صحيفة أميركية: ترمب يواصل التقليد الأميركي بتدليل الرئيس المصري.. واشنطن دفعت للقاهرة 50 مليار دولار، لكن مقابل ماذا؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/31 الساعة 10:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/31 الساعة 20:01 بتوقيت غرينتش
ترامب والسيسي/ رويترز

نشرت صحيفة The Washington Post تقريراً تحدثت فيه عن إصدار إحدى المحاكم في مصرحكماً بإعدام 75 شخصاً من بين أكثر من 700 متهما بالمشاركة في احتجاجات عام 2013 ضد الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي. ويتضمن المدعى عليهم كبار أعضاء جماعة الإخوان المسلمين التي أصبحت محظورة بعد أن سيطرت على السلطة وزمام الأمور في أعقاب ثورة 2011 بمصر قبل أن يتم عزلهم.

وقررت المحكمة النطق بالحكم في الثامن من سبتمبر/أيلول المقبل.

وقالت مصادر قضائية إن قرار الإحالة صدر حضورياً على 44 متهماً وغيابياً على الباقين وعددهم 31 متهماً.

ومن بين الذي حكم عليهم بالإعدام، القيادي محمد البلتاجي وعصام العريان وصفوت حجازي وعاصم عبد الماجد وعبد الرحمن البر وأسامة ياسين ووجدي غنيم وعمرو ذكي، وآخرون.

وسيطر وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي على سُدة الحكم وحل محل الرئيس مرسي، وقاد ثورة مضادة بعيدة المدى خلال السنوات اللاحقة – من خلال مباركة الغرب والحلفاء العرب الأثرياء.

القمع ضد الجميع

ولم يمارس نظام السيسي القمع ضد الإسلاميين فحسب وفق تقرير صحيفة The Washington Post الأميركية.، بل مارسه ضد قطاع عريض من المجتمع المدني المصري، ومن بينهم الصحافيون والمعارضة السياسية ووكالات المساعدة والمنظمات غير الحكومية. وترى الجماعات الحقوقية أن المحاكمة الجماعية تعد بمثابة مثال خطير على مدى القمع الذي تتم ممارسته. وذكرت نايجا بونعيم، من منظمة العفو الدولية، في بيان لها: "يعد ذلك بمثابة محاكاة للعدالة. ويلقي بظلال قاتمة على نزاهة نظام العدالة في مصر ويسخر من الإجراءات القانونية".

ويبدو أن إدارة ترمب لا تكترث. ففي الأسبوع الماضي، قدمت مساعدات عسكرية قيمتها 195 مليون دولار إلى مصر، وهو المبلغ الذي احتجزته وزارة الخارجية خشية بعض المخاوف المتعلقة بسجل حقوق الإنسان في مصر في ظل حكم السيسي. وتواصل القاهرة اعتقال آلاف الأشخاص لأسباب مريبة وتدمير منازل القرويين الأبرياء في سيناء كجزء من إجراءات مكافحة التمرد وإسكات المنتقدين المعتدلين. ومع ذلك، يبدو أن جهودها في تناول الاعتراضات الأميركية كانت مُرضية لوزير الخارجية الحالي مايك بومبيو.

منحت الولايات المتحدة مصر، وفق صحيفة The Washington Post الأميركية، مساعدات عسكرية تتجاوز قيمتها 47 مليار دولار ومساعدات اقتصادية تبلغ 24 مليار دولار على مدار العقود الأربعة الماضية – وهي الفترة التي سيطر خلالها الرئيس حسني مبارك على سدة الحكم.

واشنطن تقّدر قمع السيسي للإسلام السياسي وتزايُد تعاونه مع إسرائيل

وتدعم الخطوة الأميركية الأخيرة الرسالة القائلة إن واشنطن تقدر قمع السيسي للإسلام السياسي وتزايُد تعاونه مع إسرائيل حول المُثل الديمقراطية التي يدعمها أجيال من الرؤساء الأميركيين. ونقلت صحيفة Wall Street Journal عن ميشيل دان، المسؤولة السابقة بوزارة الخارجية، التي تعمل حالياً بمعهد كارنيغي للسلام الدولي بواشنطن "إنها إشارة: لا تهتم بأي شيء نذكره في المستقبل".

من الصحيح أن المزاعم قد انتهت في ظل حكم الرئيس ترمب، الذي لم يخفِ إعجابه بالزعماء ذوي القبضة القوية الذين يقمعون الإسلاميين والمنشقين بوحشية. ومع ذلك، فهو ليس بمفرده، بل هناك مجموعة من المسؤولين والسياسيين في واشنطن من كلا الحزبين يتشككون في التقدم الديمقراطي المتقطع في مصر ويرون أن الإخوان المسلمين الذين تم انتخابهم يمثلون تهديداً كامناً. وقد تزايدت مخاوفهم من خلال حلفائهم في بلدان الخليج العربي، الذين لا يرون في الإسلام السياسي بذور التطرف الجهادي فحسب، بل يعتبرونه خطراً يتهدد عروشهم وممالكهم.

