إيران تسعى لاستحداث عملة رقمية مشفرة بالتنسيق مع روسيا، وحتى يحدث هذا لجأت للبيتكوين هروباً من عقوبات واشنطن

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/21 الساعة 14:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/21 الساعة 14:16 بتوقيت غرينتش
Russian President Vladimir Putin (R) meets with Iranian President Hassan Rouhani on the sidelines of the Shanghai Cooperation Organisation Summit (SCO) in Qingdao, China June 9, 2018. Alexander Zemlianichenko/Pool via REUTERS

قالت صحيفة The Hill الأميركية، إن العقوبات على إيران والتي تسببت في انهيار اقتصادها  سوف يدفعها لتلجأ إلى عملة البيتكوين مثلما فعلت كوريا الشمالية (ولا تزال تفعل).

وأشارت الصحيفة الأميركية أنه ومع تجاوز أداء البيتكوين لأداء الريال الإيراني، أصبحت الموجة القادمة من هجمات رانسوم وير (برنامج الفدية) وشيكة الحدوث، بفضل قراصنة إلكترونيين إيرانيين، وسيتم سداد الفدية بالتأكيد باستخدام عملة البيتكوين.             

ولا تخفى على المواطن الإيراني المفارقة المثيرة للسخرية، المتمثلة في لجوء حكومته لهجمات رانسوم وير للحصول على عملة البيتكوين.

إذ تحظر إيران على البنوك المقرضة استخدام العملات المشفرة. وفي هذا الصدد، قال رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني محمد رضا بورإبراهيمي، إنَّ قرار الحظر صدر عقب خروج ما يزيد على 2.5 مليار ريال إيراني (أي ما يعادل 60 ألف دولارٍ أميركي) من الدولة.

ومع ذلك، فالحكومة الإيرانية لا تترفع عن قبول مدفوعات عملة البيتكوين حين يكون مصدرها ممارسات مثل هجمات رانسوم وير.    

تسعى إيران إلى التغلب على العقوبات الأميركية باستخدام البيتكوين

وتقول الصحيفة الأميركية، إن الإدارة الأميركية لا تسمح بأنَّ تتم هذه العملية بسهولة. إذ ذكرت إيران أنَّ مسؤولين فيدراليين أميركيين صادروا ما يزيد على 500 بيتكوين، بقيمة تزيد حينها بقليل على 5.7 مليون دولار.

ولأن العملات المشفرة محظورة في إيران، لا يبدو أنَّ مالكي العملات التي صودرت لديهم أي ملاذ قانوني للجوء إليه في إيران أو الولايات المتحدة.     

وإمعاناً في تأمين نفسها، تسرق إيران أيضاً قوة المعالجة في أجهزة الحاسوب، حتى تنقب عن المزيد من العملات المشفرة، في عملية يُطلق عليها "التعدين الخفي".

وتستهدف هذه السرقات الرقمية بشكل أساسيّ أهدافاً داخل منطقة الشرق الأوسط. إذ استهدفت إيران السعودية، عدوها اللدود، وكبَّدتها خسارة دورات حاسوبية ملايين الدولارات.         

وتسعى إيران حالياً إلى الخروج بتكتيك آخر لتجنُّب العقوبات الرادعة المفروضة عليها، يتمثل في استحداث عملة رقمية خاصة بها.

ونظراً لأن تلك العملات الرقمية لا تخضع لسلطة الجهات الرقابية الأميركية، فيُعتقَد أنَّ إيران ستكون قادرة على تلقي أموال وإرسالها والالتفاف على العقوبات التي تسري على البنوك التقليدية.

خاصة مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية وانتقاد المواطنين للملالي

ولكن، لِمَ تتكبد إيران كلَّ هذه المشقة؟ لتحافظ على تماسكها ووجودها؛ فالاقتصاد المتعثر والاضطرابات المدنية تهدد استقرار النظام الحالي.

فوفقاً لتقرير نشرته شبكة Fox News الأميركية: "تظهر فيديوهات تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ويُزعَم أنها مصوَّرة من داخل إيران، آلافَ المحتجين يتظاهرون في شوارع البلاد.

وفي أحد الفيديوهات، يمكن الاستماع إلى الجماهير وهي تهتف أثناء خروجها من مباراة كرة قدم: "الموت للديكتاتورّ! الموت لخامنئي! الموت لروحاني" و"لا بد أنَّ يغرب عنا النظام الإسلامي!" وفقاً لترجمة نشرها محلل لشؤون الشرق الأوسط على شبكة التواصل الاجتماعي تويتر".               

هذا ليس فألاً حسناً للنظام في إيران. وإن كانت طهران تأمل في الصمود لفترة طويلة بما يكفي لبدء استخدام إيران العملة الرقمية الخاصة بها.

