تداول الإيرانيون عبر الشبكات الاجتماعية، الشهر الماضي، صورةً لواحدة من أحفاد الخميني وسط انتقادات كبيرة. وتظهر حفيدة المرشد الأعلى السابق الثورة الإسلامية، ياسمين إشراقي في الصورة التي نشرتها على إنستغرام، وهي تحمل حقيبة يد من ماركة Dolce & Gabbana، التي يصل سعرها إلى 3700 دولار أميركي.
ونتيجة للانتقادات الكبيرة، قامت ياسمين بحذف الصورة من حسابها، وبرَّر البعض غضبه بأن الشعب الإيراني يعاني أزمات اقتصادية كبيرة، وعقوبات أميركية جديدة، وعملة وصلت إلى أدنى مستوياتها في تاريخ إيران، ثم تأتي حفيدة آية الله الخميني مؤسس الجمهورية الاسلامية في إيران وتحمل حقيبة بهذا الثمن الباهظ!
يبدو أن أسباب هذا الغضب مفهومة إلى حد كبير، ولكن ماذا بشأن باقي الأحفاد، وما موقفهم من الوضع الحالي في إيران، وكيف يرون ثورة جدهم بعد كل تلك السنوات؟
ترك الخميني 8 ذكور و7 إناث من الأحفاد، أغلبهم يعيشون داخل إيران، والبعض منهم أثار الجدل في عدة مناسبات، إذ إن حملهم لاسم الخميني، الرجل الذي قاد ثورته ضد شاه إيران من منفاه وأطاح به، جعلهم محط الأنظار أغلب الوقت.
زهراء إشراقي: ضد الحجاب وتحارب من أجل حقوق المرأة
زهراء تبلغ من العمر 54 عاماً، مهندسة ومتزوجة من السياسي الإصلاحي الشهير محمد رضا خاتمي، شقيق رئيس إيران الأسبق محمد خاتمي.
ترتدي زهراء الشادور الأسود (لباس خارجي تلبسه النساء في إیران، وهو جلباب أو معطف فضفاض، غالباً لونه أسود) نظراً لأنها أحد أفراد أسرة الخميني، ولكنها أثارت الجدل مراراً وتكراراً في إيران لارتدائها ألواناً فاتحة وبنطالاً من الجينز أسفل الشادور.
وفي مقابلة لها عام 2003، اعترفت أنها لا تحب اللون الأسود ولا الشادور، وتريد أن ترى النساء الإيرانيات يرتدين ألواناً زاهية.
الصحافية الإيرانية مريم حامدي، المهتمة بملف المرأة تروي لـ "عربي بوست" تفاصيل أحد لقاءاتها بحفيدة الخميني زهراء إشراقي.
تقول: "زهراء إحدى أهم المناضلات في مجال حقوق المرأة، وترى أن النساء في إيران يتعرضن لظلم كبير، ويجب تغيير هذا الوضع".
تميل زهراء إلى التيار الإصلاحي، وكانت أحد الأعضاء في الحملة الانتخابية لمحمد خاتمي، ودعمت بقوة ترشح روحاني في عام 2013، ورأت أنه الامتداد الطبيعي لطريق الإصلاح الذي بدأه خاتمي في عام 1997.
في عام 2006 أطلقت زهراء حملة "المليون توقيع" للمطالبة بإلغاء التمييز ضد النساء في إيران، ولكن تقول الصحافية مريم، إنها تلقَّت أوامر بالتوقف عن تلك الأفعال؛ حفاظاً على سيرة جدها وأسرتها.
وعلَّقت زهراء على هذا الأمر قائلة، لو كان جدها حياً إلى الآن، فإنه "سيكون محبطاً جداً من حال الإيرانيات اليوم".
وانتقدت زهراء أيضاً حجب شبكات التواصل الاجتماعي، وقالت إن العالم يتغير بسرعة كبيرة، ولا يستطيع أحد السيطرة على التكنولوجيا، ولا بد للإيرانيين أن ينفتحوا على العالم الخارجي.
حاولت زهراء الترشح لانتخابات البرلمان في عام 2000، ولكن تم رفض ترشحها.
وفي السنوات الأخيرة، توارت زهراء عن وسائل الإعلام، وكان آخر لقاء صحافي أجرته مع جريدة الشرق الأوسط في 2013. تقول مريم إن زهراء اختارت الصمت قليلاً، فاسم عائلتها إرث صعب، وقد أتعبها الوضع الحالي، ولا تريد التحدث كثيراً.
علي إشراقي: جدي طلب من رجال الدين الابتعاد عن السياسة
علي إشراقي مهندس مدني، يبلغ من العمر 51 عاماً، يعتبر من أشد أحفاد الخميني معارضة للنظام الحالي، ويرى أن ثورة جده انحرفت عن مسارها.
