بسبب الظروف الاقتصادية والرسوم السعودية.. كثير من المصريين لا يستطيعون إلى الحج سبيلاً

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/17 الساعة 19:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/17 الساعة 19:22 بتوقيت غرينتش
Hajj pilgrims take a selfie before leaving for the annual hajj pilgrimage to the holy city of Mecca, at the airport in Ahmedabad, India, August 1, 2018. REUTERS/Amit Dave

تضرر كثير من المصريين من ارتفاع الأسعار، مع خفض الدولة الدعم ضمن إصلاحات اقتصادية يدعمها صندوق النقد الدولي، ما أثر على أعداد الذاهبين إلى الحج والذين يتعاملون مع الأضحية كل عام

وحتى مَن هُم أيسر حالاً من المصريين يجدون الآن رحلة الحج أكثر صعوبة، بعدما رفعت السلطات في مصر والسعودية الرسوم على تكرار العمرة خلال 3 سنوات.

وقفز التضخم بعد أن حررت مصر سعر صرف عملتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ليبلغ مستوىً قياسياً في يوليو/تموز 2017، بفعل تخفيضات دعم الطاقة، لكنه انحسر تدريجياً منذ ذلك الحين.

ولطالما يُمنِّي محمود عوني نفسَه بالسفر إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج، لكنه يقول إنه قد لا يستطيع ذلك أبداً في الوقت الحالي؛ بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها البلاد.

يقول عوني (47 عاماً)، المقيم بالقاهرة والذي يعمل موظفاً بوزارة الشباب والرياضة: "الحالة الاقتصادية صعبة جداً، اللي محتاجه البيت يِحْرَم على الجامع"، مستشهداً بمَثَل مصري شائع.

وأرجأ عوني، مثله في ذلك مثل كثير من المصريين، خططه للذهاب إلى الحج لأجل غير مسمى؛ بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن عمر مروان، وزير شؤون مجلس النواب المصري ورئيس بعثة الحج الرسمية، قوله إن عدد الحجاج هذا العام بلغ نحو 64 ألفاً فقط مقارنة مع نحو 80 ألفاً هي حصة مصر هذا العام (2018)، بانخفاض نسبته 20%.

ووفقاً لوسائل إعلام رسمية، فإن عدد حجاج العام الماضي (2017) كان 80 ألفاً، وهي الحصة نفسها التي كانت مقررة لمصر في ذلك الوقت.

وذكرت مصادر بمطار القاهرة الدولي أن شركة مصر للطيران ألغت عدداً من رحلات الحج والعمرة؛ لعدم الجدوى الاقتصادية.

أرقام الحج والعمرة في انخفاض بسبب زيادة أسعار التكلفة

وقال أحمد إبراهيم عضو اللجنة العليا للحج التابعة لوزارة السياحة، إن الأرقام الخاصة بموسم العمرة هذا العام (2018) في انخفاض.

وقال: "عدد المعتمرين هذا العام بلغ 380 ألفاً، بتراجع عن العام الماضي (2017) بنحو 50%، وده راجع لسوء الأحوال الاقتصادية وارتفاع أسعار العمرة هذا العام".

وأضاف: "قرار مصر والسعودية فرض رسوم على مُكرِّري العمرة جعل ناس كتير من المعتمرين متروحش؛ لارتفاع التكلفة".

قال عوني: "أنا اللي معايا معيّشني أنا وأولادي بالعافية (بالكاد). مش معقولة أروح أعمل حج وبيتي محتاج! والدين بيقول لمن استطاع".

وأضاف: "في عام 2010، كنت أسمع بين جيراني في موسم الحج خمسة أو ستة رايحين، حالياً كل ثلاث أو أربع سنوات واحد يطلع".

وفرضت السعودية رسوماً قدرها 2000 ريال (533 دولاراً) على من يقوم بالعمرة لمرة ثانية في غضون 3 سنوات. كما رفعت مصر هذا العام (2018) الرسوم على من يرغب في أداء العمرة مرة ثانية.

وتقول شركات سياحة إن تكلفة الحج في مصر قفزت إلى نحو 60 ألف جنيه هذا العام (2018) لفئة الحج الاقتصادي البري، مقارنةً مع نحو 30 ألف جنيه العام الماضي (2017)، في حين زادت تكلفة الحج السياحي، الذي يشمل رحلات طيران وإقامة فاخرة وخدمات أخرى، إلى 152 ألف جنيه من 100 ألف في العام الماضي (2017).

وقال حمادة راضي، وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 55 عاماً، إن تكاليف رحلة الحج الإجمالية يمكن أن تصل إلى 120 ألف جنيه (نحو 6700 دولار).

وأضاف راضي: "أسعار تذاكر الطيران ارتفعت، ورسوم الحج هنا وفي السعودية أيضاً، اللي معاه فلوس هو اللي هيروح".

