127 دبابة أميركية بقيمة مليار دولار تثير قلق إسبانيا وتحمل رسالة للجزائر.. المغرب يحصل على أكبر دفعة من الأسلحة المتطورة

تراقب إسبانيا عن كثب تطوير المغرب لعتاده العسكري بعدما كشفت وكالة الأنباء الإسبانية أن الأقمار الاصطناعية رصدت وصول 127 دبابابة أميركية متطورة إلى المغرب.

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/14 الساعة 10:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/14 الساعة 10:16 بتوقيت غرينتش
وصول 127 دبابة أميركية

تراقب إسبانيا عن كثب تطوير المغرب لعتاده العسكري، بعدما كشفت وكالة الأنباء الإسبانية Infodefensa قبل أيام، أن الأقمار الاصطناعية الإسبانية رصدت وصول 127 دبابة أميركية متطورة من طراز "أبرامز" حصلت عليها المملكة المغربية.

وتعد هذه أكبر دفعة يتحصل عليها المغرب خلال السنوات الأخيرة، في إطار صفقة موقّعة مع الولايات المتحدة الأميركية عام 2012 بقيمة تناهز 10 مليارات درهم (حوالي مليار دولار أميركي)، إذ تتكون من دبابات تنتمي إلى الجيل الثالث، وتعتبر أكثر تطوراً من الطائرات الحربية الأميركية.

فهل يتخوف الجار الشمالي إسبانيا، والجار الشرقي الجزائر، فعلاً من التسلح المغربي؟ وهل يحتاج المغرب إلى عتاد عسكري متطور؟ أم أن الأمر لا يعدو إلا سباقاً للتسلح في المنطقة؟

تحولات جيواستراتيجية وإرث تاريخي

ينفي عبدالرحمن مكاوي، الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، أن يكون الجيش الإسباني قد عبر صراحة عن قلقه وتخوفه، لكن "اللوبيات القريبة منه، خصوصاً المركز الملكي الإسباني الذي يعمل مباشرة مع وزارة الدفاع الإسبانية، عبّر عن قلقه".

يوضح المصدر نفسه، في اتصال مع "عربي بوست"، أنه يوجد في إسبانيا، الجارة الشمالية للمغرب، "لوبيات تحاول دائماً التشويش على كل تقدم للمغرب، خاصة تحديث القوات المسلحة الملكية؛ لأنهم يخافون أن تصل هذه القوات المغربية إلى مستوى القوات الإسبانية والبرتغالية والإيطالية والفرنسية"، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن اليمين المتطرف في إسبانيا، له "حنين للعهد الفرانكاوي (نسبة إلى فرانثيسكو فرانكو الذي حكم إسبانيا بعد الحرب الأهلية عام 1936 حتى وفاته سنة 1975)، إذ كلما اقتنى المغرب أسلحة متطورة، إلا ويذكّرنا بمقولات ومواقف إسبانية قديمة؛ وهي أن الحرب القادمة لمدريد سوف تكون مع الرباط".

بدوره، اعتبر محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش (جنوب)، أن هناك محدداً أساسياً يرتبط بالإرث التاريخي في تخوف الجيران كإسبانيا والجزائر على الخصوص من المغرب.

"إسبانيا دائماً تتخيل أن المغرب عدوّ، وكذلك الجزائر التي تنظر إلى المغرب بمنظار يتّسم بالعداوة، ونوع من التنافس الذي قد يصل في بعض الأحيان إلى احتكاك واشتباك دبلوماسي"، يقول محمد الزهراوي لـ "عربي بوست".

بالإضافة إلى هذا، وفق ذات المصدر، يوجد محدد آخر يتعلق بحرص جيران المغرب، وعلى رأسهم إسبانيا، على "عدم اختلال التوازن، وأن يكون هناك تقارب إلى حد ما مقبول مع المغرب على مستوى التسلّح".

كما يشير أستاذ العلوم السياسية إلى أن ما جعل القوى الأخرى تُثار هواجسها، كون "المنطقة عرفت تحولات جيواستراتيجية، خصوصاً بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وعقده شراكات ثنائية مع دول إفريقية، وأصبح يقوم بأدوار جوهرية ومهمة".