حاول علي الترشح للانتخابات البرلمانية ضمن الائتلاف الإصلاحي في عام 2008، ولكن تم رفض أوراق ترشحه، ولم يصرح المسؤولون في مجلس صيانة الدستور (الجهة المختصة بفحص أوراق المترشحين) بالأسباب حول رفض أوراق علي إشراقي.
انتقد علي عمل رجال الدين بالسياسة قائلاً: "طلب جدي من رجال الدين والقوات المسلحة الابتعاد عن العمل السياسي"، وأبدى انزعاجه ممن يحاولون إلصاق أي شيء بثورة جده.
يقول الصحافي الإيراني "نيما" (اسم مستعار)، إنه طلب من علي كباقي أحفاد الخميني أن يكف عن تصريحاته لوسائل الإعلام، سواء داخل أو خارج إيران، خاصة بعد انتقاده لوضع مير حسين موسوي ومهدي كروبي المعارضين الأشهر في إيران قيد الإقامة الجبرية.
نعيمة إشراقي: لن يضرنا التفاوض مع الولايات المتحدة
تبلغ نعيمة من العمر 53 عاماً وهي أيضاً تعمل في مجال الهندسة، مثلها مثل شقيقتها زهراء، ترفض فكرة الحجاب الإلزامي.
لكن معارضتها وصلت إلى ما هو أبعد من فكرة الحجاب، ففي أحد تصريحاتها انتقدت المرشد الأعلى لإيران حالياً "علي خامنئي"، ونال مجلس صيانة الدستور جزءاً من انتقاداتها.
صرَّحت نعمية أن فكر جدها الخميني مختلف تماماً عن فكر القادة الحاليين، وأضافت أن كونها أحد أفراد أسرة الخميني فهذا الأمر يمنعها من التحدث في العديد من الأمور، وأن اسم جدها لن يحميها من الاعتقال.
في عام 2011 انضمت نعيمة إلى الحملات النسائية التي ظهرت حينها للتمرد على الحجاب الإلزامي، بالرغم من كونها ملتزمة بارتداء الشادور، إلا أنها دعمت تلك الحملات.
ترى نعيمة أن المفاوضات مع الولايات المتحدة أمر جيد بالنسبة لكلا البلدين.
ياسر الخميني وعلي الخميني: رجُلا دين إصلاحيان
ياسر وعلي الخميني رجلا دين من المستوى المتوسط، تلقَّيا التعليم الديني ما بين العراق وإيران، دعما مير حسين موسوي في انتخابات 2009 ضد محمود أحمدي نجاد، وانتقدا وضع رموز الحركة الخضراء (الحركة المعارضة) تحت الإقامة الجبرية.
منذ عام 2009 لم يصرحا بأي شيء، فهما الأقل انتقاداً للوضع في إيران بين أحفاد الخميني.
حسين الخميني: الحفيد الأكثر تمرداً
في أثناء زيارته إلى واشنطن في عام 2003، دعا حسين الخميني، رجل الدين، إلى تدخل الولايات المتحدة في إيران، لإرساء قواعد الديمقراطية كما حدث في العراق، على حد تعبيره.
أمر مثير للدهشة أن يدعو حفيد الرجل الذي طالما وصف الولايات المتحدة بأنها الشيطان الأكبر، بأن تتدخل في بلاده، ولكن كل تصريحات حسين الخميني مثيرة للاستغراب، فهو أكثر أحفاد الخميني غرابة.
ولد حسين الخميني في عام 1958، وهو أكبر أحفاد الخميني سناً، وبالرغم من كونه رجل دين إلا أنه كان من أوائل المعارضين لحكم رجال الدين في إيران.
تم القبض عليه في الثمانينات؛ لأنه عارض النظام قائلاً "إن الحكومة الدينية هي أسوأ من حكومة الشاه"، وطالما صرَّح بأن جده لو كان حياً لما وافق على القادة الحاليين.
يرى الصحافي الإيراني نيما، أن تصريحات حسين الخميني في واشنطن كانت أكثر التصريحات حدة وغرابة في الفترة الأخيرة، فيقول لـ "عربي بوست": "كيف لرجل إيراني يدعو بلداً أجنبياً للتدخل في بلده، حتى وإن كانت إيران هي الأسوأ بين بلدان العالم، فهذا لا يجوز إطلاقاً".
عندما تم غزو العراق في عام 2003 من قبل الولايات المتحدة سافر حسين الخميني إلى كربلاء، وحاول جمع الناس من حوله ومعارضة النظام الإيراني من هناك، وقال إن الحل الوحيد لكي تتمتع إيران بالحرية هو أن تتدخل الولايات المتحدة وتساعد الإيرانيين.
