المَخرج الذي ينقذ ترمب من كل المصائب، لكنَّ ثمنه سيكون غالياً.. هل يكرر ما فعله كلينتون للتخلص من «فضيحة مونيكا»؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/25 الساعة 11:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/25 الساعة 13:09 بتوقيت غرينتش
U.S. President Donald Trump speaks at a Make America Great Again rally at the Civic Center in Charleston, West Virginia, U.S.

أثار إقرار مايكل كوهين بالذنب والذي يجعل الرئيس الأميركي دونالد ترمب متورِّطاً بصورة مباشرةً في ارتكاب جريمة أمام القانون، حديثاً جديداً عن احتمال عزل الرئيس من منصبه.

وبينما يمضي المدعي العام الأميركي روبرت مولر في تحقيقاته حول احتمال تواطؤ حملة ترمب مع روسيا لضمان نجاحه في انتخابات 2016، وخرقها للقوانين الأميركية، فإن الرئيس الأميركي يجد نفسه محاصراً، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام أميركية.

وناقشت مجلة The National Interest الأميركية، في مقال نشرته للأكاديمي الأميركي بول بيلار، الذي عمل سابقاً في CIA، احتمال أن يلجأ ترمب إلى حرب شعواء مع إيران في محاولة منه للتخلص من الضغوط الداخلية، كما فعل سلفه بيل كلينتون، في فضيحة "مونيكا الجنسية".

وكان كوهين وهو المحامي السابق للرئيس قد وجَّه ضربة قوية للأخير باعترافاته بأنه دفع 130 ألف دولار إلى نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز، مقابل سكوتها بشأن علاقة غرامية مفترضة لليلة واحدة في 2006 مع ترمب.

كلينتون وجد مخرجاً فماذا عن ترمب؟

ونظراً لأن القضية تتضمن علاقات جنسية فإنها أثارت كذلك مقارنةً بين وضع ترمب وبين حادثة محاولة عزل الرئيس الأسبق بيل كلينتون، حيث تُركِّز معظم هذه المقارنات على السياسة المحلية المقترنة بكل تطوُّرٍ جديد، بحسب ما ذكره مقال للأكاديمي الأميركي بول بيلار، الذي عمل سابقاً في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

ويرى كاتب المقال الذي نشرته المجلة الأميركية، الخميس 23 أغسطس/آب 2018، أن المهتمين أكثر بالسياسات الخارجية والأمنية سيركزون في وضع ترمب حالياً على بُعدٍ آخر، نُوقِشَت به نزوة كلينتون مع مونيكا لوينسكي وقتها.

مونيكا لوينسكي ورئيس أميركا الأسبق بيل كلينتون
مونيكا لوينسكي ورئيس أميركا الأسبق بيل كلينتون

فعندما أصدر كلينتون الأوامر بشنّ ضربات بصواريخٍ كروز ضد منشآت مرتبطة بتنظيم القاعدة في أفغانستان والسودان على إثر هجمات القاعدة على سفارات الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام قبل 20 عاماً، اتَّهم بعضُ خصوم كلينتون السياسيين الرئيسَ الأميركي آنذاك باستغلال الهجمات لحشد الدعم الداخلي لصالحه، بعد أن كان ذلك الدعم يفتر وسط أنباء علاقته بمونيكا لوينسكي.

وأُثير هذا الاتَّهام جزئياً بسبب توقيت القصف، الذي جاء بعد ثلاثة أيامٍ فقط من اعتراف كلينتون في خطابٍ متلفز بأنَّه ضلَّل الرأي العام بشأن طبيعة علاقته بمونيكا.

ومع أنه يستحيل معرفة كل عاملٍ كان يؤثر بتفكير كلينتون آنذاك، لكن سيكون من الصعب تقديم حجةٍ مقنعة بأن الدافع الأساسي من وراء الهجوم كان الإلهاء السياسي عن فضيحة كلينتون.

إذ كانت جماعة إرهابية قد فجَّرت سفارتين أميركيتين، وهو شكلٌ من أشكال الهجوم على المصالح الأميركية الذي يُنظَر على نطاقٍ واسع إلى أنَّ القيام بردٍّ قوي عليه لا يكون أمراً مبرراً فحسب، بل وإجبارياً كذلك، ومن الأكيد أن هذا سيكون الوضع أيضاً حال حدوث شيء مماثل.

"سيناريو هز ذيل الكلب"

ولاقت أوامر كلينتون حينها بشنّ الضربات الصاروخية دعماً ملحوظاً من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس، بما في ذلك دعم رئيس مجلس النواب الأميركي آنذاك نيوت غينغريتش، الذي قال وقتها إنَّ الرئيس "فعل ما يتوجَّب فعله بالضبط". فضلاً عن أنَّ توقيت القصف تحدَّد بتقارير أفادت بوجود أسامة بن لادن وغيره من القياديين الإرهابيين في أحد المواقع المستهدفة في أفغانستان.

لكن مع ذلك ظلَّت الشكوك في أنَّ قرار كلينتون كان يتعلَّق بالمشكلات السياسية المحلِّية التي يواجها أكثر من ارتباطه بالإرهاب مستمراً، حتى ظهر مسمى خاص به، وهو سيناريو "هز ذيل الكلب – Wag the Dog".

أُطلِق هذا الاسم تيمُّناً باسم فيلم كان ذائع الصيت آنذاك، تضمَّنت حبكته قيام البيت الأبيض بتدبير حرب مصطنعة لتحويل الانتباه عن فضيحة جنسية رئاسية. علاوةً على ذلك، فإنَّ التاريخ الطويل من الحروب الخارجية التي تُعزِّز موقف القادة السياسيين من التأييد الداخلي وتجعلهم يستفيدون من أثر "التفاف الجماهير حول علم البلاد" يجعل من المشروع التساؤل عن إمكانية أن تغري في يومنا هذا فكرة استخدام القوة قائداً محاصراً سياسياً بُغية تحقيق هذا الغرض.