منطقة مشتعلة وتحديات إقليمية

المهم أيضاً أنها ليست المرة الأولى التي تكشف فيها تقارير إعلامية شراء المغرب للعتاد العسكري والآليات العسكري؛  لأن "المغرب يواجه مخاطر متعددة؛ من بينها الانفصال والإرهاب، ويعيش في منطقة شمال إفريقيا المشتعلة"، يؤكد عبد الرحمن مكاوي، الخبير العسكري والاستراتيجي.

لذلك، تأتي الدبابات الأميركية "أبرامز" في هذا الوقت بالذات، "لتحديث القوات البرية، وستعطي نفساً جديداً لهذه القوات المغربية، في مواجهة الخصوم (يقصد البوليساريو) الذين يلوّحون بالحرب تجاه المغرب كلما فشلوا دبلوماسياً وحقوقياً واقتصادياً"، يردف مكاوي.

ما يعني، بحسب الخبير العسكري، أن "شراء المغرب العتاد الحربي الذي ينتمي للجيل الثالث، هو رسالة مشفرة لجبهة البوليساريو والجزائر، التي اشترت هي الأخرى العديد من الدبابات المتطورة من روسيا والصين".

كذلك، يرى محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية، أن كل هذا يدخل في إطار الاستراتيجية العسكرية، الرامية إلى تحديث وتطوير المنظومة الدفاعية والحربية للمملكة المغربية، من خلال استحضار خلفيات تتعلق بـ "تقوية وتطوير قدرات الجيش الملكي لمواجهة التحديات الإقليمية الراهنة"، لاسيما أن الرهانات المرتبطة بالوحدة الترابية تتطلب أن يكون الجيش المغربي في كامل جاهزيته واحترافيته، زيادة على محاولة الحفاظ على التوازن الإقليمي على مستوى التسلّح، وبالتحديد مع الجزائر، على حد تعبيره.

سباق إقليمي مستمر للتسلح

سباق التسلّح بين المغرب والجزائر لا يكاد ينتهي، فقد صنّف آخر تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام SIPRI، الجمهورية الجزائرية كأكبر مستورد للأسلحة في إفريقيا، فيما يتخلف المغرب عن حجم إنفاق جاره الشرقي بثلاثة أضعاف، على الرغم من الجزائر خفضت ميزانيتها العسكرية.

رغم ذلك، يشير تقرير المعهد المتخصص في دراسة صناعة الأسلحة وتصديرها واستيرادها، بأن الجزائر لا تزال تحتل المراتب الأولى من بين الدول الأكثر استيراداً للأسلحة، إذ كانت تحلّ في سنة 2015 في المرتبة 8، واستثمرت بشكل كبير. لكنها حلّت في سنة 2016 بالمرتبة 2 من بين أكثر الدول استيراداً للأسلحة، فيما بلغت نسبة ارتفاع شراء الأسلحة بالجزائر بين سنتي 2012 و 2016 حوالي 3.7 %.

أما بالنسبة للمغرب، فقد كشف تقرير المعهد المتخصص، على أنه في سنة 2015 كان في المرتبة 58 من بين الدول التي تستورد الأسلحة، من بين 100 دولة في العالم. لكن في سنة 2016 تقدم المغرب في ترتيب الدول المستوردة للأسلحة، إذ حلّ في المرتبة 31.

ضمن التقرير نفسه، سجلت معطياته أن المغرب والجزائر يعدان من بين زبائن فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، في شراء الأسلحة العسكرية، خلال سنة 2016، مشيراً إلى ما يتعلق بالقمر الاصطناعي الذي تم إطلاقه مؤخراً والأبحاث الفضائية، التي صنفها المعهد ضمن تجارة الأسلحة.


اقرأ أيضاً:

المغرب ينتج دواء جديداً لالتهاب الكبد "أشبه بالمعجزة" وسعره أقل بـ 60 مرّة عن أميركا

أموال أوروبية في الطريق إلى المغرب.. ميركل وسانشيز يتفقان على تقديم دعم أكبر للرباط لمواجهة أزمة المهاجرين

تحميل المزيد