بعد هذا التصريح انتشرت الأخبار في إيران بأن السلطات قد منعت حسين الخميني من إجراء أي لقاءات صحافية مع أي وسيلة إعلامية، ولكنه عاد للحديث مرة أخرى، في عام 2006، أجرى مقابلة تلفزيونية مع قناة العربية، وكرَّر دعوته للولايات المتحدة مرة أخرى، وأعلن معارضته للبرنامج النووي الإيراني قائلاً إن قوة إيران "تكمن في تعزيز الحرية والديمقراطية وليست الأسلحة النووية".
برَّر حسين الخميني دعوته للتدخل الأميركي حينها بأن الحرية يجب أن تأتي إلى إيران، سواء من الداخل أو الخارج.
وبالرغم من كونه رجل دين تلقَّى تعليمه الديني في مدينة قم، التي تعتبر أهم المدن الدينية الشيعية، إلا أنه عارض فكرة الحجاب الإلزامي على النساء.
يقول الصحافي نيما إن حسين الخميني غير متواجد في إيران منذ فترة طويلة، ويقال إنه استقرَّ في العراق، ولا يعلم أحد إذا ما كان هذا باختياره أم أنه تم منعه من دخول إيران، خاصة بعد أن انتشرت شائعات بلقائه بحفيد شاه إيران في الولايات المتحدة.
حسن الخميني: حامل إرث عائلة الخميني
حسن الخميني يعد واحداً من أهم أحفاد الخميني وأكثرهم جاذبية في إيران. ولد عام 1972، وزار جده في المنفى في العراق وفرنسا، وبالرغم من حبه لكرة القدم فإنه لم يحترفها، واتجه إلى العلوم الشرعية، وأصبح رجل دين في عام 1993، ونال درجة حجة الإسلام (درجة علمية عند رجال الدين الشيعة).
تم تعيين حسن الخميني كحارس لإرث جده، وتولى أعمال "ضريح الخميني"، تلك المؤسسة التي تهتم بحفظ ونشر آثار الخميني.
كان المعروف عن حسن أنه يتجنَّب الأضواء والشهرة، ولا يتدخل في أي شيء يخص الحكم في إيران، ولكن تبدَّلت الأحوال في عام 2008 عندما تم منع ترشح عدد من الإصلاحيين، من بينهم علي إشراقي، من انتخابات البرلمان، حينها انتقد سيطرة التيار المحافظ على البرلمان، قائلاً: "يجب على الأشخاص الذين يدعون أنهم مخلصون للأمام الخميني أن يكونوا دقيقين في تنفيذ أوامره"، وبعدها تعرض لهجوم كبير من قبل التيار المحافظ.
وفي عام 2009، وقف بجوار المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي، وعندما تم إعلان فوز محمود أحمدي نجاد ترك إيران وسافر، مما فتح الباب أمام الشكوك بأنه يوافق ضمنياً على أن الانتخابات قد تم تزويرها.
في عام 2010 وفي أثناء إحياء الذكرى السنوية لوفاة الخميني، كان من المقرر أن يفتتح حسن تلك المناسبة بكلمة له، ولكن بمجرد صعوده إلى المنصة احتجت الجماهير الحاضرة، وأخذوا يردّدون شعارات مناهضة له. ترك حسن الخميني المنصة بعد تصوير أغلب الذي دار حينها، ولكن تم حذف جميع المقاطع المصورة من على موقع اليوتيوب.
حاول حسن الخميني دخول عالم السياسة، وتنبأ البعض بأنه سيكون خليفة خامنئي. ولكن في عام 2016، قدم حسن أوراق الترشح ليكون أحد أعضاء مجلس الخبراء (مجلس مكون من 88 رجل دين وهم المعنيون بتعيين المرشد الأعلى لإيران، وهم من يملكون حق عزل المرشد الحالي)، لكن رفض مجلس صيانة الدستور أوراق حسن الخميني، مبرِّراً ذلك بأنه "ليس لديه ما يكفي من المعرفة الدينية للمساعدة في تعيين المرشد الأعلى المقبل".
حاول حسن الاستئناف على القرار، خاصة أنه حصل على درجة حجة الإسلام، وهذا يؤهله للمنصب إلى حد ما، بجانب أن عدداً من رجال الدين قد قدَّموا له الدعم في تلك الخطوة، ولكنه خسر الاستئناف أيضاً.
علق حسن باستغراب على خبر منعه من الترشح قائلاً: "إنه لَأمر مفاجئ أن يرى السادة في مجلس صيانة الدستور أنني غير مؤهل لهذا المنصب".
اقرأ أيضاً:
أعراس إيرانية بدراهم إماراتية أسقطوا فيها 6 محظورات في بلادهم
لا يقلق الإيرانيون من ترمب بقدر قلقهم من هذه الأشياء.. هذا ما يحدث في الداخل الإيراني