السيسي يلتقي نتنياهو سراً في القاهرة، ويمارس ضغوطاً على «فتح» لإتمام «صفقة القرن».. كل ذلك بضوء أخضر من واشنطن

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/13 الساعة 21:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/14 الساعة 17:34 بتوقيت غرينتش
Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi (R) speaks with Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu (L) during their meeting as part of an effort to revive the Middle East peace process ahead of the United Nations General Assembly in New York, U.S., September 19, 2017 in this handout picture courtesy of the Egyptian Presidency. The Egyptian Presidency/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY

في الوقت الذي تدور فيه المفاوضات حول صفقة القرن نقلت وكالة رويترز عن القناة العاشرة الإسرائيلية، الإثنين 13 أغسطس/آب 2018، أن بنيامين نتنياهو عقد قمة سرية مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بمصر في شهر مايو/أيار 2018؛ لمناقشة وقف طويل الأمد لإطلاق النار في قطاع غزة.

وأفاد تقرير التلفزيون الإسرائيلي بأن الزعيمين بحثا تخفيف الحصار الإسرائيلي-المصري على غزة، وإصلاح البنية التحتية في القطاع، وشروط وقف إطلاق النار.

ونقلت القناة العاشرة الإسرائيلية عن مسؤولين أميركيين كبار -لم تذكر أسماءهم-أن الاجتماع عُقد يوم 22 مايو/أيار 2018.

في المقابل وبعد أسابيع من المفاوضات، قال مسؤولون فلسطينيون كبار، في تصريحات لـموقع Middle East Eye البريطاني، إنَّ الثقة بين السلطة الفلسطينية ومصر "ضعيفة للغاية"، وإنَّهم ضاقوا ذرعاً من "تدخُّل القاهرة في غزة".

وتحاول مصر منذ شهر يوليو/تموز 2018، التوفيق بين حركة فتح التي تدير الضفة الغربية، وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، في حين تتوسط في الوقت نفسه للتوصل لاتفاق لوقف طويل الأجل لإطلاق النار بين "حماس" وإسرائيل فضلا عن صفقة القرن.

منحت أميركا الضوء الأخضر للقاهرة لتقوم بدور الوسيط في ملف صفقة القرن

ويقول "ميدل إيست آي" إنه مع يأس الولايات المتحدة من تنفيذ ما يسمى صفقة القرن ومن إحلال الاستقرار في غزة كجزء من خطة السلام، منحت الإدارة الأميركية مصر الضوء الأخضر لتقوم بدور الوسيط بهذا الملف، وذلك بموافقة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو من دونها، حسبما قال مصدر من حركة حماس.

واستمرت هذه الوساطة المصرية في حين تُحلِّق القنابل والصواريخ فوق حدود غزة الأسبوع الماضي، الأمر الذي غذى المخاوف الإسرائيلية والمصرية، القائمة منذ فترة طويلة، من امتداد التدهور الاقتصادي والاجتماعي في القطاع الساحلي الفقير إلى بلديهما المجاورين لغزة.

وهي خطوة تسببت في غضب الرئيس محمود عباس

وسبق أن تعاملت القاهرة مع الصراع بين إسرائيل و"حماس" على أنَّه صراعٌ يمكن حلُّه، فقط بمجرد تحقيق المصالحة بين الفلسطينيين.

بدلاً من ذلك، ومع موافقة الولايات المتحدة، تمضي مصر قدماً في التوسط بين "حماس" وإسرائيل رغم عدم رضاء السلطة الفلسطينية، وفقاً لما قاله 3 مسؤولين من "فتح" لموقع Middle East Eye، رفضوا جميعهم الإفصاح عن هويتهم؛ إذ ليس مخولاً لهم التعليق على المفاوضات.

وقال أحد المسؤولين إنَّ الرئيس عباس أعلن تبرمه في أثناء زيارة وفد فلسطيني رفيع المستوى إلى القاهرة مطلع شهر أغسطس/آب 2018.

وأضاف: "أخبر عباس المصريين: أنتم تعبثون في ساحتنا، وتتبارون في غزة ضد المصالح الوطنية الفلسطينية".

