إن أُعطيت لهم فرصة للتحقيق، فالنتائج ستكون مثيرة للسخرية.. تشكيك في جدية موقف السعودية من قتل الأطفال باليمن

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/13 الساعة 17:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/13 الساعة 17:49 بتوقيت غرينتش
الضربات الجوية للتحالف السعودي- الإماراتي قتلت وأصابت 171 طفلا يمنيا العام الماضي / رويترز

رغم دعوة الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق "موثوق به" بعد قصف اليمن ، و بعد الغارة الجوية التي أودت بحياة 29 طفلاً في اليمن.

لكن الخبراء والمنظمات غير الحكومية يشكون في قدرة السعودية أو رغبتها في إجراء التحقيق في قصف اليمن،علماً بأنها تقود التحالف العسكري المتورط في الهجوم.

ووافق التحالف العسكري بعد ضغوط دولية كثيفة على إجراء تحقيق في قصف اليمن العاشر من آب/أغسطس، غداة مقتل 29 طفلاً في استهداف حافلة مدرسية في مدينة ضحيان التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون في محافظة صعدة.

واعتبرت سفيرة بريطانيا كارن بيرس التي تتولى حالياً رئاسة مجلس الأمن الدولي أن التحقيق في قصف اليمن يجب أن يكون "شفافاً وموثوقاً به".

لكن جيمس دورسي المتخصص في شؤون المنطقة في معهد راجارتنام للدراسات الدولية في سنغافورة لاحظ أن "كل التحقيقات التي تجريها جهة ما حول نفسها، من دون إشراف دولي، لا تزال تطرح مشكلة"، مضيفاً أنه "سيتم رفض النتائج ولن تعتبر ذات صدقية".

تقول المنظمات الدولية أنها لا تثق في السعودية كطرف محايد لإجراء تحقيق في قصف اليمن

وتبدي أكشايا كومار المديرة المساعدة لمنظمة هيومن رايتس ووتش لشؤون الأمم المتحدة رأياً أكثر وضوحاً، إذ تقول إن "الحقيقة المحزنة هي أنه أعطيت للسعوديين فرصة إجراء تحقيق حول أنفسهم في قصف اليمن والنتائج ستكون مثيرة للسخرية".

ومع إعلانه البدء بالتحقيق في قصف اليمن ، تحدث التحالف الذي يشن منذ 2015 عمليات عسكرية دعماً للقوات الحكومية اليمنية ضد الحوثيين عن "أضرار جانبية تعرضت لها حافلة ركاب" خلال "عملية لقوات التحالف في محافظة صعدة".

ورأت شيلا كارابيسو الأستاذة في جامعة ريتشموند في الولايات المتحدة أن "غارة جوية على حافلة تقل تلاميذ تبدو انتهاكاً صارخاً لقوانين الحرب.

ولكن في غياب محققين محترفين ومستقلين، للتحقيق في قصف اليمن لن تظهر الحقيقة أبداً".

وأضافت شيلا كارابيسو لفرانس برس "مع الأسف، سيرفض الجيش السعودي بالتأكيد أي تحقيق مستقل في قصف اليمن.

 ويبدو أن الولايات المتحدة وبريطانيا، وهما الجهتان الرئيسيتان اللتان تزودانه بالسلاح، غير مستعدتين للمضي في هذا الاتجاه.

وقالت، إن المملكة السعودية التي لا تملك أي خبرة في هذا النوع من التحقيقات، في قصف اليمن وتكتفي بنشر بيانات نفي".

فيما لم تتعد الإدانات الدولية، سوى إصدار البيانات التي تشجب دون طلب فتح تحقيق

وسارعت باريس ولندن وواشنطن التي تدعم التحالف بقيادة السعودية سياسياً وتزوده بالسلاح، إلى التنديد بالضربة التي قامت بها السعودية في قصف اليمن.

وقالت الخارجية الفرنسية إن "فرنسا تدعم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى فتح تحقيق بهدف كشف حقيقة ظروف هذه المأساة".

لكن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لم تطالب في المقابل بإرسال محققين مستقلين في قصف اليمن بخلاف ما طالبت به هولندا على لسان مساعدة سفيرتها في الأمم المتحدة.

واكتفت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت بالقول إن التحقيق يجب أن يكون "معمقاً وشفافاً".

