واشنطن، نزع السلاح النووي أولاً، وبيونغ يانغ، ضمانات قبل اتخاذ أي خطوة.. فما الذي يريده كيم أُون من ترمب؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/23 الساعة 19:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/24 الساعة 21:31 بتوقيت غرينتش
U.S. President Donald Trump and North Korean leader Kim Jong Un walk in the Capella Hotel after their working lunch, on Sentosa island in Singapore June 12, 2018. Susan Walsh/Pool via Reuters

بعد أقل من ثلاثة أشهرٍ من قمة سنغافورة التي أثارت ضجة واحتفالات كبرى، ما تزال العلاقات بين كوريا الشمالية و أميركا متعثرة، ونقطة الخلاف واضحة: تريد بيونغ يانغ إعلاناً يُنهي رسمياً الحرب الكورية المُعلَّقة، قبل البدء بمفاوضات نزع السلاح النووي.

وذكرت وسائل الإعلام الرسمية الكورية الشمالية يوم الثلاثاء 21 أغسطس/آب، متناوِلةً الموضوع بشكلٍ مباشرٍ بعد أسابيع من التلميح، إنَّ "إعلان إنهاء الحرب مهمةٌ لا يُمكن تأجيلها". غير أنَّ ذلك مطلبٌ معقدٌ ويُمثل مُعضلةً أميركا ، يوضح تقرير لصحيفة The Financial Times الأميركية.

لماذا تُريد كوريا الشمالية ذلك الإعلان؟

وتضيف الصحيفة أن "كيم جونغ أون يحتاج لتلك الضمانة؛ كي يُقنع جيشه وشعبه بأنَّ كوريا بات بإمكانها الآن التخلي عن سلاحها النووي".

تظل الغاية الكبرى للنظام في كوريا الشمالية أون هي البقاء. ولعقودٍ، استنزف هذا النظام أغلب موارد البلاد التي تتسم بالندرة، في تعزيز قدراته العسكرية وبناء سلاحٍ نوويٍ بهدف درء تهديد أميركا وحلفائها.

والآن، وفي حين تخوض البلاد غمار الدبلوماسية، فإنَّها تسعى لكسب ضمانة أمنية بصورةٍ ما من واشنطن. يقول كو يو-هوان، وهو مستشار للسياسة بمكتب الأمن القومي في كوريا الجنوبية: "يحتاج كيم جونغ أون لتلك الضمانة؛ كي يُقنع جيشه وشعبه بأنَّ كوريا بات بإمكانها الآن التخلي عن سلاحها النووي".

ولماذا تُطالب به الآن؟

في قمة سنغافورة التي عُقدت في يونيو/حزيران الماضي، وقّع كيم جونغ أون والرئيس الأميركي دونالد ترمب على اتفاق سنتوسا، الذي سُمي نسبةً للجزيرة التي شهدت لقاءهما. منذ ذلك الحين، ركَّزت أميركا على البند الثالث بذلك الاتفاق، المتمثل في التعهَّد بالنزع الكامل للسلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية.

في الوقت نفسه، ركَّزت كوريا الشمالية على البندين الأول والثاني من الاتفاق، اللذين يتعهَّدان بإقامة علاقاتٍ جديدةٍ "وبناء نظام سلامٍ دائم ومستقر". عدم التوافق في الأولويات ذاك جعل بيونغ يانغ تنتقد واشنطن في الأسابيع الأخيرة؛ لتقديمها "مطالب أحادية الجانب وتشبه مطالب اللصوص لنزع سلاحها النووي".

يرى المتشككون أنَّ سلوكاً كهذا هو سلوك نمطي من ذلك النظام، الذي لا يفعل سوى إطالة أمد المباحثات وتأمين الحصول على تنازلاتٍ على طول الطريق. وسلَّط تقريرٌ نُشِر في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الضوء على "استمرار وتطور البرنامج النووي لكوريا الشمالية".

هل يمكن أن توافق الولايات المتحدة على إنهاء الحرب الكورية رسمياً؟

قد يبدو إعلانٌ كهذا – نهاية الحرب الكورية – جذاباً لترمب؛ لأنَّه سيُظهِر لقاعدته الشعبية في الداخل الأميركي أنَّه يُحرِز تقدُّماً في قضيةٍ مستعصيةٍ كتلك، ويضمن له إرثاً رئاسياً. لكن هناك مخاوف لدى المحللين من أنَّ خطوةً كتلك قد تحد من أوراق الضغط التفاوضية للولايات المتحدة؛ إذ لن يكون بإمكان واشنطن بعدها التهديد بالقوة.

فقال كيم يول-سو، وهو مستشار للبيت الأزرق، الذي يُمثل مقر الرئاسة في كوريا الجنوبية: "إذا أصدرت الولايات المتحدة الأميركية إعلان إنهاء الحرب الكورية رسميا ، فإنَّها ستفتح بذلك الباب أمام كوريا الشمالية لتسأل عمّا تفعله القوات التابعة للأمم المتحدة في كوريا الجنوبية، ولِمَ تحتاج الولايات المتحدة  لنشر قطعٍ حربية استراتيجية في شبه الجزيرة.

