سمح له بكل شيء تقريباً لكنه فقد السيطرة على مشاعره عندما تعلق الأمر بأولى القبلتين.. كيف أبعد الملك سلمان ولي عهده عن ملف القدس؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/30 الساعة 09:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/30 الساعة 10:10 بتوقيت غرينتش

طمأنت السعودية حلفاءها العرب بأنها لن توافق على أي خطة للسلام في الشرق الأوسط لا تعالج وضع القدس أو حق اللاجئين في العودة؛ ما أدى إلى تهدئة المخاوف من احتمال أن تؤيد المملكة اتفاقاً أميركياً وليداً ينحاز لإسرائيل في هذين الأمرين.

وقال دبلوماسيون ومحللون إن الضمانات الخاصة التي قدمها العاهل السعودي الملك سلمان للرئيس الفلسطيني محمود عباس، ودفاعه العلني عن المواقف العربية الثابتة في الأشهر الأخيرة، ساعد في تغيير تصورات بأن السعودية غيرت موقفها تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

من يتخذ القرار، الملك أم ولي عهده؟

وأثار ذلك بدوره الشكوك حول ما إذا كان باستطاعة السعودية حشد التأييد العربي لحملة جديدة لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، متطلعة إلى توحيد الصفوف ضد إيران العدو المشترك.

وقال دبلوماسي عربي بارز في الرياض: "في السعودية الملك هو من يتخذ القرارات بشأن هذه القضية الآن وليس ولي العهد". وأضاف: "خطأ الولايات المتحدة أنها اعتقدت أن بإمكان دولة واحدة الضغط على بقية الدول للتسليم، لكن الأمر لا يتعلق بالضغط. لا يملك زعيم عربي التخلي عن القدس أو الفلسطينيين".

وقال مسؤولون فلسطينيون لرويترز في ديسمبر/كانون الأول، إن الأمير محمد بن سلمان ضغط على عباس لتأييد الخطة الأميركية رغم مخاوف من أنها لا تعطي الفلسطينيين سوى حكم ذاتي محدود داخل مناطق غير مترابطة من الضفة الغربية المحتلة دون الحق في العودة للاجئين الذين نزحوا من ديارهم في حربي 1948 و1967.

وتتناقض مثل هذه الخطة مع مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية عام 2002، والتي عرضت خلالها الدول العربية تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل الاتفاق على إقامة دولة للفلسطينيين وانسحاب إسرائيل بالكامل من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967.

هل يوجد خلاف بين الملك وبن سلمان؟

ونفى مسؤولون سعوديون وجود أي خلاف بين الملك سلمان، الذي أعلن تأييده للمبادرة وولي عهده الذي غير سياسات راسخة بشأن قضايا كثيرة، وقال لمجلة أميركية في أبريل/نيسان، إن من حق الإسرائيليين العيش في سلام على أراضيهم – وهو تصريح نادر من زعيم عربي.

وقال باسم الأغا السفير، الفلسطيني لدى الرياض لرويترز، إن الملك سلمان أبدى تأييده للفلسطينيين في اجتماع عقد في الآونة الأخيرة مع عباس قائلاً إنه لن يتخلى عن الفلسطينيين، وسيقبل ما يقبلون به، ويرفض ما يرفضونه.

الملك سلمان مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الملك سلمان مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس

وقال إن إطلاق الملك سلمان اسم "قمة القدس" على مؤتمر جامعة الدول العربية لعام 2018 وإعلانه مساعدات بقيمة 200 مليون دولار للفلسطينيين يمثلان إشارات إلى أن قضيتي القدس واللاجئين عادتا إلى مائدة المفاوضات.

ولم ترد السلطات السعودية على طلب التعليق على الوضع الراهن للجهود الدبلوماسية.

خطوط حمراء

يقول دبلوماسيون بالمنطقة إن الموقف الحالي لواشنطن، الذي نقله مسؤولون كبار بالبيت الأبيض خلال جولة الشهر الماضي، لا يتضمن اعتبار القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، أو حق العودة للفلسطينيين، أو تجميد الاستيطان الإسرائيلي على أراض يطالب الفلسطينيون بالسيادة عليها.

ولم يقدم جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأميركي، تفاصيل ملموسة عن الاستراتيجية الأميركية بعد مرور أكثر من 18 شهراً على تكليفه بالتوصل إلى سلام.

