يحاول الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تأسيس حلف "الناتو العربي"؛ لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد في الشرق الأوسط. ومن بين الخيارات التي تجري مناقشتها، إنشاء "درع صاروخية" إقليمية تشبه منظومة "القبة" الحديدية التي تنشرها إسرائيل.
فقد أكد مسؤولون أميركيون وعرب أن إدارة الرئيس دونالد ترمب تمضي قدماً في مساعٍ لتشكيل تحالف أمني وسياسي جديد يضم أميركا ودول الخليج ومصر والأردن، "الناتو العربي"، هدفه التصدي لتوسُّع إيران في المنطقة، وفق ما أورده تقرير لمجلة New York الأميركية.
كما أفادت عدة مصادر، وفق ما أوردته "رويترز"، بأن إدارة ترمب تأمل أن يُناقَش المسعى، المسمّى حالياً "تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي"، في قمةٍ تقرّر مبدئياً عقدها بواشنطن في 12 و13 أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، إن "تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي" سيكون حصناً في مواجهة العدوان والإرهاب والتطرف الإيراني، وسوف يرسي السلام بالشرق الأوسط.
ونقلت "رويترز" عن مصدر أميركي، أن مسؤولين سعوديين طرحوا فكرة إقامة الحلف الأمني قبيل زيارة ترمب إلى المملكة العام الماضي (2017)، حيث أُعلِن عن اتفاق ضخم لبيع الأسلحة، لكن اقتراح تشكيل الحلف ظل يراوح مكانه.
"ناتو عربي" للحلفاء المسلمين السُّنَّة
وترمي الخطة المقترحة إلى تشكيل ما وصفه مسؤولون عرب وفي البيت الأبيض بنسخة عربية من حلف شمال الأطلسي أو "ناتو عربي" للحلفاء المسلمين السُّنَّة. وقال مصدر مطلع على الخطة إن من بين أهداف هذا التحالف إقامة "درع صاروخية" في المنطقة على غرار منظومة "القبة"، إضافة إلى التدريب لتحديث جيوش الدول العربية المشاركة فيه.
ومن العقبات الكبرى المحتملة لهذا المسعى بتشكيل "درع صاروخية"، الحصار السعودي-الإماراتي-البحريني لقطر التي تستضيف أكبر قاعدة جوية أميركية في الخليج العربي. وأبدى مصدر في الإدارة الأميركية قلقه من إمكانية عرقلة هذا الخلاف الخليجي للمبادرة، غير أن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي نفى أن يشكل هذا الخلاف عقبة.
وسيركز هذا التحالف على الدولتين الخليجيتين الأكثر تأثيراً في المنطقة؛ وهما السعودية والإمارات، للعمل من كثب مع إدارة ترمب لمواجهة إيران. ولم يتضح كيف سيمكن للتحالف مواجهة طهران على الفور، لكن إدارة ترمب وحلفاءها السُّنة لديهم مصالح مشتركة في الصراعات الدائرة باليمن وسوريا، إضافة إلى الدفاع عن مسارات الشحن الخليجية التي تمر عبرها أغلب إمدادات النفط العالمية.
لكن الأمر ليس بتلك السهولة، فهناك الكثير من العقبات
وقال مسؤول إيراني كبير لـ"رويترز": "الأميركيون وحلفاؤهم الإقليميون يؤججون التوتر في المنطقة بذريعة تأمين الاستقرار في الشرق الأوسط". وأضاف أن هذا النهج "لن يسفر عن أي نتائج" بخلاف "توسيع الفجوات بين إيران وحلفائها الإقليميين من جانب والدول العربية المدعومة من الولايات المتحدة من جانب آخر".
ومن بين العقبات الكبرى المحتملة أمام التحالف المزمع، تلك المقاطعة المستمرة منذ 13 شهراً من جانب السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر، التي تستضيف أكبر قاعدة جوية أميركية في المنطقة. واتهمت تلك الدول قطر بدعم الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة.
وفي حين صرح أحد المصادر بأن الإدارة الأميركية قلقة بشأن إمكانية عرقلة هذا الخلاف الخليجي المبادرة، قال المصدر ومسؤول عربي إن الرياض وأبوظبي أكدتا لواشنطن أن الخلاف لن يمثل مشكلة أمام التحالف الجديد.