وسيترتب على ذلك في النهاية تقويض المجال أمام محاولات الولايات المتحدة إقناع كوريا الشمالية بنزع سلاحها النووي". وفي تصريحاتهم الرسمية، رأى المسؤولون الأميركيون أنَّه من المبكر جداً مناقشة إعلانٍ لإنهاء الحرب الكورية التي توقفت في عام 1953 بهدنة فقط.

هل يُمكن أن تستمر المفاوضات من هذه النقطة؟

تقول ديون كيم، الزميلة الأقدم المساعدة بمركز الأمن الأميركي الجديد، وهو مؤسسة بحثية مقرها واشنطن: "المفاوضات الآن لا تراوح مكانها. لكن يبدو أنَّ أحد السبل للمُضي فيها قُدماً قد يكون اتفاقاً يتضمَّن مبادلة المخزون النووي لكوريا الشمالية ووقفاً يمكن التحقق منه لإنتاج المواد الانشطارية، في مقابل إعلان إنهاء الحرب الكورية".

وهناك تكهناتٌ متنامية بأنَّ اتفاقاً كهذا قد ينتج عن زيارة وشيكة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لبيونغ يانغ. ويقول المستشار السياسي كيم يول-سو إنَّه إذا فشل وزير الخارجية الأميركي في إحراز تقدمٍ خلال زيارته الرابعة للعاصمة الكورية الشمالية، فإنَّ "ذلك سيكون ضربة قوية لإدارة ترمب".

وزير الخارجية الأميركي في زيارة
وزير الخارجية الأميركي في زيارة "حاسمة" لبيونغ يانغ هي الرابعة له

وهو ما سيحدث فعلاً؛ إذ أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الخميس 23 أغسطس/آب 2018، تعيين ستيفن بيغان مبعوثاً خاصاً إلى كوريا الشمالية، التي سيزورها برفقته مجدداً "الأسبوع المقبل".

وصرّح بومبيو أمام الصحافة وإلى جانبه المبعوث الجديد، وفق ما نقلته وكالة الأنياء الفرنسية، "ستيف (أي ستيفن) سيدير سياسة الولايات المتحدة إزاء كوريا الشمالية، وسيقود جهودنا لبلوغ هدف الرئيس (دونالد) ترمب، نزع أسلحة كوريا الشمالية النووية بشكل نهائي ويمكن التحقق منه بالكامل، كما تعهد الرئيس كيم جونغ أون".

وأضاف وزير الخارجية في تصريح مقتضب من دون الردّ على أسئلة الإعلام، أن "ستيفن وأنا سنذهب إلى كوريا الشمالية الأسبوع المقبل؛ لتحقيق مزيد من التقدم الدبلوماسي نحو هدفنا".

وستكون هذه الزيارة هي الرابعة لبومبيو إلى كوريا الشمالية والثانية له بعد القمة التاريخية التي عُقدت في 12 يونيو/حزيران 2018، بسنغافورة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

واعتبر بومبيو أن "وزارة الخارجية سبق أن قامت بعمل ممتاز لتنفيذ حملة الضغط" على بيونغ يانغ، و"تنظيم القمة الأولى" بين القائدين، و"تحضير الأرضية كي تتحمل كوريا الشمالية مسؤولية الوعود التي قطعها الرئيس كيم".

ما هو موقف سيول وبكين من الأمر؟

ضغط الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إن على مدار شهور من أجل خروج مثل هذا الإعلان. حتى إنَّه كان مستعداً في يونيو/حزيران 2018، لحضور قمة سنغافورة مع كيم جونغ أون وترمب وإنهاء الحرب الكورية رسمياً، ولو أنَّ ذلك لم يحدث. ومنذ ذلك الحين، قلَّلت سيول من حدة التوتر مع كوريا الشمالية، وضمن ذلك إعلانٌ الثلاثاء 21 أغسطس/آب 2018، لبدء خفض أعداد القوات في المنطقة منزوعة السلاح التي تفصل بين الكوريتين.

وفي الوقت نفسه، سترحب بكين أيضاً في الغالب بمثل ذلك الإعلان؛ لأنَّ من شأنه في النهاية إضعاف موقف أميركا فيما يخص إبقاء قواتٍ في شبه الجزيرة الكورية. وقالت ديون كيم من مركز الأبحاث: "إعلان إنهاء الحرب الكورية قد يفتح الباب على مصراعيه. لذا سيكون على واشنطن حساب الاحتمالات بحذرٍ شديدٍ والوصول إلى اتفاقٍ واضحٍ فيما يتعلق بتفاصيل، ونية، وهدف الإعلان".

___________________

اقرأ أيضاََ

ترمب: لسنا في عجلة للتعامل مع تهديد كوريا الشمالية النووي.. وتطبيق الاتفاق قد يستغرق وقتاً

أول صِدام بين أميركا وكوريا الشمالية بعد القمة التاريخية.. بومبيو تجاهل وصفه بـ"رجل العصابات"، وأقر بصعوبة المحادثات

"لعبة القط والفأر" بين ترمب وكيم جونغ أون.. واشنطن تناشد رئيس كوريا الشمالية الالتزام بوعوده، وتحشد مجلس الأمن لتطبيق عقوبات ضد بلاده

تحميل المزيد