تمكَّنت من الفرار منه في العراق بحيلة ذكية لكنها وجدته أمامها في ألمانيا.. فتاة أيزيدية تقابل مختطفها الداعشي الذي ظلَّ يلاحقها

كانت أشواق قد تعرَّضت للأسر يوم 3 أغسطس/آب 2014، في الفترة التي شهدت هجوماً كبيراً من التنظيم على المناطق التي يقيم فيها الأيزيديون في كردستان العراق

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/16 الساعة 15:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/16 الساعة 15:38 بتوقيت غرينتش
فتاة أيزيدية تقابل مختطفها

سألها مُستعبدها السابق بالألمانية فيما إذا كانت هي "أشواق"، فردَّت بأنها ليست "أشواق"، ولا تعلم مَن هي، ولا تعرفه أيضاً. "من أنت؟" ردت عليه متسائلة، فأجابها "كلا أعرفك وأنتِ تعرفيني. أنا أبو همام وأنتِ أشواق، وأعلم منذ متى أنتِ متواجدة في ألمانيا".

لم يجر هذا المشهد في إقليم كردستان أو منطقة شمالي العراق، حيث تم اختطاف الفتاة الأيزيدية أشواق واستعبادها وبيعها كسلعة من قبل تنظيم "داعش" قبل أعوام، بل حدث على مسافة آلاف الكيلومترات على الأراضي الألمانية، كما تؤكد الفتاة.

كان لقاء صادماً، شعرت بعدها أنها لم تعد في أمان قرب مدينة شتوتغارت في ألمانيا التي عاشت فيها منذ 3 أعوام، وذهبت لمدارسها وتعلمت لغتها وخضعت للعلاج النفسي فيها. حتى بعد أن ابتعدت عن المجرمين الذين اختطفوها وابتاعوها لمسافات شاسعة، فقرَّرت العودة إلى أقليم كردستان العراق، حيث يعيش مَن تبقَّى من أهلها.

بداية القصة.. الأسر على يد التنظيم

كانت أشواق قد تعرَّضت للأسر في الثالث من شهر أغسطس/آب 2014، في الفترة التي شهدت هجوماً كبيراً من التنظيم على المناطق التي يقيم فيها الأيزيديون في كردستان العراق، وتم خطف قرابة 5000 شخص بين رجل وامرأة وطفل.

وتمكنت أشواق من الفرار يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.

كانت واحدة من بين قرابة 1000 فتاة وامرأة مصابات بصدمات جراء اختطافهن أو تعرّضهن للاعتداء الجنسي والاستعباد، وصلوا إلى ولاية بادن فورتمبرغ عبر مبادرة سياسية في العام 2015 من قبل فينفريد كريتشمان، رئيس وزراء ولاية بادن فورتمبيرغ.

شاهدته مرتين

تقول في شريط مصور انتشر على نطاق واسع على الشبكات الاجتماعية في اليومين الماضيين، إنها شاهدت الرجل المنتمي لتنظيم "داعش" الذي قام ببيعها حين أسرها، في ألمانيا مرتين. أولاهما عام 2016، واعتقدت حينها أنها مخطئة وأن الذي شاهدته ليس المدعو "أبو همام" الذي اشتراها عندما كانت مختطفة لدى "داعش".

وأوضحت أنها رأته يوم 21 فبراير/شباط الماضي للمرة الثانية، في بلدة "شفيبيشه غموند"، غير البعيدة عن مدينة شتوتغارت.

قالت إنها كانت خائفة، وعرفت أنه هو الشخص الذي ظلَّت مسجونة لديه 3 أشهر، وباتت بالكاد قادرة على التحدث لتنفي أمامه أن تكون أشواق.

وأوضحت أن مستعبدها السابق تكلم معها بعد ذلك بالعربية، فواظبت على الرد بالألمانية، قائلة إنها لا تتحدث العربية، بل تتحدث التركية والألمانية، متظاهرة بذلك بأنها ألمانية من أصول تركية. فقال لها إنه يعرف أنها تعيش مع والدتها وشقيقها في ألمانيا منذ 2015، وذكر لها عنوانها، مؤكدة أنه كان يعرف كل شيء باختصار عن حياتها.

هل هذه هي الحالة الوحيدة؟

تقول أشواق في رسالتها المصورة، إنها لا تتحدث بلسانها فحسب، بل بلسان كل الفتيات المحرَّرات من تنظيم "داعش" المتواجدات في ألمانيا، اللواتي تحدثن عن رؤيتهن سجانيهم السابقين في ألمانيا، ضاربة المثل بصديقة لها تعيش في شتوتغارت، قالت لها إنها شاهدت سجانها السابق.

