قال مسؤولو مكافحة إرهاب أميركيون وأوروبيون، أمس الثلاثاء 14 أغسطس/آب 2018، إن التوترات المتصاعدة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان يمكن أن تُعرِّض تبادل المعلومات والتعاون في إنفاذ القانون بين البلدين للخطر في الوقت الذي تقاتلان فيه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا، بحسب ما نشرته صحيفة The New York Times الأميركية.
وقال قادة عسكريون إنَّ الخطط لا تزال جارية في ما يتعلَّق بتسيير القوات الأميركية والتركية دوريات مشتركة قرب مدينة منبج، البؤرة السابقة لداعش شمالي سوريا التي حررها المقاتلون الأكراد.
قال الجنرال فيلكس غيدني، النائب البريطاني لقائد التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة داعش في العراق وسوريا، للصحفيين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون): "سيبدأ هذا قريباً جداً".
التوتر سيصبُّ في مصلحة داعش
لكنَّ مسؤولي الاستخبارات أقرّوا بأنَّ التوتر الأخير بين تركيا والولايات المتحدة –على خلفية العقوبات الأميركية التي فُرِضَت لمعاقبة تركيا بسبب احتجاز أندرو برونسون، القس الإنجيلي من ولاية نورث كارولينا- قد يُوقِف التقدُّمات الجديدة ضد داعش.
وعبَّر مسؤول استخباراتي أميركي كبير ومسؤول مكافحة إرهاب أوروبي كبير، بشكلٍ منفصل، عن قلقهما من أن الأزمة ستؤثر على التبادل المعلوماتي والاستخباراتي بين البلدين خاصة فيما يتعلق بملف داعش.
ولدى الأميركيين أسبابٌ أخرى للقلق حيال التعويل على تركيا كشريكٍ في أرض المعركة.
قال سيث جونز، الذي يترأس مشروع التهديدات العابرة للحدود الوطنية بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن، إنَّ تركيا قدَّمت المساعدة لهيئة تحرير الشام، وهي مجموعة جهادية تطورت عن جبهة النصرة، التي بدورها تمثل فرع لتنظيم القاعدة شمالي سوريا.
وقال جونز إنَّ تركيا تستخدم تلك الجماعات المسلحة لمحاربة المقاتلين الأكراد في سوريا. وأُرسِل بعض الدعم التركي على الأقل إلى المقاتلين في إدلب، التي تُعَد واحدةً من معاقل المعارضة السورية.
وأضاف: "أحد مباعث القلق الرئيسية هي أن تركيا في حين اتخذت بعض الخطوات لاجتثاث خلايا مقاتلي داعش، فإنَّ حكومة أردوغان دعمت بعض المجموعات الجهادية الأخرى".
التوازن الأميركي في سوريا
وسعى البنتاغون لسنوات لإيجاد توازن بين حليفه في الناتو تركيا، وبين المقاتلين الأكراد الذين أثبتوا أنَّهم أكثر قوة يمكن التعويل عليها على الأرض ضد داعش في سوريا.
وتعتقد تركيا أن المقاتلين الأكراد المدعومين أميركياً في سوريا مرتبطين بحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه كلٌّ من تركيا والولايات المتحدة تنظيماً إرهابياً.
وأكَّد أردوغان، أمس الثلاثاء، أنه "لا يوجد فَرق" بين داعش وحزب العمال الكردستاني.
وقال في مؤتمر صحفي بالعاصمة التركية أنقرة: "لا نُميِّز بين المنظمات الإرهابية. لا يوجد فَرق بين سفَّاحي داعش وقتلة حزب العمال الكردستاني بالنسبة لنا".
في الوقت الراهن، تُسيِّر كلٌّ من القوات التركية والكردية دورياتٍ في سوريا. وقال الجنرال غيدني إنَّه في حين تؤمِّن القوات التركية منبج فإنَّ قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركياً تستعد لهجوم أخير على داعش في بلدة هجين، على بُعد أكثر من 200 ميل (322 كيلومتراً تقريباً)، وتُعزِّز نقاط التفتيش في وادي الفرات الأوسط.
وقال متخصصون آخرون إن الحكومة التركية شدَّدت الإجراءات على حدودها للقضاء على المتطرفين الجهاديين.
فقال آرون ستاين، المتخصص بالشأن التركي بالمجلس الأطلسي، وهو مركز بحثي في واشنطن: "إجراءات الأمن التركي ضد خلايا داعش قوية منذ سنوات. والمسؤولون الأتراك يدركون المخاطر التي يُشكِّلها هؤلاء الرجال والنساء، وذلك بعد موجة هجمات داعش التي أوقفتها إلى حدٍّ كبير تحركات الشرطة القوية".
ترمب غاضب
وفي ظل توقُّف المباحثات بشأن إطلاق سراح برونسون، تدرس إدارة ترمبب مجموعة إضافية من العقوبات ضد تركيا، تتضمَّن قيوداً على الخطوط الجوية التركية، وفقاً لمسؤول كبير بالإدارة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة تلك المفاوضات الحساسة.
وقال المسؤول أيضاً إنَّ الإدارة الأميركية تطالب كذلك بإطلاق سراح سيركان غولغي، وهو عالم بوكالة الفضاء الأميركية ناسا مسجون منذ ما يقارب سنة، وثلاثة مواطنين أتراك كانوا يعملون لدى وزارة الخارجية الأميركية بتركيا.
لكنَّ المسؤول قال إنَّه في حال لم تطلق تركيا سراح برونسون بحلول اليوم الأربعاء 15 أغسطس/آب، فإنَّ مزيد من العقوبات قد تُفرَض قريباً.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة هاكابي ساندرز للصحفيين يوم الثلاثاء: "بالتأكيد الرئيس غاضب جداً من حقيقة أنه لم يُطلَق سراح القسّ برونسون، إلى جانب حقيقة أنه لم يُطلَق سراح مواطنون أميركيون آخرون وموظفون بالمنشآت الدبلوماسية. وسنواصل دعوة تركيا للقيام بالأمر الصحيح وإطلاق سراح هؤلاء الأشخاص".
بالإضافة إلى ذلك، وأثناء لقاء الإثنين الماضي 13 أغسطس/آب، في البيت الأبيض، طلب السفير التركي لدى الولايات المتحدة تقديم تنازلات بخصوص بنك خلق التركي المملوك للدولة ومسؤوليه، وذلك بحسب شخص مُطّلِع على المحادثة.
ويخضع البنك للتحقيق من جانب وزارة الخزانة الأميركية للاشتباه في انتهاكه العقوبات على إيران. ويقضي أحد كبار المسؤولين التنفيذيين بالبنك، محمد هاكان عطا الله، عقوبة بسجنٍ أميركي بعد إدانته بتهم مرتبطة بالمساعدة على تدبير خطة قيمتها مليار دولار للتهرُّب من العقوبات.
وسعى الأتراك للحصول على تساهل في عملية العقوبات، وتسليم عطا الله لقضاء حكم السجن في تركيا.
اقرأ ايضاً
تصعيد تركي جديد.. رفع الرسوم على 6 منتجات أميركية بعضها يتجاوز 160%
تركيا تتخذ خطوة إيجابية تجاه اليونان.. وأوروبا تعلق برسالة طمأنة لأنقرة