وعلق جيمس دورسي إن "خبرة السعودية على هذا الصعيد وافتقارها إلى الشفافية وممارساتها على صعيد حقوق الإنسان لا تدفع إلى الثقة بتحقيق ستجريه، وللأسباب نفسها، من غير المرجح أن توافق على تحقيق مستقل".

ولم يعد سوى الشعب اليمني الذي يدفع ثمن حرب السعودية

ومنذ بدأ التحالف ضرباته الجوية على الحوثيين، دفع المدنيون اليمنيون ثمناً باهظاً من دون تحديد واضح للمسؤوليات.

ففي أيلول/سبتمبر 2015، تعرضت صالة تشهد حفل زفاف لضربة جوية أسفرت عن 131 قتيلاً، لكن التحالف نفى مسؤوليته. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2016 أدى قصف موكب تشييع في صنعاء إلى مقتل 140 شخصاً.

وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش الإثنين أنه لا يمكن أن تكون الحرب إلا "بشعة" بعد قصف جوي استهدف الأسبوع الماضي حافلة تقل أطفالاً في شمال اليمن.

والإمارات شريك رئيسي في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في هذا البلد منذ آذار/مارس 2015 دعماً لحكومة الرئيس المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي في مواجهة المتمردين الحوثيين.

وقال قرقاش في مؤتمر صحافي الإثنين في دبي "هذه الحرب كانت ولا تزال حرباً بشعة".

وأضاف "للأسف هذا جزء من أي مواجهة" مشيراً أن "الحرب ليست أمراً يمكن أن يكون عملية نظيفة".

وبحسب قرقاش "أقبل أن يتم انتقاد الائتلاف بسبب بعض الحالات الإنسانية مثل جميع الأطراف".

المنظمات غير الحكومية يشكون في قدرة السعودية أو رغبتها في إجراء التحقيق في قصف اليمن
المنظمات غير الحكومية يشكون في قدرة السعودية أو رغبتها في إجراء التحقيق في قصف اليمن

وأعلن التحالف العسكري بقيادة السعودية الجمعة فتح تحقيق في قصف اليمن ، بينما دعا مجلس الأمن الدولي الجمعة إلى إجراء تحقيق "موثوق به" و"شفّاف".

وصحيح أن التحالف أقر بمسؤوليته عن بعض الغارات، لكنه واظب على اتهام الحوثيين باستخدام المدنيين دروعاً بشرية.

وخلال الحروب في أفغانستان والعراق وسوريا حيث تم اللجوء في شكل واسع إلى الضربات الجوية، قتل عدد كبير من المدنيين جراء الغارات.

أما التحقيقات التي أجرتها أطراف النزاع فأقرت أحياناً بـ"أضرار جانبية" فيما كانت مشاركة محققين مستقلين أمراً نادراً.

وقتل 29 طفلاً على الأقل تقل أعمارهم عن 15 عاماً الخميس في ضربات على حافلاتهم في سوق مكتظ جداً في ضحيان — منطقة يسيطر عليها الحوثيون –، كما ذكر بيان للجنة الدولية للصليب الأحمر.

 ونقل 48 جريحاً بينهم 30 طفلاً إلى مستشفى تديره هذه المنظمة الدولية.

وقال "وزير" الصحة في حكومة المتمردين الحوثيين طه المتوكل للصحافيين إن "51 شخصاً قتلوا بينهم 40 طفلاً"، و79 جرحوا بينهم 56 طفلاً.

ومنذ 2014، يشهد اليمن حرباً بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية تصاعدت مع تدخّل السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/مارس 2015 دعماً للحكومة المعترف بها دولياً بعدما تمكّن المتمردون من السيطرة على مناطق واسعة من البلاد بينها صنعاء ومحافظة الحُديدة.

وتتّهم السعودية إيران بدعم المتمردين الشيعة بالسلاح، لكن طهران تنفي ذلك.

وأوقعت الحرب أكثر من عشرة آلاف قتيل منذ تدخل التحالف في 2015 وتسببت بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ تهدد المجاعة ملايين اليمنيين.


إقرا أيضاََ

عشرات القتلى والجرحى بهجوم على حافلة تقلّ أطفالاً في سوق باليمن  

قوات التحالف تدخل مطار الحديدة، والحوثيون يتوعَّدون بتحويل المنطقة لمستنقع.. أما الأمم المتحدة فتخشى الأسوأ القادم