الليرة التركية تتعافى بعد إعلان قطر استثمارات بـ15 مليار دولار.. هل أنقذت الدوحة أنقرة من أزمتها؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/15 الساعة 16:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/15 الساعة 16:42 بتوقيت غرينتش
Turkish President Tayyip Erdogan meets with Emir of Qatar Sheikh Tamim bin Hamad al-Thani in Ankara, Turkey August 15, 2018. Kayhan Ozer/Presidential Palace/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS PICTURE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY. NO RESALES. NO ARCHIVE.


تعافت الليرة التركية أمام الدولار بنسبة 6%، بعد إعلان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، مساء اليوم الأربعاء 15 أغسطس/آب، أن قطر ستستثمر 15 مليار دولار في تركيا.

وأشار الباحث الاقتصادي مناف قومان، لـ "عربي بوست"، إلى أن مجرد إعلان الاستثمارات القطرية في تركيا، بغض النظر عن الرقم، أدى إلى دفع الثقة بالاقتصاد التركي، وبالتالي تعافت الليرة.

ووصل سعر صرف الدولار أمام الليرة إلى 5.858 ليرة، بعد لقاء استمرَّ 3 ساعات ونصف الساعة، بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي وصل إلى أنقرة صباح الأربعاء، في أول زيارة من زعيم دولة إلى تركيا، منذ اندلاع الأزمة بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية.

واستضاف أردوغان الشيخ تميم على الغداء، بحضور وزير الخزانة والمالية التركي بيرات البيرق، ووزير المالية القطري علي العمادي، حيث ناقش الزعيمان العلاقات الثنائية بين بلديهما، والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حسبما قالت مصادر رسمية لوكالة الأناضول.

يتأخر سداد الديون فتخسر البنوك الأوروبية وتهتز أسواق ناشئة وتفلس شركات.. السيناريو الأسوأ لتراجع الليرة التركية هو أزمة مالية عالمية

وذلك تزامناً مع تصريح مكتوب للسفير القطري لدى أنقرة، سالم بن مبارك آل شافي، أكد فيه أن قطر لن تتردد في تقديم الدعم اللازم للجمهورية التركية، ولفت إلى أن كثيراً من المواطنين القطريين، توجَّهوا إلى محال الصرافة لشراء الليرة التركية بعشرات الملايين من الدولارات، بهدف دعم وإنعاش العملة التركية، لكون تركيا حليفاً استراتيجياً لدولة قطر.

وفي حديث لـ "عربي بوست"، أشار الباحث والمحلل السياسي علي باكير، إلى أن رسالة أمير دولة قطر إلى تركيا هي رسالة تضامن ودعم قبل كل شيء، وأن هذا ما كان يتوقعه الجانب التركي، بعد الموقف الذي وقفته الحكومة التركية مع قطر، إبّان فرض الحصار عليها في الأزمة الخليجية الأخيرة، من قبل عدد من الدول الخليجية.

كيف ستدعم الدوحة أنقرة؟

لم ترد أنباء من مصادر رسمية عن تفاصيل اللقاء بين الرئيس التركي وأمير دولة قطر، ولكن باكير، قال لـ "عربي بوست" إنّ المباحثات شهدت دون شك، بشكل أو بآخر، الوسائل التي يمكن من خلالها للدوحة المساهمة في دعم الاقتصاد التركي.

وذكّر باكير بأن الدوحة واحدة من أهم المستثمرين العرب بالنسبة إلى تركيا، وأنّها كثّفت من استثماراتها في السنوات القليلة الماضية داخل الاقتصاد التركي في قطاعات مختلفة، مثل المصارف والعقار والسياحة، والصناعة إلى حد ما.

لم يتأثر الأتراك فورًا بتقلبات سعر الليرة، لكن انخفاض سعر عملتهم سيؤدي إلى المزيد من الأعباء في المستقبل
لم يتأثر الأتراك فورًا بتقلبات سعر الليرة، لكن انخفاض سعر عملتهم سيؤدي إلى المزيد من الأعباء في المستقبل

ورغم ذلك، لا يزال حجم الاستثمار الأجنبي المباشر القطري في تركيا ضئيلاً، حتى بالمقارنة ببعض الدول الخليجية الأخرى، حسب باكير، الذي نوّه إلى أن الجانب التركي يأمل في رفع حجم هذه الاستثمارات في المرحلة المقبلة، لاسيما أن هناك من يعتبر أن الاستثمارات في تركيا في هذه المرحلة ستكون مفيدة للجهة المستثمرة لاحقاً.

أما بالنسبة للآليات التي يمكن البحث من خلالها في المساعدة، قال باكير إنه يمكن التطرّق إلى اتفاقيات وتسهيلات ائتمانية متبادلة، وربما يتم الاتفاق على شراء أوراق خزينة أو غيرها من الأدوات التي تضمن توفير الأموال المطلوبة، التي يناقشها وزيرا مالية البلدين، اللذان حضرا الاجتماع الثنائي على ما يبدو، بين الرئيس أردوغان والشيخ تميم.

هل تتوسط الدوحة بين أنقرة وواشنطن؟

ورغم تأكيد السفير القطري لدى أنقرة، على وقوف قطر مع حليفتها تركيا، إلا أن قطر تجد نفسها في الفترة الراهنة بين حليفين استراتيجيين، لا تريد أن تخسر أحدهما، حسب عاتق جار الله، الباحث اليمني المتخصص في التحليل والاستشراف السياسي.

أشار عاتق إلى أن قطر تجمعها بتركيا علاقة حديثة وحميمة، لكنها في الوقت نفسه لديها ارتباطات وعلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، وهي ليست مستعدة للتضحية بأي طرف على حساب الآخر، ولذلك ربما تهدف زيارة أمير قطر إلى أنقرة إلى إيجاد حل للأزمة.

ونوّه جار الله إلى الخبرة القطرية في مسألة الوساطة، المتمثلة في 7 تجارب ناجحة، في دارفور في السودان، وفي اليمن بين الحوثيين وعلي عبدالله صالح بين عامي 2004 و2010، وفي سوريا في الإفراج عن راهبات معلولا.

كما استبعد أن تكون الزيارة استفزازاً للولايات المتحدة الأميركية، بل للبحث عمّا يمكن أن تحققه قطر في هذه الأزمة، وتوقّع جار الله أن تكون قطر أخذت ضوءاً أخضر من واشنطن للمضي في جهود الوساطة للإفراج عن القس آندرو برانسون، أو غير ذلك من إجراءات إعادة الثقة بين حليفيها.

وأشار الباحث اليمني، أن نجاح الدوحة في مسعاها هذا، سيعود بنتائج إيجابية على السياسة القطرية، وربّما يمثل استعادة للدور القطري في مرحلة ما قبل 2011، حين استطاعت قطر التوسط بين الأميركان والأفغان وإخراج مساجين.

تحميل المزيد