قانون لمّ شمل أصحاب الحماية الفرعية يدخل حيز التنفيذ في ألمانيا.. هذه معايير القبول، ومعاناة عائلات فرَّقها الحظر أعواماً

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/02 الساعة 17:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/02 الساعة 17:20 بتوقيت غرينتش

دخل يومَ الأربعاء 1 أغسطس/آب 2018، قانونُ السماح بلمّ شمل عوائل الحاصلين على الحماية الفرعية من اللاجئين إلى ألمانيا حيز التنفيذ، ومن المفترض أن تستقبل ألمانيا بموجبه 1000 شخص من أقاربهم كل شهر كحد أقصى.

ويُرفض منح حق اللجوء للكثير من مقدمي الطلبات، ويُمنحون عوضاً عنه "الحماية الفرعية"، التي تعني أنهم غير ملاحَقين بشكل شخصي في بلادهم، لكنهم مع ذلك معرَّضون للمخاطر فيها؛ لأنها تشهد حرباً على سبيل المثال، كالوضع في سوريا حالياً، التي كان مواطنوها من أكثر المتضررين من حظر لمِّ الشمل قبل عامين ونصف عام. ويُمنح هؤلاء حماية مقيَّدة، مدتها عام، قابلة للتمديد.

وكانت الحكومة الألمانية قد حظرت لمَّ شمل عائلات الحاصلين على "الحماية الفرعية" في ربيع عام 2016، مدة عامين، على أن يُسمح لهم بالاجتماع بعائلاتهم مجدداً بدءاً من شهر مارس/آذار 2018، لكن أطراف الائتلاف الحكومي الجديد (الحزب المسيحي الاجتماعي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، والحزب المسيحي الديمقراطي) اتفقوا على تمديد الحظر حتى مطلع الشهر الثامن من 2018، مُلغِين حق لمِّ الشمل لذوي إقامة "الحماية الفرعية"، سامحين في الوقت نفسه بقدوم 1000 شخص كحد أقصى من أقاربهم شهرياً، لأسباب إنسانية فحسب.

ويختلف وضع هؤلاء عن الحاصلين على حق اللجوء السياسي أو وفق معاهدة جنيف؛ إذ كان بوسع المعترف بهم كلاجئين استقدام عائلاتهم في السنوات الماضية بشكل اعتيادي، وتم إصدار 322 ألف تأشيرة لعوائلهم منذ عام 2015، بحسب القناة الألمانية الأولى.

تستقبل ألمانيا 1000 شخص من أقارب الحاصلين على الحماية الفرعية كل شهر
تستقبل ألمانيا 1000 شخص من أقارب الحاصلين على الحماية الفرعية كل شهر

بوسع الحاصل على الحماية الفرعية جلب عائلته عبر القانون الجديد؟

يستطيع البالغون جلب الزوج/ة والأطفال القاصرين. وسيُسمح لأولادهم بالقدوم في حال تقديم الطلب قبل أن يُتموا 18 من العمر. وفي المقابل، بوسع الأطفال القاصرين جلب والديهم وإخوانهم القاصرين.

وسيُسمح بجلب زوجة واحدة في حال تعدُّد الزوجات، وفق موقع "تاغزشاو". كما ينبغي أن يكون عقد الزواج قد تم قبل هروب الزوج/ة إلى ألمانيا. وفي حال كان العقد مسجلاً بعد ذلك، سيتم رفض طلب لمّ الشمل.

كم عدد المتقدمين حتى الآن؟

سُجل 34 ألف طلب مقابلةٍ من أقارب الحاصلين على
سُجل 34 ألف طلب مقابلةٍ من أقارب الحاصلين على "الحماية الفرعية"

سُجل 34 ألف طلب مقابلةٍ من أقارب الحاصلين على "الحماية الفرعية"، لدى ممثليات الدولة الألمانية منذ عام 2016، بينهم 28 ألف سوري مقيمين بدول الجوار السوري.

لكن، يبقى العدد الحالي غير معروف، بحسب موقع "شبيغل أونلاين"؛ إذ قد يكون بعضهم قد هُرب إلى ألمانيا بشكل غير قانوني مذاك، أو قد يكون بعض مقدمي الطلبات قد تخلوا عن الالتزام بها لأسباب أخرى. ويشير موقع "تاغزشاو" إلى إمكانية تقديم البعض عدة طلبات في قنصليات وسفارات مختلفة للحصول على موعد أفضل.

