هل سمعت عن عبودية الطماطم؟.. مئات الأفارقة يمتنعون عن العمل في إيطاليا بسبب الظروف غير الإنسانية

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/08 الساعة 19:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/08 الساعة 19:21 بتوقيت غرينتش

 تظاهر مئات العمال المياومين الأفارقة   المهاجرين في ايطاليا الاربعاء 8 أغسطس/آب 2018، في جنوب إيطاليا

بعد أن تركوا عملهم بحقول الطماطم؛ تعبيراً عن احتجاجهم على المعاملة السيئة التي يعانونها، بعد وفاة 16 منهم في حادثي مرور.

وسار العمال المندرجين تحت طائفة المهاجرين في ايطاليا في سهل فوجيا بمنطقة البوي وهم يهتفون "لا عبودية بعد اليوم".

وتستقبل هذه المنطقة، خلال الصيف، آلاف العمال الأفارقة، وأيضاً من بولندا وبلغاريا ورومانيا، للمشاركة في قطاف الطماطم وسط جو حار للغاية.

تاريخ طويل من عبودية الطماطم ضد المهاجرين في ايطاليا

وقصة عبودية الطماطم ليست جديدة في إيطاليا.

ففي عام 1906، صدر تقرير رسمي إيطالي عن نظام زراعة الطماطم في البلد يصف فيه ظروف عمل بأنها "لا تناسب البشر".

وبعد أكثر من قرن تخرج تقارير رسمية وشبه رسمية لتصف الوضع بأشبه بالعبودية.

وبتقديم تبريرات غير منطقية لتعرُّض "16% من العمال المهاجرين في ايطاليا لعنف جسدي، و90% لاستغلال بشع بلا أوراق أو عقود عمل"، وفقاً لتقرير "الشبكة الأوروبية لمكافحة العنصرية".

وفي كل عام يتدفق  الالاف من المهاجرين في ايطاليا  بينهم عدد كبير من إفريقيا، على الحقول والبساتين في جنوب إيطاليا؛ لكسب قوتهم، يجمعون العنب والزيتون والطماطم والبرتقال.

وفي ظل تسامح السلطات معهم إلى حد كبير لدورهم في الاقتصاد

يتحمل  المهاجرين في ايطاليا  العمل الشاق ساعات طويلة مقابل أجر زهيد بين 15 و20 يورو (22 و29 دولار) يومياً، ويقيمون في مخيمات مؤقتة غير نظيفة دون مياه جارية أو كهرباء.

والعمال الأفارقة يعملون بشروط وأجور أقل من الحد الأدنى الذي يحدده القانون

وسار العمال الأفارقة من المهاجرين في ايطاليا تحت الشمس الحارقة 3 ساعات في طرقات صغيرة باتجاه مدينة فوجيا، حيث انضمت إليهم مجموعة أخرى من المتظاهرين، وتجمعوا أمام مقر المحافظة.

ومع أنهم جميعاً في وضع قانوني، فإن هؤلاء العمال من المهاجرين في ايطاليا يعملون بشروط وأجور أقل من الحد الأدنى الذي يحدده القانون،

ويعيش قسم كبير من المهاجرين في ايطاليا في أكواخ تفتقد إلى أدنى مقومات العيش الكريم.

وإذا كان لدى البعض من المهاجرين في ايطاليا عقود عمل، فإنهم لا يتلقون وصولات بالأجور التي يتقاضونها.

كما أن الكثيرين من المهاجرين في ايطاليا يعملون عبر وسطاء يستغلونهم ويأخذون قسماً من أجورهم.

وقال عامل من مالي (22 عاماً) من المهاجرين في ايطاليا لـ"فرانس برس": "اعمل بين 8 و10 ساعات يومياً مقابل 30 يورو مع استراحة نصف ساعة فقط عند الظهر، وعلي أن أدفع 5 يوروات بدل نقل لأصل إلى مكان العمل".

إلا أن الحد الأدنى للأجور في إيطاليا هو 48 يورو مقابل عمل يومي من 7 ساعات.

