لماذا لا تريد موسكو إخراج القوَّات الإيرانية من سوريا وتحقيق ما تتمناه إسرائيل؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/02 الساعة 10:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/02 الساعة 12:17 بتوقيت غرينتش

أشار ألكسندر لافرينتيف، المبعوث الخاص الروسي إلى سوريا، أمس الأربعاء الأول من أغسطس/آب 2018، إلى أنَّ القوَّات الإيرانية التي ساعدت الحكومة السورية في التغلُّب على بؤر المقاومة التابعة للمعارضة السورية قرب الحدود الإسرائيلية ستنقل أسلحتها الثقيلة إلى بُعد 85 كيلومتراً على الأقل من هضبة الجولان الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

لكنَّ هذا الإعلان حسب موقع Stratfor الأميركي لم يُسفِر عن تهدئة الجانب الإسرائيلي، الذي وصف المنطقة العازلة المذكورة بأنَّها غير كافية، وتستمر إسرائيل بالضغط على روسيا لتُجبِر إيران على مغادرة سوريا بأكملها.

ما أهمية ذلك؟

لوقتٍ طويل وطَّد الروس علاقاتٍ مع كلٍّ من إسرائيل وإيران، سعياً لاستغلال موقعهما باعتبار روسيا قوةً دبلوماسية عظمى بحكم تدخُّلها في سوريا. لكن هناك حدوداً لما يمكن لروسيا إنجازه. وفيما من شأن الانسحاب الإيراني أن يقلِّل المخاطرة القائمة بشنِّ إيران هجماتٍ قصيرة المدى على إسرائيل، فإنَّ هذا ليس الخطر الوحيد الذي تمثِّله إيران بالنسبة للإسرائيليين. إنَّ ممر إمداد السلاح الذي توفِّره إيران لحزب الله يُعَد أيضاً تهديداً قوياً. وبرغم الانسحاب، يُعتَبَر بمقدور القوَّات الصاروخية الإيرانية أن تقصف إسرائيل حتى من وراء المنطقة الفاصلة بعرض 85 كيلومتراً، أو يمكنها أن تُرسَل مجدداً إلى داخل المنطقة بسرعة، منضمَّة إلى العناصر الإيرانية الذين لا يزالون هناك كمستشارين. لذا وبالنسبة لإسرائيل، فإنَّ أي وجودٍ إيراني يُذكَر في سوريا هو تهديدٌ لها، وليس فقط قرب حدود الجولان.

إنَّ هذا المفهوم لدى إسرائيل قد دَفَع بالقصف الإسرائيلي ليضرب مناطق بعيدة وصلت إلى الحدود العراقية-السورية، ووسط مدينة حمص، وشمالي حلب. تواصل إسرائيل تفوُّقها بالفرصة السانحة لها لتُقلِق وتحدُّ من قوَّة الوجود الإيراني الحصين في سوريا، حتى وهي ترحِّب بأية مكاسب دبلوماسية تعرضها عليها روسيا.

ومن جانبهم، أربَك الإيرانيون أيضاً محاولات الجانب الروسي لاستعراض عضلاته الدبلوماسية. باستطاعة إيران الإبقاء على موقعها في سوريا بصرف النظر عن موسكو، إذ أنَّها شريكةٌ اقتصادية وأمنية كُبرى لدمشق وستسعى لتحقيق أجندتها الخاصة وهي الاستقرار في سوريا ما بعد الحرب الأهلية وفق موقع Stratfor الأميركي. بالإضافة لذلك فإنَّه ليس من مصلحة روسيا أن تطرد إيران كلياً من سوريا. وتساعد القوَّات الإيرانية والميليشيات التابعة لها في حِفظ النظام بالأراضي السورية، كما أنَّهم يتكفَّلون بقدرٍ غير هيِّن من القتال الذي تسعى روسيا، الباحثة الآن عن سبيلٍ للخروج بسلاسةٍ من النزاع السوري، لتجنُّب خوضه. وفي الوقت نفسه، تريد روسيا ألَّا تنجرَّ إلى صدامٍ مع إسرائيل، وبالتالي فهي لم توسِّع حمايتها للقوَّات الإيرانية لتشمل الحماية من القصف الجوي الإسرائيلي.

وكان سفير روسيا في تل أبيب قال الإثنين، 30 يوليو/تموز 2018، إن موسكو لا تستطيع إرغام القوات الإيرانية على مغادرة سوريا، وذلك في رفض لطلب إسرائيل منذ فترة طويلة ضرورة أن تعمل الحكومة الروسية على ضمان انسحاب إيران بشكل كامل من سوريا.

وقال السفير الروسي أناتولي فيكتوروف إن موسكو لا تستطيع أيضا أن تمنع إسرائيل من توجيه ضربات جوية للقوات الإيرانية في سوريا، التي تشترك مع روسيا وفصائل لبنانية مدعومة من طهران، في دعم الرئيس السوري بشار الأسد في حربه ضد قوات المعارضة.

ستعاني موسكو لتصل لتسويةٍ تمنع اندلاع اشتباكاتٍ بين إيران وإسرائيل

يقع الآن على عاتق روسيا أن تحاول الموازنة الدبلوماسية بين القوَّتين. تريد روسيا أن ينظر الطرفان لها على أنَّها دولةٌ ذات مصداقية، لكنَّها لا تستطيع إرضاء أيٍّ من الدولتين كلياً. ربما تُبرَم صفقاتٍ محلية، إلَّا أنَّ روسيا ستعاني كي تصل لتسويةٍ من شأنها أن تمنع اندلاع أية اشتباكاتٍ مستقبلية بين إيران وإسرائيل على أرض سوريا.

حدث أوَّل تبادلٌ عسكري مباشر بين إسرائيل وإيران في بداية شهر مايو/أيار الماضي عندما أطلقت إيران صواريخ قصيرة المدى على هضبة الجولان رداً على قصفٍ جوي إسرائيلي شُنَّ عليهم. دفع ذلك إسرائيل إلى أن تقتصَّ بضرباتٍ جوية خطيرة وُجِّهَت إلى أهداف إيرانية وسورية على حدٍّ سواء.

وبينما أضرَّت هذه الضربات بالقوَّات الإيرانية، لم تدفع بطهران للرحيل عن البلاد، أو أن تثأر لقوَّاتها لأبعد من الحدود السورية. وقبل ذلك، اقتحمت طائرةٌ إيرانية بلا طيَّار المجال الجوي الإسرائيلي في شهر فبراير/شباط الماضي، ما أسفر عن هجومٍ مضاد من الجانب الإسرائيلي استهدف قاعدة الطائرات بلا طيَّار الإيرانية في سوريا، الذي أدَّى بدوره إلى إسقاط طائرة إسرائيلية من طراز إف 16 على يدِّ القوَّات السورية.

شدَّد المسؤولون الإسرائيليون مراراً على عدم تهاونهم مع وجود القوَّات الإيرانية في سوريا، وشنَّت إسرائيل حملة قصف جوي لتعطيل تعزيز القوَّات الإيرانية الإيرانية وخطوط إمداداتها لميليشيا حزب الله المناهضة لإسرائيل داخل سوريا. لم تُفض سلسلة محادثات على أعلى مستوى جرَت بين قياديين إسرائيليين وروس إلى أيِّ حل، ما يعني أنَّ من المُرجَّح أن تواصل إسرائيل ما تتخذه من خطوات.

تحميل المزيد