يتسبَّب هذا القرار في تأخر عودة السوريين إلى بلادهم.. واشنطن علَّقت أموال إعادة الإعمار وكلَّفت السعودية بتمويل قتال داعش

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/21 الساعة 15:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/21 الساعة 15:42 بتوقيت غرينتش
U.S. President Donald Trump speaks to reporters upon his departure from the White House in Washington, U.S., August 17, 2018. REUTERS/Kevin Lamarque

عندما غرَّد الرئيس ترمب عبر تويتر نهاية الأسبوع الماضي، بأن الولايات المتحدة وضعت نهاية لمبلغ 230 مليون دولار، الذي كانت تنفقه في تمويل مشروعات مدنية في سوريا لم يذكر أنَّ الولايات المتحدة ستواصل إنفاق مليارات الدولارات في سوريا لمحاربة تنظيم داعش

ونقلت مجلة The Atlantic الأميركية في تقريرها، تغريدة ترمب التي قال فيها:

"أنهت الولايات المتحدة التمويل السنوي السخيف بقيمة 230 مليون دولار من أجل تطوير سوريا. ستبدأ المملكة العربية السعودية ودول أخرى ثرية في الشرق الأوسط بالدفع بدلاً من الولايات المتحدة. أريد تطوير الولايات المتحدة وجيشها والدول التي تساعدنا!".

بدلاً من قتال داعش كان من الممكن توجيه الأموال للري وإزالة الألغام

وقالت المجلة الأميركية، كان من الممكن أن تساعد المبالغ المدفوعة  الولايات المتحدة

في الحفاظ على عنصر نفوذ في اللعبة الدبلوماسية، الدائرة في سوريا.

إذ يتقاتل الروس والإيرانيون والأكراد للحفاظ على مكتسباتهم في سوريا،

بينما تعمل تركيا على ضمان خسارة الأكراد لما جنوه من مكتسبات.

 وترى إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات تبذل الغالي والنفيس لضمان أنّ إيران لن تكون لها اليد العليا في دولة عربية أخرى.

 أما روسيا، على سبيل المثال، فتورد التقارير أنها تزيد من جهود الإغاثة وإعادة الإعمار في الوقت الراهن،

بعد أن استعاد حليفها بشار الأسد السيطرة على معظم أرجاء الدولة.

وبسبب قرب انتصار الأسد أصبح انخراط الولايات المتحدة في عملية إعادة الإعمار المدنية مسألة محفوفة بالتوتر

لأن هذا يعني ضمنياً دعم الولايات المتحدة فعلياً لنظام قصفته قبل ذلك مرتين لاستخدامه الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين.

لكن أميركا آثرت قتال التنظيم المسلح بأموال السعودية بدلاً من دعم إعادة الإعمار

ونقلت مجلة The Atlantic الأميركية في تقريرها تصريح المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، أثناء إعلان سحب المساعدات الأميركية يوم الجمعة الماضي قولها، إنّ مهمة الولايات المتحدة في سوريا مكافحة الإرهاب، وليس إعادة الإعمار،

وإنَّ السعوديين سيتحمَّلون مهمة التمويل.

وفي مؤتمر عبر الهاتف، عَقَده مسؤولون في الخارجية الأميركية مع الصحافيين يوم الجمعة الماضي

قال المسؤولون إنَّ حجم التمويل الأميركي المسحوب عوّضته بالفعل مساهمات حلفاء الولايات المتحدة -ومن بينهم السعودية- بمبلغ 300 مليون دولار.

وقالت هيذر نويرت، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية أثناء المؤتمر: "السبب الوحيد لتدخل أميركا في سوريا هو القضاء على داعش". (لا تزال الولايات المتحدة تُمد سوريا بالمساعدات الإنسانية، بقيمة تبلغ حوالي 8 مليارات دولار منذ بداية الصراع في 2011).

ووفقاً لبريت ماكغورك، المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمكافحة داعش،

فإن التنظيم، الذي سيطر في أوج قوَّته عام 2014 على منطقة مهمَّة تمتد في سوريا والعراق، قد جرى إخراجه الآن من حوالي 99% من الأراضي التي كانت واقعة تحت سيطرته.

