السعودية ترفع  شعار «لا تقربوا ملف حقوق الإنسان، وإلا فلوموا أنفسكم».. الرياض تتخذ من كندا ذريعة لوضع سياسة متشدّدة تجاه المنتقدين

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/07 الساعة 16:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/08 الساعة 13:21 بتوقيت غرينتش
Saudi Crown Prince Mohammed bin Salman speaks with Russian President Vladimir Putin during their meeting at the Kremlin in Moscow, Russia June 14, 2018. Yuri Kadobnov/Pool via REUTERS

كشف التوجه السعودي ضد كندا ، أنها تتخذ منه ذريعة لوضع سياسة متشدّدة تجاه المنتقدين في الخارج ورفعت السعودية  شعار "لا تقربوا ملف حقوق الإنسان، وإلا فلوموا أنفسكم"

تعبّر الإجراءات المفاجئة التي تضمنها التوجه السعودي ضد كندا و التي اتخذتها الرياض ضد كندا عن نهج جديد في السياسة الخارجية للمملكة يقوم على التشدد في مواجهة أي انتقادات خارجية للحملة التي تشنها الرياض ضد نشطاء في حقوق الإنسان، حسبما يرى خبراء.

وكانت السعودية أعلنت الإثنين الماضي أنها طلبت من السفير الكندي مغادرة أراضيها وقررت استدعاء سفيرها في كندا وتجميد التعاملات التجارية معها رداً على انتقادات وجهتها أوتاوا للمملكة بشأن توقيف ناشطات بارزات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة.

وفي هذا السياق أكّد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عبر تويتر على التوجه السعودي ضد كندا وقال أن "المملكة لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى ولن تقبل أي محاولة للتدخل في شؤونها الداخلية"، مضيفاً "نتعامل مع ذلك بكل حزم".

التوجه السعودي ضد كندا يكشف أن الرياض لا تقبل أي انتقاد خارجي بخصوص ملف حقوق الإنسان

وقررت وقف إرسال الطلاب الى كندا والعمل على نقل هؤلاء الطلاب إلى دول أخرى، بينما أعلنت الخطوط الجوية السعودية عن إيقاف رحلاتها من وإلى تورونتو اعتباراً من الإثنين المقبل.

ويتّفق خبراء في السياسة الخليجية على أن الإجراءات السعودية ردة فعل مبالغ فيها من قبل المملكة التي دائماً ما تتعرض لانتقادات بشأن سجلها الحقوقي، إلا أنهم يرون فيها محاولة جديدة من قبل الرياض لاستخدام نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي في قمع أي انتقاد خارجي.

ويقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي لوكالة فرانس برس "إنها محاولة واضحة لتخويف الدول بهدف تخفيف حدة انتقاداتهم للسعودية".

لكن كندا لا تعبأ بالخسائر المرتقبة من موقف السعودية، وتصمم على موقفها

وبعيد التصعيد المفاجئ في العلاقات الثنائية، وبعد التوجه السعودي ضد كندا أكّدت الأخيرة أنها لن تنحني أمام الضغوط السعودية التي تضع اتفاقاً لشراء مدرعات كندية بقيمة 15 مليار في مهب الريح ما قد يؤدي إلى خسارة آلاف الكنديين لوظائفهم.

وقالت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاد "ستدافع كندا على الدوام عن الحقوق الإنسانية أكان في كندا أم في بقية أنحاء العالم". وأضافت رداً على سؤال حول مصير عقد المدرعات الخفيفة الذي تم توقيعه في العام 2014 أن هذا السؤال "سابق لأوانه" وأنه يجب أن يُطرَح على الرياض.

وجاء التصعيد السعودي بسبب الناشطة سمر بدوي شقيقة المدون المسجون رائف بدوي

واتّخذت السعودية الإجراءات الدبلوماسية بعدما دعت السفارة الكندية إلى "الإفراج فوراً" عن نشطاء في المجتمع المدني أوقفوا في إطار موجة جديدة من الاعتقالات في المملكة.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأسبوع الماضي إن التوجه السعودي ضد كندا جاء بعد قامت السعودية بتوقيف الناشطة المعروفة دولياً سمر بدوي، شقيقة المدون المسجون رائف بدوي، والناشطة في المنطقة الشرقية في المملكة نسيمة السادة.

