قال مصدر أمني مصري، الخميس 16 أغسطس/آب 2018، لوكالة رويترز، إن القاهرة تضع اللمسات النهائية لبنود هدنة طويلة الأمد بين حماس واسرائيل وسط تراجع لحدة التوتر على الحدود مع القطاع الذي يقطنه مليونا نسمة.
وتوسطت مصر في هدنة مؤقتة، سمحت بإدخال البضائع إلى القطاع قبل عيد الأضحى، الذي يحل الأسبوع المقبل.
وقال المصدر: "نضع اللمسات الأخيرة للتوقيع على بنود التهدئة من كل الأطراف، ونتوقع أن نعلن عنها الأسبوع المقبل إذا ساعدتنا فتح على ذلك". وتهيمن "فتح"، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على الضفة الغربية المحتلة.
وكان الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي شددا خلال اتصال هاتفي، الخميس، "على ضرورة الإسراع في نزع فتيل التصعيد و(تأمين) دعم إنساني في غزة"، وفق ما أعلنته الرئاسة الفرنسية.
وأورد الإليزيه أن ماكرون "أشاد بالجهود المصرية للمضي قدماً في المصالحة بين الفلسطينيين، وضمان هدنة في غزة، وتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين".
ومنذ يوليو/تموز 2018، شهد القطاع تبادلاً لإطلاق النار، كان الأعنف الخميس 9 أغسطس/آب 2018، عندما ردَّت إسرائيل بسلسلة غارات جوية على صواريخ وقذائف هاون أطلقتها "حماس" والمجموعات العسكرية من غزة.
والتزم الطرفان بعودة التهدئة إثر وساطة مصر ومسؤولين في الأمم المتحدة.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال افتتاحه في رام الله جلسة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية أعلى هيئة تشريعية عند الفلسطينيين والتي تُعقد تحت عنوان "الشهيدة رزان النجار والانتقال من السلطة إلى الدولة"، وتقاطعها فصائل رئيسية في منظمة التحرير ومنها الجبهتان الديمقراطية والشعبية لتحرير فلسطين وحركة حماس: "جهود المصالحة التي تقودها مصر مشكورة، لا شك في أن مصر تبذل جهوداً، ولكن النوايا غير موجودة لدى حماس من أجل المصالحة".
وأضاف: "هناك من يشجع على عدم السير في المصالحة، وهناك من يعتبر الآن أن القضية قضية إنسانية فقط، علينا أن نساعد الناس إنسانياً وبس (فقط)".
ولم ينضم مسؤولون من "فتح" إلى مسؤولين من "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى، لإجراء المحادثات في القاهرة بشأن الهدنة طويلة الأمد.
لكنَّ دعم حركة فتح حيويٌّ لأي اتفاق؛ إذ تحتفظ الحركة بوجود قوي في القطاع، إضافة إلى هيمنتها على الضفة الغربية المحتلة بقيادتها للسلطة الوطنية الفلسطينية.
الإعلان عن هدنةٍ مدتها عام تُمدَّد لـ4 سنوات أخرى
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ"رويترز": "التهدئة مدتها عام، يتم خلالها التواصل لتمديدها لمدة 4 سنوات أخرى".
ومن شأن التوصل إلى هدنة طويلة الأمد التمهيد لإجراء محادثات بشأن قضايا أخرى، بما يشمل تخفيف الحصار الذي قوَّض اقتصاد القطاع، ومبادلة محتملة لسجناء فلسطينيين مقابل رفات جنديين إسرائيليين.
وقال المصدر إنه كان من المتوقع أن يلتقي مدير المخابرات العامة المصرية عباس كامل مع الرئيس عباس في رام الله، بعد محادثات مماثلة في إسرائيل، وإن الإعلان عن الاتفاق قد يتم الأسبوع المقبل.
وأكد مسؤول إسرائيلي -طلب عدم ذكر اسمه- لقاء "كامل" مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في إسرائيل، هذا الأسبوع، لكنه لم يفصح عن تفاصيل.
وقال مصدر فلسطيني في رام الله، إن "كامل" غادر دون أن يلتقي عباس، الذي كان لديه ترتيبات مسبقة تخص مؤتمراً للقيادة الفلسطينية.
لكن المصدر قال إن عباس أبلغ مصر أن ممثلين عن حركة فتح سينضمون إلى المحادثات بالقاهرة في وقت لاحق من هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل.
وتتضمن الهدنة بنوداً، منها فتح ممر بحري من غزة إلى قبرص
وعلاوة على فتح معبر كرم أبو سالم التجاري مع غزة، وسَّعت إسرائيل منطقة الصيد الخاصة بالقطاع، في مياه تحت الحصار البحري الإسرائيلي، من 3 أميال بحرية إلى 9 قبالة الساحل الجنوبي و6 أميال في الشمال، وفق ما ذكره رئيس اتحاد صيادي غزة.
وقال المصدر الأمني المصري إن الهدنة الطويلة الأمد ستشمل أيضاً فتح ممر بحري من غزة إلى قبرص تحت إشراف إسرائيلي.
