الكثير يتساءلون عن خيارات تركيا لإيقاف سقوط الليرة المدوي وفقدانها لقيمتها.. إليك الإجابة بالتفصيل

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/10 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/10 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش

فقدت الليرة التركية أكثر من 30% من قيمتها مقابل الدولار هذا العام 2018، وبسبب ذلك يُعبِّر المستثمرون عن قلقٍ متزايد إزاء استمرار سقوط العملة.

وأمام هذا الانحدار المدوي لقيمة الليرة، فإن أحد أبرز الأسئلة المطروحة حول أزمة العملة التركية، ما الذي يمكن أن تفعله الحكومة لإيقاف تدهور العملة؟

صحيفة The Financial Times البريطانية، أجابت على هذا التساؤل في تقرير نشرته، أمس الخميس 9 أغسطس/ آب 2018، وحددت 5 إجراءات من شأنها تحسين قيمة الليرة فيما لو أقدمت الحكومة التركية على تطبيقها.

رفع أسعار الفائدة

أشارت الصحيفة إلى أن أكثر ما يثير قلق المستثمرين، هو رفض البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة، حتى مع وصول التضخم إلى مستوى أكبر من 15%.

ولفتت إلى وجود شكوك لدى المستثمرين منذ سنوات في استقلالية البنك المركزي؛ إذ انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أسعار الفائدة المرتفعة، وممارسة الضغط المبهم فيما يخص مسألة سعر الفائدة.

وتعمَّقت تلك المخاوف في مايو/أيار الماضي حين تعهَّد أردوغان، الذي كان يزور لندن وكان من المتوقع أن يُطمئن الأسواق، بالسيطرة بصورة أكبر على السياسة النقدية، وأعلن أنَّ أسعار الفائدة المرتفعة سبَّبت التضخم بدل أن تعالجه.

وعزَّز فوزه في الانتخابات الرئاسية يونيو/حزيران الماضي من نفوذه في السلطة. والشهر الماضي يوليو/تموز، أبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير.

وقال ويليام جاكسون، وهو اقتصادي خبير بالأسواق الناشئة بشركة Capital Economics للاستشارات الاقتصادية في لندن، إنَّ رفع سعر الفائدة ربما يكون مطروحاً، لكنَّه لن يكون حلاً دائماً.

وأضاف أن "السقوط الأخير لليرة اتّبع نفس المسار الذي قاد إلى الارتفاعات الطارئة في الماضي. والسؤال المطروح هو ما إن كان أردوغان سيسمح برفع أسعار الفائدة أم لا".

وتساءل أيضاً حول ما إن كان مثل هذا الرفع لأسعار الفائدة سيكون فعَّالاً. وأشار إلى "أنَّنا كان لدينا ارتفاع في مايو/أيار الماضي، وبعد أشهر قليلة نجد أنفسنا في نفس الوضع".

فقدت الليرة التركية أكثر من 30% من قيمتها مقابل الدولار هذا العام 2018
فقدت الليرة التركية أكثر من 30% من قيمتها مقابل الدولار هذا العام 2018

اللجوء لصندوق النقد الدولي

أما الإجراء الثاني، فيقترحه بعض المحللين، ويقولون إنَّ على تركيا السعي للحصول على دعمٍ من صندوق النقد الدولي، مثلما فعلت الأرجنتين في يونيو/حزيران الماضي. لكن هذا سيتطلَّب من تركيا الموافقة على –أو طرح، وهو خيار أفضل- برنامج اقتصادي لسياسات مالية ونقدية مُشدَّدة.

وليست هناك إشارة تُذكَر على أنَّ هذا سيتحقق. فبعد الفوز الانتخابي في يونيو/حزيران الماضي، عيَّن أردوغان صهره بيرات البيرق كأعلى مسؤول مالي في الحكومة؛ ليحل محل محمد شيمشك الذي يحظى باحترامٍ واسع.

ومن المتوقع أن يعلن البيرق، الذي يتولى وزارة المالية الموسعة، خطة اقتصادية جديدة اليوم الجمعة 10 أغسطس/آب. ويخشى المحللون ألا تفعل الخطة الكثير لمعالجة التضخم أو العجز الكبير في الحساب الجاري لتركيا.

وقالت جين فولي، وهي استراتيجية في شركة الخدمات المالية والمصرفية الهولندية Rabobank، إنه ليس من المستحيل أن تستجيب تركيا لضغط السوق، وتعلن إجراءات صديقة للسوق، مضيفةً: "لكن يبدو مستبعداً للغاية أن تتنازل تركيا عن الكثير من الرقابة المالية لصالح صندوق النقد الدولي".