وإذا أغرى ذلك دونالد ترمب كثيراً، فالأرجح أن شنَّ هجومٍ عسكري على جماعةٍ إرهابية فحسب لن يكون كافياً لإحداث التأثير السياسي المرجو. فإذا ما شُنَّ قصفٌ عسكري ضد القاعدة اليوم، في أفغانستان أو مكان آخر، لن يبدو ذلك مختلفاً كثيراً عن العمليات العسكرية الأميركية المتواصلة في الخارج بالفعل. الأمر ذاته ينطبق على أي هجماتٍ محتملة على فلول الدولة المُصغَّرة التي أقامها ما يُسمَّى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

ولذلك فمن المتوقع وفقاً للمجلة الأميركية، أن يكون الخصم المُرجَّح لحربٍ ترمبية هو إيران. إذ تشن الإدارة الأميركية بالفعل الآن حملةٍ مستمرة لتصعيد التوتُّر مع والعداء تجاه إيران، وبذلك ترسي الأساسات السياسية والنفسية لأي حربٍ ضدها، حيث زاد التوتُّر المتصاعد عن قصد من احتمال وقوع حوادث من شأنها أن تشعل حرباً بين الدولتين، أو تعطي الولايات المتحدة حجةً لشن حرب.

لذا، فإنَّ سؤال اللحظة الراهنة هو: هل ستقود متاعب دونالد ترمب السياسية والقانونية الداخلية إياه لبدء حربٍ كهذه عن قصد لتكون تكتيك التضليل المُطلَق في فترة رئاسته؟

إدارة ترمب تشن بالفعل الآن حملةٍ مستمرة لتصعيد التوتُّر مع والعداء تجاه إيران
إدارة ترمب تشن بالفعل الآن حملةٍ مستمرة لتصعيد التوتُّر مع والعداء تجاه إيران

إدارته ستكون منقسمة في خيار الحرب

الأغلب أنَّ ترمب لا يعتبر أنَّ متاعبه وصلت تلك المرحلة بعد. ولا يبدو ترمب في الوقت الراهن كما لو كان يسعى بنشاط لشنّ حرب. ويحقق العداء الأزلي تجاه إيران معظم الأغراض التي يمكن أن يخدمها وجود "بعبع" خارجي.

كذلك تخدم التوتُّرات المُتصلِّبة مع إيران -والتي لا تبلغ حد الحرب المفتوحة- معظم الأهداف المرتبطة بإيران لدى أنظمة إسرائيل والسعودية والإمارات، تلك الدول التي سار ترمب على الطريق الذي رسمته له فيما يخصُّ سياسة التعامل مع إيران، بحسب المجلة الأميركية.

ومن المحتمل أنَّ بعضاً من أعضاء إدارة ترمب سيُرحِّبون بحربٍ مع إيران، وأبرزهم مستشار الأمن القومي جون بولتون، الذي ما زال يرى أنَّ حرب العراق كانت فكرةً سديدة.

ماتيس يخشى من عواقب الحرب
ماتيس يخشى من عواقب الحرب

ويتبوَّأ هؤلاء المستشارون مواقع يمكنهم من خلالها أيضاً دفع ترمب في ذلك الاتجاه. لكنَّ مسؤولين آخرين سيعارضونهم، والأغلب أن يكون بينهم وزير الدفاع جيمس ماتيس، الذي يبغض إيران بقدر أيٍّ منهم لكنَّه يبدو واعياً بالسلبيات الهائلة الذي قد يسفر عنها صراع كهذا.

لكن إذا ما اشتدّ خناق التحقيقات الجنائية المحيطة بترمب إلى الحد الذي تبدأ عنده قاعدته الشعبية في التصدع، قد يُقرِّر الرئيس الأميركي عندئدٍ أن الوقت حان ليجرِّب تكتيك التضليل المُطلَق ذاك.

وترى المجلة الأميركية أن هنالك سببين قد يجعلان من احتمالات خوض ترمب هذا الطريق أكبر حتى من غيره من الرؤساء الواقعين تحت ضغوطٍ مشابهة.

السبب الأول هو أنَّ ترمب أبدى بالفعل ميلاً قوياً للاعتماد على أساليب تضليلٍ مدمرة، في الغالب عن طريق تغريداتٍ على موقع تويتر وتصريحات شفاهية. أحد التفسيرات التي تفسر كون إساءات فترته الرئاسية لم تسفر بعد عن ظهور المزيد من المعارضة للسلطة الحالية هو أنَّه يعقبها إساءات أخرى سريعاً وبصورة متكررة تسرق الاهتمام من التي كانت قبلها. ونتيجة لذلك، من الصعب أن يبقى المرء ثائراً بشأن أي سلوكٍ أو سياسية يمارسها ترمب عندما يُغطي عليها سريعاً تصرُّفٌ آخر.

السبب الآخر هو أنَّ ترمب يركز تكتيكياً دوماً على ما قد يؤثِّر على وضعه وتأييده الشخصي في الوقت الحاضي، ولا يُبدي علامات تُذكَر على أي تفكيرٍ استراتيجي بشأن ما هو في مصلحة البلاد على المدى الأطول وفي إطار الصورة الأشمل. وبذلك لا يكون عصياً على التصديق أنَّه قد يشنُّ حرباً أميركية-إيرانية دون أن يُقدِّر بالكاد التبعات الكارثية التي سيجلبها اشتعال حربٍ كهذه، وفقاً لـ The National Interest.

تحميل المزيد