الأكراد يريدون دولة ديمقراطية من فم الأسد.. والنظام يراهم خونة.. فإلى أين يتجه مسار التفاوض؟

لكنهم المفاوضات أدت لخسارتهم حلم إقامة الإقليم الكردي المستقل لكنهم مستمرون فيها

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/01 الساعة 16:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/01 الساعة 16:40 بتوقيت غرينتش
A Kurdish fighter from the People's Protection Units (YPG) rides on a pick-up truck mounted with an anti-aircraft weapon in the Ghwairan neighborhood of Hasaka, Syria, August 22, 2016. The Arabic on the wall reads, "Bashar al-Assad is the glory and the pride of the nation." REUTERS/Rodi Said

يستعد أكراد سوريا للانتقال إلى فصل جديد في الصراع، كان قد بدأ بإزالة الأعلام والشعارات وصور الزعيم الروحي عبدالله أوجلان، من الساحات الرئيسية والطرق، تمهيداً للاتفاق الذي طال انتظاره مع النظام السوري، بعد أن بدأت المفاوضات لأول مرة بشكل رسمي في دمشق.

هذه الخطوة جاءت بعد تخلي الولايات المتحدة الأميركية عن كل حلفائها في سوريا، وكان آخرها في درعا، لكن على ما يبدو أن التنازل الأول من الأكراد لم يكن قليلاً، فقد تخلوا عن فكرة الإقليم أو الفيدرالية التي كانوا قد أعلنوا عنها منذ سنوات، من خلال التأسيس لسوريا ديمقراطية "لا مركزية"، بحسب تصريحات المسؤولين الأكراد، والتي لم تلق أي رد رسمي من السلطات السورية.

القوات الكردية قوية لدرجة التفاوض

وتتسم العلاقات بين الحكومة السورية والإدارة التي يقودها الأكراد في المناطق الواقعة شرقي نهر الفرات بأهمية شديدة، إذ يسيطر الطرفان على معظم أراضي سوريا، حيث استعادت قوات النظام مناطق واسعة من البلاد خسرتها منذ 2011، وباتت تسيطر حالياً على نحو 60% من الأراضي السورية البالغة 185 ألف كيلومتر مربع.

الأكراد مسلحون تسليحًا جيدًا ويسيطرون على مساحات واسعة من الأراضي الخصبة ما يجعلهم قوة لا يُستهان بها
الأكراد مسلحون تسليحًا جيدًا ويسيطرون على مساحات واسعة من الأراضي الخصبة ما يجعلهم قوة لا يُستهان بها

فيما تسيطر "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تعد "وحدات حماية الشعب" الكردية عمودها الفقري على نحو 30% من المساحة الكلية، وتضم 90% من نفط البلاد، ونصف الغاز، وأهم المحاصيل الزراعية والسدود، لتكون بذلك ثاني قوة مسيطرة على الأرض بعد الجيش السوري.

وقال الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطي، رياض درار، إنهم أخذوا قرار التفاوض الحقيقي مع النظام كأكبر قوتين عسكريتين موجودتين في سوريا، لبناء "تصور يضمن الديمقراطية وحقوق المكونات ونظرة جديدة للدستور".

الصفقة التاريخية التي يعدها الأكراد مع النظام.. نفط سوريا بيدهم والاعتراف بلغتهم والخدمة الإلزامية مشروطة

الهدف الجديد: دولة ديمقراطية لا مركزية!

الأكراد أصدروا بياناً عقب عودة الوفد الذي قادته إلهام أحمد، الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطي، من دمشق، يوم السبت الماضي، أوضحوا فيه أنه "جرى اتخاذ قرارات بتشكيل لجان على مختلف المستويات، لتطوير الحوار والمفاوضات، وصولاً إلى وضع نهاية للعنف والحرب التي أنهكت الشعب والمجتمع السوري من جهة، ورسم خارطة طريق تقود إلى سوريا ديمقراطية لامركزية"، معتبرين أن الهدف هو "وضع الأسس التي تمهّد لحوارات أوسع وأشمل، لحلّ كل المشكلات العالقة".