ونفى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أن يشكل الخلاف الخليجي عقبة أمام طموح ترمب.
إلا أن واشنطن مصرَّة على "التخلص" من هذا العبء
وفي حين يواصل ترمب تطبيق سياسة "أميركا أولاً"، يتطلع البيت الأبيض إلى التخلص من جزء من عبء مواجهة التهديدات الأمنية الإقليمية وإلقائها على عاتق حلفاء الولايات المتحدة في أنحاء العالم.
وقال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، الخميس 26 يوليو/تموز 2018، إن بلاده مستعدة لنشر مزيد من القوات في أنحاء الشرق الأوسط لمواجهة خصومها؛ لأنها تعتقد أنه لم يعد بوسعها الاعتماد على حلفاء غربيين مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.
وقال مصدر مطلع على الخطة، إن إقامة درع دفاع صاروخية في المنطقة ستكون من بين أهداف التحالف، إضافة إلى التدريب لتحديث جيوش تلك الدول. وناقشت الولايات المتحدة ودول خليجية، لسنوات، أمر الدرع الدفاعية دون الخروج بنتائج.
وزاد التوتر مع إيران منذ أن أعلن ترامب في مايو/أيار 2018، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع في 2015 للحد من الطموحات النووية لطهران.
ورفضت إيران تحذيراً من ترمب، قال فيه إنها "ستواجه عواقب لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ" إذا لم تتوقف عن تهديد الولايات المتحدة.
لذلك، فقد باشرت الإدارة الأميركية محادثاتها مع الدول المعنيَّة
وذكرت صحيفة The Times البريطانية أن محادثاتٍ تجري في الوقت الراهن بين المملكة العربية السعودية و5 دول خليجية أخرى، بالإضافة إلى مصر والأردن، لتأسيس حلف من المقرر أن تدعمه الولايات المتحدة، يركز على الدفاع والتدريب العسكري. ومن بين الخيارات التي تجري مناقشتها إنشاء "درع صاروخية" إقليمية اشبه منظومة القبة الحديدية التي تنشرها إسرائيل.
وكانت الفكرة محل نقاش قبل 14 شهراً، حين التقى قادة 55 دولة إسلامية مع مسؤولين أميركيين في الرياض واتفقوا على إنشاء تحالف لمكافحة الإرهاب والقرصنة بحلول نهاية عام 2018. وذكر البيان الختامي لهذا الاجتماع -وسُمي حينها "إعلان الرياض"- 6 نقاط لم يكن من بينها مواجهة التوسع الإيراني في المنطقة.
ومنذ ذلك الحين، شهدت وحدة الصف العرب اختبارات كثيرة بفعل الحصار الذي فرضته السعودية على جارتها قطر بزعم دعم الأخيرة للإرهاب، وتصدَّع التحالف الذي أُسِّسَ لمواجهة متمردي الحوثي في اليمن؛ إذ وجدت قطر نفسها مضطرة إلى الخروج من التحالف. أما الإمارات، فمع أنها لا تزال عضواً فيه، فهي تدعم مجموعة انفصالية تناصب الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية العداء.
خاصة بعد إصرار ترمب على "تحجيم النفوذ الإيراني"
وبفضل إصرار ترمب على تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، عادت مقترحات الرياض إلى الطاولة مرة أخرى بنكهة جديدة معادية لإيران. ومن المقرر أن تعقد الدول الأعضاء في "تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي" اجتماعاً بواشنطن في أكتوبر/تشرين 2018، وفيه يحددون ملامح هذا التحالف.
ولا تزال الكثير من التفاصيل غائبة حول الشروط التي سيرسو عليها هذا التحالف، غير أن مركز بيجن-السادات للدراسات الاستراتيجية، ومقره جامعة بار إيلان في إسرائيل، أشار إلى إمكانية أن يكون التحالف "عسكرياً وأمنياً مكرَّساً لشؤون الدفاع، بمعزل عن الخلافات السياسية أو الاقتصادية أو الدبلوماسية. ومن المقرر أيضاً أن يصمد هذا التحالف في وجه أي تناحر شخصي أو تغييرات في القيادة".
