تزويج طفلة عمرها 11 عاماً برجل يكبرها بـ30 عاماً يثير الجدل بماليزيا.. الحادثة دفعت الحكومة للتفكير في رفع سن الزواج

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/16 الساعة 18:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/16 الساعة 18:33 بتوقيت غرينتش

أُعيدَت عروسٌ طفلة تبلغ من العمر 11 عاماً، كانت قد زُوِّجَت لرجلٍ في ماليزيا يكبُرها بثلاثين عاماً لموطِنها في تايلاند حيث تعيش الآن تحت رعاية إدارة الشؤون الاجتماعية المحلية.

زُوِّجَت آيو، التي يُشار لها هُنا بكُنيتها غير الرسمية فقط، حرصاً على حمايتها، في شهر يونيو/حزيران الفائت، لتكون الزوجة الثالثة للماليزي تشي عبدالكريم تشي عبدالحميد، وهو تاجر مطاط مسلم مِن ولاية كيلانتان شمالي ماليزيا. وحسب تقرير لصحيفة The New York Times الأميركية، فقد أثارت قضية الطفلة التايلاندية حملة مراجعةٍ للذات في دولة ماليزيا، حيث يُناقِض انتشار زواج الأطفال في بَلَد جنوب شرق آسيا مظهرها العام العصري.

القانون الماليزي يُبيح زواج الطفلة دون 16 عاماً!

وقال سورابول برومول، حاكم محافظة ناراتيوات جنوب تايلاند، إنَّه في وقتٍ سابق من الشهر الجاري أغسطس/آب، أوقَف المسؤولون التايلانديون آيو ووالديها، في بلدةٍ تايلاندية تقع على الحدود الماليزية. والآن يُعتَنى بها في مؤسسةٍ حكومية تايلاندية، ويقوم على رعايتها طاقمٌ نسائي من متخصصاتٍ اجتماعيات وعالمات نفس وطبيبات.

وقال سورابول إنَّه لم يُسمَح لتشي عبدالكريم بزيارتها هُناك. وقال: "أهمُّ ما في الأمر بالنسبة لنا هوَ أن نُعالِج حالتها النفسية، نحنُ نعمل لتَكون الطفلة هادئة ولتَشعُر بتحسُّن".

يُبيح القانون الماليزي زواج القصَّر في حالاتٍ معيَّنة، إذ يُمكِن للمسلمين، ممَّن تُطبَّق عليهم أحكام الشريعة الإسلامية في كثيرٍ من الشؤون المدنية، التزوُّج قبل بلوغهم سن 16 عاماً، إذا ما حصلوا على إذنٍ من محكمة إسلامية. بينما يُمكِن لغير المسلمين بين سن 16 و18 عاماً التزوُّج بشرط الحصول على موافقة قساوسة مفوَّضين من الدولة.

لكنها تحاول استدراك الأمر

وفي العام الفائت، أقرَّت ماليزيا قانوناً جديداً يُجرِّم الاستدراج الجنسي، أي حينما يُوطِّد بالغ صلةً عاطفية مع طفل بغرض استغلاله جنسياً. ومع ذلك، فشلت محاولةٌ أُجريَت لحظر زواج القصَّر. وقال مشرِّعٌ من الحزب الحاكم آنذاك، كان قد عمل سابقاً قاضياً بمحكمة الشريعة، إنَّ الفتاة البالغ عمرها 9 سنوات قد تكون صالحةً للزواج إذا ما كانت قد بلغت.

لكنَّ الحكومة الماليزية الجديدة، التي تولَّت سلطة البلاد في شهر مايو/أيار الفائت، قالت إنَّها تتعهَّد بمحاربة زواج القصَّر الشائع بين أطفال مجموعة الملايو الإثنية وسكَّان ماليزيا الأصليين.

وقالت وان عزيزة وان إسماعيل، نائبة رئيس وزراء ماليزيا ووزيرة تنمية شؤون المرأة والأسرة والمجتمع: "نريد رَفع سن الزواج ليصبح 18 عاماً فما أكثر. لدينا الإرادة السياسية الكافية لتحقيق هذا التطوُّر، لكنَّ عليَّ أن أُشرك جميع الأطراف المعنيَّة بهذا القرار. وهذا يتطلَّب وقتاً".