ولم يوضح البيان عدد اللجان أو موعد تشكيلها أو مضمونها، كما لم يحدد مواعيد أي محادثات مقبلة. وأوضح مستشار الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وهو أبرز التشكيلات الكردية في المجلس، سيهانوك ديبو، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن "ما تم الاتفاق عليه هو أن تكون هناك لجان على كافة المستويات، اقتصادية، وعسكرية، وقانونية وسياسية، وخدماتية".

فيما أشار درار في اتصال هاتفي مع "عربي بوست" إلى أن تشكيل اللجان "سيوفر القاعدة التفاوضية، وصولاً إلى دولة ديمقراطية لا مركزية"، مضيفاً: "إننا نركز على الجانب الخدمي في المناطق التي نتواجد فيها، على أن تتم مناقشة الوضع السياسي والعسكري تبعاً لمجريات المحادثات".

بينما تقترب الحرب السورية من نهايتها، يعتقد قادة الأكراد أن بإمكانهم الوصول إلى دولة ديموقراطية بالتفاوض مع الأسد!
بينما تقترب الحرب السورية من نهايتها، يعتقد قادة الأكراد أن بإمكانهم الوصول إلى دولة ديموقراطية بالتفاوض مع الأسد!

وأوضح أيضاً أن "النقاش حول الجانب الخدمي شمل سد الفرات والكهرباء"، وهو ما اعتبر أنه "يزرع الثقة ويساعد في تحسين الأوضاع الإنسانية للسوريين".

وعلم "عربي بوست" عبر ناشطين في الرقة، أن موظفي النظام دخلوا إلى مدينة الطبقة، أمس الثلاثاء، بهدف إدارة المستشفى الحكومي فيها، مرجّحين دخول موظفين جدد إلى "سد الفرات".

هل تراجع الأكراد عن حلمهم؟

وتابع درار قائلاً: "نحن تراجعنا عن فكرة الفيدرالية في الآونة الأخيرة، والتركيز هو على اللامركزية لتسهيل عملية التفاوض"، مستدركاً بالقول: إن "مؤسسات الفيدرالية لا تزال قائمة، وتعمل في شمال شرقي سوريا، بانتظار التفاهمات السياسية"، ولفت إلى أنهم يرغبون في "إلغاء صفة الكردية عن المجلس، ورفض تقسيم سوريا، والدفاع عن حقوق المكونات".

وأوضح سمير عليوي، أمين المعهد الوطني للإدارة العامة سابقاً، أن التصريحات الصادرة عن مجلس سوريا الديمقراطي تحمل "تراجعاً كبيراً عن مطالبهم السابقة والمعلنة حول شكل الدولة" التي يريدها الأكراد في سوريا المستقبل.

وأضاف في تصريح خاص، أن المجلس كانت مطالبه إقامة دولة فيدرالية، يتمتع فيها الإقليم الذي يديره حالياً بصلاحيات سياسية وعسكرية، أما التحول إلى لا مركزية إدارية فيتم عبر توسيع بعض صلاحيات الوحدات الإدارية المحلية، وقال: "هذه الصلاحيات عادة ما تكون من قبيل الخدمات البلدية، وذلك لا يبدو إلا تطبيقاً للقانون 107 في عام 2011 بأحسن الأحوال".

الأكراد بالنسبة للنظام: خونة وداعش جديدة

لم يصدر عن النظام السوري أي تصريحات رسمية بعدُ حول المفاوضات وما جرى خلالها، وتصرُّ دمشق على استرداد مناطق البلاد كافة، بما فيها مناطق الأكراد، لكن وزير الخارجية السورية وليد المعلم أعرب العام الماضي عن استعداد دمشق للحوار مع الأكراد حول إقامة "إدارة ذاتية"، فيما لوَّح الرئيس بشار الأسد، في مايو/أيار الماضي، بعمل عسكري ضد القوات الكردية، ما لم تنجح المفاوضات، قبل أن يصفها بـ "الخائنة".

فقد قال الأسد في تصريح صحافي، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن "كل من يعمل تحت قيادة أي بلد أجنبي في بلده وضد جيشه وضد شعبه هو خائن". في حين وصفها نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، بأنها "داعش جديدة" في الشمال الشرقي من سوريا.

علامات:
تحميل المزيد