الأمر الذي أكدته الكاتبة الألمانية البارزة دوزن تيكال، ذات الأصول الأيزيدية أيضاً، قائلة على تويتر إنها لا تسمع هذا الكلام من السيدات للمرة الأولى، موضحة أن الصعب في الأمر حتى الآن توفير مجموعة من الأدلة على ذلك.

وأشارت إلى أنها تواصلت مع السلطات الأمنية والنيابة العامة، وتبين لها أن تبليغ أشواق سُجل لدى الشرطة، في شهر فبراير/شباط الماضي، وأن عملية تحديد هوية المشتبه به جارية، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق الآن بما إذا كانت الأدلة ستتأكد، وفيما إذا كانت كافية لتعتقله السلطات.

فضيحة لألمانيا إذا ما تأكدت روايتها

وأكدت أنه في حال صحّ الأمر وكان سجانها السابق يلاحقها في ألمانيا، فإنها ستكون "فضيحة".

وأكد يان إلهان كزلهان، عالم النفس والمشرف على برنامج حكومة ولاية بادن فورتمبرغ لمساعدة ضحايا الإرهاب الأيزيديين، على تويتر يوم الأربعاء 15 أغسطس/آب، أن لديهم حتى الآن أكثر من 10 حالات مشابهة، موضحاً أن الادعاء العام الاتحادي في ألمانيا لديه وحدة خاصة بهذه القضايا، وأنه بمجرد إخبار الشرطة أو إخبارهم بذلك ستقوم الوحدة المذكورة بفعل كل شيء لبدء التحقيق والحفاظ على أمن الناجين، مشيراً إلى أنه تم إخبار المسؤولين عن الأمر بشأن هذه القضية.

جاء رد كزلهان على مقال نُشر على موقع "باسنيوز" المحلي في كردستان العراق، تحدثت فيه أشواق عن الواقعة، أوحى فيها الكاتب بأن السلطات الألمانية تقاعست عن حمايتها من مُلاحقها "أبو همام".

يقول الموقع إن أشواق فرَّت من "أبو همام" لمتجر قريب بعد اللقاء المذكور في ألمانيا، وبقيت هناك حتى تأكدت من مغادرته، ثم أخبرت شقيقها بعد عودتها للمنزل وذهبت لإدارة الملجأ في اليوم التالي، وتم إخبار الشرطة بالأمر.

ويضيف أنه بعد استجوابها لبعض الوقت، فحصت الشرطة كاميرا المراقبة المثبتة في المتجر، وتمكنت من تحديد هوية الرجل في الصور.

وتنقل عن أشواق قولها إن الشرطة أخبرتها بأنه "لاجئ" أيضاً، كشأنها تماماً، وليس بوسعهم فعل شيء حيال ذلك، واكتفوا بمنحها رقم هاتف تستطيع الاتصال به إن أوقفها "أبو همام"، وأنه بعد ذلك قرّرت العودة لكردستان وعدم العودة إلى ألمانيا.

هل تباطأت السلطات في التحقيق وحمايتها؟

وقال مكتب التحقيقات الجنائية في ولاية بادن فورتمبرغ، إنه تسلم التحقيق في هذه القضية في 13 مارس/آذار الماضي، لكن لا يمكن المضي في ذلك، لأنه لم يعد بالإمكان التواصل مع الشاهدة "أشواق" بغرض طرح أسئلة عليها.

وقال بولا غارمياني، وهو مستشار سياسي، على حسابه بموقع تويتر الذي نشر عبره الفيديو أيضاً، الخميس إن المجتمع الكردي في ألمانيا تواصل أمس مع المحامين، وأصبحوا على تواصل مع كبير المدعين العامين، وإن هناك مذكرة اعتقال ضد المشتبه به.

معاناة "أشواق" خلال الخطف.. كيف تمكَّنت من الهرب؟

تقول الفتاة التي كانت في الخامسة عشرة من العمر عند اختطافها من خانيصورة في سنجار لموقع "باس نيوز"، الذي أوضح أن الداعشي العراقي الجنسية "أبوهمام" كان قد "اشتراها" في مدينة الموصل مقابل 100 دولار. وأضافت أنه تعامل معها بشكل لا إنساني.

"ليلة اختطافنا، تم نقلنا من طرق وعرة جداً إلى مدينة الشدادي (جنوب الحسكة) في سوريا، وجرى حبسنا في بناء مكون من 3 طوابق. كانوا يحتجزون في هذا المكان الكثير من الأيزيديين المختطفين. هذا المكان كان أشبه بمسلخ داعش. ذبحوا الكثير من المختطفين هنا، وقتلوا آخرين رمياً بالرصاص".