وتعد إسرائيل القوة الأكثر صرامة في العداء لإيران بالشرق الأوسط، وتعمل منذ مدة على تقوية صلاتها بالدول العربية السُّنية وضمنها السعودية، رغم عقود العداء الدبلوماسي بين البلدين بسبب القضية الفلسطينية.
وفي سوريا، يشارك القادة الإيرانيون والميليشيات التابعة لإيران في القتال بصفوف قوات نظام الأسد، ويتقدمون بثبات صوب الحدود مع إسرائيل، دون أن تردعهم الجهود المبذولة من حكومة نتنياهو لإبرام صفقة تُبقي إيران بعيداً عن الحدود بين سوريا وإسرائيل. وثمة مخاوف من أن تلك الجماعات التابعة لإيران لن تلبث إلا أن تؤسس قواعد عسكرية دائمة في سوريا تصبح من خلالها قادرة على إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
إلا أن طهران ترى في الخطوة "توسيعاً للهوة" بين دول الشرق الأوسط
وقالت إيران إن خطط "تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي" ستفاقم التوتر في المنطقة، وإنها "لن تفضي إلى أي نتيجة" سوى توسيع الهوة القائمة بين دول الشرق الأوسط.
إذ يعيش الاقتصاد الإيراني حالة صعبة مع استعداد الولايات المتحدة لفرض عقوبات جديدة على طهران. وانخفضت قيمة الريال الإيراني إلى النصف منذ بداية العام الجاري (2018). وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مايو/أيار 2018، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، الذي أشرف عليه سلفه باراك أوباما عام 2015، والذي أحدث انفراجة في بعض صور الحصار المفروض على إيران. وستخضع أي دولة تستمر في استيراد النفط الإيراني بعد انقضاء المهلة في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، لإجراءات عقابية مالية من جانب الولايات المتحدة الأميركية.
وعيَّنت إيران مديراً جديداً للبنك المركزي الأسبوع الماضي، وأعلنت عن إعفاءات ضريبية للمستثمرين المحليين؛ لدعم بعض مشروعات الإنشاء المجمَّدة في البلاد والبالغ عددها 76000 مشروع.
وقبل أسبوع، غرَّد الرئيس الأميركي بلهجة غاضبة يتوعد الحكومة الإيرانية، ويحذر من "عواقب لم يسبق أن شهدها كثيرون في التاريخ" إذا تجرأت إيران على تهديد الولايات المتحدة الأميركية. وبطبيعة الحال، انطلقت نوبة من التكهنات بعد هذه التغريدة بأن إدارة ترمب تخطط لإعلان الحرب على إيران قريباً، أو حتى أسوأ من ذلك، أن ترمب سيُقْدم على إعلان الحرب باندفاع ودون دراسة.
وخلال 36 ساعة، تراجع ترمب عن لهجته الغاضبة، وقال إن الولايات المتحدة مستعدة للوصول إلى اتفاق مع إيران، مع إصراره على أن قراره تمزيق الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات قد وضع إيران في موقف المجبَر على القبول بأي اتفاق يُعرَض عليها أياً ما كان. إذا رجعنا من حافة الهاوية، أو هكذا بدا لنا.
كما أن لإيران طرقها "الخاصة" لمواجهة خصومها في حالات الحرب
في واقع الأمر، تملك إيران بحالات الحرب طرقها الخاصة لإيلام الولايات المتحدة وحلفائها، وبعض تلك الطرق ليست متوافرة في جعبة خصوم آخرين للولايات المتحدة، وضمن ذلك كوريا الشمالية. فيمكنها مثلاً زيادة وتيرة أنشطة التجسس الإلكتروني والحرب الإلكترونية، واستخدام وكلائها الإقليميين لمهاجمة مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط، وتأجيج النزاعات الدائرة بالعراق ولبنان وسوريا واليمن.
أما الورقة الحاسمة في جعبة إيران، والتي لوَّح بها المسؤولون الإيرانيون الأسبوع الماضي، فهي قدرتها على حصار مضيق هرمز، المصب الضيق للخليج والذي يمر من خلاله 18 مليون برميل نفط يومياً، بما يعادل نحو 20% من الإمداد العالمي.
