هل يتم إزاحة العبادي من رئاسة الوزراء؟ الصدر يضع شروطاً قوية لتشكيل الحكومة القادمة، وباب التفاوض لايزال مفتوحاً

أصبح الوضع في العراق أكثر تعقيداً بعد الانتخابات النيابية التي جرت في مايو/أيار 2018، خصوصاً بعد الشروط التي وضعها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/03 الساعة 13:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/03 الساعة 13:52 بتوقيت غرينتش
Iraqi Shi'ite leader Muqtada al-Sadr delivers a speech in Najaf, Iraq March 19, 2017. REUTERS/Alaa Al-Marjani

أصبح الوضع في العراق أكثر تعقيداً بعد الانتخابات النيابية التي جرت في مايو/أيار 2018، خصوصاً بعد الشروط التي وضعها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، والتي يتوقع أن تؤخر تشكيل الحكومة إلى نهاية العام الحالي، بينما لايزال حزب الدعوة الإسلامية متمسكاً بمنصب رئاسة وزراء العراق.

وكانت أبرز شروط الصدر، زعيم تحالف سائرون، والتي وصلت إلى نحو 40 نقطة حسب الوثيقة التي نشرها مكتب الخاص للصدر، أنه على رئيس الوزراء القادم أن يكون مستقلاً وغير تابع لحزب معين، وأن يكون من خارج أعضاء مجلس النواب، وألا يكون من مزدوجي الجنسية، وألا يكون من الذين طالتهم شبهات الفساد، وألا يرشح نفسه للانتخابات النيابية المقبلة، وأن يعمل بعيداً عن الطائفية والعرقية.

حزب العبادي: شروط مقتدى الصدر قابلة للحوار

بدوره يرى حزب الدعوة الإسلامية المنتمي له رئيس الوزراء العراقي الحالي حيدر العبادي، أن شروط مقتدى الصدر في تشكيل الحكومة "قابلة للحوار وقد تتغير في الفترة القادمة".

وذكر مسؤول في حزب الدعوة ومقرب من العبادي لـ"عربي بوست"، إن رئيس الوزراء لا يزال هو مرشح حزب الدعوة وائتلاف النصر لرئاسة الوزراء. وأضاف أن الشروط التي وضعها الصدر قابلة للحوار والمناقشة، و"لا تعتبر فرضاً وواجباً على القوى السياسية".

مقتدى الصدر يضع شروطاً صعبة
مقتدى الصدر يضع شروطاً صعبة

وأشار إلى أن هذه الشروط قد تؤخر تشكيل الحكومة العراقية إلى نهاية العام الحالي.

ولفت المسؤول إلى أن "شروط الصدر هي محاولة ضغط على القوى السياسية لتشكيل حكومة تكنوقراط، الكل يعلم أن الصدر يرفض تشكيل حكومة محاصصة وطائفية في المرحلة المقبلة، إلا أن هناك تفاهمات سياسية بين سائرون والنصر لتشكيل الحكومة المقبلة".

تيار الحكيم منسجم مع شروط الصدر

إلى ذلك أكد تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم حفيد المرجع الديني الراحل محسن الحكيم، انسجامه مع شروط رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وتحالف سائرون لتشكيل الحكومة العراقية.

يقول عضو في تيار الحكمة حسام الحسيني لـ"عربي بوست"، إن هناك تفاهمات بين تحالف سائرون والحكمة والوطنية والنصر والأحزاب السنية والكردية لتشكيل الكتلة الأكبر في مجلس النواب العراقي، "سيعلن عن الكتلة الأكبر بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، عدد أعضائها سيتجاوز 200 نائب في البرلمان المقبل"، على حد قوله.

وأضاف أن التيار منسجم مع سائرون ومتفق على الشروط التي وضعها الصدر لتشكيل الحكومة العراقية، إلا أن كلاً منها لا يخشى لعب دور المعارضة في حال عدم إقناعهم في المشاركة في الحكومة الجديدة.

اقرأ أيضاً

العبادي يستجيب لأحد مطالب المتظاهرين بعد أسبوعين من نزولهم الشارع.. إقالة وزير الكهرباء العراقي وإحالته للتحقيق

جنوب العراق منبع للثورات

"جنوب العراق هو منبع للثورات العراقية، والذي تنهب ثرواته باتجاه إيران، مما جعله مركزاً للفقر الآن، مما جعل الشيعي العراقي يخالف الرغبات الإيرانية الطائفية"، هكذا يقول هيثم هادي نعمان، الكاتب والمحلل السياسي العراقي في معهد واشنطن للدراسات السياسية في الشرق الأوسط.

وأضاف نعمان لـ"عربي بوست، أن الحلول التشكيلية التي تبعها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، تؤكد أن "العبادي لا يفهم عمق المشكلة السياسة في العراق"، موضحاً أن رئيس الوزراء العراقي إن استمر في الحكم وحصل على الولاية الثانية، فإنه "سيفشل، ويستنزف كل النجاحات التي حققها أثناء تولي رئاسة الوزراء في العراق".

وأوضح أن المتظاهرين خرجوا نتيجة "الخلل السياسي والدستوري في عمق العملية السياسية"، وليس في حكومة العبادي، "النتائج المتراكمة في العراق منذ 15 عاماً ظهرت حالياً لدى المتظاهرين"، على حد تعبيره.

الصدر أزاح العبادي من قائمة المرشحين

وأضاف "هناك شعور وطني في عمق الجنوب منبع الثورات العراقية، وحدث موت سريري لفكرة الطائفية، وعودة نمو الوطنية لدى أهالي الجنوب".