وقال دبلوماسي في الرياض اطلع على تفاصيل أحدث زيارة لكوشنر للمملكة، إن الملك سلمان وولي العهد التقيا به معاً، وأضاف: "الأمير محمد بن سلمان كان هو من يدير الحديث، والملك في الخلفية".

محمد بن سلمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب وصهره كوشنر في البيت الأبيض
محمد بن سلمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب وصهره كوشنر في البيت الأبيض

وقال المحلل المستقل نيل باتريك، إنه يبدو أن الملك سلمان قد قام بتحجيم "الأسلوب المتهور سياسياً" لولي العهد بسبب أهمية القدس للمسلمين.

وأضاف باتريك، المساهم الرئيسي ومعد كتاب "السياسة الخارجية السعودية: الصراع والتعاون": "لذلك فإن الأمير محمد بن سلمان لن يعارض "اتفاق" كوشنر، ولكنه لن يبذل أيضاً جهداً بعد الآن لتشجيع تفاصيلها السياسية أحادية الجانب".

ولم يعرض كوشنر وزميله المفاوض جيسون جرينبلات مقترحاً شاملاً، بل مجرد عناصر مفككة قال أحد الدبلوماسيين إنها "تجاوزت خطوطاً حمراء كثيرة جداً".

لكنهما ركزا بدلاً من ذلك على فكرة إقامة منطقة اقتصادية في شبه جزيرة سيناء المصرية مع احتمال خضوع قطاع غزة لسيطرة القاهرة، وهو ما وصفه دبلوماسيون عرب بأنه غير مقبول.

وفي قطر، قال دبلوماسيون إن كوشنر طلب من الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الضغط على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من أجل التخلي عن سيطرتها على غزة في مقابل مساعدات تنموية.

وقال دبلوماسي اطلع على تفاصيل الاجتماع إن الشيخ تميم أومأ برأسه في صمت. ولم يتضح ما إذا كان ذلك يشير إلى القبول أو ما إذا كانت قطر تلقت عرضاً ما مقابل ذلك.

خطة غير متماسكة

وقال الدبلوماسي العربي البارز في الرياض: "المشكلة هي عدم وجود خطة متماسكة مقدمة لجميع الدول.. لا أحد يعرف ما يجري عرضه على الآخرين".

وزار كوشنر، البالغ من العمر 37 عاماً، وهو مطور عقاري لا يملك خبرة تذكر في الدبلوماسية الدولية أو التفاوض السياسي، الأردن والسعودية وقطر ومصر وإسرائيل في يونيو/حزيران. لكنه لم يجتمع مع عباس الذي رفض لقاء فريق ترمب بعد نقل السفارة الأميركية للقدس.

وقال كوشنر، في مؤتمر صحافي في ختام جولته، إن واشنطن ستعلن خطتها للسلام في الشرق الأوسط قريباً، وإنها ستمضي قدماً بعباس أو بدونه. لكن لم تظهر بوادر تذكر تشير إلى إحراز تقدم باتجاه إنهاء الصراع الممتد منذ عشرات السنين، والذي وصفه ترمب بأنه سيكون "الاتفاق النهائي".

وقال الدبلوماسي العربي: "ليس هناك دفعة جيدة. لم يقدم كوشنر شيئاً مقبولاً لأي دولة عربية"، وأضاف: "إنه يتصور أنه جني يحمل عصا سحرية سيأتي بحل جديد للمشكلة".

وأبلغ مسؤول من البيت الأبيض الصحافيين، الأسبوع الماضي، بأن مبعوثي ترمب يعملون على أكثر مجموعة مقترحات مفصلة حتى الآن لخطة السلام التي طال انتظارها، وتشمل ما تصفه الإدارة بأنها خطة اقتصادية قوية على الرغم من عدم إعلان موعد طرحها حتى الآن.


اقرأ أيضاً

ماذا دار بين الأمير محمد بن سلمان وكوشنر؟.. وهذا ما قالوه عن غزة

لا تسمع لهم حساً.. Washington Post: هكذا أسكت محمد بن سلمان التيار المحافظ في السعودية وقلّص نفوذه

رجال حول الأمير محمد بن سلمان.. من هم مساعدوه الذين كان دورهم رسم صورته أمام الرأي العام

تحميل المزيد