ويهرب المصريون إلى صكوك الأضحية بسبب ارتفاع  أسعارها

في السياق نفسه، اتجه مصريون، ممن يتشبثون بالأضحية في عيد الأضحى المبارك، نحو الصكوك التي يتم التعامل معها رقمياً عبر وسائل عدة، بينها الإنترنت والبنوك، لمواجهة ارتفاع الأسعار وتزامُن العيد مع قرب العام الدراسي.

ويقبل كثير من المواطنين على صكوك الأضاحي؛ لكونها تمثل بديلاً أرخص من تحمُّل تكلفة شراء الأضحية بالكامل ودفعة واحدة، حيث يسهم مع آخرين في تحمُّل سعرها.

وصكُّ الأضحية عبارة عن توكيل من المضحي لوزارة الأوقاف أو الجمعيات الخيرية، بشراء سهم في الأضحية والذبح عنه، واعتبرته دار الإفتاء المصرية جائزاً كنوع من الوكالة.

ووفَّرت معظم الجمعيات وسائل الدفع إلكترونياً، أو عن طريق الحساب البنكي؛ للتسهيل على الراغبين في الشراء، مع إمكانية الاتصال بالجمعية لإرسال مندوبها لتحصيل قيمة الصك؛ بل إن بعضها يقبل تقسيط المبلغ على 6 أشهر.

وتشهد سوق الأضاحي في البلاد حالة من الركود قبل أيام قليلة من عيد الأضحى، في ظل عدم قدرة الكثير من المصريين على الشراء؛ بسبب تدني الدخول.

زيادة الأسعار قلل الذين يقومون بالأضحية كل عام
زيادة الأسعار قلل الذين يقومون بالأضحية كل عام

ويبلغ متوسط سعر الكيلوغرام من اللحوم الحمراء نحو 130 جنيهاً (7.3 دولار)، ويرتفع إلى ما بين 140 و150 جنيهاً (8.4 دولار) للحم الضأن لدى القصابين.

لكنَّ سعره يصل في المجمعات التابعة لوزارتي التموين والزراعة، وبعض المحافظات إلى ما بين 80 جنيهاً (4.5 دولار) و100 جنيه (5.6 دولار) للكيلوغرام.

وتتراوح أسعار صكوك اللحوم من الماشية المستورة هذا العام (2018)، بين 1800 و2250 جنيه للصك (100 دولار- 126 دولاراً).

كما تراوح سعر صك اللحم البلدي بين 3000 و3300 جنيه (168-185 دولاراً) للصك، وفق أسعار أعلنتها الجمعيات الأهلية.

في حين تطرح وزارة التموين المصرية، بالتعاون مع وزارة الأوقاف، صكاً بقيمة 1500 جنيه (85 دولاراً).

ويزن صك الأضحية 27 كيلوغراماً، تسمح الجمعيات الخيرية لصاحب الصك بالحصول على ثلث الأضحية؛ أي نحو 9 كيلوغرامات.

رغم محاولات وزارة الزراعة توفير اللحوم

محمد شرف، نائب رئيس شعبة القصابين باتحاد الغرف التجارية (غير حكومية)، يقول إن الإقبال على شراء الأضاحي تراجَعَ، جراء ارتفاع الأسعار والقرارات الحكومية بمنع الذبح أمام المحلات، وتزامُن العيد مع قرب بدء العام الدراسي الذي يحتاج مصروفات كبيرة.

ويوضح أن أسعار العجول وصلت في المتوسط إلى 30 ألف جنيه (1650 دولاراً)، في حين وصل متوسط سعر الخروف إلى 5 آلاف جنيه (280 دولاراً).

ويشير إلى أن الكثير من المواطنين يتجهون إلى الصكوك، جراء ارتفاع أسعار النقل، وتوفيراً لنفقات توزيع اللحوم وغيرها من الأعباء.

ووفرت وزارة الزراعة 2775 رأساً من العجول البلدية، وأغنام الأضاحي للبيع للمواطنين من خلال مزارعها ومحطاتها البحثية، بسعر موحد 57 جنيهاً (3.2 دولار) للكيلوغرام.

الخبير الاقتصادي شريف الدمرداش قال في حديثه لـ"الأناضول"، إن الصكوك زادت أهميتها مؤخراً، جراء ارتفاع أعداد السكان (100 مليون نسمة)، وكذلك الغلاء والأوضاع الاقتصادية المتردية.

ويضيف الدمرداش، لـ"الأناضول"، أن الصكوك نوع من المشاركة، جراء عدم قدرة الفرد بمفرده على شراء أضحية منفصلة، وهو أمر محمود للحفاظ على الشعيرة.

ويوضح أنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تآكلت الطبقة المتوسطة جراء الإصلاحات الاقتصادية وتداعياتها.

وشرعت مصر منذ 2016، في تنفيذ برنامج "الإصلاح الاقتصادي"، الذي شمل تحرير سعر صرف الجنيه، ورفع أسعار المواد البترولية والكهرباء، بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات؛ ما أدى إلى ارتفاع ومضاعفة أسعار السلع والخدمات.

وفقد الجنيه المصري أكثر من نصف قيمته خلال العامين الماضيين، ليقترب الدولار الواحد حالياً من حاجز 18 جنيهاً.