وأكد الباحث السياسي على أن الانفجار الذي تحدثه شدة الفقر في الجنوب "لا يختلف عن تأثير إرهاب داعش غرب وشمال العراق"، موضحاً أن الفقر والإرهاب "يأتيان نتيجة النظام السياسي الذي فشل".

ورأى أن الثورة (على حد تعبيره) التي تحدث في الجنوب لن تنتهي إلا بمشروع تشكيل حكومة مستقلة تعيد النظر في المشروع العراقي وسياسته والمحاصصة الطائفية وتحويل النظام السياسي في العراق من برلماني إلى رئاسي.

هل يمكن أن تتم إزاحة العبادي من رئاسة الوزراء؟
هل يمكن أن تتم إزاحة العبادي من رئاسة الوزراء؟

وذكر نعمان أن مقتدى الصدر بشروطه هذه التي ترفض تولي مزدوجي الجنسية رئاسة الوزراء، لم يعط حيدر العبادي فرصة، فهو قد أزاحه من قائمة المرشحين بشكل مبدئي، رغم أن كل شيء لايزال قابلاً للتفاوض، على حد وصفه.

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حاصل على دكتوراه في الهندسة الكهربائية من جامعة مانشستر البريطانية، ولم يتنازل عن جنسيته البريطانية كما كان قد أشيع عام 2014، وبالتالي يخالف الشروط التي وضعها الصدر بشأن الشخصية التي ستولى رئاسة الوزراء.

وأكد أن هناك إشكالية في النفوذ الإيراني الذي يريد فرض وجوده في العراق نتيجة الحصار الاقتصادي الأميركي على طهران. وفي نفس الوقت ترغب السعودية في زيادة نفوذها في العراق وتقليل النفوذ الإيراني.

صمت إعلامي.. التظاهرات لن تنتهي

وتابع الكاتب والمحلل السياسي العراق أن التظاهرات والاحتجاجات في جنوب العراق لن تنتهي، مؤكداً على وجود ما أسماه "فوضى وتضليل إعلامي وقطع خدمات الإنترنت".

وقال إن العراق الآن بين تشكيل حكومة محاصصة لكنها ستفشل في رأيه لأنها لا تمثل كل الشعب العراقي ولن تحل مشاكله. والخيار الآخر هو تشكيل حكومة من مستقلين وكفاءات لم تشارك في البرلمان السابق لرئاسة مجلس الوزراء، فضلاً عن إجراء تعديل في بعض مواد الدستور وتشكيل هيئات النزاهة لمحاسبة جميع الفاسدين دون استثناء.

الأحزاب الشيعية ستحصل على جميع المناصب

وذكر أن شكل الحكومة ليس هو المقياس هنا، فالأحزاب الشيعية ستحصل على جميع المناصب، لكن الخسارة ستكون في رد فعل الجماهير تجاه هذه الطبقة السياسية، وما إذا كانت ستلبي مطالبه.

ويختم نعمان، أن التظاهرات في العراق قد تتحول إلى ثورة شعبية لتغيير الواقع السياسي وتتحول إلى ورقة ضغط لتشكيل حكومة تكنوقراط، أو تظهر كتل سياسية جديدة في الانتخابات النيابية المقبلة التي ستجرى في 2022 وتكسب هذا الجمهور الذي سيزداد بالنسبة 70% من العراقيين".

على العراق العودة إلى حاضنة الدول العربية

بدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي العراقي باسل الكاظمي أن خسارة الأحزاب الإسلامية لدى الشارع العراقي، تعني أنه "على العراق العودة إلى حاضنة الدول العربية وعدم السماح الأجندات الخارجية التدخل في شؤون البلاد".

ويقول الكاظمي لـ"عربي بوست"، إن جميع المؤشرات والمعطيات تشير إلى وجود تنسيق متجانس بين رئيس الوزراء حيدر العبادي ورجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في تشكيل الحكومة"، على حد تعبيره.

وأضاف أن كل شخص لم يدعم المتظاهرين سوف يكون مرفوضاً من الشارع العراقي، "نلاحظ اليوم المرجعية الدينية مع المتظاهرين لحين تحقيق مطالبهم المشروعة وتشكيل الحكومة، لكن جميع الأحزاب السياسية بدون استثناء موقفها ضعيف ومخجل مع المتظاهرين".

الأحزاب الإسلامية خسرت الشارع العراقي

وأوضح الكاظمي، أن "الأحزاب الإسلامية قد خسرت الشارع وهناك رفض للإسلاميين بسبب ما حدث في العراق بعد 2003،  وضرورة فصل الدين عن السياسة وتشكيل حكومة مدنية من التكنوقراط، لكن الوضع حالياً لا يختلف السابق جميع الأحزاب متمسكة بالمناصب وسوف تبقى هذه الأحزاب في السلطة، الشارع العراقي يرفض وجود الفاسدين والفاشلين في العملية السياسية والحكومة المقبلة.

بشأن التدخل الإيراني والسعودي في شؤون العراق، لفت الكاظمي إلى أن "العراق أقرب حالياً إلى المملكة العربية السعودية، ويجب أن يعود إلى حاضنة الدول العربية، نلاحظ أن خادم الحرمين الشريفين وولي عهد كل منهما يقف إلى جانب العراق لتشكيل الحكومة، إذا كانت إيران أو دولة أخرى تريد تدخلاً في شؤون العراق، فالعراقيون قادرون على تشكيل الحكومة دون تدخل خارجي".


اقرأ أيضاً:

ونجحت إيران في العراق.. الصدر يرضخ لمطالبها خوفاً من حرب أهلية وعودة مرتقبة للمالكي

تحميل المزيد