذ في 6 أغسطس الجاري والتي تستهدف تجارة المعادن وقطاع السيارات والسجاد وقدرة إيران على شراء الدولار الأميركي.

طلب نواب البرلمان من روحاني تفسير عودة العقوبات وطريقة تعامل الحكومة معها، فأجاب روحاني أن الاتفاق النووي نجح في أن يثبت للعالم أن برنامج إيران النووي سلمي ولا صحة للأكاذيب التي كانت تروجها الولايات المتحدة وغيرها.

وأضاف روحاني أن إيران استفادت إلى حد ما من هذا الاتفاق ولكن لن تكتمل تلك الاستفادة إلا بدعم الاتحاد الأوروبي له.

إجابات غير مقنعة

بعد انتهاء روحاني من الإجابة على استجوابات النواب، أظهرت النتيجة أن ثلثي النواب الحاضرين غير مقتنعين بأربع إجابات لروحاني، والإجابة الوحيدة التي نالت موافقة النواب تلك الخاصة بشأن مواجهة الحكومة للعقوبات المفروضة على القطاع المصرفي.

وفى نهاية الجلسة أعلن رئيس البرلمان علي لاريجاني أنه وفقاً للوائح الداخلية للبرلمان، فإن في حالة عدم اقتناع ثلثي النواب بإجابات الرئيس فيحق للمجلس أن يحيل تلك الإجابات للقضاء للتعامل معها.

ويقول الصحفي الإيراني المختص بالشؤون البرلمانية "آميد نظمي" لـ"عربي بوست"، إن إحالة إجابات روحاني للقضاء تعني أن السلطة القضائية هي التي ستكون معنية بالتحقيق مع روحاني وحكومته، ويكون لها الحق في الاطلاع على كافة التقارير والخطط التي تضعها الحكومة يومياً لمواجهة الأزمات المختلفة.

ويرى نظمي أن هذا الأمر من شأنه حدوث ارتباك داخل الحكومة نتيجة لتدخل القضاء في كل كبيرة وصغيرة في الأيام المقبلة.

ويوافق نظمي الرأي البرلماني عبدالرضا مصري الذي استنكر تحويل إجابات روحاني للقضاء قائلاً إن من واجب البرلمان أن يناقش روحاني والحكومة في كل شيء، وأن يساعدهما في حل المشاكل والأمور العالقة بدلاً من إحالتها للقضاء.

ويرى عبدالرضا أن تلك الخطوة ستعقد الأمور أكثر، ويجب على البرلمان التريث قبل الإقدام عليها.

بينما صرح أحمد توكلي المتحدث السابق باسم الجمعية الاستشارية الإسلامية للبرلمان، أن الإحالة للقضاء أمر طبيعي جداً، وأنه عندما لا تحظى إجابات الرئيس بثقة النواب فهذا يدل على وجود مشكلة في سياساته.

وأضاف توكلي أنه وفقاً للقانون الخاص بالبرلمان لابد من إحالة الأمر للقضاء، ولا ينبغي لأحد أن يغضب حتى وإن كان الرئيس روحاني.

الرئيس الإيراني في قلب أزمة جديدة بين المحافظين والإصلاحيين
الرئيس الإيراني في قلب أزمة جديدة بين المحافظين والإصلاحيين

 روحاني وسط صراع جديد بين التيار المحافظ والإصلاحي

خطوة إحالة الأمر إلى القضاء ستعقد الأمور بين التيار الإصلاحي والمحافظ مرة أخرى، بعد هدوء مؤقت.

فيقول أستاذ العلوم السياسية المستقل "علي أصفهاني" لـ"عربي بوست"، لو كان رئيس الحكومة من التيار المحافظ كانت ستكون الأمور أقل حدة، فالمحافظون لا يفوتون فرصة واحدة لإثبات فشل روحاني.

ويرى أصفهاني أن روحاني فعل كل ما في وسعه لاحتواء الأمر فيقول "الرجل قالها مراراً وتكراراً أنه مستعد للتعاون مع كافة التيارات ومع القوات المسلحة للخروج من تلك المرحلة، وأكد على ضرورة أن يتوحد القادة الإيرانيون أجمع من أجل تحقيق الاستقرار الداخلي لمواجهة العقوبات، لكن لا أحد يستمع له"

ولكن في نفس الوقت لا ينكر أصفهاني الغلطات التي ارتكبها روحاني وحكومته، فيقول "لم تقنعنى أغلب إجابات روحاني اليوم، والحكومة لديها العديد من الأخطاء في المرحلة السابقة، ولكني مازلت أرى أنه بدلاً من تصعيد الأمور وإدخال القضاء، هناك فرصة للتعاون بين المؤسسات بشكل أفضل من ذلك".

من المحتمل استجواب روحاني مرة ثانية، وحجب الثقة عن وزراء جدد

كان قد أعلن رئيس البرلمان علي لاريجاني روحاني في يوم 10 أغسطس الحالي، أنه تم جمع 80 توقيعاً من نواب البرلمان من أجل استجواب روحاني، لكن الأخير بعث برسالة إلى رئيس البرلمان قائلاً إن أسئلة النواب التي تم التوقيع عليها غير دستورية، وأضاف قائلاً من أجل تجنب الخلافات بين السلطات واحترام المؤسسات الإيرانية فإنني سأحضر إلى البرلمان في الوقت المناسب وأجيب على جميع التساؤلات.

ووفقاً للمادة 213 من القانون الداخلي للبرلمان فإنه يجب على الرئيس الحضور خلال مدة لا تتعدى الـ30 يوماً بعد أن يستلم طلب النواب لاستجوابه.

علامات:
تحميل المزيد