ووفقاً للمسؤول، فإنَّ مصر تعهدت منذ ذلك الوقت بتجديد أحدث اقتراحاتها، وهي تعمل الآن على صفقة شاملة تنطوي على المصالحة الفلسطينية، وهدنة طويلة الأجل بقطاع غزة، ومبادلة السجناء بين "حماس" وإسرائيل.

ومع ذلك، لا تزال التوترات قائمة. والأحد 12 أغسطس/آب 2018، قال جمال محيسن، عضو اللجنة المركزية بحركة فتح، لإذاعة "صوت فلسطين": "هناك بعض المحاولات الإسرائيلية والأميركية والعربية التي ترمي إلى التوصل لاتفاق ثنائي بين حماس وإسرائيل".

وتابع: "رسالتنا إلى تلك الأطراف العربية: دعوا القضايا الفلسطينية للقيادة الفلسطينية، ولا تشجعوا إبرام اتفاقيات ثنائية بين حماس وإسرائيل من شأنها تعزيز الانقسام بين الفلسطينيين. لن يقبل أحدٌ تلك المحاولات".

ما جعل "فتح" ترى أن الحكومة المصرية تتقرب من "حماس" على حساب دور عباس السياسي

ويقول الموقع البريطاني: "لقد بدأ الفصل الأخير من المحادثات التي تشترك فيها مصر في منتصف يوليو/تموز 2018، عندما دعت مصر مسؤولي حركتي حماس وفتح لزيارة القاهرة وطرحت خطة للمصالحة.

وجاءت الزيارة قُبيل زيارة رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، إلى العاصمة الأميركية واشنطن.

ووفقاً لمصادر من حركة فتح، فربما يكون المقترح عرضه المصريون، لكنه من وجهة نظرهم يحمل بصمات حركة حماس في كل مكان، مما جعلهم يشعرون بأنَّهم يتعرضون للخيانة".

وقال أحد مسؤولي حركة فتح: "ألقى وفد حركتنا باللوم على مصر؛ لتسويقها مقترح حماس إلينا، ولتفاوضها على اتفاق أحادي بين حماس وإسرائيل، نحن نتساءل: أين ذهب ما تقتضيه العلاقة الاستراتيجية بيننا؟ أهذا ما يفعله الشركاء بعضهم مع بعض؟".

ولكنَّ ممثلي حركة فتح في القاهرة التزموا الصمت. واعتقدوا أنَّ "كامل" أراد إحراز تقدُّم قبل زيارته إلى الولايات المتحدة؛ لتعزيز دور مصر ومشاركتها في "صفقة القرن".

حماس وفتح يوقعات إتفاق المصالحة
حماس وفتح يوقعات إتفاق المصالحة

ومن ثم، انتظر ممثلو حركة فتح عودة رئيس المخابرات من الولايات المتحدة لتقديم ردِّهم؛ بغية تحجيم نفوذ واشنطن فيما يشعرون بأنَّه قضايا فلسطينية داخلية.

وفي أثناء زيارة ثانية إلى القاهرة أواخر يوليو/تموز 2018، بعث وفد حركة فتح برسالة إلى "كامل"، وكان من بين أعضاء الوفد رئيس مخابرات السلطة الفلسطينية ماجد فرج وأعضاء اللجنة المركزية عزام الأحمد وروحي فتوح وحسين الشيخ.

ويقول "ميدل إيست آي": "في الرسالة، انتقدت السلطة الفلسطينية مصر بوجه خاص بسبب:

  • التوصل إلى اتفاق مع حماس بخصوص المصالحة الفلسطينية قبل عرض ذلك على السلطة الفلسطينية، ثم اقتراحه عليها كما لو أنَّه اقتراح جاء من جانب مصر.
  • التفاوض بشأن هدنة طويلة الأمد بين حماس وإسرائيل في غزة دون مشاركة السلطة الفلسطينية.
  • تزويد سلطات حماس في غزة بالنفط والغاز والسجائر ومنتجات أخرى؛ الأمر الذي أدى إلى حرمان السلطة الفلسطينية من إيرادات ضريبية تحتاجها".

وقال مسؤول: "أخبرنا المصريين بأنَّ السلطة الفلسطينية تدفع 118 مليون دولار إلى غزة كل شهر وانخفض المبلغ مؤخراً إلى 98 مليون دولار، ومثل تلك السلع تمدنا ببعض المال الذي يسهم في مدفوعاتنا إلى القطاع".

