وضع دائم أم مؤقت؟.. الآن وقد بدأت الليرة في التحسن، ثلاثة أمور تحتاجها العملة التركية لتصل إلى 5.5 ليرة لكل دولار

استيقظ الأتراك، يوم الأربعاء 15 أغسطس/آب، على تحسن الليرة التركية على ارتفاع أمام الدولار، لأول مرة منذ بدء الأزمة، لتنزل دون حاجز 6 ليرات بارتفاع بنسبة 5%

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/15 الساعة 12:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/15 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش
الليرة التركية

استيقظ الأتراك، يوم الأربعاء 15 أغسطس/آب، على تحسن الليرة التركية على ارتفاع أمام الدولار، لأول مرة منذ بدء الأزمة، لتنزل دون حاجز 6 ليرات بارتفاع بنسبة 5% لوقت قصير، وذلك تزامناً مع إعلان الحكومة اتخاذ إجراءات جديدة لمعالجة الأزمة، وإعلان معدلات البطالة.

وفقدت الليرة نحو 40% من قيمتها منذ بداية العام الحالي، وهوت إلى أدنى مستوى على الإطلاق عند 7.24 ليرة للدولار، الإثنين، بفعل مخاوف من دعوات الرئيس رجب طيب أردوغان إلى خفض تكاليف الاقتراض، وتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، وهي حليف رئيسي في حلف شمال الأطلسي.

واتخذت الحكومة إجراءات لمواجهة هذا الانخفاض، فخفّضت وكالة الإشراف على البنوك وتنظيمها التركية (BDDK)، الحدّ اليومي لصفقات مبادلة العملات الأجنبية من 50% من رأس مال البنوك، إلى 25% فقط، في إطار مسعى الحكومة لدعم استقرار الليرة.

ويأتي هذا في الوقت الذي أعلن فيه مركز الإحصاء التركي (TurkStat) انخفاض معدل البطالة في شهر مايو/أيار الماضي، بنسبة 0.5% على أساس سنوي؛ ليصل إلى 9.7%، تمثل 3.1 مليون مواطن تركي.

هل قادت معدلات البطالة تحسن الليرة التركية ؟

في حديثه لـ "عربي بوست"، أشار الباحث الاقتصادي مناف قومان، إلى أن معدل البطالة قد لا يكون مؤثراً بذاته، باعتباره يقيس معدل التشغيل في المجتمع، وكذلك معدل التضخم، فهما يقيسان مؤشرات في فترة سابقة للأزمة التي لم يتجاوز عمرها 10 أيام.

ولكن أثر إعلان معدل البطالة يعتمد على إيجابيته كخبر أو سلبيته، حسب قومان، فلو كانت معدلات البطالة مرتفعةً لاستغلّها المستثمرون والأسواق ولتفاقمت الأزمة، ولكن انخفاض مُعدل البطالة يُعد خبراً إيجابياً لليرة، وهذا ما تحتاجه الآن.

ويُشير قومان إلى أن إجراءات البنك المركزي كانت جيدةً، وانعكست على وضع الليرة، موضحاً أن ما تحتاجه الليرة الآن هي مزيد من الأخبار الإيجابية، ومنها خبر البطالة اليوم، وتخفيض حدود تبادل العملات الأجنبية.

ليست حرباً اقتصادية وإنما أزمة ثقة

لا يميل قومان إلى وصف ما شهدته تركيا مؤخراً بالأزمة الاقتصادية، مشيراً إلى عدم وجود موجات تسريح كبيرة للعُمّال، أو إغلاق محلات أو مصانع كُبرى. لكنه يعتقد أنّ ما يجري هو انعكاس لمشكلة مُؤجّلة منذ سنوات، تحدّثت عنها صحف اقتصادية عالمية، مثل وول ستريت جورنال واقتصاديون أتراك، وهي أزمة الثقة.

ويضيف أنه لم يكن يؤيد وصف "الحرب الاقتصادية" الذي يندرج ضمن البروباغاندا الإعلامية، أو توقعات وصول سعر صرف الدولار إلى 10 أو 12 ليرة، وكان يميل إلى توقعات البنك الاستثماري الأميركي غولدمان ساكس، بوصول الدولار إلى نحو 7.1 ليرة بناء على الرسومات الرقمية.

