تصاعدت حدة التوتر بين واشنطن وأنقرة مع القرار الأميركي، الصادر الأربعاء 1 أغسطس/آب 2018، بفرض عقوبات على وزيرين تركيَّين على خلفية اعتقال قس أميركي في تركيا، وتوعدت أنقرة بالرد. وهذه القضية هي آخر تطور في سنتين من العلاقات المتوترة بين الحليفين الأطلسيين. غير أن ملف القس ينضاف إلى العديد من الملفات التي زادت من تعقيد العلاقات بين البلدين، في مقدمتها تسليم فتح الله غولن، وقضية "بنك خلق"..
فيما يلي، الملفات الخلافية الرئيسية بين البلدين:
فتح الله غولن
وجود الداعية فتح الله غولن في الولايات المتحدة حيث يقيم في المنفى منذ 1999، هو ربما أكثر ما يثير غضب أنقرة.
وتتهم تركيا هذا الحليف السابق للرئيس رجب طيب أردوغان بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز 2016، وهي تلاحق أنصاره منذ ذلك الحين.
وطالبت تركيا مراراً بتسليم غولن، الذي ينفي أي ضلوع له في الانقلاب الفاشل.
غير أن واشنطن لم تستجب حتى الآن لهذه الطلبات، وقال مسؤول أميركي كبير في نهاية يوليو/تموز 2018: "السؤال المطروح هو: هل هناك أدلة جلية بما يكفي على ضلوع فتح الله غولن شخصياً؟".
أميركيون معتقلون في تركيا
كان اعتقال القس الأميركي أندرو برانسون عاماً ونصف عام، ثم فرض الإقامة الجبرية عليه الأسبوع الماضي، القضية التي تسببت في اندلاع الأزمة الحالية بين أنقرة وواشنطن.
وتتهم أنقرة القس برانسون، الذي كان يشرف على كنيسة بروتستانتية في إزمير، بالتجسس والتحرك لحساب شبكة غولن وكذلك حزب العمال الكردستاني، وهما منظمتان تعتبرهما تركيا إرهابيتين.
وإذ دعت واشنطن إلى إطلاق سراحه فوراً، هددت تركيا بعقوبات، قبل أن تنفذ تهديدها مساء الأربعاء 1 أغسطس/آب 2018. وإلى جانب برانسون، تعتقل أنقرة موظفَين محليَّين في بعثات أميركية لدى تركيا، كما تفرض الإقامة الجبرية على ثالث.
قضية "بنك خلق"
حكمت محكمة أميركية في مايو/أيار 2018، على محمد هكان أتيلا، مساعد المدير العام السابق لمصرف "بنك خلق" التركي الحكومي، بالسجن 32 شهراً؛ لإدانته بالاحتيال المصرفي، والتآمر لانتهاك العقوبات الأميركية على إيران، في قضية تطول مليارات الدولارات.
واستأنف المصرفي السابق الحكم، واحتجت أنقرة بشدة على إدانته. وقد تؤدي القضية إلى فرض غرامة باهظة على "بنك خلق"، ما يثير مخاوف السلطات التركية.
واستند قرار الإدانة إلى شهادة أدلى بها رجل الأعمال التركي-الإيراني رضا ضراب، وأشار فيها إلى تورط أردوغان ووزراء من حكومته في قضية الالتفاف على العقوبات الأميركية. ووصفت أنقرة المحاكمة بأنها "مؤامرة" دبَّرها فتح الله غولن.
الفصائل الكردية في سوريا
تأخذ تركيا على الولايات المتحدة تقديمها الدعم لوحدات حماية الشعب الكردية في قتالها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية". وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية امتداداً لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة وكذلك الولايات المتحدة منظمة "إرهابية".
وبعد هجوم أول على المقاتلين الأكراد والجهاديين في 2016، شنت تركيا هذه السنة (2018) عملية لطرد عناصر وحدات حماية الشعب الكردية من مدينة عفرين الكردية في شمال غربي سوريا.
وهددت تركيا بتوسيع هذا الهجوم والتقدُّم باتجاه منبج حيث ينتشر جنود أميركيون، غير أن أنقرة وواشنطن اتفقتا على "خارطة طريق" تنص على انسحاب المقاتلين الأكراد من منبج وتسيير دوريات مشتركة.
وأكدت تركيا في مطلع الأسبوع، أن التوتر الحالي لن يؤثر على هذا الاتفاق، لكن الباحثة في "المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية" أصلي آيدنطاشباش قالت: "لا أرى كيف يمكن أن تعمل (خارطة الطريق) مع العقوبات المفروضة على تركيا".
التقارب بين أنقرة وموسكو
تتعاون أنقرة وتركيا بشكل وثيق حالياً في الملف السوري، لكن واشنطن متخوفة بصورة خاصة من الاتفاق الذي أبرمته تركيا لشراء أنظمة دفاع جوي روسية من طراز "إس-400" لا تتوافق مع أنظمة الحلف الأطلسي الدفاعية.
وصدَّق الكونغرس الأميركي، الأربعاء 1 أغسطس/آب 2018، على ميزانية تحظر على البنتاغون تسليم تركيا أي طائرة مقاتلة من طراز "إف-35″، ما دامت أنقرة لم تتعهد بعدم إنجاز صفقة شراء أنظمة "إس-400".
لكن المتحدث باسم الرئيس التركي، إبراهيم كالن، أكد هذا الأسبوع، أن أنقرة تملك وسائل قانونية للتصدي لهذا الحظر.