وقال مسؤول فلسطيني في غزة مطَّلع على المحادثات، إن الفصائل الفلسطينية تطالب برفع كامل للحصار عن غزة، وفتح كل المعابر مع إسرائيل ومصر، وتوفير ممر مائي.
وتقول إسرائيل إن الحصار إجراء دفاعي في مواجهة "حماس"، التي تدعو إلى تدميرها.
وناقش مجلس الوزراء الإسرائيلي الأمني المصغر (الكابنيت)، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الوضع في غزة الأربعاء 15 أغسطس/آب 2018. وفي بيان قال "مسؤول دبلوماسي" إسرائيلي إن على "حماس" أن تبرهن على التزامها بالهدنة.
وإلى جانب المطالبة بالهدوء على الحدود، قالت إسرائيل إن على "حماس" إعادة رفات جنديَّين قُتلا خلال حرب غزة عام 2014، وإطلاق سراح مدنيَّين اثنين لا يزال مصيرهما مجهولاً، لكن إسرائيل تقول إنهما محتجزان لدى "حماس".
وقال تساحي هنجبي وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي وعضو مجلس الوزراء الأمني الخميس 16 أغسطس/آب 2018، رداً على سؤال عما إذا كان التوصل إلى اتفاق واسع يتوقف على عودة رفات الجنديَّين: "هذا هو السبيل الوحيد".
وأضاف لراديو إسرائيل: "لن يحدث شيء لتمكين (غزة) من إعادة تأهيل وتحسين البنية التحتية والموانئ ومثل تلك الأوهام الأخرى، ما لم يسلِّموا الرفات والأسيرين الإسرائيليَّين".
وقال المصدر الأمني المصري إن الهدنة الطويلة الأمد تشمل أيضاً إطلاق إسرائيل سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين ضمن مقايضة للسجناء.
وتوسطت مصر في اتفاق للمصالحة بين الفلسطينيين، يتضمن أن تسلِّم "حماس" السيطرة على قطاع غزة للسلطة الفلسطينية بقيادة عباس. وعرقل نزاع بشأن تقاسم السلطة تنفيذ الاتفاق، لكن المصدر المصري قال إن القاهرة ما زالت تسعى لتحقيق تقدم في هذه القضية.
وأنباء عن قبول المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر الهدنة مع حركة حماس
وفي السياق نفسه، ذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس" العبرية، الخميس، أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابنيت) وافق على هدنة مع حركة حماس الفلسطينية. وأشار إلى أن الهدنة تضم 6 بنود رئيسية ستطبَّق تدريجياً خلال الفترة المقبلة.
وبحسب الموقع، فإن الهدنة، التي تشرف عليها مصر ومبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، دخلت حيز التنفيذ بعد أن فتحت إسرائيل معبر "كرم أبو سالم" التجاري (الأربعاء 15 أغسطس/آب 2018) مع غزة، ووسّعت مساحة الصيد هذا الأسبوع.
وأوضحت الصحيفة، نقلاً عن 3 مسؤولين إسرائيلين لم تسمّهم، أن البنود الستة تتضمن أولاً وقفاً شاملاً لإطلاق النار، وثانياً فتح المعابر وتوسيع مساحة الصيد، وكلاهما تم تحقيقه حتى الآن.
ولفتت إلى أن البنود الأخرى سيتم تنفيذها وفق حالة الهدوء واستمرارها.
وتتضمن البنود الأخرى؛ إدخال مواد طبية ومساعدات إنسانية، والعمل على إجراء ترتيبات خاصة لحل قضية الأسرى والمفقودين الإسرائيليين بغزة، وإعادة تأهيل البنية التحتية لغزة بتمويل أجنبي، ومن ثم إجراء محادثات حول قضيتي المطار والميناء.
وأشارت إلى أن الموافقة على قضيتي الجنود والمطار والميناء ليست نهائية، وإنما ستتم مناقشتهما في وقت لاحق، في حال نُفِّذت البنود الأخرى.
ونهاية يوليو/تموز 2018، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن خطة مصرية للتهدئة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، بالتعاون مع ميلادينوف.
وأوضحت الصحيفة أن مصر وميلادينوف يبذلان جهوداً كبيرة برفقة عدد من الدول العربية، لإنهاء العنف في القطاع.
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية فقدان جثتي جنديَّين في قطاع غزة، خلال العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في 8 يوليو/تموز 2014، واستمر حتى 26 أغسطس/آب من العام نفسه.
والجنديان هما آرون شاؤول، وهدار جولدن، لكن وزارة الأمن الإسرائيلية عادت وصنَّفتهما، في يونيو/حزيران 2016، على أنهما "مفقودان وأسيران".
وإضافة إلى الجنديَّين، تحدثت إسرائيل أيضاً عن فقدان إسرائيليين اثنين؛ أحدهما من أصل إثيوبي والآخر من أصل عربي، دخلا غزة بصورة غير قانونية خلال 2014 و2015.