وأدى توتر العلاقة بين أميركا وتركيا إلى أزمة سياسية واقتصادية أصابت الليرة التركية.

وكثف الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجومه على تركيا بمضاعفة الرسوم المفروضة على الصلب والألمنيوم القادمين من تركيا، وذكر أن الرسوم "ستكون بعد الآن بمعدل 20% في الألمنيوم، و50% في الصلب".

الرئاسة تعلن تحسُّن الوضع الاقتصادي

وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، الأربعاء، إن الوضع الاقتصادي للبلاد بدأ يتحسن اعتباراً من أمس، "ونتوقع استمرار ذلك".

وأشار إلى أن بلاده تنتظر حل المشاكل العالقة بأسرع وقت ممكن، مؤكداً ضرورة احترام الولايات المتحدة عمل القضاء التركي لتحقيق ذلك. وأكد أن التقلبات الأخيرة في سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية، لا علاقة لها ببنية الاقتصاد التركي وهيكليته؛ فما حصل ناجم عن "التدابير والمواقف الأميركية غير المنطقية". وأضاف أن "تلك التقلبات ما هي إلا حرب اقتصادية وحملة نفسية ومحاولة تشويه صورة الاقتصاد التركي".

اقرأ أيضاً

العملة التركية تصعد 6% مقابل الدولار.. السبب خطة القطاع المصرفي وإطلاق جنديين يونانيين وتوقعات تحسُّن العلاقة مع أوروبا

معالجة الأزمة ومستقبل الليرة

ولمعالجة أزمة الثقة، يرى قومان أن الحكومة التركية بحاجة إلى مُراجعة حقيقية لعلاقتها بالبنك المركزي، في وقت لا يقدر العالم فيه أن يستوعب ارتباط البنك المركزي بالرئاسة، إضافة إلى أن "النموذج الاقتصادي الجديد" الذي عرضه وزير الخزانة والمالية بيرات البيرق، يحتاج بلورة أكثر، مثل التوقف عن سداد الديون بالديون.

ويعتقد قومان أن انخفاض صرف الدولار من 6 إلى أقل من 5.5 ليرة، يحتاج إلى مزيد من التدخل من البنك المركزي، وبيانات اقتصادية قوية، أو إطلاق القس برانسون. بعبارة أخرى، يحتاج إلى مزيد من الأخبار الإيجابية، وتخفيض مستوى الخطابات الاستفزازية التي من شأنها أن تُصعّد الأزمة.

كما تحتاج الحكومة إلى ضبط آليات قياسها للأرقام الاقتصادية، التي أدت إلى اختلاف بين الأرقام الرسمية التركية وأرقام دولية، مثل نسبة الدَّين إلى الناتج المحلي الإجمالي، التي تصرح الحكومة التركية بأنها 40%، ويقول محللون اقتصاديون عالميون إنها 60%.

استمرار القلق مع استمرار التصعيد

وتزامناً مع إجراءات البنك المركزي وهيئة الإشراف على البنوك التركيين، أعلن الرئيس التركي مقاطعة المنتجات الإلكترونية الأميركية، وقررت شركات خاصة مثل الخطوط الجوية التركية مثلاً مقاطعة الشركات الإعلانية الأمريكية.

وقامت الحكومة التركية برفع الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الأميركية المستوردة، بنسبة 100%، في رد على مضاعفة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأسبوع الماضي الرسوم على الصلب والألومنيوم المستوردين من تركيا، ما يُنذر باستمرار التصعيد بين البلدين.

ورفضت الحكومة التركية طلب إخلاء سبيل القس الأميركي آندرو برانسون من إقامته الجبرية، على أن تُستأنف قضيته في محكمة أعلى، وذلك بعد تهديدات أميركية يوم الثلاثاء 14 أغسطس/آب، بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا إذا لم تُفرج عنه.


اقرأ أيضاً:

محامون أتراك يرفعون قضية ضد قادة الجيش الأميركي.. هل تُغلق أنقرة قاعدة إنجرليك وتُنهي تحالفها العسكري القديم مع واشنطن؟

تحميل المزيد