بعد طرد السفير الكندي.. سعوديون يطلقون حملة على تويتر من أجل استقلال كيبيك

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/06 الساعة 16:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/06 الساعة 18:49 بتوقيت غرينتش

ليس هناك طريقة لقول هذا دون أن يبدو وقع الأمر غريباً على الأسماع، إلا أن السعودية وكندا تشتبكان حالياً في خلافٍ دبلوماسي بعد طرد السفير الكندي، والسعوديون يُغرِّدون الآن بتغريدات تطالب باستقلال مقاطعة كيبيك  أو كيبك.

يعود أصل الأزمة الدبلوماسية، وفق موقع موقع BuzzFeed الأميركي، إلى القرار الذي أصدره ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان بالسماح للسيدات بقيادة السيارات، وهو هدف يسعى وراءه النشطاء الحقوقيون منذ زمنٍ طويل.   

لكن في الأسابيع السابقة لرفع الحظر عن قيادة السيدات، شنت الحكومة السعودية حملة ضد نفس السيدات اللاتي كنّ في الأساس ينادين بهذا التغيير.

وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأربعاء الماضي 1 أغسطس/آب أنَّ ناشطتين حقوقيتين أخريين اعتُقِلتا، رغم الانتقادات الدولية المستمرة.    

ويوم الجمعة 3 أغسطس/آب، أصدرت كندا بياناً يُعبِّر عن القيم الكندية، فانتقدت بلباقتها المعهودة المعاملة التي تتلقاها النساء المحتجزات حالياً.   

إذ نشر حساب وزارة الشؤون الخارجية الكندية تغريدة تقول: "تشعر كندا بقلقٍ بالغ إزاء الاعتقالات الإضافية لنشطاء المجتمع المدني وحقوق المرأة في #السعودية، بمن في ذلك سمر بدوي. ونحثّ السلطات السعودية على الإفراج الفوري عنهم وعن كافة نشطاء حقوق الإنسان الآخرين السلميين".        

لكن لم تلقَ هذه العبارة صدى جيداً لدى الحكومة السعودية.

فنشرت المملكة ليل الأحد – الإثنين 6 أغسطس/آب 2018، بياناً مطولاً تعلن فيه أنَّه في ضوء "ادعاء (كندا) غير الصحيح جملةً وتفصيلاً"، ستوقف السعودية جميع الاستثمارات والعلاقات التجارية الجديدة هناك.    

وجاء في البيان: "من المؤسف جدّاً أن يرد في البيان عبارة (الإفراج فوراً)، وهو أمر مستهجن، وغير مقبول في العلاقات بين الدول".

وأضافت: "إنَّ أي محاولة أخرى في هذا الجانب (التدخل في الشؤون السعودية) من كندا تعني أنَّه مسموح لنا بالتدخل في الشؤون الداخلية الكندية".

وأعلنت السعودية كذلك طرد السفير الكندي واعتبرته شخصاً غير مرغوب فيه، واستدعت كذلك سفيرها لدى كندا إلى الرياض.

وسرعان ما توالت التغريدات على حسابات السعوديين على موقع تويتر يعربون فيها عن "قلقهم" من معاملة كندا للسكان الأصليين، وينادون بضرورة حصول مقاطعة كيبيك على استقلالها.

إذ كتب أحد أفراد الأسرة الحاكمة يُدعى الأمير خالد بن عبد الله آل سعود، في تغريدة بحسابه على تويتر: "نشعر بالقلق في السعودية بشأن ارتكاب كندا لإبادة ثقافية ضد السكان الأصليين. وندعم كذلك حق مقاطعة كيبيك في أن تصبح دولة مستقلة".

وبالطبع، إذا كنت ستتعمق في أسلوب التشكيك الهجومي لتشويه عدوك، فإنَّ تقديم الدعم للحركة الانفصالية في مقاطعة كيبيك سيبدو منطقياً جداً وفقاً للأساليب المتبعة عام 2018.  

وفي عامي 1980 و1995، أجرت المقاطعة استفتاءين حول الاستقلال عن كندا، وقررت المقاطعة في المرتين أن تحتفظ بوضعها الحالي. لكن هذا لم يمنع المسألة من أن تظل قضية متداولة في السياسة الكندية.

وبدوره، كتب حساب باسم سعود بن سلمان الدوسري تغريدة: "كان يمكن للسعودية بسهولة أن تدعم استفتاء استقلال كيبيك عام 1995 من خلال تمويل الحملات الإعلامية والهجمات ضد الحكومة الكندية لضمان فوز الكيبيكيين، لكنَّنا لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، بعكس كندا كما هو واضح".

أما عن قضية السكان الأصليين، أقرَّت كندا أنَّ الدولة أساءت تماماً التعامل معهم، لكنَّها لا تزال تمثل نقطة شائكة.   