وقالت وان عزيزة إنَّ مكتب النائب العام الماليزي يُحقِّق الآن فيما إن كان تشي عبدالكريم قد انتهك القوانين الماليزية المُجرِّمة للاستدراج الجنسي، ومعها قوانين أخرى تحكم حالات زواج الأطفال. وبينما قال تشي عبدالكريم إنَّه لم يكن لـ"يلمس" آيو حتى تبلغ السادسة عشرة، فإنَّه قد أخذها في عطلةٍ إلى منتجع على هضبةٍ معزولة في ماليزيا، وهذا بحسب منشورٍ على موقع فيسبوك رأته زوجته الثانية.

وفي الشهر الفائت يوليو/تموز، فرضت محكمة الشريعة بولاية كيلانتين على تشي عبدالكريم غرامة قدرها 450 دولاراً لتزوُّجه آيو دون الحصول على إذن المحكمة.

والمدافعون عن حقوق الأطفال يتهمون الحكومة بالتراخي

يقول المدافعون عن حقوق الأطفال إنَّ حُكم المحكمة الإسلامية ذاك لم يكُن سوى عقابٍ خفيف. واتَّهم النشطاء الحكومة الماليزية بالتراخي عن الانتهاء من تحقيقها بزواج تشي عبدالكريم الثالث. (إذ يُسمَح للمسلمين في ماليزيا بالتزوّج من أربع نساء).

وقالت لطيفة كويا، وهي المديرة التنفيذية لمجموعة Lawyers for Liberty، أي "محامون من أجل الحرية"، وهي منظَّمة قانونية تَعنى بحقوق الإنسان: "يظل ذاك الرجل خطراً على هذه الطفلة وعلى غيرها من الأطفال الضِّعاف الآتين من عائلاتٍ فقيرة. فشل اتخاذ موقفٍ حاسم بهذه القضية فيه إشارة للمرتكبين المحتملين للجرائم الجنسية ضد الأطفال أنَّ بإمكانهم ممارسة هذا الفعل في ماليزيا بأمان".

خاصة بعد نَقل آيو "العاجل" إلى تايلاند

إذ سألت لطيفة: "لماذا أُرسِلت هذه الطفلة، التي هي الشاهدة الرئيسية في الادِّعاء ضدّه سريعاً وبشكلٍ فجائي إلى تايلاند؟ خطوة إرسال الطفلة إلى السلطات التايلاندية هكذا هي خطوةٌ مكشوفة هدفها إغلاق القضية والتخلُّص من المشكلة".

وقالت وان عزيزة، نائبة رئيس الوزراء الماليزي، إنَّه نظراً لجنسية آيو، كان من المنطقي أن تعود الطفلة إلى تايلاند.

وأضافت: "إنَّها مواطنةٌ تايلاندية، وتريد السلطات التايلاندية الاعتناء بعافيتها. علينا أن نفصل بينهما من أجل مصلحة الطفلة. تعاون ضبَّاطنا معاً لتقديم الدعم حتى يتمّ ذلك على أحسن وجه".

ومع أنَّ آيو قد وُلِدَت في تايلاند، إلَّا أنَّها عاشت معظم حياتها في شمالي ماليزيا، حيث كافح والدها لتلبية احتياجات أسرته بعمله جامعاً للمطاط. وعاشت الأسرة في كوخٍ خشبي لا توجد به مياه جارية، ولم تذهب آيو إلى المدرسة.

وكل ما حصل للطفلة كان سببه "الفقر"

لا تتحدَّث آيو اللغة التايلاندية، ولم يتَّضح ما إن كان بوسع والديها إعالة نفسيهما إذا ما بقيا في تايلاند.

تمَّ زواج آيو في تايلاند بحضور والديها وصديقٍ لتشي عبدالكريم، بصفتهم شهوداً على الزواج. وأشار سورابول، حاكم محافظة ناراتيوات، أنَّ تشي عبدالكريم كان يتولَّى دوراً قيادياً في مسجده بماليزيا، وقال إنَّ القِران بدا سليماً من الناحية الدينية.

وقال سورابول إنَّه من المبكِّر تخمين ما إن كانت ستُوجَّه تهمٌ ضد تشي عبدالكريم لِتزوُّجه من طفلةٍ بعمر 11 عاماً. وأضاف: "يمكن للقضية القانونية الانتظار لأنَّه لا يوجد تاريخٌ لانتهاء صلاحيتها. دعونا نرعَى الفتاة أولاً ونُعيد لها طفولتها الطبيعية".

_____________

اقرأ ايضاََ

"صديقتي أصبحت زوجة أبي".. قصة زواج طفلة عمرها 11 عاماً تهز ماليزيا.. وزوجها يخشى الانتقام النسائي وليس الحكومة