وجاءت التوقيفات بعد أسابيع على حملة اعتقالات طالت أكثر من 12 ناشطة وناشطاً في مجال حقوق الإنسان، اتهمتهم صحف مقربة من الحكومة بـ"الخيانة"، بينما قالت السلطات أنهم عملوا على "تقويض استقرار المملكة".

وكتبت كريستين ديوان من "معهد دول الخليج العربي" في واشنطن في حسابها بتويتر "بعد تأديب المنتقدين في الداخل من خلال التحذيرات والتوقيفات، تسعى (السعودية) إلى استخدام قوتها الاقتصادية لتأديب المنتقدين في الخارج أيضاً".

وكندا هي أول دولة تتخذ السعودية إجراءات بحقها على خلفية انتقادات.

وسبق أن قامت الرياض بإجراءات تصعيدية مع دول أخرى لنفس السبب

وفي آذار/مارس  2015 استدعت الرياض سفيرها في ستوكهولم بسبب انتقادات وجهتها وزارة الخارجية السويدية للسعودية وتتعلق بسجلها الحقوقي.

ونقلت وكالة "بلومبرغ" المالية هذا العام أن السعودية تقلل من تعاملاتها التجارية مع ألمانيا بسبب خلافات دبلوماسية. وجاء ذلك بعدما اعتبرت وزارة الخارجية الألمانية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي أن لبنان "بيدق" في أيدي السعودية إثر إعلان رئيس وزرائه سعد الحريري استقالته من الرياض.

ويقول خليل حرب الخبير في شؤون الخليج ومدير تحرير موقع "جورنال" المتخصص بالسياسات الخليجية "السعودية عرفت تاريخياً بتأنيها دبلوماسياً".

ويرى أن "القرار السعودي الصادم في حدته واستعجاله (…) يعكس تحوّلاً نحو التشدد في السياسة الخارجية للمملكة يرسم معالمه ولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان".

وكان هناك رد فعل داعم للقرارات السعودية على وسائل التواصل الاجتماعي

وحظي التوجه السعودي ضد كندا بتأييد سعودي واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما تجرّأ عدد قليل من المستخدمين السعوديين على دعم موقف أوتاوا الداعي إلى الإفراج عن ناشطين حقوقيين.

 

وانتشرت على تويتر تغريدة لحساب موثّق ينشر رسوماً بيانية لتصريحات سعودية رسمية، حذّر فيها كندا من التهجم على المملكة، مستخدماً صورة لطائرة مدنية تحلّق فوق مدينة تورونتو على مقربة من برجها الأشهر.

وقال مستخدمون إن الطائرة تبدو وكأنها تتجه صوب البرج، وإن الصورة تذكر بهجمات أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة والتي كان عدد كبير من المتورطين فيها سعوديين.

وأعلنت وزارة الإعلام السعودية إغلاق الحساب الذي نشر التغريدة لحين "التحقيق في الموضوع"، بينما أصدر الحساب اعتذاراً وقام بمسح التغريدة.

وترى ديوان أن أزمة كندا "مثال على شعور الوطنية القائم في السعودية على الدفاع بضراوة عن السيادة عبر اتخاذ إجراءات عقابية".

وكتبت صحيفة "الجزيرة" السعودية على صفحتها الأولى الثلاثاء "السيادة خط أحمر"، بينما كتبت صحيفة "الرياض" بخط عريض "إلا الوطن".

وقال التلفزيون السعودي اليوم الثلاثاء إن حكومة المملكة العربية السعودية كررت رفضها لما وصفته "بالتدخل في شؤونها الداخلية".

وكانت الرياض استدعت سفيرها لدى أوتاوا وأمهلت السفير الكندي 24 ساعة لمغادرة البلاد بعد  تطورات التوجه السعودي ضد كندا وبعد أن دعت كندا إلى الإفراج عن النشطاء الحقوقيين المحتجزين في السعودية.