ومع ذلك، تظل تكلفة قتال أفراد التنظيم أغلى بكثير من برنامج المساعدة المدنية الذي أنهته الولايات المتحدة للتو

إذ يستعد البنتاغون لاستقبال 15.3 مليار دولار في السنة المالية 2019، التي تبدأ في شهر أكتوبر/تشرين الأول لهذا الغرض.

شهد هذا المبلغ زيادةً طفيفة عن المبلغ الذي أنفقته الولايات المتحدة في السنة المالية الحالية، الذي بلغ 13 مليار دولار.

ولكن كما لفت أنتوني كوردسمان، الخبير في شؤون الدفاع في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية

، فإنَّ الزيادة "سببها الوحيد في الأغلب التوسع في الجهود المبذولة لإنشاء قوات أكثر فاعلية في العراق".

 ويوجد في سوريا حوالي 2000 جندي أميركي، يقدمون خدمات التدريب والمساعدة والنصح للقوات التي تقاتل داعش، وثمة 3765 جندياً أميركياً آخرين لا يزالون في العراق لنفس الغرض.

وعلى الرغم من أن تنظيم داعش قد أُخرج من كل المناطق التي خضعت لسيطرته في سوريا تقريباً

فإن قوات الأسد المدعومة من روسيا وإيران وحزب الله هي التي استعادت السيطرة على معظم تلك الأراضي

بالإضافة إلى الكثير من المناطق التي سيطرت عليها قوات المعارضة، وجميع المراكز السكنية في البلاد تقريباً.

 حتى المناطق التي لم يستردها الأسد مثل محافظة إدلب التي تسيطر عليها قوات المعارضة في الشمال الغربي، لا مفر لها من السقوط في براثن الأسد.

وهو ما سيتسبب في تأخير عودة ملاييين السوريين إلى بلادهم بسبب تأخر إعادة الإعمار

وقالت المجلة الأميركية، إنه من المرجح أن يسهم سحب إدارة ترمب التمويل المدني من سوريا

في تأخير عودة ملايين السوريين الذين نزحوا بفعل الحرب الدائرة في البلاد.

وتعيش الغالبية العظمى من هؤلاء النازحين في تركيا، ولبنان، والأردن. ونجح أكثر من مليون سوري في الوصول إلى أوروبا.

واستقبلت الولايات المتحدة حوالي 20 ألف سوري منذ بداية الصراع في 2011، من بينهم 56 شخصاً عام 2017، اعتباراً من 31 يوليو/تموز.

وفي موسكو اتهم وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف الولايات المتحدة

بأنها "تحاول اختلاق ما يبطئ عملية عودة اللاجئين، برفضها المشاركة في إعادة بناء البنية التحتية في سوريا".

بينما تنتقل سوريا من حالة الصراع إلى حالة إعادة الإعمار -في عملية من المتوقع أن تكلف مئات المليارات من الدولارات

تقول الولايات المتحدة إنها لن تدعم التمويل الدولي لعملية إعادة الإعمار، حتى تصرح الأمم المتحدة بما لا يدع مجالاً للشك أنّ هناك تقدماً في العملية السياسية في سوريا.

وقال ديفيد ساترفيلد -الدبلوماسي الأميركي الرفيع  في المنطقة-

في نفس المؤتمر الهاتفي مع نويرت: "لقد كنَّا واضحين للغاية، واضحين قدر المستطاع مع الحكومة الروسية، في أنه لن يكون هناك أي مساندات دولية لإعادة الإعمار في سوريا دون العملية السياسية التي لا رجعة فيها تحت مظلة الأمم المتحدة".

وأضاف: "ينبغي أن يكون هذا الأمر واضحاً لا لبس فيه".

وكذلك ينبغي ألا يكون هناك أي لبس في أن الجيش الأميركي سيبقى في المنطقة لبعض الوقت.

قال ماكغورك في مؤتمر الجمعة، إنَّ الولايات المتحدة تعد المرحلة الأخيرة من خطتها لهزيمة داعش.

وقال: "ستكون عملية عسكرية كبيرة لأننا لدينا عدد كبير من مقاتلي داعش، متحصنين في ملجأ أخير في منطقة وادي الفرات الأوسط".

وأضاف: "وبعد ذلك، سيكون علينا تدريب قوات محلية لتمسك بزمام الأمور، للتأكد من أن المنطقة ستبقى مستقرة، بحيث لا يتمكن تنظيم داعش من الرجوع.

لذا فهذه المهمة مستمرة ولم تنتهِ".

تحميل المزيد