"نقطة تحول في الإقليم قضت على أحلامنا في الديمقراطية"

ويُسلط الكتاب القادم للكاتب ديفيد كيرك باتريك، رئيس مكتب صحيفة New York Times السابق بالقاهرة، الضوء على دور إدارة أوباما في تمكين السيسي والتأكيد على الحكم الاستبدادي. وكتب كيرك باتريك في في مقال لصحيفة Times "كان ذلك الانقلاب نقطة تحول في الإقليم قضت على أحلامنا في الديمقراطية بينما زادت من جرأة المستبدين والجهاديين. وتحولت السياسة الأميركية أيضاً لتمكين هؤلاء القائمين على الأمور داخل الإدارة، الذين يقولون إنه يتعين القضاء على هؤلاء، بحسب ما قاله أندرو ميلر، الذي كان يتولى الإشراف على مصر من مجلس الأمن القومي في ظل رئاسة أوباما… وشغل بعض مؤيدي الانقلاب من الأميركيين مناصب عليا في إدارة ترمب، ومن بينهم وزير الدفاع جيمس ماتيس، ومستشار الأمن القومي الأول لدى ترمب مايكل فلين.

ويشير كيرك باتريك إلى الاختلافات الداخلية بين إدارة أوباما – التي يكثر بها الليبراليون الذين ينزعون إلى اعتناق ثورات الربيع العربي الموالية للديمقراطية – والقيادة العليا لوزارتَي الخارجية والدفاع، التي تستشعر المزيد من الحذر. ووفقاً لروايته ورواية آخرين، عمل وزير الخارجية السابق جون كيري ووزير الدفاع السابق تشاك هيغل على تطبيع الوضع الراهن في ظل حكم السيسي.

وحتى إن مقتل مئات من مؤيدي مرسي والحكومة المنتخبة خلال إحدى المظاهرات في أغسطس/آب 2013 لم يعطل تلك الجهود لفترة طويلة.

وتعد مذبحة رابعة أشد عمليات القمع دمويةً منذ ميدان تيانانمين عام 1989. فقد أدت إلى وقف مبيعات بعض الأسلحة الأميركية إلى مصر ومنع المساعدات لفترة وجيزة. وذكر مقال للكاتب مايكل كرولي بصحيفة Politico عام 2016 أن أوباما قد أخبر مستشاريه بعد مذبحة رابعة "ينبغي أن نتوخى الحذر بشأن مساعدة أو التحريض على أفعال نعتقد أنها تتعارض مع قيمنا ومثلنا".

ومع ذلك، عاودت واشنطن في النهاية نشاطها كالمعتاد وفق صحيفة The Washington Post الأميركية وأخبر كيري الذي كان يمقت مرسي بصفة شخصية، كيرك باتريك قائلاً: "ماذا كان البديل في مصر؟ لم تكن ديمقراطية جيفرسون. لقد قدمنا إلى مصر أكثر من 80 مليار دولار خلال عدد من السنوات. كان ذلك هو نمط الحكومة القائمة معظم الوقت. والحقيقة أنه بغض النظر عن رغبتي في أن يكون الأمر مختلفًا، فلن يصبح مختلفاً غداً".

لم يكن البيت الأبيض ليؤيد جماعة الإخوان المسلمين، التي جعلت المحللين في واشنطن يشعرون بالقلق وأثارت غضب الحلفاء في المنطقة. وأخبر بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي لدى أوباما، كيرك باتريك قائلاً: "كان الأشخاص الذين يريدون علاقة مختلفة بالشعب المصري، ومن بينهم الرئيس، كانوا يعيشون بجزيرة منعزلة في حكومتنا. كان هناك شعور بحتمية استمرار سيطرة الجيش على الحكم".

وقد تحول شعور الاستسلام إلى ارتياح في ظل الرئيس ترمب، الذي وصف السيسي بأنه "رجل رائع". ومع ذلك، فهناك خطر من أن يؤدي المسار الحالي إلى إثارة الفوضى من جديد. ونقلت صحيفة Times عن برايان دولي، من منظمة Human Rights First الحقوقية قوله: "القمع يثير الاستياء وفي بعض الحالات التطرف. سوف يؤدي ذلك في النهاية إلى زعزعة استقرار مصر وتقويض المصالح الأميركية".

علامات:
تحميل المزيد