وبعد الإطاحة بالاقتراح المصري عرض الحائط، عرضت السلطة الفلسطينية اقتراحاً جديداً، ينطوي على جعلها مسؤولة عن المؤسسات الحكومية في قطاع غزة التي تشرف على الأمن والضرائب والإيرادات والممتلكات.

فيما تحاول القاهرة إعادة ترميم علاقاتها مع حركة حماس مرة أخرى

ويقول الموقع البريطاني: "في غزة، يقول قادة حركة حماس إنَّهم توصلوا إلى تسوية تخص (المصالح المشتركة) مع المصريين".

وقال مسؤول كبير في "حماس": "لدينا مصالح مشتركة مع مصر، ولكننا في الوقت نفسه نحاول الإتيان بالسلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة".

وأشار إلى أنَّ مجالات المنفعة المتبادلة تتراوح بين تجديد الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية، وتنفيذ مشروعات إنسانية دولية في غزة، والتفاوض بشأن هدنة مع إسرائيل.

وتابع: "إذا نجحت الجهود الرامية إلى المصالحة، فستدير السلطة الفلسطينية قطاع غزة، وستشرف على معبر رفح (وهو المعبر الوحيد بين غزة ومصر) وكذلك المشروعات الإنسانية للأمم المتحدة، في حين أنَّ مصر ستتفاوض على هدنة طويلة الأمد بين حماس وإسرائيل".

وقال إنَّ مصر طالبت شركاتها بتنفيذ المشروعات الدولية المقررة في غزة.

وتشمل التسوية أيضاً استئناف التعاون الأمني بين "حماس" ومصر في الحرب ضد الجماعات المسلحة بشمال سيناء، ولا سيما تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

وقال مسؤول حركة حماس إنَّ مصر لديها مصالح اقتصادية وأمنية وسياسية في عملها بغزة.

لقاء سابق لقيادات فتح وحماس
لقاء سابق لقيادات فتح وحماس

وبصورة خاصة، ترغب مصر في استعادة العلاقات الأمنية مع "حماس"، التي انقطعت في وقت سابق من هذا العام (2018)، بعد فشل القاهرة في الوفاء بوعدها الذي قطعته لـ"حماس".

وأخبرت مصر "حماس" بأنَّه في حال سلَّمت الحركة جميع معابر غزة مع إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية وسمحت لها بتحصيل الإيرادات على المعابر، فستستقدم القاهرة في المقابل حكومة عباس لتولي المسؤوليات والحكم في قطاع غزة.

وفي الماضي، وافقت "حماس" على السماح للسلطة الفلسطينية بالسيطرة على غزة، ولكنها رفضت تسليم القوات العسكرية، وهي قضية تسببت في انهيار المحادثات بين الطرفين.

ومن ثم، لم يكن التعهد المصري أمراً جديداً، ومع ذلك لم تستطع القاهرة الوفاء به.

وقال أحد مسؤولي حركة فتح إنَّه بعد إطاحة السلطة الفلسطينية بالاقتراح المصري الأول وتقديم حركة فتح مطالبها، وعدت القاهرة بجعل الاتفاق الأول أكثر توازناً.

ووجَّه رئيس المخابرات المصرية دعوة إلى عزام الأحمد، رئيس اللجنة المركزية لحركة فتح، لزيارة القاهرة الأسبوع الماضي، بهدف إيصال تلك الرسالة.

واندلعت التوترات بين السلطة الفلسطينية ومصر منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئاسة، وممارسته ضغوطاً على عباس لإعادة محمد دحلان، الزعيم المنفي لحركة فتح، إلى منصبه، وفقاً لمساعدين لعباس ودحلان.

كان دحلان، الذي كان في السابق رئيساً لجهاز الأمن الوقائي في غزة  قبل أن تسيطر حركة حماس على القطاع عام 2007، بالمنفى في دبي منذ عام 2010، وأوقفته "فتح" بسبب تدخُّله المزعوم في مؤامرة للإطاحة بعباس، وهي تهمة أنكرها دحلان.

وقال مسؤولون إنَّ العلاقة بين القاهرة والسلطة الفلسطينية وصلت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.

وأضاف أحدهم: "سننتظر ونرى، ولكن الثقة بين مصر وعباس تكاد تكون منعدمة".

علامات:
تحميل المزيد