ولو أقدمت إيران على حصار الممر المائي ولو جزئياً، فإن هذا سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة. خطوة كهذه ستكون كارثية من الناحية الاقتصادية على إيران أيضاً، ولكن في مواجهة أي تهديد وجودي، لن يتوانى النظام في طهران عن سداد التكلفة -مهما عظمت- لرده.
حتى الآن لم تبتلع إيران طُعم ترمب بالانخراط في إجراءات تصعيدية من جانبها، وإن كانت تتخذ خطوات للاستعداد لحصار أميركي. لا تزال إيران ملتزمة بالاتفاق النووي حتى بعد رصاصة الرحمة التي أطلقتها الولايات المتحدة عليه. وتحاول إيران الاحتفاظ بأواصر التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي وإثناء الشركات الأوروبية عن سحب استثماراتها، رغم أن تهديدات ترمب في المقابل بقطع العلاقات التجارية بين تلك الدول والولايات المتحدة إذا لم تشارك في العقوبات، تجعل مهمة إيران في هذا الصدد بعيدة المنال.
وتعد روسيا الشريك الأقرب إلى إيران في تجنُّب أثر العقوبات الأميركية أو تخفيفه، وهي لعدة أسباب أكثر مرونة في التعامل مع الضغوط الأميركية وأقدر على عقد صفقات من تحت الطاولة. في الوقت نفسه، تحاول الحكومة الإيرانية التقرب إلى المستثمرين في القطاع الخاص المحلي لتولي مشروعات الحكومة وإعادة السيولة إلى الاقتصاد، في ظل فرار الأموال الأجنبية من البلاد.
وتتحرك إيران أيضاً، من خلال القنوات الدبلوماسية مع دمشق وموسكو، لحماية مصالحها بسوريا في حال أُجبِرت بفعل الضغوط الأميركية والإسرائيلية على تحجيم أنشطتها العسكرية هنا. وتأتي هذه التحركات رداً على أحد الأهداف الصريحة لإدارة ترمب بالضغط على إيران، التي قال عنها وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في تعليقات ذكرها بمنظمة التراث في مايو/أيار 2018: "بعد تطبيق عقوباتنا على إيران، ستصبح مجبَرة على الاختيار: إما أن تقاتل ليظل اقتصادها على قيد الحياة بالداخل، وإما أن تبدد ثروة طائلة في الحروب بالخارج. لن يكون لديها الموارد لتسير على الخطين في آن واحد".
غير أن للإدارة الأميركية مآرب أخرى أسوأ
إذ لا تتطلع إدارة ترمب إلى غزو إيران واحتلالها، وإنما لديها هدف لا تخطئه العين بتغيير النظام. ويعد مستشار القومي الأميركي جون بولتون، وغيره من كبار الشخصيات المحيطة بترمب، وضمن ذلك شخصيات بارزة في الحزب الجمهوري بالكونغرس، من الداعين صراحة للإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية وحاكمها الفعلي المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
هذه الرغبة الجامحة في شن الحرب من جانب صقور الإدارة الأميركية أعاقتها مقاومة المؤسسة العسكرية لشن حرب أخرى واسعة النطاق في الشرق الأوسط، يفهم كبار الجنرالات في الجيش الأميركي تكلفتها أكثر من زملائهم من مسؤولي الإدارة المدنيين. وعلى ذلك، يبدو أن استراتيجية إدارة ترمب استقرت على ترك مهمة إسقاط النظام الإيراني للشعب الإيراني نفسه.
شهدت إيران مؤخراً أوسع موجة من الاحتجاجات الشعبية منذ الحركة الخضراء عام 2009، تركزت بصورة أساسية على الركود الاقتصادي، وإن كانت تطرقت أيضاً إلى بعض الإشكالات السياسية ذات الصلة بالسياسة الخارجية والحريات الشخصية وحقوق الإنسان. وتدفع هذه الموجة المتصاعدة من السخط الشعبي الحكومة إلى تقديم بعض التنازلات. ففي الأمس فقط، اعتمد مجلس الأمن بالنظام الإيراني قرار الإفراج عن رمزَي المعارضة؛ مير حسين موسوي ومهدي كروبي، وهما زعيما حركة الاحتجاج التي شهدتها البلاد عام 2009، بعد 7 سنوات من وضعهما قيد الإقامة الجبرية.