وتقدَّم رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، العام الماضي، باعتذار رسمي حول أساليب الإدماج التي تبنّتها المدارس الحكومية لإجبار السكان الأصليين على التخلي عن تراثهم. لكن عدم المساواة لا يزال بالتأكيد عنصراً سائداً، إذ أوضحت دراسة نُشِرَت عام 2016 أنَّ 60% من أطفال السكان الأصليين الذين يعيشون في محميات كندا لا يزالون يعانون من الفقر.

وفي جميع الأحوال، يبذل السعوديون على تويتر كل ما بوسعهم لإظهار بيان كندا على أنَّه انتهاك واضح للأعراف الدولية (لكنَّه ليس ذلك).

  وغرَّد أكبر شهيد أحمد، مراسل الشؤون الخارجية بمكتب موقع Huff Post في واشنطن: "هجمات الحكومة السعودية على كندا (والآن حشد المسيئين السعوديين للحديث عن حقوق السكان الأصليين ومقاطعة كيبيك) أمرٌ لافت للانتباه وغريب. وما يثير الدهشة على وجه الخصوص هو أنَّ العبارة التي يقولون إنَّها أغضبتهم هي في الواقع عادية جداً".          

في حين رد عليه حساب يحمل اسم تركي الحامد: "الموقف الكندي هو تدخل سافر وفج في الشؤون الداخلية للمملكة #العربية السعودية ويخالف أبسط الأعراف الدولية وكافة المواثيق التي تحكم العلاقات بين البلدين".     

وكان من السهل ملاحظة أنَّ الكثير من التغريدات التي كُتِبَت باللغة الإنكليزية وتؤذن بتحالف جديد بين السعودية ومقاطعة كيبيك كانت متشابهة على نحوٍ غريب، بل ومتطابقة تقريباً.  

إذ كتبت حسابات تحمل أسماء "مثيب"، و"عيسى"، و"محسن"، و"أفكر كيف أقنعك"، و"راكان"، على تويتر التغريدة ذاتها: ""نشعر بالقلق في السعودية بشأن ارتكاب كندا لإبادة ثقافية ضد السكان الأصليين. وندعم كذلك حق مقاطعة كيبيك في أن تصبح دولة مستقلة".

ورداً على ذلك، كتب حساب يحمل اسم Alheli Picazo: "هذا ممتع …".

فيما تمكن البعض من إبقاء الأمر بسيطاً، لكن كان مبدعاً

فنشر مثلاً حساب باسم "محمد بن ضاحي" تغريدة قال فيها: "#السعودية تطرد السفير الكندي. ندعم استقلال كيبيك".  

بينما شكَّك مراقبون غربيون في أنَّ ولي العهد -الذي سافر في جولة إلى الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام بهدف نيل إعجاب هؤلاء المراقبين- قد اتخذ القرار الصحيح في هذا الصدد.    

إذ غرَّد ديفيد إغناتويس، الصحافي في صحيفة The Washingon Post: "السعودية تطرد السفير الكندي للمناداة بحقوق الإنسان؟ للوهلة الأولى يبدو هذا خطئاً فادحاً من ولي العهد السعودي".

 

ورد عليه آرون ديفيد ميلر، المحلل بشبكة CNN ومدير برنامج الشرق الأوسط في مركز وودرو ويلسون: "أضف إلى هذا الأخطاء الفادحة الأخرى -اليمن، فيديو احتجاز الحريري، الحرب السخيفة مع قطر، وميوله السلطوية- وسيصبح لديك سجل حافل بالسقوط والتلعثم والتعثر".   

لكن حتى إن لم تهدأ الأمور قريباً، فلن يتسبب الأمر بانهيار الاقتصاد العالمي.

إذ كتبت ستيفاني كارفن، الأستاذة المساعدة في جامعة كارلتون الأميركية: "في عام 2010، بلغت صادرات كندا إلى السعودية مليار دولار. ولوضع الأمور في نصابها الصحيح، الآن تبلغ تعاملاتنا مع الولايات المتحدة 300 مليار دولار. انهيار العلاقات ليس أمراً رائعاً أبداً، لكن هذا لن يقضي علينا".

مع هذا، ستفعل كندا على الأرجح كل ما بوسعها لتهدئة العلاقات؛ لأنها في نهاية المطاف كندا. لكنَّها سستتصدى "بلطف" لادعاء السعودية حول تدخُّل كندا في شؤونها الداخلية.

وقال متحدثٌ باسم وزيرة الشؤون الخارجية الكندية كريستيا فريلاند، في بيانٍ عبر البريد الإلكتروني لموقع Buzfeed News: "نشعر بقلقٍ شديد حيال هذه التقارير الإعلامية، ونسعى لتوضيحٍ أكبر حول البيان الأخير من السعودية. ستظل كندا دوماً تدافع عن صون حقوق الإنسان في العالم، ومن بينها بالتأكيد حقوق المرأة وحرية التعربير عن الرأي. ولن تتردد حكومتنا أبداً في نشر هذه القيم، وهي تؤمن بأنَّ هذا ضروري للدبلوماسية الدولية".

علامات:
تحميل المزيد