وسبق أن قال اتحاد المزارعين في إيطاليا، إن نحو 10% من العمال المهاجرين في ايطاليا الذين يعملون في الزراعة بالبلاد هم من الأجانب.

وأكد أن قطاع الزراعة مفتوح تماماً أمام العمال المهاجرين في ايطاليا، الذين يلعبون دوراً إيجابياً في الاقتصاد الوطني.

وحذر الاتحاد من أن إيطاليا سوف تواجه بعض الصعوبات من دون هذه العمالة المهاجرة، لا سيما أن المواطنين لم يعودوا راغبين في العمل بمجال الزراعة وتربية الحيوانات.

وتكررت حوادث وفاة العديد من العمال المنخرطين في جمع الطماطم

وإذا كانت السنوات الماضية شهدت وفاة عدد من العمال المهاجرين في ايطاليا خلال جمع الطماطم، فإن المسألة التي حركتهم هذه السنة هي قضية التنقل.

فقد وقع حادثان يومي السبت والإثنين 4 و6 أغسطس/آب 2018، بين حافلتين كانتا تقلان عمالاً زراعيين وشاحنتين تحملان طماطم؛ ما أدى إلى سقوط 16 قتيلاً، وإصابة 4 عمال بجروح خطرة، جميعهم من المهاجرين في ايطاليا ومن إفريقيا، باستثناء سائق إحدى الحافلتين، تبين أنه مغربي.

وارتدى العمال المتظاهرون قبعات حمراء وزّعتها عليهم نقابات عمالية وجمعيات؛ لحمايتهم من حرارة الشمس الشديدة.

كما حمل بعضهم صناديق طماطم. وقال العامل من ساحل العاج كوغياتي دياكين (41 عاما)، المقيم في إيطاليا منذ 12 عاماً: "هل تعرف ما هو سعر الطماطم الإيطالية إنه سعر دماء الأفارقة".

كما قال في السياق نفسه باري ألفا، من ساحل العاج أيضاً، ويقيم في البلاد منذ 15 عاماً: "نحن في حالة إحباط وغير مرحَّب بنا. نحن لا شيء هنا".

واتهم وزير الداخلية المافيا بالمسؤولية عما يحدث

وتفقّد وزير الداخلية، ماتيو سالفيني، من اليمين المتطرف، الثلاثاء 7 أغسطس/آب 2018، المنطقة حيث التقى المسؤولين المحليين وممثلين عن العمال الزراعيين، من المهاجرين في ايطاليا ووعد بتشديد المراقبة لمنع الاستغلال.

وقال: "إنها مسألة مافيات. في مقاطعة فوجيا هناك إجرام مافيوي أنوي استئصاله من كل الشوارع والقرى بكل السبل القانونية".

من جهته، قال النائب العام بفوجيا، لوجوفيتشو فاكارو، في تصريحات صحافية، إن التحقيقات حول شروط عمل العمال الزراعيين كشفت "وجود مجموعات مافيوية أحياناً".

إلا أنه "لم يعثر حتى الآن" على أي دليل على علاقة المافيا بحادثي المرور اللذين أوديا بحياة عدد من العمال المهاجرين في ايطاليا.

وسبق أن وفرت الحكومة الإقليمية في بوليا الموارد اللازمة لرعاية مناقصة خاصة بتوفير النقل لعمال المزارع من المهاجرين في ايطاليا خلال موسم حصاد الطماطم.

وعلى الرغم من ذلك، وحتى يمكن تنفيذ تلك الخدمة، فسوف يتعين على أولئك الذين يقومون بتوظيف العمال أن يتعاونوا مع الحكومة لتحديد الطرق التي يجب استخدامها.

وقام ممثلون عن النقابات العمالية المختلفة بزيارة المصابين في المستشفى؛ لإظهار رفضهم العمل غير الشرعي في المزارع، مؤكدين أن التعاون مع الحكومة لم يحدث، والعمال الضعفاء هم من يدفعون الثمن.