ويتضح من هذه الخطوة عدم ارتياح النظام الإيراني للضغط المتصاعد من الشارع، وإن كانت تُظهِر أيضاً أنه يملك بعض الأدوات التي يمكن أن تخفف ضغط حركة الاحتجاج في الشوارع عليه. وتتسم حركة الاحتجاج الأخيرة، بخلاف الحركة الخضراء، بالانقسام في أجندتها وعدم وجود قيادة منظمة وعدم الرغبة في الدخول بمواجهة عنيفة مع النظام، وهما أمران متوفران بقدر كبير لدى النظام.
ومع ذلك، يبدو أن إدارة ترمب تنظر إلى تلك التظاهرات باعتبارها الساحة الأمثل لتغيير النظام في طهران دون تدخُّل عسكري أميركي. وفي خطاب ألقاه بومبيو بمكتبة رونالد ريغان الرئاسية الأحد 29 يوليو/تموز 2018، أثنى على مسؤولي إدارة ترمب باعتبارهم الأبطال الذين يقفون خلف توق الشعب الإيراني إلى التحرر من نظام "يشبه المافيا أكثر من كونه حكومة". وذكر بومبيو أن الولايات المتحدة تصعّد من دعايتها الموجَّهة لإيران وصور العقوبات باعتبارها تستهدف النخب الحاكمة الإيرانية الفاسدة، رغم أن الدمار الاقتصادي سيحل في نهاية المطاف بجميع مناحي الحياة في إيران.
وقال بومبيو: "رغم أن الأمر متروك في النهاية للشعب الإيراني ليقرر الاتجاه الذي ستسير فيه بلاده، فإن الولايات المتحدة، وانطلاقاً من روح الحريات المكفولة فيها، ستؤيد صوت الشعب الإيراني الذي يعاني التجاهل منذ أمد بعيد". وأضاف: "نأمل أن ينتهي الحال بالنظام الإيراني بتنبي تغييرات ذات معنى في سلوكه داخل إيران وعلى المستوى العالمي".
في نهاية المطاف، سيكون خيار الحرب "كارثياً بجميع المقاييس"
ويُعَد تأثير الإمارات والسعودية، وبالطبع إسرائيل، على استراتيجية ترمب تجاه إيران دليلاً إضافياً على أن الخطة لا تقتصر على إجبار إيران على إجراء إصلاح في الداخل والحوار مع الخارج، وإنما إسقاط الحكومة بالكامل بحيث لا تشكل أي تهديد إضافي على مصالح تلك الدول.
ولا تعبأ تلك الدول بما إذا كانت إيران يمكن أن تتعرض لأعمال عنف تزعزع استقرارها في هذه الأثناء؛ بل إن تلك الدول ستبدي مرونة تامةً في أي تدخُّل عسكري أميركي يفضي إلى تلك النتيجة، ويستبعد أن تحاول إثناء ترمب عن سلوك مسار كهذا إذا ما وجد نفسه مدفوعاً لذلك.
يُعَد خيار الدخول في حرب مع إيران كارثياً بجميع المقاييس، غير أن الخطة الأولى التي يبدو جليّاً أن إدارة ترمب تنتهجها، والمتمثلة في تغيير النظام الإيراني بطريقة غير مباشرة، لها أيضاً مخاطرها الجسيمة. فمن ناحية، إذا نجحت هذه الخطة، فإن انهيار دولة تحكم 70 مليون نسمة وتخضع لها قوة مسلحة متعصبة تتمتع بتمويل جيد وتمتد على نطاق جغرافي واسع- سيؤدي بالضرورة إلى حالة من الفوضى وإلى عملية انتقال مأزومة في إيران. كما أن هناك احتمالاً قوياً أن تسقط إدارة ترمب، في أثناء سعيها لقطف ثمار الحرب دون دفع تكلفتها وتحمُّل تبعاتها، في دوامة لا مفر منها من التصعيد، ونجد أنفسنا في أتون حرب بنهاية المطاف.
اقرأ أيضا