وإذا حدث هذا، فنحن بصدد حرب من نوع جديد، ولن تكون الولايات المتحدة قادرة على استخدام قوتها المالية لدفع البنوك إلى رفض التعامل تجارياً مع إيران. ستنزع هذه المراوغات الإيرانية عن حكومتنا واحداً من أسلحتنا الناجعة.

وفي شهر يونيو/حزيران من عام 2010، بدأت تقارير إخبارية تورد اكتشاف دودة حاسوبية، تستهدف برنامج تخصيب اليورانيوم، وأجهزة الطرد المركزي في إيران.

 وألحقت دودة ستكسنت بهذه الأهداف أضراراً وأعطالاً بالغة، وأحدثت تأخيراً في عملها. وكانت هذه الشيفرة بالغة التعقيد، لدرجة أنها قد أُطِلق عليها أول سلاح سيبراني، وأنذرت بنشوب حربٍ من نوع جديد.

ربما حان الوقت للتفكير في السبيل لعرقلة العملة الرقمية الإيرانية التي يجري الإعداد لها حالياً

 إذ سيكون القيام بذلك بمثابة تسديد ضربتين متتاليتين، فمن ناحية ستتسبب العقوبات في انهيار مالي على الصعيد الداخلي، على نحو يفضي إلى تصاعد الاضطرابات.

والسؤال الذي يطرح نفسه حينها هو ما إذا كانت إيران قادرة على الصمود بما يكفي، حتى يصبح لعملتها المشفرة تأثيرٌ ملحوظ.

وتقتضي الفطنة أن نترقَّب بصبر إلى أن تستنزف العقوبات النظام الحالي.

ثم حينها، وتزامناً مع إطلاق إيران لعملتها الجديدة، ينبغي للولايات المتحدة أن تشنَّ هجوماً مماثلاً لهجوم ستكسنت، لتسحق أية آمال بتجنب آثار العقوبات.

وتريد إيران استنساخ تجربة فنزويلا للتغلب على الأزمة الاقتصادية

وتأمل إيران في أن تلعب بنفس القواعد التي اتبعتها فنزويلا، فهذه الدولة اللاتينية تقف على حافة الانهيار الاقتصادي جراء العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة عليها، وترتبط عملتها المشفرة الرسمية، البترو، باحتياطي الدولة الهائل من النفط.

وبدأت شركة بترول فنزويلا المملوكة للدولة، المعروفة باسم "بتروليوس دي فنزويلا"، في استخدام هذه العملة الرقمية اعتباراً من 20 أغسطس/آب.

ولكن لا يزال علينا أن ننتظر ردَّ فعل السوق. من جانبه، يصف موقع ICOindex.com -المتخصص في تعقُّب وتقييم "الطرح الأولي للعملات"- عملة البترو بأنها خدعة.

ووفقاً لتقييم الموقع، فإن الفريق القائم على البترو هو ذاته الذي أعدَّ خدعة البوليفار الشهيرة.                   

وتتعاون روسيا وإيران أيضاً للوصول إلى السبيل الأمثل لاستخدام العملات المشفرة مثل عملة البيتكوين، لإجراء معاملات تجارية، وتجنب العقوبات الأميركية.

وما يحاولان في الواقع فعله هو تجنب خدمة تبادل الرسائل حول الأمن المالي، التي يقدمها نظام سويفت (جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك).

وهذا النظام هو ما يمنع البنوك الأخرى من التعامل تجارياً مع روسيا أو إيران.

 ولا بد ألا نغفل هنا ذكر بوتين، الذي أمر بتطوير عملة روبل مشفرة. ويبدو أنَّ روسيا وإيران تخشيان الدولار أكثر مما تخشيان القوة  العسكرية الأميركية؛ مما يشير إلى تغير مقلق في التكتيكات التي لا نرد عليها بالسرعة المطلوبة.

وإذا نجحت روسيا وإيران في إطلاق عملات مشفرة مُرخَّصة من جانب الدولة، فستفقد حينها الولايات المتحدة وحلفاؤها واحدة من أكثر أدوات الرد نجاعة.

والخيارات في هذا الصدد محدودة، إذ يمكن أن تفرض الولايات المتحدة ضوابط مشددة على العملات الرقمية، لكن هذا لن يؤثر إلا في مالكي العملات المشفرة الملتزمين القانون.

ولن يكون لذلك تأثير يُذكر على المستوى العالمي، ما لم توافق الدول الكبرى على تبنّي تلك الضوابط. وهو أمرٌ يبدو في الوقت الحالي بعيد المنال.

ومن ناحية أخرى، ربما حان الوقت لأن نتصرف وفق قواعد اللعبة الخاصة بنا، ونصمِّم سلاحاً سيبرانياً جديداً.

ولكن بدلاً من استهداف أجهزة الطرد المركزي، علينا أن نفكر في استهداف العملات.

فمن الواضح أن إيران لم تستوعب الرسالة؛ لذا ربما تسترعي رسالة "التحويل مرفوض" انتباهها.