تقنية تُنذر السوريين ليهربوا قبل وقوع الغارات.. وهكذا يعلمون إذا كانت الطائرة تابعة للروس أم للأسد

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/23 الساعة 11:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/23 الساعة 11:42 بتوقيت غرينتش

علم عبدالكريم أن أمامه 8 دقائق تقريباً لينقل زوجته وأولاده الاثنين إلى أسفل القبو، قبل أن تقصف الطائرة منطقتهم في محافظة إدلب السورية.

جاء التحذير إلى حساب عبدالكريم الإسماعيل على فيسبوك قبل أن تحلق الطائرات الحربية فوق منزله في السماء وتفرغ حمولتها.

حين جاء صوت الارتطام، كان قريباً جداً، أقرب من حساباته. فارتج المبنى وتحطمت النوافذ.

ولكن المؤسف أن جاره في نهاية الشارع لم يرَ الرسالة، التي تعد الفرصة الفاصلة بين الحياة الموت، ولهذا قُتِلَ في الغرفة الأمامية من منزله، حسب تقرير لصحيفة The Telegraph البريطانية.

كيف يكتشف التطبيق قدوم الطائرات؟

يعمل إسماعيل معلماً في مدينة سراقب بمحافظة إدلب الشمالية السورية، آخر إقليم تسيطر عليه المعارضة في البلاد. واعتمد لأربع سنوات على نظام التحذير هذا ليبقى حياً.

تعمل التقنية التي طورتها شركة Hala Systems الناشئة من خلال رصد الطائرات باستخدام أجهزة استشعار عن بُعد مثبتة في أرض إدلب، وخوارزميات التعلم الآلي، التي تتفقد سرعة الطائرة ونمط طيرانها المعتاد.

بعدها ترسل رسالة تحذير عبر تطبيقات المحادثة مثل تليغرام، وواتساب، وفيسبوك إلى أفراد الدفاع المدني "الخوذ البيضاء" والمدنيين، بالإضافة إلى إطلاق صافرات إنذار الغارات الجوية في المناطق المرجح تعرضها للهجوم.

وقال إسماعيل (38 عاماً) لصحيفة The Telegraph البريطانية: "الرسالة تخبرك كل شيء، بدءاً من موقع انطلاق الطائرة، وحتى أين يتوقعوا أن تضرب، وإلى أي مدى ستمتد الضربة، وأين المواقع الخطيرة. يمكنك حتى أن تعرف إذا كانوا سوريين أم روسيين".

وهذه الدولة الأوروبية شاركت في تطويرها، ولن تصدق العدد الذي أنقذ حياته

طُوِّرَت التقنية بمشاركة الحكومة البريطانية، التي تقول إنَّها بالفعل ساعدت أكثر من مليوني شخص منذ أُطلقت من عامين، ويُقدَر أنها قللت الإصابات بنسبة 27% في مناطق وقعت تحت قصفٍ كثيف.

وقال جون جايغر، الرئيس التنفيذي لشركة Hala: "كان المدنيون السوريون يستخدمون بالفعل نوعاً من أنظمة التحذير البشرية قبل استخدام تقنيتنا، يرصدون الطائرات ويرسلون رسائل لمجتمعاتهم"، مشبهاً تلك الوسيلة بما كان يفعله المزارعون البريطانيون الذين كانوا يهاتفون أصدقائهم بعد تحديد موقع طائرات اللوفتواف الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية.

وأضاف جايغر لصحيفة The Telegraph: "كل ما فعلناه هو جعل هذا أكثر تنظيماً ويمكن الاعتماد عليه".

وتابع: "لوقتٍ طويل كان الناس يعيشون في حالةٍ من الإرهاب المستمر، خائفين حتى من مغادرة منازلهم تحسباً لحدوث غارة جوية. لا يمكن لهذا التطبيق بوضوح أن يزيل الخوف نهائياً، لكنَّه يمكن أن يجعل الحياة أكثر احتمالاً بقليل".

والآن هناك مخاوف من هجوم على إدلب المكدسة

هناك مخاوف بشأن محافظة إدلب التي تحكمها المعارضة، إذ يُعتَقد أنَّ الحكومة السورية وداعميها الروس على وشك شن هجمةٍ واسعة النطاق لاستعادتها.

ويتكدس نحو 2.7 مليون شخص في إدلب، التي تقع تحت سيطرة خليطٍ من المعارضين المعتدلين والجهاديين.

ولا يوجد طريق آمن للخروج، إذ إن المحافظة محاطة من ثلاث جهات بالقوات الموالية للنظام، والحدود التركية المغلقة من جهة الشمال.

وقال أليستر بيرت، وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، الخميس 16 أغسطس/آب: "يمكن تجنب كارثة إنسانية في إدلب. تدعم بريطانيا الجهود الدبلوماسية العاجلة التي تبذلها تركيا والأمم المتحدة".

وتابع: "دعونا النظام السوري وداعميه روسيا وإيران إلى التمسك بوقف إطلاق النيران المتفق عليه، واحترام القانون الإنساني الدولي".

وقالت الحكومة البريطانية إنها ستقدم المساعدة الطارئة والدعم الطبي للأشخاص في المنطقة، بما في ذلك أربعة مراكز صحية وفريقان صحيان متحركان، بحيث تتمكن من الاستجابة بسرعة وعلاج المصابين والضعفاء في جميع أنحاء المحافظة.

فقصف المدارس والمستشفيات أمر مُعتاد من النظام

وقتلت الهجمات السورية والروسية خلال الحرب التي دامت 7 سنوات آلاف البشر. وكلا البلدين متهم من الأمم المتحدة بشن قصفٍ عشوائي على المدارس والمستشفيات ومراكز الدفاع المدني.

وشَنَّ بالفعل 37 هجوماً على الأقل على المرافق الصحية في محافظة إدلب هذا العام حتى الآن.

وأصبح استهداف المستشفيات والعيادات نذير شؤم، ومظهر واضح لعنف نظام بشار الأسد، وهو تكتيك يجعل السكان أكثر عرضة للخطر والاستسلام، حسب تعبير الصحيفة.

ولذا طلب الأطباء من بريطانيا التدخل لمنع وقوع المأساة

وقدم 20 طبيباً يعملون في إدلب مع اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية (UOSSM) رسالةً إلى جيريمي هانت، وزير الخارجية البريطاني، مطالبين فيها الحكومة البريطانية بعدم غضّ الطرف عما سيحدث.

وقال هاميش دي بريتون غوردن، المستشار في مؤسسة اتحاد منظمات الإغاثة، لصحيفة The Telegraph: "سلَّمت رسالةً للسيد هانت مناشداً حماية المستشفيات والمدنيين من الهجمات الجوية واستخدام الأسلحة الكيماوية. ورد علينا قائلاً إنهم سيقومون بكل ما يمكن لتحقيق هذا".

وأضاف: "يجب على الحكومة البريطانية أن تتخذ خطواتٍ إضافية، وتفضح أصحاب الطائرات الحربية المنفذة للضربات، التي تعد جريمةً ضد الإنسانية وغير قانونية بموجب اتفاقية جنيف والقانون الدولي".

 

اقرأ أيضاً

مجزرة في إدلب تعد الأكثر دموية لهذا العام.. 44 قتيلاً بينهم نساء وأطفال بضربات جوية

 

النظام السوري يستعد لمهاجمتها والأتراك يعتبرونها خطاً أحمر.. إدلب معقل المعارضة الأخير الذي قد يتحول لمأساة إنسانية

 

تحميل المزيد