ولطالما افتخر أردوغان بحقيقة أنَّ تركيا لم تعد تتبع أي برنامج لصندوق النقد الدولي –مثلما كان الحال عند بداية حكمه المستمر منذ 15 عاماً- وهو تطورٌ ينظر إليه باعتباره استعادة لسيادة البلاد.

التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة

أحد الأسباب التي أدت لتدهور قيمة الليرة، التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن احتجاز أنقرة للقس الأميركي أندرو برانسون، والذي تتهمه تركيا بالتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة عبر تعاونه مع منظمة "فتح الله غولن". وجراء ذلك فرضت أميركا عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين، وردّت أنقرة بالمثل.

وزار وفدٌ تركي واشنطن هذا الأسبوع في ما نُظِر إليه باعتباره محاولة لإيجاد حلٍ يحفظ ماء الوجه. لكن لم تحقق المهمة أي انفراجة فورية.

وقالت جين فولي إنَّ إمكانية فرض عقوبات جديدة على تركيا، انعكست على أسواق الصرف الأجنبي.

لا بوادر انفراج حتى الآن بين تركيا وأميركا بشأن خلافاتهما التي أثرت على قيمة الليرة
لا بوادر انفراج حتى الآن بين تركيا وأميركا بشأن خلافاتهما التي أثرت على قيمة الليرة

ضوابط رأس المال

وبإمكان تركيا محاولة وقف تراجع الليرة عن طريق منع تدفقات رأس المال من البلاد إلى الخارج. لكن من المستبعد أن يكون ذلك خياراً قابلاً للتطبيق.

ونقلت صحيفة The Financial Times عن جاكسون من شركة Capital Economics، قوله إنَّ الضوابط على رأس المال تعمل كأفضل ما يكون حين يكون لدى الدولة رقابة مُحكَمة على القطاع المالي، ويكون الهدف وقف إرسال السكان الأموال للخارج، كما في الصين.

وأضاف أن "معظم التدفقات التركية هي من جانب أجانب مُقرِضين أو مستثمرين في البلاد. ولن تمنع ضوابط رأس المال إلا أي إقراض جديد فقط".

الانتظار حتى مرور الأزمة

يقول المحللون إنَّ هذا هو الخيار الأكثر ترجيحاً في الوقت الراهن، إذ يقول جاكسون إنَّه بالرغم من التضخم المرتفع وعجز الحساب الجاري المستمر، لا يزال عجز الموازنة التركية، الذي يعادل 2% من الناتج المحلي الإجمالي، قابلاً للإدارة.

وأضاف: "حتى لو بقيت السياسة المالية فضفاضة، فلن تثير القلق بشأن قدرة تركيا على سداد ديونها، المشكلة هي أنَّ تلك السياسة الفضفاضة ستزيد الطلب وتُسبِّب مزيداً من التضخم في المستقبل".

وأشار جاكسون إلى إنَّ تركيا في الوقت الراهن، تأمل على الأرجح في نموٍ أبطأ من شأنه تخفيف الضغط على المالية العامة. وبالفعل، تتوقع وزارة المالية نمو الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل بين 3 و4%، وذلك بعد متوسط نمو بلغ 7%.

ويُسلِّط محللون آخرون الضوء على عبء الشركات التركية من الديون المُقوَّمة بالعملة الأجنبية، التي يصبح سداد خدماتها أصعب تدريجياً في ظل تراجع الليرة. وقال البنك المركزي التركي في آخر تقاريره الدورية إنَّ إجمالي ديون الشركات التركية غير المالية من النقد الأجنبي بلغ 337 مليار دولار في مايو/أيار الماضي.

وحذَّرت فولي من أنَّ عدم الإقدام على اتخاذ فعل لن يؤدي إلا لمزيدٍ من بيع الليرة والأصول التركية الأخرى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

واقرأ أيضاً: 

توقعات بوصول الدولار إلى 7 ليرات تركية.. إليك كل ما تود معرفته عن أسباب تدهورها السريع ومتى يتوقف نزيفها

تركيا ليست الخاسر الوحيد من التصعيد الأخير مع أميركا، واشنطن أيضاً ستدفع ثمناً باهظاً.. هذا ما سيحدث في المنطقة إذا استمر التوتر بينهما

 

تحميل المزيد