ويمكن تقديم الطلبات وفقاً للقواعد الجديدة بدءاً من شهر أغسطس/آب 2018 فحسب. لذا، تشير تقديرات الحكومة الألمانية إلى أن عدد القادمين خلال هذا الشهر لن يصل إلى الحصة المخطط لها؛ أي 1000 شخص، مبررة ذلك بأنه يتوجب تسليم الكثير من الوثائق وأن التحقق منها مُضنٍ؛ لذا يُتوقع أن يحصل تأخير في الأشهر الأولى بشكل عام. إلا أن الحكومة الألمانية وضعت نظام معادلة للأشهر المتبقية في هذا العام فقط، أي في حال قدوم 500 شخص فقط في شهر أغسطس/آب2018 مثلاً، سيُسمح لـ1500 شخص بالقدوم في شهر سبتمبر/أيلول 2018. لكن وبدءاً من عام 2019، لن يتم تطبيق هذا النظام.

ومن الصعوبة بمكانٍ، التكهن بعدد الطلبات المقدمة مستقبلاً. ويبلغ عدد الحاصلين على حماية فرعية 200 ألف شخص، ولا يعرف عدد أقربائهم الموجودين خارج ألمانيا بشكل دقيق. وتشير تقديرات مؤسسة أبحاث سوق العمل والمهمة (IAB)، في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2017، إلى أن عدد الأقارب قد يتراوح بين 50 و60 ألفاً.

ما هي خطوات التقديم والقبول؟

يجب أن يحصل مقدم/ة الطلب على موعد بإحدى ممثليات ألمانيا في الخارج (سفارة أو قنصلية). وتقوم المنظمة الدولية للهجرة بالتواصل مع الموجودين على قائمة المواعيد في بعض دول جوار سوريا كالأردن ولبنان. وبعد أن تأخذ الممثليات الألمانية طلبات التأشيرات من العوائل تتحقق من الهويات وصِلة القرابة بينهم وبين صاحب العلاقة في ألمانيا، وتعمل وفق ترتيب زمني لتاريخ تقديم الطلبات.

تقرر وزارة الداخلية الألمانية من يحق له أن يكون جزءاً من الحصة الشهرية
تقرر وزارة الداخلية الألمانية من يحق له أن يكون جزءاً من الحصة الشهرية

وعندما لا يتواجد لديها أي اعتراض على طلبات التأشيرات تحولها إلى سلطات الأجانب والأمن في ألمانيا، لكي يتحققوا فيما إذا كان هناك ما يمنع قبول الطلب كشأن حظر صاحب العلاقة في ألمانيا من لم الشمل لارتكابه جريمة خطيرة (الجريمة الخطيرة هي التي يتجاوز عقوبتها السجن مدة عام). وفي النهاية يقرر المكتب الاتحادي للشؤون الإدارية التابع لوزارة الداخلية الألمانية من يحق له أن يكون جزءاً من الحصة الشهرية البالغة ألف شخص.

ما هي معايير الاختيار؟

في حال عدم وجود عوائق أمنية أو نقص بالوثائق، يتم أخذ مصلحة الأطفال وتضررهم من غياب الوالدين بالمقام الأول في عملية الاختيار، من قِبل المكتب الاتحادي للشؤون الإدارية. ثم تلعب "الأسباب الإنسانية" في الدور الأساسي؛ كمدة الفراق بين أفراد العائلة أو إثباتات حول الإصابة بمرض خطير أو إعاقة شديدة لدى الحاصل على "الحماية الفرعية".

في المرتبة الموالية تأتي درجة اندماج البالغين بالمجتمع، كإتقان اللغة، أو عمل الرجل أو المرأة في ألمانيا، وقدرتهما على الإنفاق، أو امتلاكهم مساحة سكن كافية لاستقبال أفراد العائلة الذين يطالب بقدومهم.

ومن لم يتم اختياره في شهر ما للانضمام إلى المقبول لمّ شمل عوائلهم، فسيدخل المنافسة مع مقدمي الطلبات في الشهر التالي بشكل آلي.

"اليوم كَسَنَةٍ".. عوائل تشكو فراقاً طال سنواتٍ بسبب حظر لمِّ الشمل

وعرضت القناة الألمانية الأولى في اليومين الماضيين، قصصاً عن عوائل تعيش في جوار سوريا، فرَّقها بعضها عن بعض حظرُ لمِّ الشمل المفروض منذ عام 2016، تأمل أن يلتئم شملها أخيراً قريباً.

وتحدَّث السوري مصطفى الشيخ صالح، الذي يعيش في مدينة مندن الألمانية منذ 3 أعوام هو وزوجته وبناته الثلاث المقيمات بإسطنبول، عن وضعهم المأساوي.

ويواظب "صالح" على تشجيع زوجته وابنته الكبرى المريضتين، لأنهما بحاجة للرعاية، وعدم قدرته على فعل شيء لأجلهما يجعله حزيناً جداً.