وتروي أنه تم تجريدهم من كل ما يمتلكونه بمجرد وصولهم، وتم منحهم ماء قذراً وطعاماً فاسداً، وأنه تم الطلب من جميع المحتجزين في اليوم التالي بالتحول للإسلام، فقبل عمها بذلك كي لا يتم إيذاء النساء والأطفال، فجلب عناصر "داعش" الحلوى وبدأوا بالاحتفال.

وتشير إلى أنه تم الفصل بين الرجال والنساء المسنات والأطفال والفتيات الصغيرات، ونقلهم في حافلات منفصلة، وذهبوا في اتجاه سنجار، لكن حافلة الفتيات الصغيرات توقفت في الموصل، وتم تركهن جميعهن في الفندق.

وقالت إنه في يوم من الأيام جاء "داعشي" يدعى أبومحمد وأخذ 18 فتاة بمن فيهن هي، وتم نقلهن لغرفة كبيرة يوجد فيها الكثير من الرجال، فأخذ أحدهم محفظته ودفع بعض المال لأبومحمد، فأدركوا أنه قد اشترى للتو 4 من أخواتها، وواحدة من قريباتها، مشيرة إلى أن بكائهن بشدة كان دون جدوى.

ينقل عنها الموقع أيضاً أن أشواق وواحدة من شقيقاتها و10 فتيات أيزيديات بقين في الغرفة، وبعد مضي بعض الوقت، جمعت ميليشيات "داعش" قرابة 100 من الفندق، وتم نقلهن إلى منطقة قرب الحدود السورية، غرب الموصل، حيث استقبلهن "داعشي" آخر يدعى "أبوهلال"، وتم وضعهن في بناء، وطُلب منهن الاستحمام وتغيير ملابسهن.

في انتظار المشتري

تقول إنه كان يتم أخذ بعض الفتيات بشكل يومي من المكان، حيث كان يتم العثور على "بائع"، حتى بقيت هي و4 فتيات أخريات في مدرسة حوّلها التنظيم إلى سجن.

وتضيف أن 4 سجانين يدعون "أبوهمام شرعي وأبوهلال وأبوأنس وأبوعاصم" اشتروا الفتيات ونقلوهن إلى منازلهم في القرية.

ويشير موقع "باس نيوز" إلى أن أشواق أُجبرت على التحول للإسلام، وكانت تصلي 5 مرات في اليوم وتحفظ القرآن. تقول أشواق إنها كانت تأمل من فعل ذلك ألا يؤذيها، لكنه كان يفعل على الرغم من ذلك.

خطة الهروب

تقول إنها استطاعت أن تحظى بثقة "أبوهمام"، فكان يترك متعلقاته في المنزل بما في ذلك هاتفه المحمول، فخابرت شقيقها عَبره في إحدى المرات، وإنها أخبرت 4 فتيات كان مشتريهن "أبوهلال" قد قُتل خلال القتال، بأنه يتوجب عليهن الهرب، مضيفة أن شقيقها أخبرها بخطة للهرب.

 وتوضح أنها والفتيات بدأن بخدش أيديهن وأجسادهن وأخبرن "أبوهمام" و"أبوأنس" بأن هذه الجراح ليست سوى نوع من التحسس، ويتوجب عليهن زيارة الطبيب، فقبل وأخذهن للمشفى، وتركهن هناك قائلاً إنه سيعود لاحقاً، فحصلن على حبوب قال شقيقها إنها ستجعل أعضاء التنظيم ينامون إن تم وضع كميات كبيرة منها في الطعام.

وتقول إن أبوهمام أخبرها في اليوم التالي بأنه سيستقبل ضيوفاً، وأن عليها تحضير الطعام، فاقتنصت الفرصة ووضعت الحبوب في الطعام.

يذكر الموقع أن أشواق والفتيات الأربع الأخريات تمكنّ من تنويم 17 رجلاً، وأوصدن الأبواب وهربن في ظلمة الليل، ومشين 14 ساعة قبل أن يصلن إلى جبال سنجار، حيث كان الآلاف من الأيزيديين يتواجدون في أمان هناك.

يقول الموقع إن أشواق تعيش الآن مع والدها المحرر من داعش بدوره، البالغ من العمر 53، في إقليم كردستان، وإنه ما زال الكثير من أقربائها يعانون من التنظيم، منهم 5 من أشقائها ما زالوا في عداد المفقودين، وإحدى شقيقاتها محتجزة لدى "داعش".


اقرأ أيضاً:

زوجته الأولى شبهته بعمر الشريف وكان يحتفل معها بالأعياد المسيحية ثم انقلبت عليه.. تفاصيل جديدة بعد مقتل وزير التعليم في "داعش"

داعش في مخيمات اليونان .. مجموعات متشددة تهاجم الأكراد اللاجئين وتحول حياتهم إلى جحيم

علامات:
تحميل المزيد