وتعمل بنتاه في معمل خياطة بإسطنبول وقتاً طويلاً، منذ الصباح الباكر حتى السابعة مساء؛ لجني ما يُقدَّر بـ300 يورو، تصرفانها على العائلة.

ولم يحصل الأب على حق اللجوء في ألمانيا، الذي كان سيسمح له بجلب عائلته منذ وقت طويل، رغم تعرُّض عائلته للقصف في حلب.

 الأطفال المتضررين من غياب الأبوين سيكونون على رأس المستفيدين
الأطفال المتضررين من غياب الأبوين سيكونون على رأس المستفيدين

تروي الأم ما حدث ذلك اليوم في عام 2013، وتقول إن ابنتها وابنها ذهبا إلى السوق لشراء حلوى، وفي حين كانا بالشارع قصفت طائرةٌ المكان، قبل أن تبدأ هي وبناتها بالبكاء، متذكراتٍ كيف انتهى القصف بإصابة البنت، ومقتل الابن الوحيد، الذي لم يستطع المسعفون إنقاذه.

وتوضِّح أن زوجها ذهب وحيداً إلى ألمانيا وخاطر بحياته؛ لأنه لم يرِد أن يعرض بناتهما لخطر الغرق، وكان يعتقد أن الأمر لن يستغرق سوى أشهر ليلتحقن به.

ويبيِّن الأب، الذي يعمل في الوقت الحاضر، أنه سبق أن رفضت السلطات الألمانية طلب لمّ الشمل عندما كان الحظر سارياً، ثم قدَّم طلباً جديداً في شهر فبراير/شباط الماضي عندما علِم بإمكانية لمّ الشمل مجدداً.

لكن، لدى العائلة أمر آخر تخشاه، ويجعل النوم يجافي الأم، وهو أن الابنة الكبرى قد أصبحت بالغة بالفعل، ما قد يحرمها من الذهاب معهم لألمانيا؛ لذا تطلب من الشعب والحكومة الألمانية المساعدة.

ومن لبنان حكى سالم عن انتظاره لقاء ابنه الصغير سعيد، (6 أعوام)، الذي أرسله مع أقاربه منذ 3 سنوات من تركيا عبر اليونان ثم طريق البلقان إلى ألمانيا؛ لعدم امتلاكه المال اللازم للذهاب معه.

قانون الحظر شتت شمل مئات الأسر السورية ما بين بلدان اللجوء
قانون الحظر شتت شمل مئات الأسر السورية ما بين بلدان اللجوء

ويأمل أن يحالفه الحظ ويكون من بين المختارين بين 1000 شخص يُسمح لهم شهرياً بالقدوم إلى ألمانيا، من ذوي الحاصلين على "الحماية الفرعية"، ويلتقي سعيد أخيراً في ألمانيا، بعد أن قدَّم منذ أسابيع، طلب تأشيرة بالسفارة الألمانية في بيروت.

ويعيش الأب، الذي تُوفيت زوجته بمرض السرطان، حالياً، في بيروت، التي يعمل فيها بمحل نجارة، يجني من خلاله 600 يورو شهرياً، يقول إنها لا تكفيه حتى منتصف الشهر.

وعلى الرغم من أن حياته السابقة قد تدمرت تماماً في بلاده، فيقول إنه يفضل العودة لسوريا؛ لأنه سيكون لاجئاً أينما كان في العالم، لكنَّ شوقه

إلى ابنه وقلقه حول مستقبل ابنه سعيد يغلبان رغبته في العودة.

ويضيف للقناة الألمانية الأولى: "لقد هدأ الوضع قليلاً في سوريا، لكنني أريد أن يبقى ابني في ألمانيا. إنهم يحترمون الناس هناك. لا أريد لابني أن يكبر بسوريا ويعاني. بات يعيش الآن منذ أعوام في ألمانيا. سوريا ستكون بمثابة صدمة بالنسبة له".

"اعرف ابنتي لكنها لا تعرفني!"

وتحدَّث محامٍ سوري، يُدعى نزار ويقول إنه مطلوب لدى النظام، عن ابنته الصغيرة التي فرَّقه حظر لم الشمل عنها، ولم يرها هي وزوجته منذ شهر أغسطس/آب عام 2015.

ويروي لقناة "دويتشه فيله عربية" بمرارة، أنه يعرفها، لكنها لا تعرفه فتناديه باسمه أو "عمي"؛ إذ كان عمرها شهرين عندما رآها آخر مرة. ويأمل أيضاً أن يتم تحديد موعد لزوجته في الشهر الحالي بالسفارة الألمانية في لبنان.

 

علامات:
تحميل المزيد